أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: يبدو أن تعدد الزوجات يغري المراكشيين أكثر من غيرهم، ففي الوقت الذي سجلت أغلب المدن المغربية تراجع نسبة حالات تعدد الزوجات، بعد خروج الإصلاحات الجديدة لمدونة الأسرة إلى حيز الوجود، احتلت عاصمة النخيل المركز الأول فيما يخص عدد المتزوجين من امرأة ثانية بنسبة 12.73 في المائة.
ورغم أن نسبة زواج التعدد سجلت، خلال السنة الماضية، انخفاضا بلغ 3.57 في المائة، بمعدل 811 رسما مقابل841 رسما في سنة 2005، إلا أن تقرير لشبكة مراكز الاستماع والإرشاد القانوني، التابعة للرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، كشف أن مراكش سجلت تضخما في عدد الأذونات بالتعدد تحت مبررات القدرة المادية للزوج، وكبر سن الزوجة، وهو ما يتناقض مع النص الذي جعل المطلب استثناء.
ولم تكن الإصلاحات الجديدة لمدونة الأسرة لتحد من الإكثار من المرأة الثانية بمراكش، غير أن شروطها الصارمة قيدت عدد من الطامحين إلى ذلك، إذ تم في مدينة بني ملال رفض 60 في المائة من الطلبات سنة 2005.
وأشار تقرير شبكة مراكز الاستماع والإرشاد القانوني إلى أن تحقيق هذه النسبة يعد تقدما بالقياس مع سنة 2004، إذ تم منح 44 إذنا، أي بمعدل 12 في المائة فقط من الطلبات، التي ووجهت بالرفض، وعدم قبول 50 في المائة من الطلبات في الفقيه بنصالح سنة 2004، ما يعتبر إيجابيا، إذ لم تقبل إلا 5.6 في المائة من الطلبات.
أما مدينة الرباط، توضح الدراسة ذاتها، فوصلت نسبة المطالبة بالنفقة فيها إلى 40.39 في المائة، في حين بلغ العنف الجسدي والطرد من البيت 41 في المائة سنة 2005، مضيفة أن العنف الجسدي الزوجي ، في الأحياء الهامشية، يشكل 24 في المائة، والطرد من البيت 7 في المائة، وتأتي النفقة في الدرجة الثانية بنسبة 21 في المائة.
ويأتي الكشف عن هذه المعطيات بعد يوم فقط، من إعلان وزير العدل المغربي محمد بوزوبع، أمس الثلاثاء، أن نسبة الزواج، وكذا إجراءات اللجوء إلى ثبوت الزوجية، عرفت ارتفاعا ملحوظا بزيادة قدرها 11.64 في المائة، خلال سنة 2006 مقارنة مع سنة 2005.
وأوضح بوزوبع، خلال لقاء دراسي نظمته الوزارة، بمناسبة الذكرى الثالثة لصدور مدونة quot; قانونquot; الأسرة تحت عنوان quot;مدونة الأسرة: بعد ثلاث سنوات من التطبيقquot;، أن رسوم الزواج المبرمة، خلال السنة المنصرمة، بلغ عددها 272 ألفا و989 رسما وثبوت الزوجية 16 ألفا و832 حكما، أي ما مجموعه 289 ألفا و821، مقارنة مع سنة 2005 quot;259 ألف و612 quot;.
ويعزى هذا الارتفاع، حسب المسؤول الحكومي، إلى فعالية الإجراءات الجديدة التي جاءت بها المدونة في توثيق عقد الزواج، وبخصوص زواج الراشدة التي عقدت زواجها بنفسها، بلغ عدد رسوم الزواج سنة 2006 ما مجموعه 6740 ألفا و95 رسما، في حين لم يسجل سنة 2005 سوى 49 ألفا 978 و175 رسما، أي بزيادة نسبتها 22.21 في المائة.
وبالنسبة إلى إنهاء العلاقات الزوجية بين الأزواج بالطلاق الاتفاقي، فبلغت 6 آلاف و741 رسما (مقابل 4 آلاف و949 رسما سنة 2005)، محققا بذلك ارتفاعا نسبته 36.21 في المائة، وتفسر الوزارة هذا الأمر باعتباره quot;يؤشر على ازدياد الوعي بأهمية اللجوء إلى الوسائل الودية لإنهاء العلاقة الزوجيةquot;.
