زعيم المعارضة البحرينية الشيخ علي سلمان لـquot;إيلافquot;:
لدينا رؤية تحرّرية والانتخابات خرقت القانون

زعيم المعارضة الشيعية البحرينية يتحدث لـ إيلاف
إيمان إبراهيم من المنّامة: فوزه الساحق في الانتخابات لم يكن مفاجئاً، فالمشهد السياسي شهد تغييراً ملحوظاً في البحرين، في الفترة الفاصلة بين انتخابات 2002 وانتخابات 2006، لكنّ المتغيّر الأبرز كان عودة المعارضة الشيعيّة المتمثّلة بكتلة quot;الوفاقquot; عن مقاطعتها، وسقوط معظم نوّاب البرلمان الماضي، وبروز مشهد سياسي أكثر تنوّعاً، أبرز وجوهه أمين عام الكتلة الشيخ علي سلمان، الشاب الثلاثيني المتحمّس، الذي يرى أنّ تعزيز دولة المواطنة، التي تسعى إلى المساواة لناحية الحقوق والواجبات هي الحل إلى كل المشاكل التي يعاني منها المجتمع البحريني. ويعتبر سلمان أنّ فقدان الأمل في العمليّة السياسيّة يؤدّي إلى المزيد من الاحتقان في الشارع، ويعترف بصعوبة التشريع داخل البرلمان بوجود مجلس الشورى المعيّن.

نجم الإعلام العربي يبدو الشيخ سلمان، الذي التقيناه في quot;المنامةquot; في حوار خاص، قيّم خلاله العمليّة الانتخابيّة، والنتائج التي قد تتعرّض لطعون بسبب مخالفتها للقوانين بحسب تعبيره.

أعلنتم قبيل انطلاق العمليّة الانتخابيّة أنّ عدم فوزكم ب13 مقعداً على الأقل، يعني حتماً أنّ ثمّة تزوير لحق بالنّتائج، فوزكم اليوم ب16 عشر مقعداً هل يترجم شفافيّة ونزاهة العمليّة الانتخابيّة؟

المؤشّر الذي أطلقته بضرورة الفوز ب13 دائرة لم يكن مؤشراّ اعتباطياً، لأنّه ناتج عن القراءات التي كنّا نأخذها لحظة بلحظة من العمليّة الانتخابيّة وقبلها، وأعطيت لنفسي متّسعاً كي لا أكون مخطئاً، لأن القراءة التي أجريناها قبل الانتخابات وفي مجريات اليوم الانتخابي كانت سليمة.

لكن هذا الفوز، ألا يعني أنّه لم يكن ثمّة تدخّل من الحكومة في النتائج كما كانت تتخوّف المعارضة؟

أنا لم أقل أنّ هناك تلاعباًً، كل ما قلتله أنّه في حال لم تفز لائحة quot;الوفاقquot; مع كل ما لدينا من مؤشّرات، سيثير هذا علامة استفهام، وأنا أعيد هذه العبارة وأتمسّك بها، وأعيد القول أنّه لو لم تحصل كتلتنا ذات الشعبيّة العارمة على هذه النّسبة لكان هناك مؤشّر تلاعب في النتائج.

إلى ماذا تردّون خسارة حلفائكم الليببراليّون في الانتخابات، أمثال د. منيرة فخرو التي كانت تمتلك حظوظاً كبيرة في الفوز باعتراف السلطة نفسها؟

جزء من اعتراضاتنا الأساسيّة كان على ما يسمّى بالمراكز العامّة، ولو راجعت النتائج النهائيّة التي صدرت متأخرة، ستجدين أنّ الدكتورة منيرة سقطت بأصوات كثيرة جاءت من المراكز العامّة، التي لا يوجد فيها رقابة متوازنة، وجزء من اعتراضنا أيضاً كان على تصويت العسكريين، نحن نريد أن نجنّب المؤسّسة العسكريّة الجدل السّياسي إذا كانت هذه الرّؤية جيّدة. لكنّ إذا كان ولا بد لهذه المؤسّسة أن تشارك، فلتشارك بحريّة ومن دون توجيه، فقد كان ثمّة حديث عن توجيه العسكريين.

