جدل إعلامي وشعبي في الكويت بعد إيقاف 3 برامج شهيرة
الجاسم: لا أعرف أسباب إيقاف برنامجي وطريقة إبلاغي كانت مؤلمة

ممدوح المهيني من الكويت: بشكل مفاجئ، تم إيقاف ثلاثة من أشهر البرامج الحوارية الجريئة على شاشة التلفزيون الكويتي. لم تكن الحجة مقنعة للكثيرين. هذا الموقف أثار الوسط الإعلامي والسياسي والشعبي الكويتي، ورأت الصحافة الكويتية الجريئة أن هذه إشارات واضحة ومقلقة عن تراجع مستوى الحرية والنقد في الإعلام. قبل ساعات فقط، التقت quot;إيلافquot; المذيع المعروف يوسف الجاسم صاحب البرنامج الجماهيري quot;6/6quot; وهو أحد البرامج الذي تم إيقافها. تحدثنا معه داخلديوانيته ونقل لنا آراءه ومشاعره المتألمة ومخاوفه العميقة من هذا الإيقاف الجماعي. هذه مقتطفات من الحوار:

لماذا تم إيقاف برنامجك التلفزيوني quot;6/6quot;؟
تم تبليغي عن طريق الهاتف أن الحلقة القادمة من برنامجي ستكون الأخيرة. لماذا ؟! لا أعلم. بأمر من؟!. لا أعلم. هل الإيقاف موقت أم دائم ؟!. لا أعلم . ما هو السبب مرة أخرى ؟!. لا أعلم . لا أعلم . لا أعلم.

هل اتصلوا بك بعد ذلك وشرحوا لك سبب الإيقاف ؟
بلغت أن التوقيف سيكون موقتا, وأنه سيكون خلال شهر شباط/فبراير الذي تجري فيه الأعياد الوطنية وسيعود بعد ذلك، وهذا ما بلغني به وكيل وزارة الإعلام الكويتي.

هل هذا عذر مقنع لك ؟
لا ليس مقنعًا، ولكن أنا قلت لوكيل الوزارة إني سأظهر تعاوني معهم، وأستوقف على الرغم من عدم اقتناعي بالسبب. الحل الآخر هو أني أرفض مثل هذا الانقطاع والكل يعرف أن التوقف بالنسبة إلى الإعلامي يبعده عن الحدث، ولا يوجد في الحقيقة في صناعة الإعلام اليوم ما يسمى بانقطاع مفاجئ. في القنوات العربية والغربية الشهيرة هناك برامج ثابتة وأداء مستمر طوال العام ولا يتم إلغاء برنامج، إلا مع وجود أحداث ضخمة. ولكن بالنسبة إلي فإني وافقت على الاستمرار على الرغم من عدم قناعتي بالسبب، وهناك من أصدقائي من أشاروا إلي بعدم القبول بهذا التوقف المفاجئ وغير المنطقي. لكن الأخوة في وزارة الإعلام أبدوا حسن نوايا وعبروا عن موقفهم الإيجابي فسأقابل الإيجابية بإيجابية.

هذه المرة الأولى التي يوقف فيها برنامجك خلال شهر فبراير؟
هذا صحيح. أنا اظهر على تلفزيون الكويت منذ أكثر من 30 عاما ولم يتوقف أي برنامج لي في العيد الوطني أو خلال شهر فبراير. كان البرنامج يتوقف في الصيف بسبب طغيان المادة الدرامية بسبب سفر الناس وفي رمضان ولكن حتى هذا الوضع غير صحيح لأن البرامج الحوارية في المحطات الثانية لا تتوقف لا في الصيف ولا الشتاء لأن القضايا المثيرة مستمرة والأحداث الساخنة تتوالد كل يوم. هذه بدعة إعلامية أن تتوقف البرامج الحوارية من أجل الاحتفالات الوطنية . ثم إن من حقنا أن نحتفل ونشارك بهذه المناسبات وسألتهم لماذا يحجبون حقنا في الاحتفاء بهذه المناسبات ؟!. أنا كويتي وبرنامجي من إنتاج تلفزيون الكويت.

