حوار مع مدير مجلة "تيل كيل" المغربية بنشمسي أحمد رضا:
مستعد للسجود أمام الملك إذا أصبح مثل إمبراطور اليابان

أجرى الحوار أحمد نجيم: استطاع أحمد رضا بنشمسي، مدير مجلة "تيل كيل" الأسبوعية، أن ينال رضى آلاف القراء لمجلته، بفضل الحس المهني الذي تتميز به المجلة. في حواره مع "إيلاف" يتحدث بنشمسي عن حدود انتقاد المؤسسة الملكية، موضحا أن كل ممارس للسياسة معرض للخطأ وللانتقاد، كما أثار أسباب تركيزه في الافتتاحيات الأخيرة على التواصل من خلال ملفي الصحراء وطريقة إلقاء الملك لخطبه.
ورد على عبد العزيز المراكشي، زعيم البوليساريو، كما انتقد الصحف المغربية التي أضحت في بحث دائم على المنع أكثر من تركيزها على الجانب المهني، واصفا هؤلاء بالباحثين عن "البطولية السهلة".
*في مقالاتك الأخيرة ركزت على التواصل، مشددا على طريقة تواصل الدولة في تدبير ملفات كالصحراء، لم تركز على هذا الجانب في هذه اللحظة؟
- هذا التناول والإلحاح على تواصل الدولة في ملفات حساسة فرضته الظرفية الحالية في المغرب، إنه موضوع الساعة. هذا بكل بساطة، إنني صحافي أتفاعل مع ما المستجدات.

* هل هذا الموضوع أكثر المواضيع أهمية في الوقت الحاضر في المغرب؟
- قضية التواصل قضية مهمة، أما إذا كانت القضية الأهم، فلا أعتقد ذلك. إنها مهمة جدا، لنأخذ على سبيل المثال موضوع الصحراء، لقد تغلبوا علينا بفضل توظيفهم الذكي للمستجدات. ما حدث في العيون في البداية كان عاديا جدا، مظاهرة في حي واحد، وعوض أن تتم معالجة القضية بروية، اختارت الدولة أن تحضر القوات والصحف، فاستغل المطالبون بالاستقلال الوضع لصالحهم لترويج صورة الشعب المضطهد. وهكذا كبر الموضوع، بدأ بزقاق بحي بمعطى الله بمدينة العيون ليشمل مناطق أخرى. فسوء إدارة هذه التظاهرة، جعل البوليساريو يشتغل الحدث.

* هل الدولة قامت بالدعاية من خلال استدعاء الصحافيين فانقلب عليها الأمر؟
- إنها لا تقوم حتى بالدعاية لأنها لا تجيدها، على العكس، فالبوليساريو أحسنوها جيدا، فحادث صغير جعلوه انتفاضة، وذلك من خلال صورهم التي أضحت متداولة في الانترنيت، كما استغلوا أحداث الرباط فللرد على 20 طالبا عبئت عشرات من رجال الأمن، وأصبحت الصور متداولة بشكل كبير في الانترنيت، وتجد أفلام تمر عبر لتلفزيون. هذا يدل على أن الصحراويين يجيدون توظيف الإعلام لصالحهم، في المقابل نسجل ضعف كبير للدولة على مستوى التواصل.
هذا جعل الكثير يتعاطف مع القضية الصحراوية. هذه هي الصورة التي روجوها، في حين أن الواقع أكثر تركيبا بكثير من هذا، لقد أنجزنا ملفا في العدد الأخير من المجلة تناولنا القضية. واؤد أن أقول أن العناصر الانفصالية حركة سياسية قوية، ما فتئوا يرددون أنهم يستغلون كل هفوة من هفوات الدولة المغربية، لهذا يجب على الدولة أن تتعلم التواصل.

* في إحدى افتتاحيات المجلة الأخيرة انتقدتم حتى طريقة إلقاء الملك لخطابه الأخير، وربما أنتم أول من انتقد هذه الطريقة في المغرب، لم هذا الانتقاد؟
- كما قلت في تلك الافتتاحية، فمنذ ست سنوات وأنا ألتزم الصمت عن الإدلاء برأيي في هذه القضية.

* ولم لم تنتقد ذلك الخطاب الأول، هل هذا مرتبط بالخوف؟
- الأمر لا علاقة له بالخوف، قلت أنه، ربما هذه أول مرة يلقي فيها خطاب. وتبين أن الخطابات الأولى كانت أحسن من الخطابات الأخيرة، إذ كان يوظف الجمل القصيرة في مدة قصيرة. كان الملك يلتزم بالوقت، لكن الأمور تدهورت مع توالي الخطابات، وكنا ننتظر أن يحضر مستشار لهذا الغرض. ما أزعجني في الخطاب الأخير، هو أن المغاربة كلهم كانوا ينتظرونه، لأنه لم يكن مبرمجا، فلما أخبرونا به بشكل فجائي، قلنا إنه سيقدم خطابا فريدا من نوعه شكلا ومضمونا.

* قلت في الافتتاحية أن الملك يمكن أن يكون موهوبا في عدة أمور إلا التواصل، ولم تحدد هذه الأمور، فما الذي كنت تقصده؟
- لا تحرجني بهذا السؤال.

* أثارت الافتتاحية ردود فعل من قبل الصحافة منها أسبوعية "لانوفيل تريبين" التي انتقدتك بشدة؟
- "لانوفيل" ماذا، أنا لا أعرفها.

