أسامة العيسة من القدس: يسعى القائمون على معرض للرموز الدينية افتتح في القسم الغربي من مدينة القدس، تذكير اتباع الديانات التوحيدية الثلاث بما يجمعها معا وهو التوحيد، وان كان لا يخلو من شبهة الإعلاء من شان الديانة اليهودية على الديانتين المسيحية والإسلامية، باعتبارهما الأحدث، واستفادتهما من التراث اليهودي.

وافتتح المعرض في متحف ارض الكتاب المقدس في القدس، المعني بشكل أساسي بتوثيق التاريخ الأثرى للأرض المقدسة من وجهة نظر العهد القديم، ولكن هذا المتحف تنبه أخيرا لوجود ديانتين توحيديتين غير اليهودية، فافتتح المعرض المخصص للديانات التوحيدية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام، وان كان ضمن فهم معين يستند إلى الأهداف التي يسعى المتحف الإسرائيلي لتحقيقها.

ويعرف المعرض الجديد اليهودية باعتبارها الديانة التي بشرت بالايمان باله واحد، والمسيحية التي انبثقت عن اليهودية واتخذت مسارا مختلفا، والإسلام الذي تأثر بالديانتين السابقتين عليه وخلق مساره الخاص وبنى دولته، ويتجاهل ما ينسب لقدماء المصريين في بعض مراحل حضارتهم، من تبني ديانة توحيدية. ويضم المعرض رموزا يهودية مثل الشمعدان والمبخرة، ورموزا مسيحية كالصليب، بالإضافة إلى رموز إسلامية مثل النجمة وغيرها.

وتضم المعروضات عناصر معمارية، وحلى، ورموز أخرى تعود للفترة ما بين القرن الثالث إلى الثالث عشر الميلادي، ويحسب المنظمين فان المعرض يكشف عن تشابه كبير في طريقة كل دين في النظر لنفسه، والى العالم الخارجي، مثلا الشمعدان أو المنورة التي تقدم حصرا بوصفها رمزا يهوديا، لكن في الماضي خدمت الإسلام والمسيحية، وهو ما يمثل رسالة من النور والأمل في كل من الديانات الثلاث.

ولا يسعى المعرض، إلى ربط بعض الرموز التي ارتبطت بالديانات التوحيدية، بما سبقها من حضارات، مثل النجمة السداسية، أو نجمة داود كما يطلق عليها، والتي استخدمت كرمز في مرحلة اقدم بكثير من ظهور الديانة اليهودية، يرمز إلى العملة الجنسية، عن طريق مثلثين متقاطعين، أو كرمزي الصليب في المسيحية والنجمة والهلال في الإسلام، ولكن هذا لا يدخل ضمن الأهداف المعلنة للمعرض التي عبر عنها أحد منظميه وهو الدكتور ايلي بوروسكي، الذي قال بان المعرض quot;سيكون موضع ترحيب من اتباع جميع الأديان لمعرفة وفهم تاريخنا المشتركquot;.

ولهذا يمكن فهم تجاهل الحضارات السابقة التي مرت على الأرض المقدسة، وتقديم الديانات التوحيدية الثلاث منفصلة عن جذورها.

واقيم المعرض بتبرعات جهات مانحة وأشخاص قدموا ما لديهم من أعمال لعرضها، وتم طبع كتالوج المعرض بثلاث لغات هي العبرية، والعربية، والإنجليزية، واستخدم في تقديم المعروضات احدث أساليب الوسائط المتعددة. ولوقوع المعرض في قلب القدس، فان الأغلبية الساحقة من المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، لن يستطيعوا زيارته، بسبب الإجراءات الإسرائيلية.

ويثير مكان العرض في متحف ارض الكتاب المقدس، أيضا حفيظة كثيرين من الباحثين المستقلين، حيث ارتبط هذا المتحف بكثير مما اعتبر أمورا تخرج عن الطبيعة المهنية له، واليه نقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأولى من احتلال ما تبقى من القدس في حزيران (يونيو) 1967، مخطوطات البحر الميت، بعد اقتحام المتحف الفلسطيني في شرق المدينة والسيطرة عليه حتى الان، لكن سلطة الاحتلال الجديدة آنذاك سابقت الوقت لنقل ما اعتبرته أهم مقتنيات المتحف الفلسطيني ونقلته إلى متحف ارض الكتاب، تحسبا لأي طارئ، يجعلها تنسحب من الأراضي المحتلة، ولكن الاحتلال طال وترسخ، منذ أربعين عاما.