جلالة الملك أعلن أنّ العسكريين أحرار في تصويتهم، وأنّهم لن يحاربوا بأرزاقهم وأنّهم أحرار في اختيار مرشّحيهم، ألا يعني لكم هذا أنّه لم يكن ثمّة توجيه للعسكريين؟

تمنّيت أن يتكرّر هذا التصريح، لأنّي لم أسمع هذه التّوجيهات قبل العمليّة الانتخابيّة، وكنت أطالب بها دائماً سواء من قبل جلالة الملك أو من قبل وزير الدّفاع، لأنّ بعض صغار الضبّاط عمّموا على العسكريين الجهات التي سيصوّتون لها، عموماً الدّوائر التي خضنا المعركة الانتخابيّة فيها لا تضمّ الكثير من العسكريين، لذا كان تأثير هذا الأمر علينا محدود جداً، دوائرنا لم تتأثّر بظاهرة التجنيس، ولا بمشاركة العسكريين، لكنّنا ضدّ مشاركة المجنّسين حديثاً، لأنّ القانون ينصّ على ضرورة مرور عشر سنوات على تجنيسهم كي يسمح لهم بالتصويت. قانون عام 1963 المنظّم للجنسيّة في الفقرة السادسة منه، ينص على أنّ المجنّسين لا يصوّتون إلا بعد مرور عشر سنوات على منحهم الجنسيّة.

إذا تعتبرون أنّ تصويت المجنّسين حديثاً كان خرقاً واضحاً للقانون؟

الحكومة تقول إنّ القانون 15 لسنّة 2002 هو ناسخ لما قبله، لكن بحسب معلوماتنا واستشاراتنا للمختصّين والمحامين، فإنّ القانون العام لا يلغي القوانين الخاصّة، وهناك الكثير من القوانين التي نظّمت عمليّة الجنسيّة لذا لا يأتي قانون عام عام غير متخصّص في هذه العمليّة ويلغي ما قبله.

انطلاقاً من هذه المعطيات، هل ستقومون بتقديم الطعون خصوصاً فيما يتعلّق بنتائج الدوائر التي كان للمجنّسين فيها ثقل انتخابي؟

بالنسبة إلى دوائر quot;الوفاقquot;، هذه التجاوزات التي حصلت لم تصل إلى حد تهديدنا مباشرةً.

لا أتكلم عن دوائر quot;الوفاقquot; التي لم يكن فيها الكثير من المجنّسين، بل أتكلم عن الدوائر التي خسر فيها حلفاؤكم المعركة مثل الدكتورة فخرو على سبيل المثال؟

هذا الأمر أتركه للدكتورة منيرة لتقدّم هي الطعن، نحن لا نستطيع أن ندخل في هذا الأمر.

لكن سماحة الشيخ هذا شأن بحريني عام، سواءً طالكم أو لم يطلكم، المفروض أنكم كأعضاء مجلس النواب معنيّون بكل ما يتعلّق بالبحرين، خصوصاً حين يخرق القانون، إلا إذا كنتم تعتبرون أنّكم لا تمثّلون سوى من انتخبكم؟

أنا لو ذهبت الآن إلى دائرة الأخت منيرة، وتقدّمت بطعن ضدّ النتائج انطلاقاً من المعطيات التي لدي، ستقولون لي حتماَ ما شأنك أنت، دع الأخت منيرة هي التي تقدّم الطعن، أنا لن أكون ملكياً أكثر من الملك، لكن من دون شك، أي مرشّح حليف يجد أنّ ثمّة تلاعباً في النتيجة التي حصل عليها، وأنّ هناك تأثير على رأي النّاخب، عليه أن يتقدّم بطعن وسنكون حلفاء داعمين له.

ثمّة سيطرة إسلاميّة على البرلمانات العربيّة، بدءاً من فوز حزب الله في لبنان، مروراً بفوز الأخوان المسلمين في مصر، وصولاً إلى فوز الإسلاميين سنّة وشيعة في البحرين، برأيكم هل يلعب العامل الدّيني دوره في تحديد خيارات الناخبين، بدليل خسارة حلفائكم الليبيراليين في الانتخابات؟

المجتمع العربي هو مجتمع ينتمي إلى الإسلام، والقوى السياسيّة الإسلاميّة استطاعت أن تستقطب الشارع برؤى سياسيّة أصبحت مقنعة بالنسبة إلى هذا الشارع، وليس على القوى الأخرى إلا احترام هذه الرؤية أو تقديم رؤية أخرى مقنعة، ويجب ألا نشير بشكل مباشر أو غير مباشر بأنّ الشارع جاهل وغير مثقف ورجعي، فنحن نمتلك رؤية سياسيّة تحرّرية ومنفتحة، وأعتقد أنه لو كان لأي جهة سياسيّة رؤية تستطيع أن تقدّم حلولاً لمشاكل هذا المجتمع، عليها أن تطرح رؤيتها، ولنتأكّد أنّ المجتمع سيكون معها. ليس كافياً فقط الطعن في ثقافة الناس، لكنّ مع شديد الأسف الأحزاب الأخرى لم تتمكّن من تقديم شيئاً مقنعاً كثيراً إلى الشعوب العربيّة.