* هل تلقيت احتجاجات من قبل الدولة بعد صدور تلك الافتتاحية؟
- لم يسبق لمسؤول في الدولة أو الجهات العليا أن اتصل بنا محتجا على ما كتبناه ونكتبه.

هذا يعني أن المغرب بلد يتمتع بحرية كبيرة للتعبير؟
- إنني أكرر هذا في أكثر من افتتاحياتي، وأقول إنه البلد العربي والإفريقي الأفريقي الذي يتمتع بحرية كبيرة للتعبير.

* بعض الصحافيين وظفوا كلمة القداسة للرد على افتتاحيتك، هذا يجرنا إلى الحديث حدود الصحافي في انتقاد قرارات الملك؟
- لا يمكن للملك أن يكون مقدسا ويمارس السياسة، فكل ممارس للسياسة يتعرض للخطأ، إذا أراد أن يكون مقدسا يجب أن يقتدي بإمبراطور اليابان، ويبتعد عن السياسة، أنا مستعد أن أسجد إليه، ولن ينتقده أحد بعد ذلك، أما أن يدخل كطرف في اللعبة السياسية ويرتكب أخطاء ويطلب مني أن أعبده، فهذا أمر غير معقول.

* ما هي حدود هذه الانتقادات؟
- يجب على المنتقدين لسياسة الملك أن لا تكون لديهم نية مبيتة وأغراض من وراء هذه الانتقادات، فعندما أنتقده أفعل ذلك بنية حسنة.

* هناك صحف تلجأ إلى انتقاده لأهداف أخرى؟
- لا علاقة لي بتلك الصحف، فنيتي حسنة أثناء انتقاده. لهم دينهم ولي ديني.

* عبد العزيز المراكشي، زعيم البوليساريو ذكر اسمك في رسالته الموجهة إلى النخب المغربية، كيف تلقيت الخبر؟
- جازاه الله خيرا، لكنني لا أنتظر منه أن يذكرني كي أعرف أنني أقوم بعملي، فلست بحاجة إليه. الحمد لله لقد أخبرني القراء بالأمر قبله. ما لجأ إليه مناورة من عبد العزيز كي يجلب إليه النخبة المغربية. هذه الخطة مآلها الفشل، ما الذي ينتظره أن تتسارع النخبة المغربية إلى التعبير عن تضامنها معه. ما الذي يقوله في رسالته، لا يجب أن نسكت على انتهاك حقوق الإنسان في الصحراء، هذا ما نقوم به سواء انتهكت حقوق الإنسان في شمال المغرب أو صحرائه. إنني غير معني برسالته.

* ألا يحرجك أن تنقل مواقع البوليساريو مقالاتك؟
- لا يمكن أن أدعو إلى حرية الصحافة وفي الوقت نفسه أطالب بمنح إدراج مقالاتي في مواقع معينة. هذا القرن 21 لم يعد للمعلومة حدود، لست متضايقا من هذا. ما يضايقني أن تحرف مواضيعي، لكن ما يجب أن أعترف به هو أن البوليساريو ينقلون بأمانة مقالاتي، لهذا أقول لك إنه يجيدون فن التواصل، رغم أن مقالاتنا ليست في صالحهم.
لكن في صالح الحقيقة، إذا كانت الحقيقة تخدم مصالحهم، يجب أن تسأل الدولة المغربية عن السبب ولست أنا من يوجه إليه السؤال.

* هل يجب أن يكون تعامل الصحافي مختلفا مع موضوع ك"الصحراء المغربية"؟
- مثل ماذا.
* تنطلق من أنها صحراء مغربية؟
- كصحافي أعتبر أن المغرب يبسط سلطته ونفوذه على تلك المنطقة، شخصيا أعتبر أن الصحراء يجب أن تكون مغربية، ويجب أن نجد حلا لهذه القضية. مهنيا أرسل صحافيا يحكي ما يحدث. تلك المدن مدنا مغربية تشبه المدن الأخرى في الشمال. الفرق الوحيد هو وجود سيارات تابعة للمينورسو. إننا ننقل ماذا لو كان الصحراويون يرفضون المغرب والجيش يمارس القمع في المنطقة لكتبنا ذلك، لكن هذا غير صحيح بالمرة. في المرة الأخيرة لم تحدث انتفاضة بل مسيرة عادية جدا قد تحدث في مناطق أخرى من المغرب.

* بدأت في الأيام الأخيرة ظاهرة بحث الصحف المغربية عن المنع بأي طريقة، هل هذا دليل على عجزهم تدبير مبلغ لعمليات دعائية لجرائدهم؟
- هذا ظاهرة جديدة، أعتبر ذلك يدخل في "الروح البطولية"، إذ يبحث الصحافيون عن ما أسميه "البطولية السهلة". يجب على هؤلاء أن يكونوا أبطالا على الصعيد المهني. لقد أثرنا مواضيع وملفات مختلفة في "تيل كيل" وتجاوزنا بكثير ما كتبه هؤلاء الممنوعين ولم نمنع يوما. إننا نكتب بطريقة مهنية، هذا يجعل من السهل أن نبحث عن أخبار تجعل الإدارة تلجأ إلى منع الصحيفة، ثم يبدأ بالحديث عن الإثارة.