الدار البيضاء : استفاق المغاربة الأحد في أجواء حداد غلبت عليها مشاعر الغضب والذهول في أعقاب الحريق الذي أودى بحياة 54 عاملا في أحد المصانع بالدار البيضاء، أغلبهم من النساء، اللاتي عجزن عن القفز من quot;مصيدة الموتquot; التي التهمها الحريق.ونقلت وكالة الأنباء المغربية الرسمية عن مصدر بولاية الدار البيضاء الكبرى قوله إن الحصيلة المؤقتة للحريق، 54 قتيلا و17 جريحا، بعد أن تمّ الإعلان السبت عن مصرع 55 عاملا.وقال مصدر إنّ 11 من أصل 17 مصابا غادروا المستشفى بعدما تلقوا العلاجات الضرورية في الوقت الذي ما يزال الستة المتبقين تحت المراقبة الطبية.

وتتواصل عملية التعرف على هوية الضحايا تحت الإشراف المباشر للنيابة العامة وذلك من خلال أفراد عائلتهم والمصالح الطبية والأمنية المختصة.وتقوم الشرطة العلمية بجميع التحريات اللازمة للكشف عن هوية الجثث التي لم يتم التعرف عليها بعد والتي تعود للقتلى الذين قضوا إما اختناقا أو تفحّما، وفق شهود عيان.ويذكر أن الحريق المهول اندلع حوالي الساعة الحادية عشرة بالمعمل الواقع بالحي الصناعي ليساسفة والمكون من أربعة طوابق، والذي كان يشغل صباح يوم أمس قرابة100 عامل وعاملة. (التفاصيل).ووفق المعطيات الأولية فإنّ سبب الكارثة ليس إجراميا وإنما يتعلق الأمر بحادث، وفق ما أشار إليه الصحفي جليل بن ودغيري، في اتصال مع CNNبالعربية.

وقام وزير الداخلية شكيب بنموسى بزيارة لمسرح الحادث، وفق وكالة الأنباء المغربية التي نقلت عنه قوله إنّه سيتم فتح تحقيق quot;معمق وشفافquot; لتحديد الأسباب الكامنة وراء هذا الحريق وكذلك المسؤوليات المتعلقة بظروف العمل ومدى احترام تدابير السلامة.وفي نفس السياق كان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري قد أعلن عن تشكيل لجنة وزارية تضم كلا من وزراء الداخلية، والتشغيل والتكوين المهني، والتجارة والصناعة، والصحة وكذلك السلطات المحلية لمتابعة الموضوع عن كثب، وللقيام ببحث إداري مستعجل.والهدف الأساسي من البحث، وفق بن ودغيري التأكّد من قانونية ظروف العمل ومعايير السلامة quot;لاسيما أن الشهود أكّدوا أنّ ظروف المصنع ونوافذه ساهمت في زيادة عدد الضحايا.quot;

وقال مصدر أمني إنّ صاحب المصنع وابنه موجودان رهن التوقيف للتحقيق معهما.وقال بن ودغيري إنّ من غالبية القتلى الـ54، نساء عجزن عن رمي أنفسهن من المبنى المؤلف من أربعة طوابق.

ونقل عن مصدر قوله إنّ عدد النساء القتيلات بلغ حتى صباح الأحد، 35.وغالبية الجرحى الذين تمّ نقلهم إلى المستشفيات، جازفوا بحياتهم بالقفز من علو مرتفع نسبيا هربا من ألسنة النار.ووصف غالبية الناجين المصنع بأنّه كان quot;مصيدة للموت لا فكاك منهاquot; في الوقت الذي نقلت فيه الصحف المغربية عن مسؤول في هيئة الدفاع المدني قوله إنّ quot;طبيعة تركيبة المصنع أعاقت كثيرا من مهمتنا.quot;وأضاف quot;المرور عبر المداخل كان مستحيلا حيث تمّ وضع حواجز إسمنتية عليها ربما في مسعى لمراقبة العمال ومنعهم من الخروج بأغراض ربما تكون تابعة للمصنع.quot;

ومن جهته، قال أحد الناجين إنّ المصنع لم يكن متوفرا على نوافذ بالمعنى المعروف للكلمة quot;حيث تمّ غلق النوافذ بمواد حديدية.quot;ووفق بن ودغيري فإنّ عددا كبيرا من القتلى في ريعان الشباب حيث أنهم في عقدهم الثالث من العمر وينحدرون من مدن الصفيح المحيطة بالدار البيضاء ويتقاضى غالبيتهم رواتب زهيدة تتراوح بين 120 و150 دولارا شهريا.