حوار مع حجاج أدول:
* لم أدع إلى دولة نوبية انفصالية
* سأجمد عضويتي في اتحاد كتاب إسكندرية، استهانة بمجلس الإدارة الفاشستي العنصري.
* إدريس علي قام بتسع تمثيليات انتحار لتهتم به الصحافة.
* اتحاد الكتاب.. اتحاد مخبرين وطلب تجميد عضويتي فضيحة

حاوره محمد أبو زيد: لم أكن أعرفه إلا من خلال قراءتي لبعض أعماله، وبعض ما كتب عنه، في وقت مبكر من عمري قرأت روايته المتميزة quot; ثنائية الكشر quot;، وتأثرت بها جدا، وربما أكثر ما لفت انتباهي إليها هو عوالم الأساطير والاغتراب والفقد، التي يعانيها الفتى النوبي بعد عمليات التهجير، قرأت له أيضا بعد ذلك ليالي المسك العتيقة، وظللت أتابعه من بعيد، وأدركت أنه يختلف كثيرا عن أدباء النوبة المعروفين، لكني عزيت عدم تردد اسمه كثيرا أنه يفضل الحياة في الإسكندرية بعيدا عن صخب القاهرة، وضجيج مقاهيها ومثقفيها المفتعل.
عاد حجاج أدول إلى الأضواء مرتين خلال الفترة الأخيرة، الأولى حين فاز بجائزة ساويرس التي يقدمها رجل الأعمال نجيب ساويرس، والثانية حين شارك بورقة في مؤتمر أقباط المهجر quot;الديمقراطية في مصر للمسلمين والمسيحيينquot; و الذي عقد في العاصمة الأمريكية واشنطن في النصف الثاني من نوفمبر الماضي، وتردد أنه دعا من خلاله إلى دولة نوبية وتحدث عن اضطهاد يجري ضد النوبيين في مصر، بعدها انفتحت أبواب الجحيم ضده، والتي قادها كتاب النوبة المعروفين، واتهامات له بالتعامل مع جهات أجنبية وبالخيانة، والعمالة،وكل قائمة الاتهامات الجاهزة التي نرددها مع كل من يختلف معنا، بالإضافة إلى اتهامات تمسه هو شخصيا،و بدا واضحا أن الأمر يتجاوز مجرد خلاف في الرأي، بل أن النفوس فيها ما فيها، في نفس الوقت الذي طلب فيه اتحاد الكتاب بالإسكندرية تجميد عضويته، وهو الأمر الذي رفضه محمد سلماوي رئيس الاتحاد.
حجاج أدول، الذي التقيته على مقهى استراند بوسط البلد، بدا دمث الخلق، طيبا، نوبيا حقيقيا كما يطيب لنا أن تخيل النوبيين بطيبتهم، يتحدث دائما بقوله quot;نحن المصريينquot;، لدرجة، أنني ظننت أنها لزمة في حديثه، لم يقل مرة نحن النوبيين، بل نحن المصريين دائما، كان يتحدث عن الكتاب الشباب في الإسكندرية، الذين لم يتجاوز عمرهم العشرين، بقوله أصدقائي، وحين لفت انتباهه إلى فارق السن أصر على الكلمة. حجاج أدول ذهبت إليه وفي حوزتي كل الاتهامات الموجهة إليه، حتى التي تمسه شخصيا، وكان مستعدا للإجابة.
*أستاذ حجاج، بداية: أريد ان اسمع منك حكاية مشاركتك في مؤتمرquot;الديمقراطية في مصر للمسلمين والمسيحيينquot; لأقباط المهجر في واشنطن في نوفمبر 2005، وحديثك عن اضطهاد يجري ضد النوبيين في مصر من وجهة نظرك أنت، خاصة بعد أن تداولتها ألسنة كثيرة؟
- محور المؤتمر كان عن الحريات والديمقراطية في الشرق الأوسط. وحضره تقريباً كل ألوان الطيف من أقليات الشرق الأوسط، سواء كانت أقليات دينية أو عرقية أو ثقافية. وكان به عدد من الشيوخ الأجلاء. وتمت دعوتي لأتكلم عن قضية الشرق الأوسط.

