سعيد حريري من القاهرة: أحيت المطربة أصالة نصري مساء أمس حفلاً خيرياً رائعاً في دار الأوبرا المصرية يعود ريعه لصالح تجهيز مستشفى خيري في منطقة "شبرا الخيمة" في القاهرة، علماً أنّ رئيسة نادي الليونز غاردن سيتي السيّدة الفاضلة عواطف سراج الدين هي من كان وراء تنظيم هذا الحفل الرائع.
بدأ الحفل بفيلم تسجيلي عن نادي الليونز "غاردن سيتي"، أعقبه كلمة الدكتور عواطف سراج الدين التي أبدت عن بالغ شكرها لأصالة التي تتبرّغ بأجرها للمرّة الثانية في حفل ينظّمه النادي من أجل الأعمال الخيرية.
وتلا الكلمة عرض مجوهرات وأزياء قدّمته ملكة جمال مصر ميريام جورج، وملكات جمال الجامعة الأمريكية، ومدارس أمريكان سيتي كولدج، لعرض مجوهرات رائعة لإحدى شركات المجوهرات، إضافة إلى عرض أزياء من أحد البوتيكات الفخمة في مصر.
وفي تمام الساعة التاسعة والنصف، إعتلت المذيعة أميرة عبد العظيم خشبة مسرح الأوبرا لتقدّم مطربة سوريا والعالم العربيّ أصالة.
وما هي إلاّ ثوانٍ حتّى بدأ الحفل بمعزوفة موسيقيّة لعبد الحليم، أدّتها بروعة فرقة المايسترو الدكتور خالد فؤاد، وسط ديكور جميل من الشموع التي تبدو وكأنّها تذوب رويداً رويداً بفعل النار المشتعلة في فتيلها، ولكن النار لم تكن هي فقط التي تذيب الشمع، بل أيضاً أصالة التي أطلّت كسندريلا من قلب إحدى الشموع بفستان زهريّ رائع اشرف على تصميمه مصمّم الأزياء اللبناني المبدع نيكولا جبران، الذي كان حاضراً في الصفّ الأوّل من الصالة، ومعه عدد من كبار النجوم وأهل الإعلام في المجتمع المصريّ، وأبرزهم: مفيد فوزي، ومحمود سعد، وليلى علوي، ونادية مصطفى، وغادة رجب، وليلى طاهر...
وأطلّت السندريلا المتألّقة، كما حلا لي وصفها ليلة أمس، أصالة بفستانها الراقي الذي يذكّر بالعصور الأرستقراطية، أو بفخامة أزياء زمان التي كنّا نشاهدها في أفلام الأبيض والأسود، وتهادت كنسمة على المسرح، لتصل إلى الميكروفون على أنغام أغنية "قلبي بيرتاحلك"، فأدّتها بشكل جميل، وقدّمت بعدها أغنية خاصّة بالرئيس المصريّ فخامة الرئيس حسني مبارك، بأغنية تهنّئه من خلالها بفوزه بالإنتخابات الأخيرة، وتقول كلمات الأغنية:

"بقولك يا ريّس.. وإسمحلي أعيد
بنحلم نحقّق لمصر المزيد
ونكتب بإيدنا نهارها السعيد
يا ريّس ... يا ريّس... يا ريّس..
تلتها أغنية من ألبومها الأخير بعنوان "فين حبيبي"، وما إن سمع الجمهور كلماتها الأولى حتّى صفّق حماساً لسماعها، وبعد ذلك شدت أصالة كطير شارد متنقّلاً من شجرة إلى أخرى رائعة عبد الحليم حافظ "نعم يا حبيبي نعم"، فكانت ذكيّة في إختيارها تلك الأغنية، خصوصاً وأنّ العندليب الأسمر ما زال ساكناً في وجدان الكثيرين، وخصوصاً المصريين، فتفاعل معها الجمهور بشكلٍ ملحوظ مردّداً:
" نعم يا حبيبي نعم... أنا بين شفايفك نغم
أيامي قبلك ندم... وأيّامي بعدك عدم
نعم يا حبيبي..."
وتابعت أصالة بأغنية "مشتاقة" التي إنسجم معها الجمهور بشكلٍ لافت، ممّا دفعها إلى إعادة مقطع منها مرّة ثانية.
وحملت أصالة الأسماع إلى عالم من الحلم والخيال والأصالة والزمن الجميل برائعتها "قدّ الحروف"، ممّا دفع الجمهور أن يردّد معها:
"قدّ الحروف اللي في أسامي العاشقين... بحبّك
قدّ الثواني والدقايق والسنين... بحبّك
قد الهموم اللي في قلوب البشر
قد العيون اللي كحّلها السهر
قد ما قلبي إشتكى من نار حبّك
قد ما ليلي حكى عن طول بعدك
قدّ الحروف اللي في أسامي العاشقين
قدّ الدموع اللي في عيون السهرانين
أنا بحبّك..."
وأكملت أصالة بأغنية مالي، والجمهور يردّد بحماس كبير، متراقصاً ومصفّقاً على إيقاعات الأغنية الجميلة:
"مالي عمري وحياتي... مالي قلبي بهواك
غالي على قلبي يا غالي... بشتقلك وأنا لسّه معاك"
وختمت أصالة الوصلة الأولى بأغنية جديدة أيضاً تحمل عنوان "خلّيك شويّة"، وبعد أن فرغت أصالة من آداء تلك الأغنية، توجّهت إلى الجمهور قائلةً:" لقد قدّمت لكم الأغاني التي تناسب أزيائي الزهرية ـ التي صمّمها المبدع نيكولا جبران ـ أي لقد قدّمت لكم الأغاني الفرحة، أمّا بعد الإستراحة فحضّروا المناديل، لأنّي سأعود بالكحلي لأبكي وأبّكيكم".
وبعد الإستراحة دخلت أصالة بمصاحبة المايسترو خالد فؤاد ، وقدّمت أغنية "عادي" التي حملت عنوان الألبوم الأخير، وهي من ألحان صلاح الشرنوبي، وتابعت بأغنية "ومشيت سنين" التي تفاعل الجمهور مع الآهات النابعة من صدر أصالة خلال أدآئها لتلك الأغنية، وذوّبت الجمهور إحساساً وطرباً، عندما غنّت لعبد الحليم "صافيني مرّة"، والجمهور يردّد:
"صافيني مرّة... وجافيني مرّة..
ولا تنسانيش كده بالمرّة.. صافيني مرّة وجافيني مرّة... صافيني مرّة".
وأكملت أصالة في أغاني "البكاء" كما أسمتها، أو الأغاني "الرسالة" كما نسمّيها نحن، حيث تعبّر تلك الأغاني عن الحالة التي تعيشها أصالة حالياً في ظلّ المشاكل التي تسود بينها وبين زوجها أيمن الذهبي، ولعلّ أبرز ما كان في وسع أصالة قوله في مثل تلك اللحظات العصيبة:
" عايز تبعد طيّب.. إبعد وإنت طيّب
وودّع قلبي بطيبة.. ما أنا برضه الحبيبة
ما تشوفنيش غريبة... وما تنساش الطيّب".
وتقف أصالة مع الحبيب القاسي على مركبة، وتغنّي بقلب مجروح:
"أنت وأنا واقفين سوا على مركبة من غير شراع
عمّال بيحدفنا الهوا بين اللقا وبين الوداع
وعشان تعدّي المركبة وتوصّلك برّ السلام
لازم نقلّل حملها وأنزل أنا من غير كلام".
رائعة أنت يا أصالة بهذا الإحساس المنساب كشلال مياه يدغدغ وجه البحيرة تاركاً فيها أبلغ الأثر، ثمّ تقول له الحقّ، وأغنية "عايز الحقّ"
وتبدع أصالة في المقطع التالي مؤدّية إياه بإحساس بالغ:
" إستنيتك عمر بحالو وانت بعيد
كان من حقّي إنّي أقابل حدّ جديد
يعني إنتهت كلّ الحكاية .. وما عادش فاضل غير سكوت
ما فات الوقت، وجيت دلوقت، وأنا مضطرّة أقولك لأ ... لأ .. لأ"
ويعلو التصفيق في القاعة العظيمة، وتكمل أصالة تفاعلها وإحساسها الجميل بكلمات الأغنية، قائلةً:
"جيت متأخّر والأيام ما بتستناش... جاي تقولها لأ من فضلك ما تقولهاش
مين يبتدي بعد النهاية... من بعد ما الأيّام تفوووت..."
