مي الياس من بيروت: من يتابع محطة سي ان ان الاخبارية سيلاحظ بعض الانحياز بالتغطية للحرب الدائرة على لبنان فلا تجد جرائم العدوان الإسرائيلي على لبنان طريقها بشكل مفصل وواقعي الى شاشة المحطة، وانما تكتفي بتحليل مراسليها للوضع، وعد الغارات الجوية الاسرائيلية دون ان تبين اثارها على البشر، لم نشاهد صور الجثث المحترقة التي تبثها شاشاتنا مثلا على سي ان ان، فهي تكتفي بعرض الدمار الذي لحق بالمباني، وابراز الضربات التي يقوم بها حزب الله على اسرائيل، وتركز على عدم قبول مسيحيوا وسنة لبنان لتصرف حزب الله الذي لم يستشيرهم قبل ان يقامر بمستقبلهم جميعاً، ولكنهم في ذات الوقت غاضبون بالاجماع من الرد العنيف والمبالغ به من قبل اسرائيل، خصوصا ان بيروت لا تملك نظام انذار مبكر للغارات او ملاجيء كافية، والشعب اللبناني مكشوف للقصف وبشكل مفاجيء وفي اي لحظة طيلة الوقت ... بينما يتمتع الاسرائيليون بانظمة انذار مبكر وملاجيء محصنة تساعد بشكل كبير في تقليل حجم الاضرار البشرية بين الاسرائيليين.
ولم تتم الإضاءة على مجزرة مروحين أو غيرها من المجازر بشكل واضح، كما تركزت التقارير التي تبثها المحطة على موقف الحكومة الاسرائيلية التي ترى ان قوة حزب الله تنامت في الأعوام الست الماضية وباتت تشكل تهديداً حقيقياً لأمن إسرائيل، وان الهدف من المرحلة الأولى من الهجوم الإسرائيلي كشف قدرات الحزب التسليحية وتدميرها، وان هناك مرحلة ثانية من العمليات العسكرية لن تكشف عنها اسرائيل في الوقت الراهن ولكنها قد تتضمن هجوماً برياً محدوداً لإجبار الحزب على التراجع للمسافة المطلوبة لفرض الشريط الأمني. وكل ما سبق أمر لا نستغربه أو يستحق التوقف لديه لأنه ليس بالأمر الجديد على محطة عرفت بانحيازها المستمر لوجهة النظر الاميركية والاسرائيلية في كل نزاعات الشرق الاوسط.

لكن ما لفتني خلال متابعتي لبرنامج لاري كينغ المباشر ظهر اليوم ان لاري تعمد استضافة ابراهيم موسوي رئيس تحرير قسم الاخبار الاجنبية في محطة المنار لأكثر من مرة خلال البرنامج، حيث أخذ منه في الإتصال الأول اسباب الهجوم وما كان الحزب يهدف الى تحقيقه، فقال له موسوي بأننا قمنا بعملية محدودة ضد الجيش الاسرائيلي كان الهدف منها اسر جنديين لمبادلتهم بالاسرى اللبنانيين الموجودين في السجون الاسرائيلية ولم تكن عمليتنا تشكل اي خطر على امن المدنيين في اسرائيل، ولم نتوقع ردة الفعل الحالية التي تخطت كل الحلول الدبلوماسية وعمدت لعنف غير مبرر على عموم المدن اللبنانية واستهدفت المدنيين اللبنانيين دون تمييز.
وعاد لاري كينغ للاتصال بابراهيم ليرى فيما اذا كان الحزب على استعداد للتفاوض لايقاف اطلاق النار، فتحدث موسوي عن اتصالات تجري مع الحزب من عدة جهات، وقال بانه غير مخول بكشف هوية هذه الجهات ولكن من ضمنها مسؤولون بالحكومة اللبنانية. واضاف بان حزب الله وافق على ان تقوم الحكومة اللبنانية بالتفاوض مع اسرائيل.
كما تحدث عن الهجوم الوحشي الاسرائيلي الغير مبرر باستفاضة، واتهم القوات الدولية ، بالتستر على مذبحة مروحين مستشهدا بخطاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وقال ان التاريخ يعيد نفسه مرارا وتكرارا... وما حصل بالأمس في قانا تحت ورأى وسمع القوات الدولية يحدث اليوم في مروحين وان الشعب اللبناني فقد ثقته بالقوات الدولية وأهمية دورها في مثل هذه الظروف.
في ذات الوقت تحدث كينغ مع اطراف اسرائيلية واميركية وكانت الحجة من كلا الجانبين تتلخص بان اسرائيل انسحبت من لبنان قبل 6 اعوام ولم تكن تشكل خطراً على لبنان، وما قام به حزب الله عمل غير مبرر ويستحق رد حازم لكي لا يتكرر مستقبلاً.
هنا فقط يبرز لاري كينغ كاعلامي محترف يدرك اهمية الحياد في تغطية اي نزاع واهمية ابراز وجهات نظر كافة الأطراف المعنية دون تغليب طرف على آخر وهو أمر يستحق الإشادة بالفعل في محطة لا تعرف معنى الحياد في تغطية النزاع، وإنما تدعيه فقط.

[email protected]