كيف كان مستوى الحرية الممنوحة لبرنامجك quot;6/6quot;؟
بعد عودتي من قناة أوربت بعد تقديمي لبرنامج quot;من دون رقيبquot; لمدة أربعة أعوام عملت في التلفزيون الكويتي في برنامج quot; 6/6quot; . كان التعاون كبيرا جدًا والرقابة معدومة والثقة عالية ولا يوجد هناك أي تدخلات أو توجيه من أحد. وهذا ما يجعلني مصابا بالدهشة لما حدث . أنا مستغرب جدًا مما حدث لأنه تم بطريقة مفاجئة لي خصوصًا وأنا قريب من مسؤولين في وزارة الإعلام، وهم أصدقاء لي وزملاء، وتربطني بهم علاقة طويلة. كان من المقترض لو كانت هناك توجهات عامة أن تقال لي في السابق أو أن يتم استدعائي ويطرح الموضوع معي. طبعًا ما ينطبق علي ينطبق على الزملاء الآخرين وهم د. شفيق الغبرا في برنامجه quot; الديوانيةquot; ود. كافية رمضان في برنامجها quot;مفترق طرقquot;. كلنا أشخاص لنا تجارب طويلة ولدينا من النضج وإمكانية التعاطي بوعي مع مثل هذه الأمور ما يجعلهم يشرحون لنا الأسباب التي تفسر هذا التصرف المفاجئ.

ولكن كان الأجدى أنه وبسبب هذه العلاقة المميزة والقديمة التي تربطك مع المسؤولين في الإعلام أن يبلغوك بطريقة أفضل من التي كانت.

وهذا هو ما يجعلني أشعر بالاستغراب. قد يعتقدون أنهم أبلغوني ولكن عندما يأتي الأخ مدير القناة الأولى مع احترامي له ويقول إن الوكيل المساعد وليس وكيل الوزارة يوصل لك تحياته، ويقولإن برنامجك سيتوقف وكأن المسألة تعني أننا اتخذنا القرار من جانبنا وبلغناك وعليك الانصياع. اتصلت بالوكيل المساعد ثلاث أو أربع مرات، ولكنه لم يرد حتى هذه اللحظة مع أن الأخ خالد النصر الله زميل لي.

الطريقة التي بلغت فيها بالإيقاف لم تكن لائقة لاسمك وتجربتك الإعلامية الطويلة؟
لن أقول إنها غير لائقة ولكن أعتقد أننايحق لي وللزملاء طريقة أفضل من هذه الطريقة التي تم إبلاغنا بها. هي لم تكن مناسبة حتى عندما يقوم بها شخص مع عاملين لديه في المنزل. بعد مدة طويلة من الجهد أبسط شيء أن يقال له quot;مشكورquot; وquot;ما قصرتquot; وإذا لم أرد الاستمرار معك سأوضح لك على الأقل الأسباب التي دفعتني لذلك. لكن بالنسبة إلي . قالوا لي تم إيقاف برنامجك من دون سبب. لا نعرف هل نرجع أم لا. لا نعرف هل التوقف موقت أم دائم. كأنهم كانوا يقولون لنا :quot; خلاص. روحوا لبيوتكم quot;. وهذا كان شيئا غير مقبول وصعب علينا تقبله.

يبدو أنك متألم جدا.
الطريقة كانت مؤلمة، ولكن أعتقد أني تجاوزت هذه المسألة بعد اتصال وكيل الوزارة الأخ الشيخ فيصل المالك والذي بلغت فيه أن الإيقاف سيكون موقتا فقط، وقال لي إنهم يكنون لي احتراما كبيرا وإنهم متعاونون معي وهذا أمر صحيح قبل إيقاف البرنامج.

هل تعتقد أن هناك شخصيات سياسية خلف هذا الإيقاف؟
لا أعلم. كل شيء جائز.

