حوار مع الدكتور عبدالله الفقيه:
* أتساءل كل يوم عن احتمالات عودتي سالماً إلى منزلي
*الساحة السياسية لا تشجع على التفاؤل لان الحاكم يريد الاستحواذ على كل شي
*حصول قيادات المعارضة على مصالح معينة في السابق اضر بمصالح الشعب
*لقد ولى عصر الأبقار المقدسة في اليمن وباجمّال ليس فوق النقد
*موقف المعارضة من الانتخابات الرئاسية حرج جداً للأسباب التالية
*لو تقدمت المعارضة بمرشح قوي كفيصل بن شملان فستشتعل المواجهة
*الوضع الراهن لليمن لا يحتمل المنافسة على كرسي الرئاسة
*لا أشك في ترشح صالح للرئاسة إلا إذا تم الخروج عن قواعد العقل والمنطق

حوار محمد الخامري من صنعاء: أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء والكاتب السياسي المعروف الدكتور عبدالله الفقيه لإيلاف أن ما يقلقه هذه الأيام هي الانتخابات القادمة التي قال أن عقدها في ظل هذا الاختلاف الحاد بين الحزب الحاكم والمعارضة اليمنية حول الإدارة الانتخابية وحول القواعد التي تنظم العملية الانتخابية هو كارثة بكل معنى الكلمة ، ويعلم الله وحده العواقب التي يمكن أن تترتب على هكذا مغامرة ، مضيفاً أن عقد الانتخابات في ظل غياب الحد الأدنى من الوفاق الوطني سيفرز رئيسا منقوص الشرعية على الأقل إن لم يكن غير شرعي تماما وهو ما سيعيد البلاد قرونا إلى الخلف. وأضاف الدكتور الفقيه المشهور بمقالاته اللاذعة وصراحته الكبيرة في مواجهة قضايا الفساد وآرائه الشخصية في عدد من القضايا السياسية الحساسة في اليمن أن هجومه على دولة رئيس الوزراء عبدالقادر باجمّال يأتي في إطار أن باجمّال شخصية عامة ويحتل موقعا تنفيذيا يجعله هدفا مشروعا لكل أنواع النقد وقال quot;اعتقد أننا في اليمن وبعد أن كسر الصحافيون والكتاب حاجز الخطوط الحمراء لم يعد هناك quot;حصانة من النقدquot; لأي مسئول فإذا كنا ننقد رئيس الجمهورية نفسه فلماذا لا ننقد رئيس الوزراء أو الوزراء أو غيرهم من المسئولين ، لقد ولى عصر الأبقار المقدسة في اليمن ودخلنا عصر quot;حكم بني الإنسانquot; والإنسان غير مقدس ولا معصوم.
وتحدث الدكتور الفقيه عن العديد من المواضيع الحساسة في ثنايا الحوار والتي كان أهم محاورها الانتخابات الرئاسية القادمة والحزب الحاكم والمعارضة والمنطقة الحرة وغيرها من المحاور التي تناولها الدكتور الفقيه في الحوار التالي:

* قلت أن الجمهورية العربية اليمنية أفضل حرية من بعد الوحدة.. كيف ذلك؟
- لم اقل أنا هذا الكلام لكن تقارير بيت الحرية لحوالي خمس وثلاثون عاما هي التي تقوله والذي يجد مشكلة فيما قلت عليه العودة إلى تقارير بيت الحرية ودراستها بمنهج بمختلف والتوصل إلى نتيجة مغايرة. بإمكان أي شخص أن ينتقد بيت الحرية لكني كمحلل لم أجد نقطة ضعف يمكن أن اشكك فيها بالنتائج التي توصلت إليها ، وقد لا تصدق إذا قلت لك أن كتابة ذلك المقال الذي لا يتجاوز 2300 كلمة قد استغرق حوالي عامين من التمحيص والمراجعة.