وتصل أصالة إلى قمّة الإبداع والإحساس في اغنية "آسفة" من ألبومها الجديد:
"آسفة شفلك غيري ... مش حتحمّل تعبي معاك
أنت عايزلك حدّ يضحّي.. مهما بتعمل إيه ويّاه
وأنا جرّبت ده كلّه معاك... ضعفت وضعفي معاك قوّاك
بس لإيمتى أنا حفضل أضحّي... وأقولي لإيمتى أنا حبقى ملاك"
وتجيد أصالة في التطريب والتعريب في المقطع التالي:
"شوف قدّ إيه ويّاك تعبت
وقدّ إيه سكت وتحمّلت"
تقول أصالة تلك الكلمات، بصوت مخنوق، يصدر عن حنجرة تعبة تغصّ بالبكاء، فلم تتمالك نفسها، وأدارت وجهها للفرقة الموسيقية، وأخذت تذرف دموعاً حارّة لا شكّ أنّها نابعة من قلب صادق نتيجة معاناة كبيرة، ناتجة خصوصاً عن الإنفصال الذي وقع مؤخّراً بينها وبين زوجها أيمن الذهبي، وناتجة أيضاً عن المعاناة المترتّبة عن الحياة التي عاشتها أصالة بين خصام ووصال بينها وبين زوجها، ولكن يبدو أنّ الأمور تأزّمت كثيراً هذه المرّة، ومن الواضح أنّه لا سبيل للصلح، ولا للعودة إلى الوراء، وبعد أن ذرفت أصالة دموعها، عادت إلى الميكروفون، فحيّاها الجمهور مصفّقاً، وبالهتفات، وبعد أن إنتهت من آداء تلك الأغنية، وقف أحد الحضور في المسرح قائلاًُ بصوت مرتفع:
"عشرة على عشرة يا ستّ".
وأدّت أصالة بعد ذلك الأغنية المفضّلة لديها "يا مجنون"، وطلبت من الجمهور أن يشاركها الغناء، فلم يردّ طلبها، وبعد الإنتهاء من تلك الأغنية شكرت أصالة الدكتور عواطف سراج الدين على الفرصة التي أتاحتها لها للقاء جمهورها في القاهرة، وقالت:" لقد كنت اليوم، بفرحي وبحزني، كنت أصالة، كلّ واحد فينا فيه جانب سعيد، وفي جانب حزين، ولقد شعرت اليوم بأنّي أصالة فعلاً، وأستغلّ الفرصة لأهنّئ سيادة الرئيس حسني مبارك على فوزه في الأنتخابات".
وختمت أصالة وصلتها الثانية برائعتها "ما بقاش أنا"، وما أن إستهلت أصالة مطلعها، حتّى قاطعها الجمهور بالتصفيق، فأعاد المايسترو خالد فؤاد العزف من جديد، فغنّت أصالة:" بحبّك قدّ الأرض، قدّ السما، قدّ النجوم"، فصرخ واحد من الجمهور:"وإحنا كمان منحبّك يا أصالة".
وبعد ذلك صعدت الدكتور عواطف سراج الدين إلى خشبة المسرح لتسلّم أصالة درع الليونز التكريمي تقديراً لها ولأعمالها الخيرية، ثمّ قدّم أحد الشبّان من جمعيّة محبّي أصالة في نادي شباب الجامعة الأمريكية في القاهرة درعاً تكريمياً لها أيضاً.
وفي الختام أعادت أصالة الأغنية التي خصّصتها للرئيس المصري حسني مبارك، خاتمةً بذلك ليلة من أروع ليالي دار الأوبرا، والقاهرة الجميلة السهرانة على ضفاف النيل الخالد الذي حمل في طيّاته أصداء صوت أصالة الذي شدا بإحساس رفيع ليلة أمس في رحلة أبديّة ستظلّ آثارها حاضرة وأصداؤها متردّدة على مرّ السنين.
[email protected]