*تحدثت في المؤتمر عن وجود اضطهاد بحق النوبيين في مصر، ما مفردات هذا الاضطهاد في ظنك؟
-هناك فرق بين الظلم والاضطهاد. الظلم ما يقع على الفرد أياً كان أو جماعة أياً كانت، لكن عندما يوجه ظلم ما على جماعة ما بعينها، فهذا يسمى اضطهاد. وهو ما وقع ويقع على النوبيين خاصة. عندما يتم تهجير أهالي قناة السويس خشية على حياتهم من مدفعيات إسرائيل، ثم يتم إعادتهم بعد الحرب، ويتم تسليم بيوت جديدة إنسانية لهم وبدون مقابل، أما في تهجير النوبيين، فقد تم تهجيرهم بقسوة وامتهان، فلم تعاملنا الحكومة كمواطنين مثلنا مثل غيرنا رغم أن النوبة هي التي ضحت لمصر وليس أي إقليم آخر. تم تهجير النوبيين من نيلهم وبيئتهم النيلية إلى صحراء قاحلة، بدلاً من تصعيدهم لأعلى مثلما فعلوا مع المعابد، والحكومة تعمدت ذلك. حشروهم في بيوت أسمنتية هي زنازين تعذيب والنوبيون كانوا يسكنون بيوتاً كل منها متحف في حد ذاته! الأراضي الزراعية كانت أقل بكثير من حقهم، والفدان في التسليم كان 18 قيراطاً بدلاً من 24 قيراط! ولم يتم تسليمها إلى بعد 5 و 7 سنوات من التهجير، ونصف البيوت الزنازينية لم تبنى حتى الآن. ومعظمها على أرض غير صالحة للبناء فتشرخت وتهاوت والتصليح على حساب الأهالي ولم تتم محاسبة المسئولين. والآن تطالبنا الحكومة بثمن هذه البيوت وثمن الأراضي الزراعية التي هي تعويض عن وطننا النوبي! فهل هنا أكثر من هذا اضطهاد؟ النخلة بخمسة قروش وعشرة قروش وخمسة وعشرين قرشاً! فهل سمع بشر بهذا من قبل؟ كلما ارتفع صوتنا ألماً يتهموننا بالعنصرية والانفصالية! إنه الاضطهاد البشع القذر الذي نتعرض له من كل الحكومات المصرية المتوالية، والآن يتم توطين غيرهم في منطقتهم، فهذا يطلق عليه اضطهاد، كما يطلق عليه تطهير عرقي. لأن التطهير العرقي هو نقل مجموعة من البشر من بيئتهم التاريخية وتوطين غيرهم، سواء بالقوة أو بالقتل أوبالنصب عليهم كما فعلت الحكومات المصرية مع النوبيين.

* ما تعليقك على الحملة الاعلامية التي شنتها بعض الصحف ضدك، واشترك فيها كتاب نوبيون أيضا؟
- غالبية من يدعون الثقافة والفكر، يقبلون النوبة والنوبيين كفولكلور وكمتحف، لكن يرفضون تماماً أن يكون في مصر جماعة نوبية لها مطالب خاصة بهم مثل حق العودة! والبعض يجهل تماماً ما جرى من اضطهاد على النوبيين ويفتي في القضية النوبية بناء على جهل. لكن الكثير من الصحفيين والمبدعين بدءوا يتساءلون ليفهموا. أما الكتبة النوبيين، فإنها أحقاد شخصية أدبية، فأنا من حركهم كلهم في بدايات التسعينيات، فمن منهم كان في معروفاً في الساحة الأدبية. يحيى مختار كان قد توقف عن الكتابة تماماً. إدريس علي لم يكتب عن النوبة سوى أقصوصة، وقال بنفسه أنه كتب عن النوبة عندما أخذ حجاج جائزة الدولة. واعترف أنه كتب رواية دنقلة لينال الجوائز. حسن نور لم كان قد توقف عن استكمال روايته الأولى، ثم تشجع بعد أن سطع نجم حجاج أدّول. وبعد روايتي معتوق الخير، واتساع الفرق بيني وبينهم كماً وكيفاً، ثم حصولي على جائزة مؤسسة ساويرس لم يتحملوا فضلي عليهم وتفوقي ومن هنا كان هجومهم، خاصة إن إدريس علي كتب عن مطالب النوبيين من قبل وهي مطالب لا تختلف عن مطالباتي. لكنه كما اعترف بنفسه يريد الجوائز والمال ليشتهر ويشرب براحته، وهذا كلامه هو وليس كلامي. وأضيف أن كل المبدعين النوبيين الذين تم اعتقالهم في الستينيات، خرجوا من المعتقل وصمتوا عن القضية النوبية تماماً، ويرفضون الدخول فيها، بل يرهبون أي نوبي يتكلم عنها، لأن الخوف ركبهم وحديث الغير يكشف تقصيرهم. خاصة الأديب الذي أعلن باستمرار أنه لا يتدخل في السياسية، وهو الذي بال على نفسه حين استجوابه، وهو الذي يقود الحملة ضدي الآن.

*وصف البعض ما اثرته بأنه فرقعة إعلامية ليس أكثر، وانه بحث عن الأضواء، مارأيك؟
- من يبحث عن الأضواء، ينضم إلى شلة، أو ينطوي تحت باط أديب مشهور، أو ينضم مع زمرة كتاب التقارير للمسئولين. وكيف يتهمني غبي بهذا وأنا بعيد عن كل هذا؟ كيف أكون طالب شهرة واستقيل من عملي وانكب على رواية لمدة 13 سنة كاملة؟! وهل طلب الشهرة يكون بتعريض نفسي لقضية شائكة مثل القضية النوبية، رغم رعب وخوار بقية الأدباء النوبيين وبعدهم عنها؟! إدريس علي يتهمني بطلب الشهرة وهو اعترف بنفسه أنه يطالب الشهرة وكتب دنقلة من أجل الشهرة؟ وأنا لم افعل مثله واقوم بتسع تمثيليات انتحار لتهتم بي الصحافة! أسألك.. هل من المعقول أن يحاول شخص الانتحار تسع مرات ولا تنجح محاولة واحدة؟! ابن إدريس حاول الانتحار مرة واحدة ونجح! والسبب يسؤل عنه إدريس.

*ما تعليقك على طلب تجميد عضويتك باتحاد كتاب الإسكندرية؟ وكيف تقيم موقف محمد سلماوي الذي رفض التجميد؟وهل تعتبر طلب البعض وقف منحة التفرغ التي تحصل عليها منذ خمس سنوات رد فعل طبيعي؟
- أنا خرجت من التفرغ من سنتين، أما تجميد عضويتي، فقد أجاب اتحاد الكتاب الحقيقي بالقاهرة أنه مرفوض فليس من حق فرع الإسكندرية تجميد عضوية أديب. وحين أعلن ذلك قلت أنها فضيحة على مجلس إدارة فرع إسكندرية، فقد حولوا الفرع إلى اتحاد مخبرين. وقلت أن أعضاء مجلس الإدارة من الناحية الأدبية لا يساوون شيئاً. فهم أصفار. ويريدون افتعال قضية حتى يظهروا على الشاشة. ويكفيني ردود الأساتذة د. فتحي عبد الفتاح والأستاذ الأديب محمد سلماوي والدكتور عماد أبو غازي، وغيرهم، فقد كشفوا خيبة هذا المجلس المتخلف وتهافته. الآن وبعد فشلهم في تجميد عضويتي، أقرر أنا حجاج أدّول، وأنا هرم أدبي مصري، أقرر تجميد عضويتي في اتحاد كتاب مصر فرع إسكندرية، استهانة بمجلس الإدارة، ولن أعود إلى هذا الفرع إلا بعد عزل هذا المجلس الفاشستي العنصري، ويأتي مجلس احترمه يعتذر لي كتابة.

*اتهمك البعض بإثارة النعرات الدينية في مصر، وأن عنوان المؤتمر يدل بالاساس على تحريض انفصالي؟
- قلت أن محور المؤتمر كان عن الديمقراطية والحرية في الشرق الأوسط. ومن يقول بهذه الاتهامات جاهل غبي. فكلمتي تطالب بوحدة ليس فقط بين شعبي مصر والسودان كافة، بل بروابط بين دول حوض النيل كله.

*هل المشكلة في اعتقادك مشكلة لون أم مشكلة هوية، خاصة ,ان مصر امتدادها افريقي بالاساس وليس اوروبيا؟
- مصر افريقية بالأساس، لكن حكامها أهملوا إفريقيا ولا يتذكرون إلا عروبة مصر فقط. والعروبة بند، كما أن أوروبا بند. ومصر يجب أن تحوي جغرافياً افريقيا خاصة بندها النوبي، وآسيا وأوروبا لشراكتنا في البحر المتوسط، وتاريخيا يجب أن تحوي مصر الفرعونية والقبطية والإسلامية. من الخطأ الاستراتيجي ترك أي بند من البنود. فهويتنا المصرية كل هذا. وتوجد مشكلة لون. ما حدث ضد اللاجئين السودانيين، جانب منه تعالي لوني مصري على اللون الأسود. عدم وجود مذيع أو مذيعة سوداء هو عنصرية لونية. ولا يتحجج أحد بأن يوجد وزير نوبي أو شهرة مطرب نوبي، فالكثيرين يتهمون امريكا بالعنصرية رغم تواجد كونداليزا رايس كوزيرة خارجية ورغم أن أشهر مطربي أمريكا ورياضييها سود.

* مضى على تهجير النوبيين من النوبة اربعين عاما، ألا ترى أن إعادة فتح الموضوع الان لن يجدي شيئا أكثر من إثارة المشاكل؟
- إذن يجب أن نسكت على القضية الفلسطينية لأنه مضى عليها أكثر من أربعين سنة.

*وصفت بعض الكتاب النوبيين في تصريحات لك بأنهم خانوا نوبيتهم، من تقصد، وماذا تقصد بخيانتهم؟
- حقدهم على حجاج أدّول، جعلهم ينكرون المطالب النوبية، فأنكروها بغية تكذيب مطالباتي. ومن هنا تكون خيانتهم لنوبيتهم. صحيح أنهم بعد ذلك حاولوا اثبات المطالب النوبية بعد أن شبعوا مسخرة من النوبيين.

*اتهمك حسن نور في مقال له بأنك تنكرت لأستاذك الراحل أنور جعفر الذي ساعدك في مجموعتك الاولى، ما تعليقك؟ ولماذا اتهمت نور بأنه حاقد عليك؟
- الأديب أنور جعفر صديقي وأنا الذي أقول في كل مكان أنه أستاذي. وأنا الذي زرته في القاهرة قبل وفاته مباشرة. وأنا الذي في حياته اهديته أول مسرحية لي وهي (ناس النهر) كل يبين كذب المدعي.

*اتهمك نور في مقاله أيضا بأنك لا تعرف النوبية، ولم تذهب إليها إلا للسياحة، فلماذا تدافع عنها هكذا؟
- من ناحية اللغة النوبية فأنا أعرفها لكني لا أجيدها بسبب ولادتي بالاسكندرية واستمرار وجودي بها. أما أنني لم أذهب إليها إلا للسياحة فهذا عيب فيه وفي تفكيره. خلال عملي بالسد العالي كنت على بعد نصف ساعة من قرى التهجير النوبية، وذهبت إليها بما لا يقل عن عشرين مرة، في عام 90 أنا الذي طالب بتواجد أدباء النوبة في مؤتمر أدباء الأقاليم بأسوان. وأنا الذي ذهب إلى مدينة أبو سنبل المعبد وأخذت معي حسن نور ويحيى مختار. وأنا الذي أخذت يحيى مختار في رحلة النادي النوبي السكندري إلى قرى التهجير عام 89 ورفض حسن نور وإدريس علي الحضور. وأنا الذي أقام ندوات أدبية وسياسية في تلك القرى، بل في قرى أخرى هجرت قبل 64 مثل قرية الفَوَزة والرديسية. فمن الذي لا يذهب إلى قرى التهجير، أنا أم هو؟ واضح أن حسن موتور مني مثله مثل زميليه.

*طرح سعيد سالم في مقال له ثلاثة أسئلة أرجو أن تجيب عليها: السؤال الأول:من الذي دعاه لحضور هذا المؤتمر وتكفل بنفقاته، السؤال الثاني: لماذالم تطرح هذه المسائل علي أولي الأمر بالدولة قبل طرحها في الخارج؟ السؤال الثالث:الي أين تريد عودة النوبيين للاستيطان؟
- الدعوة من المسئولين عن المؤتمر، والنفقات، فهل هذا أمر غير طبيعي؟ ذهب سعيد سالم إلى مؤتمرات عديدة، فهل ذهب على حسابه الشخصي؟ هذه المسائل كما يسميها سعيد، تطرح على المسئولين من عام 1902! وليس عيبنا أن الإعلام المصري كاتم عليها. ثالثاً نريد العودة إلى الهضبة النوبية التي تم استصلاح آلالاف الأفدنة فيها. ألم تسمعوا عن مشروع توشكى؟ إنه في أرض نوبية ولم يخصص للنوبيين فدان واحد! أليست تلك عنصرية واضطهاداً يا أولو الألباب.

*ادريس علي قال ان هناك رجل اعمال يساندك بحجة أن هناك نفطا في النوبة، ما تعليقك على هذا؟ وما ردك على اتهامه لك بالتنسيق مع جبهة تحرير كوش السودانية ومع كل الذين يتبنون الهوس النوبي؟
- على المدعي البينة. أما الاتهام فهو اتهام عبيط لا يصدر من عاقل. أما التنسيق مع جبهة تحرير كوش، فعليه الاثبات. ثم أسأل إدريس، ماذا تعرف عن جبهة تحرير كوش.

* هاجم يحيي مختار ربطك بين النوبتين المصرية والسودانية، ما تعليقك؟.
- إن كان هو يفصل بينهما، فهذا شأنه وعليه اللوم. وفي كلمتي طالبت بالحرف الواحد (فإننا ندعو للتكامل الشعبي المصري السوداني، فنحن دعاة تآزر وتكاتف وتكامل ولسنا دعاة صدام وانفصال.) وقلت (القضية النوبية لن تُحَلَ وحدَها، فهي جزء من كل. هي فرع من فروع القضية المصرية عامة.) وقلت (للنوبيين دور بالغ الأهمية لوطنهم المصري، نصر على القيام به مهما تجاهلتنا قوى الطاغوت، دورنا الأهم في البُعد الجنوبي الإفريقي حيث منابع النيل، ذلك الشريان الأوحد للوطن. نريد مع نوبي السودان تمهيد نهر ثقافي واعي يربط الشعب المصري عامة بالشعب السوداني عامة. ومن ثم بين مصر والسودان وبقية بلدان حوض النيل، نريد تكوين ما يقال عليه quot;بيت النيلquot;) كل هذه الكلمات الوحدوية وياتي ويقرءونها على أنها دعوة إنفصالية! فهل العيب في كلماتي أم العيب في ضمائهم وضعف مفهوميتهم؟

*بصراحة، هل تدعو لدولة نوبية مستقلة؟
- بصراحة.. هل قرأت لي كلمة انفصالية أو كلمة عن دولة نوبية؟

* حصلت على جائزة الدولة التشجيعية والتفرغ أكثر من مرة، ولك حضورك الادبي الخاص، ظللت في خنادق الحرب سبع سنوات، ما سبب ورقتك التي قدمتها في مؤتمر الاقباط اذن؟
- حقوق النوبيين. الأديب لا يهتم بنفسه فقط وإلا كان أنانيا. أنا نوبي قدمت واجباتي كلها لوطني المصري، على الوطن المصري أن يعطيني حقوقي كاملة، وإلا فهو وطن عنصري.

*تصل روايتك الاخيرة معتوق الخير إلى حوالي 1200 صفحة، لماذا هذا العمل الملحمي؟وهل قصددت أن يكون ملحميا؟
- هي جت كده.

* في حين تعيش في الاسكندرية فالنوبة هي منطقتك المفضلة للكتابة،هل هوالحنين، ام مشروع عمر؟
- الاثنين معاً.

* هذا يجعلني اسألك عن مفهوم أدب السيرة الذاتية في كتابتك؟ وهل يمكننا هنا صك مصطلح ادب الحنين؟
- يمكننا بالفعل. هي النوستالجيا.

* بدأت الكتابة متأخرا (في سن الاربعين) هل كان ذلك اختزانا للخبرات أم انتظارا للنضوج، ام اسباب أخرى؟
- الآمي كنوبي لا تتصورها. أحمل عذابات أبي وأمي وأسلافي. ظروف أسرتي القاسية. العمل في السد العالي ثم سبع سنوات حرب. ثم الخروج مثل غيري مريض نفسي خاصة أننا خرجنا من الحرب لنواجه الانفتاح الذي نفذ لصالح لصوص كبار، فكانت صدمة آخرى.. إذن لماذا كنا نحارب؟

*هاجم البعض حصولك على جائزة ساويرس على اعتبار أن هذا يعطي رجال الاعمال تقييم الثقافة وان رأس المال السياسي يفسد الجوائز كما أفسد البرلمان؟ وما رأيك في اعتبار الجائزة من قبل ساويرس لك مكافأة على ورقتك؟
- أمناء مؤسسة ساويرس من القامات الشامخة، واللجنة التي قررت أحقيتي بالفوز فوق مستوى الشبهات. ومن العار أن يتهمهم أحد. فهذا اتهام لهم أولاً. عن نفسي أقدرهم جميعاً والذي لا يقدرهم إنسان غير محترم. أما القول برأس المالي السياسي، فهذه جملة غريبة! معظم رجال الأعمال لهم مؤسسات خيرية، فما العيب في ذلك؟ أم هي شهوة تلويث كل ناجح؟ وحين تتجه مؤسسة خيرية لتشجيع الإبداع نتهمها؟ من يقول هذا الاتهام غبي وضيع.

*العوالم السحرية في روايتك ثنائية الكشر، هل لجأت إليها هربا من قسوة واقع التهجير؟
- أكون في أفضل حالاتي حين اكتب عن الأساطير. أما واقع التهجير فقد كتبت عنه في قصة (أديلا يا جدتي) ومسرحية ناس النهر.

* الأدب النوبي،والادباء النوبيون، إلى أي مدي يخلص الاخيرون للأول؟
-بدأت أنا بمصطلح الأدب النوبي، حين أهديت كتابي الأول لمحمد خليل قاسم وقلت (إلى رائد الأدب النوبي الحديث) سار خلفي البقية، ثم تخاذلوا عن المصطلح حين هاجمنا بعض العنصريون. عن نفسي مصمم أني أديب نوبي وأكتب أدباً نوبياً، والأدب النوبي رافد من روافد الأدب المصري.

* رغم تميزك الواضح والشديد في الرواية إلا أنك أحيانا تكتب المسرح، لماذا؟
- كتبت المسرح قبل القصة والقصة قبل الرواية. وأنا متميز في ثلاثتهم ومتميز في مقالاتي أيضاً. فكل ما أقوم به إما أن أكون متميزاً أو اتركه. فلم أكتب الشعر لأنني لست بشاعر، ولم أكتب السيناريو لأنني سوف أكون نص نص.

*الواقعية السحرية تتجلى بشدة في كتابتك،هل هوتاثر بأدب امريكا اللاتينية؟
- شرف لا أدعيه.

*تسقط في معظم كتاباتك في أسر المكان، هل ثمة خوف مجهول من تجاوزه؟
- كتبت عن مصر وعن الإنسان إجمالاً. كتبت عن الحرب. كتبت مسرحية كوميدية. لكن المكان النوبي يأسرني.

*ثمة حالة من الفقد والاغتراب أرصدها في العديد من أعمالك، ما سببها
-كل المصريين مغتربين حتى وهم داخل مصر! وهذه كارثة. والنوبيون نظراً لتهجيرهم واضطهادهم وتقصير الحكومات والإعلام والمثقفين تجاههم، شعورهم بالغربة أعمق وأحر.

*كيف تنظر إلى الآخر في كتاباتك؟
- الآخر مصطلح يطلق حتى على الأخ، فهو آخر داخل الأسرة مثلاً. ويوجد الآخر غير النوبي، والآخر غير المصري الخ. الآخر المختلف عني مكمل لي وأنا مكمل له. التعدد في الوحدة الإنسانية. الآخر يكون رائعاً بتواجدي وأكون رائعاً بتواجده. هنا يكون التواصل والزخم الحياتي الجميل. فالعالم واحد. لكن حين أنظر إلى الآخر على أنه المختلف الضد، تكون المتاعب والمآسي.

*سؤال أخير: هل تفضل أن تنادى بالأديب المصري، أم الأديب النوبي؟
-الأديب النوبي المصري.