وبخصوص الطلاق الخلعي، الذي كان يشكل أكبر نسبة في أنواع الطلاق قبل دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، انخفضت وتيرته، إذ لم يسجل منه سنة 2006 إلا 4 آلاف و744 رسما، مقابل 4 آلاف و963 رسما سنة 2005، محققا بذلك انخفاضا ملموسا نسبته 18.28 في المائة، مقارنة مع الفترة السابقة لدخول المدونة حيز التنفيذ.

الطلاق في ارتفاع

لم تتمكن الإصلاحات الجديدة لمدونة الأسرة من المساهمة في تخفيض الطلاق بالمغرب، بل على العكس كانت وراء زايادت، إذ ذكرت تقرير الشبكة، أن مجموع الأحكام الصادرة، خلال سنة 2006، بلغ 14 ألفا و771 حكما، مقابل ما مجموعه 9 آلاف و983 سنة 2005.
ويرجع هذا الارتفاع، حسب ما أكد وزير العدل المغربي، إلى اختيار العديد من الأزواج اللجوء إلى التطليق للشقاق كمستجد مخول لكل من الزوجين لإنهاء العلاقة الزوجية، بما يمتاز به من سهولة في المسطرة وسرعة في الإنجاز وضمان في النتيجة.
مستجدات حملتها المدونة الجديدة للأسرة التي تشترط أساسا ثبوت المبرر الموضوعي الاستثنائي للتعدد وبتوفير العدل مع الزوجة الأولى وأبنائها في جميع جوانب الحياة.
كما أن القانون الجديد لمدونة الأحوال الشخصية (قانون الأسرة) يمنح المرأة الحق في أن تشترط على الزوج في عقد الزواج عدم الزواج بامرأة أخرى، وإذا لم يكن هناك شرط وجب استدعاء المرأة الأولى لأخذ موافقتها وضرورة إخبار ورضى الزوجة الثانية بأن الزوج متزوج بغيرها.
وتخول مدونة الأسرة الجديدة حق الولاية للمرأة الرشيدة تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، كما أن بإمكانها تفويض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها إن هي أرادت ذلك.
وطبقا للمدونة أصبح سن الزواج محددا في سن 18 سنة بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء مع تخويل القاضي إمكانية تخفيضه في الحالات المبررة ومساواة الفتاة والولد المحضونين في اختيار الحاضن عند بلوغ سن الخامسة عشرة.
وأصبح للمرأة الحق في الطلاق بالتمليك حسب الشروط الشرعية وبمراقبة القضاء، وذلك لمراعاة حق المرأة المطلقة في الحصول على كافة حقوقها قبل الإذن بالطلاق.
كما تم إقرار قانون جديد للطلاق يفرض الإذن المسبق من طرف المحكمة، وعدم تسجيله إلا بعد دفع المبالغ المستحقة على الزوج للزوجة والأطفال، بالإضافة إلى عدم قبول الطلاق الشفوي في الحالات غير العادية وإقرار الطلاق الاتفاقي تحت مراقبة القضاء.
وطبقا للإصلاحات الجديدة أعطي للمرأة الحق في طلب التطليق في حالة إخلال الزوج بشرط من شروط عقد الزواج أو للإضرار بالزوجة مثل عدم الإنفاق أو الهجر أو العنف.
كما تم جعل توفير سكن لائق للطفل المحضون واجبا مستقلا عن بقية عناصر النفقة والإسراع بالبت في قضايا النفقة في أجل أقصاه شهر واحد.
وتخول الحضانة للأم ثم للأب ثم لأم الأم، وإن تعذر ذلك فإن القاضي يقرر إسناد الحضانة لأحد الأقارب الأكثر أهلية.
وفي حالة عدم توثيق عقد الزواج لأسباب قاهرة، يمكن للمحكمة أن تعتمد البينات المقدمة في شأن إثبات البنوة وفتح مدة زمنية من خمس سنوات لحل القضايا الشائكة بهذا الخصوص لضمان حق الطفل في النسب.