إنعام بيوض مديرة المعهد العالي العربي للترجمة

حاورتها جازية روابحي: تحدثت إنعام بيوض مديرة المعهد العالي العربي للترجمة في هذا الحوار عن أهم المشكلات التي يتخبط فيها معهد الترجمة والمتمثلة أساسا في المقر غير الدائم وغير اللائق بلقب معهد الترجمة، رغم أنه ،قالت إنعام، يعمل تحت إشراف الجامعة العربية.. وعن غياب منشورات المعهد في سوق الكتاب الجزائري ، أكدت بيوض أن ذلك يرجع لتواضع الإمكانات المادية المتاحة التي تعيق عمل المعهد quot;الإفرديquot; في إشارة منها الى الأعمال المشتركة مع المنظمة العربية للترجمة.. .

- هل تعريف الترجمة عامة يتوافق وواقعها في الجزائر؟
* تعريف الترجمة كعملية هي مختلفة عن الترجمة كنتاج، فالترجمة كعمل لديها أسس وقواعد مطبقة عليها، لكنها كنتاج هي ترتبط بالحركة الترجمة، فمن غير المعقول أن نترجم في ظل غياب المقروئية هذا إلى جانب غياب خطة واضحة.. ما هي الميادين التي نترجم فيها؟ في أي طريق نسير؟ وما هي العلوم الناقصة لما نترجم لكل من هب ودب؟ ففي هذه الحالة تتم الترجمة على أساس ربح تجاري هذا ما تقوم بها عدة دور النشر.. فإذا أردنا الخروج من دائرة التخلف والدخول في عالم المعرفة وبما أننا غير منتجين للمعرفة فنحن محتاجين للغير في نقل المعلومات وهذا في الحقيقة يتطلب سياسة وخبرة وإستراتيجية نابعة من صميم الاختيارات والتوجهات والتحديات التي ستواجهنا خلال العشريات القادمة وإذا لم يكن لدينا فكرة عن مستقبلنا، فلكم أن تتصوروا الأمر!

- على ذكر ضرورة وضع استراتيجيه تنموية للخروج من الأزمة العالقة بمجال الترجمة في الجزائر... هل وضعت مديرة المعهد العالي للترجمة إستراتيجية شاملة للمعهد تساهم ولو بشكل قليل في تحقيق ما تطمح اليه بيوض؟
* نحن لدينا إستراتيجية، لكننا في البداية أردناها أن تكون تكوينية.. الإستراتيجية بالنسبة لإنتاج الترجمة الحقيقية أجلناها لفترة، ذلك حتى يتم تكوين مترجمين. فنحن لدينا أولويات، لدينا طموح كبير ولكن ما نبحث عنه هو الطموح القابل للتنفيذ أولا وآنيا. أقول وأكرر أننا صببنا كل اهتماماتنا في نوعية التكوين وكذا محتوى التكوين لنقيس بعد ذلك مرد ودية الطلبة، خاصة ونحن لم نعد نعمل ببرامج تعليمية قديمة بل جديدة.

- تفضلتِ وذكرتِ أن المعهد يحتاج إلى طموح قابل للتنفيذ حاليا، هل تؤكدين أن المعهد لا يشهد أي مشاكل أخرى ماعدا تطبيق هذه الطموح؟
* نحن ننتظر بعض الأهمية أيضا.. في الحقيقة نحن نتخبط في مشاكل عديدة.. أهمها مشكل المقر، نحن الآن لا نملك مقرا يليق بلقب معهد الترجمة العربي.. نحن نريد الحصول على مقر دائم وثابت، فنحن الآن كالعرب الرحل ننتقل من مكان إلى مكان ونحاول بكل الوسائل المتاحة أن نخفف من تكلفة إقامة المعهد فعلى سبيل المثال تجهيزات الترجمة الفورية كلفتنا كثيرا ولكن هذا أمر تجاوزناه إلا مسألة المقر التي تتجاوز إمكاناتنا المادية المتاحة.. المفروض أن مقر المعهد العالي العربي للترجمة وهو تابع للجامعة العربية هو أول مؤسسة عربية تستقر في الجزائر، المفروض يكون لها مقر يليق بمركزها، لأننا في الأيام القليلة القادمة سوف نستقبل ليس فقط طلبة جزائريين. كما يعد المعهد مركز إشعاع ثقافي ينير بأفضاله وبعلمه كل الوطن العربي.. مقر يكون على الأقل تقديرا للجهود التي قامت بها وزارة الخارجية وقام بها عبد العزيز بلخادم، وكل القائمين على استحضار المعهد إلى الجزائر.. هذه الجهود لا يجب أن تضيع سدى، نحتاج إلى دعم مستمر.

- هل يحتاج المعهد إلى الدعم المالي فقط؟
* صحيح، بخصوص الدعم المالي بدأت الجامعة العربية تهتم به ولكننا نحتاج أيضا إلى الدعم المعنوي والمتمثل في إعطاء القيمة لكل قطب من أقطاب معاملاتنا، فلدينا معاملات مع كل الجامعات الأوروبية سواء مع مدرسة باريس للترجمة أو مع مدرسة جنيف فعلاقتنا معها ممتازة جدا، بيننا مشاريع مشتركة، ولدينا أيضا مشروع كبير هو إنشاء محطة لتدريب وتعليم الترجمة وكذا تدريب المترجمين على الترجمة ولدينا مشروع دعم الترجمة الآنية.. quot;نبدأ من حيث انتهى الآخرونquot; وهي الحل بالنسبة لترشيح المعادلة بين حجم المادة المطلوب ترجمتها وبين الإمكانات البشرية التي يمكن لها أن تترجم هذه المادة، لأن الإمكانات البشرية قليلة جدا فعدد المترجمين في الجزائر قليل جدا مقابل حجم المادة المترجمة.