* هناك من رأى في مقالك الأخير الذي تحاملت فيه على باجمّال بأنه انتصار للذات خصوصا وانه جاء بعد انتقاد باجمّال لمبادرتك السياسية التي أعلنتها مؤخراً؟
- أولا باجمّال شخصية عامة ويحتل موقعا تنفيذيا يجعله هدفا مشروعا لكل أنواع النقد واعتقد أننا في اليمن وبعد أن كسر الصحافيون والكتاب حاجز الخطوط الحمراء لم يعد هناك quot;حصانة من النقدquot; لأي مسئول فإذا كنا ننقد رئيس الجمهورية نفسه فلماذا لا ننقد رئيس الوزراء أو الوزراء أو غيرهم من المسئولين ، لقد ولى عصر الأبقار المقدسة في اليمن ودخلنا عصر quot;حكم بني الإنسانquot; والإنسان غير مقدس ولا معصوم.
ثانيا كنت قد كتبت مقالا في فبراير الماضي عقب إجراء التعديل الواسع على حكومة باجمّال وانتقدت فيه رئيس الوزراء وبعض الوزراء أيضا ولم يكن حينها باجمّال قد سمع باسمي ، كما أني لم أكن حينها قد تقدمت بأي مبادرة ، وصدقني أن المسألة بالنسبة لي ليست مسألة شخصية فلو أني كتبت مقالا أرد به على كل مقال ينتقد مبادرتي أو ينتقدني أو حتى يفتري علي كذبا وزورا كما تفعل الصحف الصفراء التي يديرها باجمّال لاحتجت إلى سنوات ولأتعبت نفسي وأتعبت القارئ معي ، اعتقد أن على كل شخص في اليمن يقبل موقع عام أن يكون مستعدا لتقبل كل أنواع النقد ، هكذا أقول لكل الأشخاص الذين اعرفهم والذين تعينوا وزراء مؤخرا.
ثالثا اعتقد أن كل قارئ لنص هو مؤلف له بمعنى ما ولذلك لن أقول لمن يقرأ إحدى مقالاتي بطريقة مختلفة عن التي أردت أن يقرأ بها انه مخطئ فيما ذهب إليه ولكني سأقول له بان ذلك لم يكن قصدي فقد أردت بمقالي عن quot;باجمّالquot; الانتصار لقضايا الوطن والتعبير عن ما يختلج في أنفس الملايين من اليمنيين وأنا اطلب منك كصحفي أن تعرض بعض ما ورد في المقال على من حولك من الناس وسترى بأنني لم أتحدث باسمي ولم اعبر عن مشاعري تجاه باجمّال بقدر ما عبرت عن مشاعر شعب بكامله.

* quot;مقاطعاًquot; لكن مقالك جاء بعد انتقاد باجمّال لمبادرتك؟
- هذا صحيح.. لا استطيع أن أفكر بالمقال بمعزل عن نقد باجمّال ليس لمبادرتي كما قلت ولكن لشخصي وبطريقة لا تليق أبدا بشخص يتولى رئاسة الوزارة في بلاده.. لكن وصف باجمّال لي كمشعوذ قد تركني في حل من الالتزام بأي بروتوكول في نقده أما مسألة نقده ذاتها فأملتها أقواله وأفعاله وتصرفاته والتي أصبحت من وجهة نظري تضر بسيادة اليمن واستقلاله وتفرط بمصالح الشعب اليمني وتهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي والتماسك واعتقد أن أفضل ما يمكن أن يفعله باجمّال في المرحلة الحالية هو الاستقالة من رئاسة الوزارة ومن الأمانة العامة للمؤتمر إذا كان بالفعل حريص على مصلحة بلده فاليمن لا تستحق من أبنائها إلا أن يكونوا حريصين على مصالحها العليا حتى لو كان ذلك على حساب مصالحهم الشخصية أو المناطقية وهذا ليس من قبيل المثالية بل من قبيل الواقعية فالتفريط بالمصالح العليا للبلاد هو تفريط بمصالح كل الأفراد والقبائل والعشائر.

* ألا تخاف أن يتخذ باجمّال quot;بصفته رئيسا للحكومةquot; قرارات تعسفية ضدك؟
- قلت في جوابي على سؤال سابق انه لم يعد هناك حصانة لأي مسئول في اليمن من النقد وأقول هنا انه لا حصانة لأي كاتب في اليمن من عسف السلطة وإذا كان الصحفي يملك نقابة يمكن أن تقف خلفه فان أستاذ الجامعة لا يملك شيئا فنقابة الأساتذة بجامعة صنعاء تم إضعافها وتحويلها إلى نقابة للمطالبة بزيادة المرتبات ، ورئيس النقابة الذي يناضل ضد قرار إحالته للتقاعد دون أي نجاح يذكر لا يكف عن الترديد بان دور النقابة هو دور مطلبي وانه لا علاقة لها بالسياسة من قريب أو بعيد لذلك اكذب عليك إذا قلت لك إنني غير خائف لكنني لا أخاف من أن يقرر باجمّال إلغاء برنامج تلفزيوني قبل سبع ساعات من ظهوري كأحد المتحدثين أو أن يقرر استبعادي من قائمة الترشيحات الوزارية أو حتى أن يفصلني من الجامعة أو يضعني في السجن.. هناك خوف أعمق يتملكني ففي كل يوم اخرج فيه من البيت اسأل نفسي عن احتمالات عودتي سالما فأمثال باجمّال لديهم الكثير من المصالح غير المشروعة، وهم لا يحتكمون لأي قواعد قانونية أو أخلاقية وسيفعلون أي شي للحفاظ على مصالحهم ، أما انأ فليس لدي شي أخاف عليه سوى حياتي لكن خوفي على حياتي كفرد يتحول إلى إصرار وعزيمة والى رغبة لا تقاوم في التضحية عندما أفكر بأهمية القضايا التي تتناولها كتاباتي وبالوضع الحرج الذي تعيشه البلاد وبالتضحيات التي قدمها الآلاف قبلي.

* كيف تنظر إلى الساحة السياسية هذه الأيام؟
- بالنسبة لشخص يُدرّس العلوم السياسية ويُولي أهمية كبيرة لدروس الماضي فان الساحة السياسية في اليمن اليوم لا تشجع على التفاؤل فالحاكم يريد الاستحواذ على كل شي وحرمان الآخرين من أي شي فهو يلغي quot;وفي انتهاك واضح لدستور الجمهورية اليمنيةquot; برنامج تلفزيوني سيظهر فيه الفقيه quot;هوquot; ، وفي نفس الوقت يمنع الفقيه من أن يمتلك قناة إذاعية أو تلفزيونية خاصة والحاكم لا يريد أعطاء أحزاب المعارضة أي شي من سلطة أو ثروة أو تأثير في السياسة العامة ثم يطلب منها إذا أرادت أي شي أن تحصل عليه عن طريق الصناديق والحديث عن الصناديق كلام جميل لكن المشكلة أن الحاكم وفي الوقت الذي يطلب فيه من المعارضة أن تنافس يُعيّن نفسه خصما وحكما في نفس الوقت فهو يسيطر على اللجنة العليا للانتخابات ويتلاعب بالسجل الانتخابي ويحتكر إعلام الدولة وينفق من الخزينة العامة على الدعاية لنفسه.. أعتقد أن الجمهورية اليمنية اليوم تمر بمنعطف خطير فهناك حراك اجتماعي كبير لا يستطيع لا الحزب الحاكم ولا أحزاب المعارضة استيعابه وتحويله إلى عامل استقرار، وهناك ضعف مؤسسي غير مسبوق وهناك مستقبل صعب ينتظر اليمنيين جميعا سلطة ومعارضة خصوصا على الصعيد الاقتصادي في حين أن الجميع مشغول بالاستحقاق الانتخابي القادم وكان الانتخابات ستحل كل مشاكل اليمنيين.

* ما رأيك في المعارضة اليمنية.. وهل هي معارضة جادة أم أنها ديكور ديمقراطي فقط خصوصا مع الاجتماعات ومقائل القات في رئاسة الجمهورية؟
- لا يمكن للمعارضة اليمنية أن تكون أكثر جدية مما هي عليه اليوم لكن المعارضة اليمنية تواجه تحديات كبيرة ولعل التحدي الأول الذي ينبغي عليها أن تواجهه هو التركة الثقيلة التي تراكمت خلال الـ16 عاما الماضية فقد ارتكبت أخطاء كثيرة وكبيرة بحق البلاد وإذا أحسنا النية فان تلك الأخطاء ربما كانت بحسن نية ونتيجة غياب الحس والمعرفة السياسية ، أما إذا أسأنا الظن فإن تلك التنازلات التي أضرت بمصالح الشعب اليمني ربما كانت مقابل حصول قيادات المعارضة على مصالح معينة كما يقول نقادها في الحزب الحاكم فالاختلال الحادث في تكوين اللجنة العليا للانتخابات وفي النظام الانتخابي وفي كل القوانين ساهمت فيه المعارضة بشكل أو بآخر لكننا أبناء اليوم وهناك وعي جديد ، واعتقد أن المعارضة وصلت إلى مرحلة متقدمة من النضج السياسي وأصبحت تدرك أن هناك أولويات كما أصبحت أيضا تفرق بين المصالح الشخصية والمصالح الحزبية والمصالح الوطنية وتعطي أولوية للمصالح الوطنية على ما عداها من المصالح.. لا ادري هل وعي المعارضة هذا ناتج عن سوء تدبير الحاكم أم عن التحولات الداخلية والخارجية أم عن الاثنين معا والمهم هو ان هذا الوعي سيصب في النهاية في مصلحة الشعب اليمني.
التحدي الثاني الذي تواجهه المعارضة يتمثل في تطوير حزمة من وسائل المعارضة تكون كفيلة بخلق الضغط المطلوب على السلطة وبشكل يجعل السلطة ذاتها قادرة على الرد الإيجابي على ضغوط المعارضة فمن وجهة نظري هناك حاجة ماسة في الوقت الحاضر لأن يطبق الحاكم والمعارضون القاعدة القديمة التي تقول بان على الحاكم أن يحكم كما لو كان في المعارضة وعلى المعارضة أن تعارض كما لو كانت في الحكم فتسييس الشارع اليمني لن يخدم أي طرف وقد يدخل البلاد في ظل الضعف الشديد الذي يمر به النظام في أزمة اكبر واشد.

* في نظرك.. هل سترشح المعارضة شخصا للرئاسة في الانتخابات القادمة، وهل هي قادرة؟
- كقارئ لأوضاع السلطة والمعارضة، اعتقد أن وضع المعارضة حرج جدا ولا يقل ضعفا عن السلطة وهذا أمر يطول شرح أسبابه والواضح أن هناك اتجاهان داخل اللقاء المشترك فالأحزاب الصغيرة تدفع باتجاه المشاركة ولديها الكثير من الحجج الوجيهة التي تسعى لإقناع المعارضين للمشاركة بها أما التجمع اليمني للإصلاح فيبدو مترددا وله أسبابه الوجيهة في ذلك فإذا كانت الأحزاب الصغيرة لا تمتلك ما تخسر في الانتخابات القادمة فان الإصلاحيين لديهم الكثير مما يمكن أن يخسروه في حال اتخذوا القرار الخاطئ.
ومن وجهة نظري كمراقب فان مشاركة أحزاب اللقاء المشترك في الانتخابات القادمة وفي ظل الوضع القائم للإدارة الانتخابية والسجل الانتخابي لن تكون بمثابة الخيار الأفضل وقد تقضي مشاركة مثل تلك على الزخم الذي اكتسبته أحزاب اللقاء المشترك خلال الأشهر الماضية كما أن المعارضة لا تستطيع أن تقاطع مقاطعة سلبية وإلا كان ذلك بمثابة محاولة انتحار وإذا كانت أحزاب اللقاء المشترك تواجه خياران أحلاهما مر وهما المقاطعة الإيجابية بما تتضمنه من رفض لشرعية اللجنة العليا للانتخابات والسجل الانتخابي ولشرعية النتائج أو المشاركة بمرشح قوي كفيصل بن شملان مثلاً فان أي خيار ستستقر عليه وفي ظل التوتر الحالي سيكون كفيلا بإشعال المواجهة بين الطرفين.
لقد قلت مرارا وسأظل اكرر ما قلت بان اليمن في الظرف الراهن لا تحتمل خوض منافسة على كرسي الرئاسة وقولي هذا ليس حبا في علي عبد الله صالح أو كرها في معارضيه لكنه نابع من مسئولية وطنية ومن قراءة عميقة لواقع الحال السياسي وللانقسامات الحادة التي تعيشها النخبة السياسية وأنا شخصيا احمل الحزب الحاكم والرئيس على وجه الخصوص المسئولية عن ما قد يحدث للبلاد فلدى الرئيس العديد من الخيارات التي تمكنه من تجاوز هذا الوضع الصعب أما أحزاب المعارضة فقد نفذت خياراتها والمسألة بالنسبة لها هي مسألة حياة أو موت.

* هل تعتقد أن الرئيس سيرضخ لضغوط المؤتمر ويقبل بترشيح نفسه مجدداً؟
- لا يوجد لدي أدنى شك في ذلك.. لقد قلت هذا منذ يوليو الماضي ولن يحدث شي خلاف ما قلت إلا إذا تم الخروج عن قواعد العقل والمنطق ومقتضيات السياسة.

* كتبت عن المنطقة الحرة بعدن وربطتها بان باجمّال هو الذي أجرها لمقرب منه هل يمكن أن توضح أكثر في هذه القضية؟
- من سخرية القدر أن الشركة اليمنية التي ستدخل طرفا مع موانئ دبي لم تتأسس بعد لكن من الواضح أن بقشان والعمودي وهما أصدقاء لباجمال واستطاعا الحصول على مقعدين وزاريين في التعديل الحكومي الأخير، هما المساهمان الرئيسيان في الشركة ولا بد انك مثلي قد قرأت قول باجمّال بأنه هو الذي صنع المنطقة الحرة وكل ذرة فيها وهناك تشابك وتداخل عجيب بين الرجل وبين المنطقة الحرة ابتدأ منذ تعيينه quot;باجمّالquot; رئيسا للمنطقة الحرة عام 1991م ولم ينته حتى اليوم ، والمشكلة ليست في إعطاء المنطقة الحرة لبقشان أو العمودي ، المشكلة هي في الثمن البخس الذي سيحصل عليه الشعب اليمني وفي الشروط التي تضر بسيادة واستقلال البلاد.

إيلاف: إلى أي حزب تنتمي يا دكتور؟
أولا، اعترض على سؤالك لأنه تبسيطي فلا يولد الإنسان وعلى جبهته اسم حزب معين ثم أن الأحزاب لا تصنع الناس بل إن الناس هم الذين يصنعون الأحزاب ، أنا لا أدين الأحزاب بل اعتقد أنها مهمة جدا لكن الحياة الحزبية في اليمن تعاني الكثير من التشوهات ولذلك أسباب كثيرة لا يتسع المجال لمناقشتها الآن جعلتني لا انضم إلى أي حزب ، وعلى أي حال لي وجهة نظر في مسالة تحزب أستاذ الجامعة وخصوصا إذا كان تخصصه يتقاطع مع الحياة السياسية والحزبية ومع مسائل هي في صميم حركة التطور ، اعتقد أن أستاذ الجامعة يحتاج إلى قدر كبير من الحرية يجعله قادراً على الرؤية في كل الاتجاهات وعلى التفاعل مع مختلف القضايا وعلى أن يعمل على حشد الناس حول مصلحة البلاد وان يستشعر المخاطر التي تهدد المجتمع السياسي بكامله ، ومع انه من الصعب في ظل البؤس الذي يعيش فيه أساتذة الجامعة في بلادنا أن يحافظ الإنسان على حياده إلا إنني شخصيا لا أجد مشكلة في ذلك ومع أنني اركب سيارة تعمل أسبوعا وتتعطل شهرا واجد في الكثير من الأحيان حرجا في إظهارها أمام طلابي الذين يركب بعضهم سيارات جيش وحكومي آخر موديل، ومع إنني كذلك لم أتمكن من تغيير تلفوني المسمى بالشاقي إلا قبل أسبوع فقط وبعد أن توصلت إلى قناعة بأنني عندما أحفظ رقما فانه يمسح عشرة من ذاكرته إلا أنني أجد أن مسألة استقلاليتي هي أهم من أي سيارة أو طيارة ، لكني لا اخفي عليك أن مسألة الاستقلالية ما زالت مربكة في مجتمعنا وخصوصا وإنني أتحمس لأي فكرة يمكن أن تكون مفيدة للبلاد وبغض النظر عن الحزب الذي صدرت عنه ، فلا اعتقد أن هناك حزبا في اليمن يثق بي فانا بين الإصلاحيين مؤتمري وبين المؤتمريين إصلاحي وبين القوميين أمريكي وبين الأمريكيين وطني شوفيني وهلم جرا ، وإذا أردت الدليل فتابع ردود الأفعال على مبادرتي فالكل غاضب والكل يتساءل: من خلفه؟ من دفعه؟ من دفع له؟ وعندما أقول أنها تنطلق من مصلحة البلاد اشعر وكأني أتكلم لغة لا احد يريد أن يفهمها.

* كيف تنظر إلى فترة رئاسة علي عبدالله صالح وهل تؤيد ترشيحه لدورة رئاسية قادمة.. وما مضمون مبادرتك السياسية الأخيرة؟
- أي شي سأقوله حول هذا الموضوع سيكون من قبيل الدعاية الانتخابية وفترة الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد ولكني اكتفي بالقول بأن المسألة ليست مسألة أشخاص، والمهم في اليمن اليوم ليس مسألة أن يترشح الرئيس أو لا يترشح وأن يؤيده فريق معين أو لا يؤيده ، البلد يواجه تحديات خطيرة تتطلب قدرا كبيرا من الحكمة ومن المسئولية ومن التخلي عن الفردية والنرجسية وان تتاح الفرصة للجميع للمساهمة في إنقاذ البلاد بعيدا عن المراهنة على الفاسدين ومحدودي القدرات ، فالإبحار على سفينة تفتقر إلى الملاحين المدربين والمتخصصين لن يؤدي في الغالب سوى إلى الغرق.. إن اليمن بلد الجميع وإنقاذه وتجنيبه المخاطر مسئولية الجميع ، وما يقلقني الآن هو الانتخابات القادمة فعقدها في ظل هذا الاختلاف الحاد حول الإدارة الانتخابية وحول القواعد التي تنظم العملية الانتخابية هو كارثة بكل معنى الكلمة ويعلم الله وحده العواقب التي يمكن أن تترتب على هكذا مغامرة ، فعقد الانتخابات في ظل غياب الحد الأدنى من الوفاق الوطني سيفرز رئيسا منقوص الشرعية على الأقل إن لم يكن غير شرعي تماما وهو ما سيعيد البلاد قرونا إلى الخلف.