كيف يكتشف الإنسان مثليته الجنسية.. وكيف يخبر الآخرين بها؟

هل الشواذ أو المثليون جنسياً طائفة محددة الملامح واضحة القسمات بحيث ما إن ترى واحداً منهم حتى تقسم بأغلظ الأيمان أنه شاذ؟؟؟ أعتقد أنه من الخطأ الشديد إعتناق هذا المفهوم، وقد أجهد الناس أنفسهم لكشف الشواذ حتى أن الأمر وصل إلى حد المسابقة.... quot;تخمين من هو الشاذ والنجاح فيه هو دليل على فطنتى وذكائىquot;!!!.
إذا كان الناس قد أجهدوا أنفسهم من باب النميمة فإن العلماء قد أجهدوا أنفسهم من باب العلم والبحث العلمى والتقصى الأكاديمى، فلم يجدى معهم طريقة المشى أو الكلام أو الملابس.... الخ، للتدليل ولتحديد الشواذ جنسياً، وملخص ما وصل إليه العلماء أنه لا يوجد ما نستطيع أن نطلق عليه نمط حياة الشواذ، فهم يتابينون فى طرق معيشتهم ويختلفون فى سلوكياتهم وردود أفعالهم، فالبعض يعلن عن نفسه بصراحة ويستريح لذلك والبعض يمارس الحياة بطريقة عادية تتفق مع مفاهيم المجتمع المحيط لدرجة أنه يتزوج أو يدخل فى علاقات نسائية إذا كان رجلاً، أو مع الرجال إذا كانت سيدة سحاقية وتظل علاقاتهم الشاذة فى طى الكتمان.
أما متى يكتشف الشواذ شذوذهم؟ البعض قال أنه قد إكتشف ذلك فى سن السادسة، والبعض تيقن من شذوذه فى سن المراهقة، والعلماء يعترضون على حكاية سن السادسة تلك ويقولون أن ما يحسه الطفل فى تلك السن بأنه مختلف عن أقرانه إحساس طبيعى ومن الممكن تجاوزه بل فى الأغلب يمكن تجاوزه بل إن كثيراً من الكبار غير الشواذ يؤكدون على أنهم قد مروا بتجربة الإختلاف هذه دون أن تترك تأثيرها المستقبلى عليهم كشواذ جنسياً، إذن فالإحتمال الثانى هو الإحتمال الذى إتفق عليه العلماء.
الإكتشاف يتم بطريقتين إما أن يمارس المراهق مناوشات جنسية مع مراهق آخر فيكتشف أن هذا هو المفضل لديه أو أنه هو الذى يبعث على الراحة والإستمتاع فيستمر فى تلك الممارسات، والطريقة الثانية التى أعلنها quot;وينبرجquot; فى أبحاثه عام 1978 هى أن يكتشف المراهق أو تكتشف المراهقة نفسها بأنه يفضل أو تفضل الممارسة مع نفس الجنس ثم تحدث بعدها الممارسة أى أن الشعور يتبع الممارسة فى الطريقة الأولى، ويسبق الممارسة فى الطريقة الثانية.
بالطبع يوجد فرق شاسع ما بين إكتشاف الشذوذ الجنسى وتقبله، فإكتشاف الشذوذ مهمة فرد ومسئولية صاحبه، أما تقبله فهى مهمة مجتمع ومسئولية تقاليده، فالبعض من هؤلاء الشواذ يطرق أبواب الأطباء طالباً العلاج تارة لرفضه الشخصى وتارة أخرى لضغوط المجتمع عليه، ولكن هذه الفئة قليلة وقد أحصاها الباحث quot;وينبرجquot; فى أبحاثه السالفة الذكر بنسبة 1 إلى 20، وكانت ملاحظته التى تستحق الذكر وتلفت الإنتباه هى أن الرجال الشواذ يجدون صعوبة أكبر فى تقبل شذوذهم عن السيدات الشاذات، وأعتقد أن هذا يرجع إلى أن الرجال الرافضين يعتبرون شذوذهم فشلاً فى الوصول إلى كمال الرجولة، أما السيدات الرافضات لشذوذهن فهن يعتبرنه رفضاً حراً وصريحاً للممارسات الجنسية الطبيعية ولذلك فالصراع عند الرجال الشواذ أعنف منه عند السيدات.
تأتى اللحظة الحاسمة وهى لحظة الإخبار أو إعلان النبأ أو ما يسمونه COMING OUT، وهى الطريقة التى يعلن بها أو يخبر بها الشاذ الآخرين عن شذوذه، وهذا الكشف يستغرق فترة طويلة فى معظم الأحيان وغالباً ما يحاول الشاذ أن يجس نبض المجتمع المحيط حوله من خلال صديقه الحميم، وتكون هذه هى بالونة الإختبار الأولى ثم تتسع الدائرة شيئاً فشيئاً حتى تشمل أصدقاء آخرين ثم زملاء العمل ثم فى النهاية غالباً ما يكون آخر من يستقبل الألغام هم أفراد الأسرة، والقرار فى الغالب يكون جاهزاً داخل الشخص أما إمضاء المجتمع على هذا القرار فهو الذى يستغرق كل هذه المدة لأنه أصعب إمضاء وتوقيع يواجهه هذا المجتمع.
البعض يفضل أن يخبر مجتمعه أو محيطه الخاص من الشواذ وهذا يمنحه راحة أكثر ومرونة أكثر ولكنه يظل حتى هذه اللحظة لا يحظى بالقبول والرضا الإجتماعى مما يجعل البعض يفضل أن يعيش حياة جنسية مع الجنس الآخر حتى يحظى بهذا القبول وحتى لا يفقد إحترامه الإجتماعى أو ضمانه الإقتصادى كمستقبل وظيفى مثلاً، وهذا الحل التوفيقى أو التلفيقى يرضى الجميع ويقنع الكل إلا إنساناً واحداً فقط هو الشاذ نفسه، فالهاجس يظل يلح عليه أن يخبر الناس وأن يواجه عدوانيتهم تجاهه بمزيد من الصراحة، وهنا أيضاً يستلفت نظرنا بحث quot;وينبرجquot; السابق فى تأكيده على أن الشواذ من الطبقات الدنيا يصرحون بشذوذهم أسرع وأصرح من شواذ الطبقات الأرستقراطيه أو المتوسطة!.
فى نفس البحث السابق لوينبرج الذى أجراه 1978 تمت دراسة 979 حالة شذوذ جنسى (رجال وسيدات) وقد تم تدعيم هذا البحث بأسئلة الأصدقاء والأقارب والإطلاع على الرسائل المتبادلة ودراسة حانات الشواذ وأماكنهم الخاصة.....الخ، وتعد هذه الدراسة من أهم الدراسات التى ساعدت على التصنيف النمطى لهم أو ما يسمى بال TYPOLOGY القائم على الإحصائيات والإستنتاجات وقد قسمهم هذا البحث وصنفهم إلى خمسة أنواع....وهذا هو حديث الحلقة القادم.....

[email protected]


الفصل الاول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس