حوار مع الفنان عامر تايه:
ادرس فكرة اخراج quot;فيلم وثائقيquot; عن وضع الفنان العراقي قبل وبعد الحرب


عبير حميد مناجد من برلين: درس الفنان والقاص العراقي عامر تايه في كلية الفنون / جامعة بغداد سنة( 1982) وعمل في اذاعة صوت الجماهير كمخرج منذ العام 1984 ومثل كل الشباب الطموح من جيله لم يكن من الممكن ان تتحقق احلامه الفنية في بغداد ابان النظام السابق فهاجر الى المانيا واكمل دراسته للماجستير في (تاريخ الفن عام 2004 ) وهو عضو في جمعية الصحفيين الالمان وعضو في مؤسسة الفكر العربي للمترجمين وعضو في نادي دبي للصحافة ويعمل ايضا مونتيرا في تلفزيون دبي ولأن لعامر تايه اسما فنيا معروفا بين ابناء الجالية العراقية والعربية في برلين يستعان بخبرته ولمساته في معظم الامسيات والمحاضرات والافلام الوثائقية والتسجيلية ورحلاته المكوكية بين برلين ودبي مستمرة مما اثار فضولي لأسأله عن بداياته الفنية في العراق ولماذا هو اليوم هنا؟ فقال:

- انا درست في كلية الفنون الجميلة وتتلمذت على ايدي اساتذة كبار مثل الفنان سامي عبد الحميد والدكتور عوني كرومي والاستاذ ثامر مهدي وعملت في فرقة المسرح الحديث لمدة 7 سنوات كممثل اثناء دراستي كطالب وفي نفس الوقت كنت مخرجا في اذاعة صوت الجماهير واخرجت حينها برامج للاطفال وبرامج ثقافية بعدها تركت العراق عام( 1991) وجئت الى المانيا وحصلت على قبول في (الجامعة التقنية) في برلين تخصص تاريخ الفن كما عملت مساعد مخرج في الأذاعة الالمانية وتعلمت على التقنية المتطورة فيها

* هل زرت العراق بعد حرب اسقاط نظام صدام حسين؟
- زرت المسرح الوطني بعد سقوط النظام مباشرة ووجدت الفنانيين يجتمعون قرب المسرح الوطني ينتظرون من يعرض عليهم عملا وصار المسرح مهجورا.التقيت حينها ببعض الفنانيين الزملاء ووجدتهم في حالة يرثى لها انسانيا وفنيا. الفنان العراقي الذي كان يبدأ يومه منذ الصباح وحتى المساء في تمارين وعروض مسرحية فكيف يعقل ان تعرض مسرحيتة في الساعة 11 صباحا لدواعي امنية اين هي الاجواء والطقوس المسرحية؟؟ واين هو المسرح، هذا لا يحدث الا في العراق ومع هذا احيي الفنانيين العراقيين لانهم لم يستسلموا ونتاجاتهم كثيرة وافضل من السابق،وهي مميزة ايضا وكل الاعمال لفتت نظري لكن لم تفاجئني لأنني والكل يعرف ان الفنان العراقي كان ولا يزال مميزا في المنطقة العربية..
لقد كان الفنان مخنوقا ومراقبا على طول الخط والآن فسح له المجال ليقول ما يريد وهذا المتنفس الذي كان يبحث عنه الفنان العراقي،، لقد كان الموظف هو الشخصية الوحيدة التي يمكن تناولها في معظم الاعمال التلفزيونية والادبية حيث كان كبش الفداء، غير محدد الملامح،فلم يكن مسموحا نقد الوزير او الطبيب او الشرطي (كل شئ ممنوع) بينما وفي نفس الوقت كانت هذه الشخصيات تتعرض للنقد الصريح في مصر مثلا وكانت نصوصنا واعمالنا تخضع لاكثر من لجنة فنية ورقابية لتخرج للنور عكس اليوم حيث يمكن كتابة اي موضوع دون ألألتفات لأي رقابة.لذا اقول على الرغم من هذه الايام العصيبة التي يمر بها عراقنا الحبيب الا انها ومن وجهة نظري تعتبر فرصة ممتازة للفنان والاديب العراقي ليخرج ما كتمة لعقود من السنين.

* وماهي طبيعة عملك في تلفزيون دبي؟
- اعمل في دبي كـquot;مونتيرquot; افلام تسجيلية ووثائقية وعملت كثيرا في مجال الاعلان التلفزيوني وفي بعض الاغاني لمطربين عراقيين مقيمين في دبي اضافة الى عملي الاساسي كمخرج برامج ولكن من الممكن المونتير ان يعمل المخرج والعكس صحيح.

* لقد كتبت عدة قصص قصيرة ونشرتها في عدد من الصحف العربية. الا تحدثنا عن بداياتك مع كتابة القصة القصيرة؟؟؟؟
- بدأت كتابة القصة القصيرة في بداية الثمانينات،فكان لعملي في التلفزيون العراقي انذاك تاثيرا كبيرا على طريقة كتابة القصة القصيرة، حيث لو قرات اية قصة من قصصي ستجدينها اشبه بالسيناريو السينمائي حيث الانتقال بوصف الحدث او الحالة انتقالا سريعا ومختصرا محاولا في ذلك في ايجاد اسلوبا مميزا وخاصا بي في كتابة القصة.

* ومتى بدأت بترجماتك للقصص الالمانية الى العربية؟
- ترجمت العديد من القصص الالمانية الى اللغة العربية ونشرتها في صحف عربية في عام 2002/2003 اضافة الى نشر قصص ولقاءات اجريتها مع مستشرقين ألمان مثل ليسلي ترومانتيني وفيبكة فالتر وترجمت قصائد لفوكر براون وغونتر غراس الحائز على جائزة نوبل للأدب عام 1999 ونشرت في مجلة (ديوان) التي تصدر في المانيا كذلك نشرت قصصا مترجمة في مجلة دبي الثقافية في دبي، وبما انك قد سألتيني عن ترجمة الشعر اود ان اقول ان قراءة الشعر المترجم هي اشبه بتقبيل امراة جميلة من خلف الزجاج،حيث مهما استطاع المترجم ان يوصل الصورة الشعرية للقارئ،فانها لا تصل مثل وصولها عند قراءة قصيدة غير مترجمة كتبها شاعر عربي.

*كونك جئت من عالم عربي وخبرة عربية وولجت الى عالم غربي وخبرات متطورة ومختلفة في كل المجالات -- كيف استطعت ان تزاوج بين هذين العالمين ؟ وهل استطعت ان تجد طريقك وخبرتك الخاصة؟
- انظري كل ما تعلمناه وعملناه هو بذرة صغيرة لشجرة عملاقة والاعمال الفنية العراقية قياسا بالأعمال الأوربية سواء كانت تلفزيونا او سينما تعتبر اعمالا مدرسية اعمال هواة اذا ما قورنت بالأعمال والفنون ألألمانية او العالمية هذا لا يمنع بالطبع وجود مبدعين في العراق او الوطن العربي لكن التقنية الحديثة وأمكانيات المجتمع الغربي الفنية لو قسناها بامكانيات العراق المتاحة للفنانيين العراقيين نجدها أعمال بسيطة وفقيرة رغم هذا هناك اساتذة عراقيين صنعوا اسلوبهم الخاص في الوطن العربي ومنهجهم الخاص ولكن اين الامكانيات التي تطور هذا الاسلوب وتقدمه للعالم هي للاسف غير موجودة.

* هل تعتقد ان الفنان العراقي اذا ماتوفرت له الامكانيات المتوفرة للفنان الاوروبي يمكن ان يتفوق عليه في الابداع؟
- بالتاكيد. فالفنان العراقي مبدع في ظل امكانياتة البسيطة فما بالك لو توفر له كل مستلزمات العمل الناجح؟ لكن الامكانيات المادية والفنية والتقنية تعتبر ثانوية امام حرية التعبير وفي العراق الكثير من الامور لم نستطيع التطرق اليها سابقا في عهد النظام السابق وحاليا ايضا بل يمكنني القول ان الاوضاع اليوم اخطر من السابق لانه حين يدخل الجانب الديني في كل الامور ومنها الفنية يلجم كل شئ فيصبح كل شئ (تابو) ومحرم والفنان حين يفقد الحرية في التعبير عن رأيه لا يستطيع التواصل مع فنه بصورة صحيحة.

* ماهي طبيعة الأعمال المشتركة التي قدمتها مع فنانين ألمان؟
- لم اعمل في المسرح الالماني بعد وانما في راديو برلين (1) وكنت مسؤلا عن امور تقنية واخراجية وأعد برامج وكنت اعمل في تقطيع البرامج واشارك زملائي من المخرجين الألمان في اعداد برامج وليس برنامجا واحدا للاذاعة.

* هل تعلمت خبرات معينة؟ وما هي؟
- بالتأكيد هذا مجال واسع وخلاق حتى لو اشتركت فيه كمستمع او كمشاهد لتعلمت الكثير من الخبرات فكيف وقد كنت من ضمنة وقد فسح لي المجال ا لتطوير نفسي وأدواتي في عملي في تلفزيون دبي وأضاف لي الكثير من الخبرات في مجال التقارير والبرامج الوثائقية وآخر ماقدمت في برلين فيلما وثائقيا عن رحيل الفنان الدكتور عوني كرومي فرغم ضعف الامكانيات المقدمة من الجالية العربية استطعت ان اقدم ما يليق بأسم الدكتور عوني كرومي وعطاءه المسرحي الكبير والذي سأعمل على تطويره لتقديمه في الذكرى السنوية لرحيله والتي تصادف منتصف العام المقبل.

* هل تحدثنا عن الموقع الالكتروني الجديد الذي انتهيت من تصميمه (اقلام)؟
- احرر واصمم وأشرف على موقع ثقافي جديد عنوانه (اقلام) وهو مجلة ثقافية تعنى بالأدب والثقافة والشعر والقصة والنقد وكل ما يتعلق بالأدب وننتظر مشاركات الشعراء والفنانيين العراقيين.

* والسياسة؟
- نحن نهتم بالسياسة ونتذوقها من وجهة نظرنا الخاصة لكن لانريد الخوض بتفاصيلها وبالذات في هذا الوقت الحرج نحن في غنى عنها وهذا ليس شرطا بقدر ما هو التوجه العام للموقع.

* هل يمكن ان ينجح الموقع في ان يبقى بمنأى عن السياسة خاصة ان بعض القصص او الروايات المنشورة فيه سياسية بحتة مثل رواية (يومي البعيد) للكاتب زهير الهيتي؟
- صحيح لكن رغم ذلك لا تنحاز لجهة معينة وهذا ما يعنينا في باقي الفنون الأدبية التي نتعاطى معها في (اقلام).

* لماذا هذا الموقع في هذا الوقت؟
- في بلاد الغربة تكون مثل هذه المواقع متنفس لجميع الأدباء والفنانيين وكون العالم في الوقت الحاضر اصبح قرية صغيرة فلا مانع من ان نجمع شتات كل الأدباء والمثقفين والفنانيين العراقيين في مكان واحد يجعلهم يتنفسون فيه فنحن نعرف بعضنا جيدا مهما ابتعدت المسافات وتفرقنا بين الدول والناس عادة تعرف بعضها البعض ولو بالأسم فقط ويبقى السؤال كيف اوصل صوتي واعمالي للآخر ؟ والجواب من خلال هكذا صفحات الكترونية تكون متنفس للتعبير عن كل شئ،صحيح ان المثقف والأديب له علاقة مباشرة مع السياسة لكن بما ان الوقت الحاضر صار (كالغابة) اختلطت وتداخلت فيه الآراء ولم تتوضح الصورة بعد، نحاول ان نبقى مراقبين ونستشعر ان الموقع سيلاقي صدى طيبا عند القراء.

* ماهي اهم الزوايا الآخرى؟
- زاوية الشعر العربي والمترجم ولا نريد ان نبدو كمنحازين لكننا نشجع كل ما هو عراقي وكل من يملك الموهبة او ابداع في الشعر بأمكانه مراسلتنا ولدينا من الشعراء المعروفين مثل عدنان صائغ وسعد جاسم ورحيم العراقي ومن العرب يوسف رزوقة،جمانة حداد،ابراهيم درغوثي. اما في زاوية مسرح لدينا دراسات مهمةعن المسرح كتبها الدكتور حسن السوداني اضافة الى زاوية نصوص مسرحية حيث تنشر كاملة وقد بعث لنا نصوص مسرحية بعضها تم عرضه على خشبة المسرح والبعض لم يعرض بعد.

* وماهو الهدف من نشر هذه النصوص المسرحية التي غالبا لن يصل صداها الا بعرض مسرحي متكامل؟
- الهدف هو قد يكون هذا الكاتب كتب نصا مسرحيا ولم تتوفر له الأمكانية لطبعه في كتاب وليس عنده الوسائل او الامكانيات لايصالها الى اناس مقيمين في امريكا على سبيل المثال مهتمين بتحويل هذه النصوص الى مسرحيات فنحن نمد له يد العون لايصال هذه النصوص عبر نشرها في الموقع لتخرج الى الجمهور كمسرحيات وبهذا نكون اختصرنا الكثير من العقبات والعوائق لتصل الى متذوقيها وجمهورها وعلى كل حال لسنا سباقين في هذا المجال وقد عرفنا الكثير من الفنانيين على بعضهم البعض في مختلف انحاء العالم رغم شهرة اسماءهم واوصلنا نتاجاتهم لأبعد نقطة في الأرض تحت شرط ان اي نص يطلب يجب ان نعرف من هي الجهة التي طلبته ويتم تزويدنا بالعناوين البريدية وبموافقة صاحب او كاتب النص المسرحي ومعرفته بالجهة التي ستتناول او تعرض نصه المسرحي وهذا اصلا ابسط حقوق الكاتب وقد وصلتنا مسرحيات عديدة وحتى لو لم يتم طلبها من جهة ما فأن بامكان الجمهور الأطلاع عليها وقراءتها بدلا من تركها مهملة في جوارير وخزانات الكتاب اوعلى (الرف).

* والسينما اليس لها دور في الموقع؟
- وهذا ما عاتبنا عليه الفنان الاستاذ مقداد عبد الرضا باننا لم نخصص زاوية للسينما العراقية في الموقع ولأننا اكثر ما نركز على العراق والوطن العربي فيمكن ان نتناول الكتابة والنقد ولكن اين هي السينما العراقية اليوم؟

* ولكن هناك سينما عراقية حتى ان آخر فيلم عراقي حصل على جائزة عالمية اظن اسمه (غير صالح) ؟
- نعم هذا صحيح ولكن ماذا بعد هذا الفيلم واين هي السينما العراقية وما هو حجم انتاجها قليل او شبه معدوم. اما زاوية الشعر المترجم فقد ترجمت اشعارا من اللغة الالمانية الى اللغة العربية ستنزل قريبا في الموقع اضافة الى قصص قصيرة ومترجمة من جيل الثمانينات عندي منها حتى الآن 12 قصة قصيرة منشورة لكن غير مطبوعة في كتاب. كذلك زاوية دراسات وفيها كل ما يتعلق بالأدب والفن والسينما والفن التشكيلي. اضافة الى زاوية بعنوان (قلم رصاص) نتناول فيه بالنقد اللاذع ولا يقصد هنا الشتيمة او التطاول بل النقد الموضوعي الحاد لأي عمل ينشر دون المستوى الأدبي اللائق او الهادف فيتم اخضاعه للنقد بموجب هذه الزاوية.

* ماهو مشروعك الفني الذي تتوق لتنفيذه؟
- اكثر ما يهمني في مجال عملي هو الافلام التسجيلية اذا توفرت الامكانية الفنية. ان وضع العراق وما يمر به وكل المنطقة هو ساحة غزيرة لمئات الافلام التسجيلية لكن اي عمل فني وبالذات ا لاعلامي يتكون من حلقات متصلة اذا فقد احدها تعطل فالمصور والمونتير وفني الاضاءة والمخرج لا يمكن اتمام اي عمل فني بدونهم جميعا فاذا توفرت الفرصة لمثل هذا الفريق الفني فأنه قادر على الابداع واما الافكار فموجودة وافكر ان يكون فيلمي التسجيلي الذي اتوق لأخراجه عن وضع الفنانيين العراقيين قبل وبعد الحرب وعرض حقيقي لأوضاعهم الانسانية والفنية خلال المرحلتين واظنه سيكون فيلما له حضورة.

[email protected]
[email protected]