- حتى الآن لم نر كتبا مترجمة عن المعهد العربي للترجمة، أي أنه لم نشهد بعد إصدارات المعهد، ذلك مقارنة بإصدارات مؤسسات ثقافية جزائرية أخرى؟
* نحن في المعهد عندما نؤسس للجانب البيداغوجي والتعليمي التكويني سندخل مجال إنتاج الترجمة، حتى الآن بدأنا ولكن بشكل مشترك مع المنظمة العربية للترجمة.. ترجمنا خمسة كتب معهم، نحن لا نملك الإمكانات اللازمة لنعمل الترجمة بشكل منفرد.. كما أننا عملنا مع دار لبنانية فأنتجنا أنتربولوجيا وهي عبارة عن قاموس مؤسس من الكتب الأساسية، إضافة إلى أنه لدينا مشاريع أخرى كمشروع ترجمة لكتاب معاني القرآن الكريم.. كما أنه لدينا عدة مشاريع أخرى مع المحافظة العامة للجزائر عاصمة للثقافة العربية ولدينا أكثر من 100 عنوان للترجمة، العدد الذي لم تصل إليه أي دولة عربية.

- على ذكر سنة الجزائر عاصمة للثقافة العربية.. ما هي تحضيرات المعهد العالي للترجمة، خاصة وأنه قبلة عربية مميزة لمجال الترجمة في الوطن العربي؟
* التحضيرات تتم بجدية وبمثابرة النتيجة لا يمكن توقعها . . أؤكد أن التحضيرات في منتهى الجدية ونحن الآن لدينا قسم خاص للمترجمين ونحن نحاول تقديم المشاريع قبل نهاية المدة المحددة في العقد... فبمناسبة التظاهرة أصرينا على أن نتعامل مع مترجمين جزائريين بما أن جميع الأعمال المقدمة جزائرية تخص الجزائر. كما تعتبر التظاهرة أيضا فرصة نكتشف خلالها المترجمين الجزائريين غير المعروفين من الطاقات الجيدة فإذا اكتشفنا أن هناك 130 إلى 160 مترجم يعتبر رائع هذا عن طريق المعهد أو عن طريق بيت الترجمة التابع للمكتبة الوطنية أو عن طريق وزارة الثقافة، كل هؤلاء بإمكانهم تقديم ولو الشيء القليل للترجمة.

- هناك إجماع من طرف المثقفين الجزائريين على أن الجزائر غير مستعدة لاحتضان تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية.. سأل الروائي الجزائري الطاهر وطار عن التظاهرة أجاب quot;الله يسترquot; فما هي وجهة نظر مديرة معهد الترجمة حول هذه القضية؟
* إن جمعية الجاحظية تقدم العديد من النشاطات الثقافية فهي بذلك تقدم أشياء عديدة للثقافة، أنا قدمت محاضرة في المقر فتفاجأت بالحضور الكبير.. أريد أن أقول بأن كل واحد منا مهما كان مركزه يستطيع أن يقدم خدمة ولو بسيطة تجاه تخصصه، فنحن بحاجة إلى تكاتف كل الجهود البشرية ونحن بحاجة الى أن ننظر لأنفسنا نظرة إيجابية وليست سلبية.

- ما رأي مديرة معهد الترجمة في حركة الترجمة المعاكسة الشائعة مؤخرا، إلى ماذا ترجعين ذلك؟ أيرجع ذلك إلى المقروئية الضعيفة، الأمر الذي يدفع بالكاتب إلى ترجمة كتابه إلى لغات أجنبية بغية تسويقه؟
* لا أظن أن الترجمة العكسية هي بحث عن القراءة، لأن القراءة باللغة العربية أكثر بكثير من اللغة الفرنسية، ولكن عدد الأشخاص القراء القادرين على القراءة بالفرنسية في الجزائر يعدون على الأصابع، وهناك من يقول أن الجزائر متفرنسة هذا يعتبر خلطا، إضافة الى أنه غير صحيح فـ 5% من سكان الجزائر يتقنون اللغة الفرنسية وهي نسبة ضئيلة جدا ولا تقاس بالنسبة لمجموعة الكتب المنشورة. المفروض أنه عوض أن نترجم إلى لغات أخرى نساهم في نشر اللغة العربية والحث على القراءة يكون ابتداء من الأسرة إلى المدرسة وعن طريق الإشهار للكتاب أيضا.. فالكتاب في الجزائر لا يشهر له.

- لماذا حسب إنعام بيوض الترجمة القليلة الموجودة في الوطن العربي عامة تنحصر في العلوم الإنسانية (الأدب، الايديولوجيا الدينية والسياسية) ذلك مقارنة بالترجمة العلمية التي هي شبه غائبة؟
* لا بد من التساؤل عمن يقوم بالترجمة الآن، هل تقوم بها مؤسسات عمومية، بل هي تقوم بها دور نشر خاصة ونعلم أن دور النشر الخاصة يهمها الربح السريع هي تعمل بغرض تجاري وكأن مصيرنا محكوم بالشيء الذي يباع، لذلك هناك دور للنشر تقدم إليها كتب رائعة جدا ولكنها لا تعمل على نشرها بحكم أنه لا توجد مقروئية في الجزائر.

الصورة خاصة بايلاف التقطها محمد جغبوب