لماذا تتحالفون معها إذا لم تكن رؤيتها مقنعة؟ هل هو مجرّد تحالف انتخابي؟

(يجيب نافياً) لا أبداً، نحن كنّا متحالفين قبل انطلاق الانتخابات، العمليّة الانتخابيّة كانت مروراً طبيعياً لهذه التّحالفات، نحن حلفاء على الأقل منذ العام 1998، عندما بدأنا بالمطالبة بالعودة إلى حياة دستوريّة، لذا فإنّ تحالفنا ليس مسألة جديدة، وليس تحالفاً انتخابياً، لكن أنا في العمل السّياسي عليّ أن أنظر لمن يتفق معي من الشرائح السياسيّة لناحية الرؤى السّياسيّة، هذه القوى أيضاً فيها تطوير، القوى اليساريّة اليوم تختلف عن القوى اليساريّة في الخمسينات والستينات، بسبب حالة التطوير، واقترابها من المجتمع أكثر ممّا كانت عليه في السابق، هذا التحديث الذي حصل جيّد لكنّه غير كاف، الأحزاب بحاجة الآن إلى الاقتراب أكثر من المجتمع، وهذا الاقتراب ممكن أن ينصفها في المستقبل.

ما سبب معارضتكم لمشاركة المرأة معكم، وما مدى صحّة سحبكم لمرشّحتكم في اللحظات الأخيرة، مقابل دعمكم امرأة من كتلة أخرى؟ هل أنتم فعلاً غير مؤمنين بجدوى عمل المرأة السّياسي؟

لو لم نؤمن بذلك، لما كنّا أتينا بها معنا في جمعيّة quot;الوفاقquot; حيث تشكّل نسبة عالية من الجمعية أعضاءً وإدارة، ومن يوافق على وجود امرأة في جمعيته لن يعارض وجودها في مجلس النواب، أمّا عن انسحاب الأستاذة سكينة من الانتخابات، فالأمر يعود إلى المنحة التي حصلت عليها لدراسة الدكتوراه قبل اللحظة الأخيرة من الانتخابات، وكان عليها أن تختار بين ممارستها العمل السياسي ودراستها الدكتوراه، واختارت الدراسة ولم يكن بإمكاننا اختيار بديلة في اللحظات الأخيرة، أمّا دعمنا للدكتورة منيرة فكان على أساس كفاءتها.

تشكلون أكثريّة من المجتمع البحريني، وتملكون أقل من نصف مقاعد البرلمان، إلى ماذا ترد هذا الأمر؟

المجتمعات يجب أن تدرس خارطتها الدّاخليّة وتعمل على تطويرها لكن مع الظّروف المحيطة بهذه الخارطة، ودائماً نحن بحاجة إلى المزيد من التوافقات، بحاجة إلى إبراز دولة المواطنة، التي تسعى إلى المساواة لناحية الحقوق والواجبات التي تعتبر الحل إلى كل هذه التساؤلات.

إلى أي مدى تشعرون أنّ ثمّة صعوبة في التشريع، مع وجود مجلس شورى معيّن؟

لا شكّ أن مساحة التشريع محدودة جداً جداً في البحرين.

ماذا ستقدّمون من خلال وجودكم في البرلمان؟

دخلنا المجلس من خلال برنامج تعبنا جداً عليه، يتلخّص بخمس محاور أساسيّة، نحاول أن ننجز منها ما أمكن، آملين بمشاركة بعض القوى السياسيّة المستقلّة بإيجاز شيء من هذا البرنامج الذي تتفق على بعض أجزائه قيادات سياسيّة كثيرة، خصوصاً البرنامج الاقتصادي ذو الطابع الإنساني.

بصفتكم المرشّح الأبرز لرئاسة مجلس النوّاب، هل تتوقّعون الفوز؟

أتمنى أن يحصل نوع من التوافق بين مختلف الكتل السياسيّة المختلفة داخل مجلس النواب، ما سينعكس إيجاباً على عمل المجلس وانسجامه في المرحلة المقبلة، وهذا ما يشغل بالي، لأنّ المجلس يجب أن يعطي النّاس الأمل في العمليّة السياسيّة، لأنّ فقدان مثل هذا الأمل يدفع إلى وجود احتقانات خارج إطار العمل السياسي.