يبدو أنك غير محبوب لا من الحكومة ولا من النواب؟
أنا كنت أعتقد ذلك ليس لأني ضد وزير أو نائب بعينه ولكني مؤمن بحرية التعبير والنقد. هناك أطراف محلية غير مقتنعة بفكرة الحرية ودائمًا ما تلوم الحكومة بسماحها بالنقد عبر تلفزيونها الرسمي ومن خلال برامج معينة. الإيمان بحرية الرأي والتعبير كفلها الدستور الكويتي وهي لا تأتي مجزأة ولا تقبل القسمة على أي عدد. يجب أن يتسع صدرك للنقد ولا أحد من الحكومة ولا مجلس الأمة منزه من النقد، وبالتالي من حق الناس الاعتراض على ما يرونه خطأ. ولكن ترديد مثل هذه النغمة باستمرار هو محاولة لإعادة نظام الرقابة الذي تخلصنا منه بعد نضال طويل من العمل والجهد. ولكن دعني أقول لك إذا هناك أطراف تركز على مثل هذه المطالب التي تهدف إلى تضييق الحريات وإعادتنا للوراء. هناك من النواب من أثبتت هذه الحادثة التي اعترضوا فيها على إيقاف هذه البرامج وقوفهم مع حرية التعبير والنقد.

في الخبر الرسمي الذي نشرته وكالة الأنباء الكويتية quot;كوناquot; والصادر من وزارة الإعلام جاءت عبارات غير مفهومة مثل quot; إعادة تقييم البرامجquot; وعبارة مثل quot; وأكد حرص الوزارة لكل الأفكار للظهور على شبكة برامجنا الإذاعية والتلفزيونية ولكن ضمن معايير وضوابط تتفق مع الوحدة الوطنية والتراث العربي والإسلاميquot; . ماذا يعني كل هذا. هل يبدو لك وكأنه إيحاء أن برنامجك لا تنطبق عليه مثل هذه الشروط؟
أنا قرأت معك البيان في الوقت نفسه، وأعتقد أننا نحتاج إلى أحد من المسؤولين في الوزارة كي يوضح لنا مضمونه.

هل تعتقد أنه غامض نوعًا ما؟
نعم، لأن هذا أول تصريح يصدر عن وكيل الوزارة لشؤون التلفزيون بعد يومين من إثارة القضية . أعتقد أن كثيرًا من الكلام المكتوب هو ملء فراغ . أستغرب أن تطرح قضية تقييم البرامج الحوارية في هذه المرحلة والآن بالذات. كانت هذه البرامج متوقفة في الصيف، فلماذا لم يعاد تقييمها؟!.فجأة يتم إيقافنا، وفي عز الموسم والأحداث من أجل أن تتم إعادة تقييمنا. هذا غير منطقي. الكلام الموجود عن الوحدة والتراث العربي والإسلامي في البيان كبير، ولكن غير مفهوم. أنا مستعد ليقوم أي متخصص باستعراض حلقات quot;6/6quot; كمواضيع ومضامين وضيوف ويرى إذا كان أي تعارض بين الوحدة الوطنية أو تعدٍ على التراث العربي والإسلامي.

هل لديك إجراء معين لو لم يعُد برنامجك بعد شهر؟
لا ليس لدي. القرار كان مباغتًا بالنسبة إلي مع انه عدّل. لا أفكر إطلاقًا بالاعتزال وأعتقد أن بإمكاني العطاء . إذا لم يكن بالتلفزيون ففي مكان آخر. لم أفكر بالموضوع في هذه اللحظة لأني كنت مرتاحا بالعمل مع تلفزيون الكويت وكان تعاون المسؤولين بلا حدود ويكفي مساحة الحرية الممنوحة لي. لدي عروض من بعض القنوات الفضائية قبل هذا الإيقاف وبعده ولكني لم أقرر بعد أي شيء.

إيقاف هذه البرامج سيحرك بلا شك مخاوف من تراجع مستوى الحريات الصحافية في الكويت. ما رأيك؟
أنا انتمي إلى جيل عاصرنا فيه الحالة الديمقراطية في الكويت وتنامي الحريات. بعد غزو الكويت أدركنا جميعًا أن الديمقراطية هي طوق النجاة . الغرب عندما دافع عن الكويت كان من أبرز الدوافع التي حركته أننا نمثل نقطة مضيئة بالحريات. البرامج الكويتية كانت تقدم طرحا نقديا حتى قبل أن يصل التلفزيون لبعض الدول. لدينا في الكويت إرث طويل من الحريات بذل الكويتيون جهدًا كبيرًا لترسيخه. ما يقلقني ليس إيقاف برنامجي ولكن هذا التراجع عن هذه الإرث والتراكم التاريخي من الحريات والنقد المعلن واحترام الرأي الآخر. أنا قلق من الانكفاء.