الجمعة: 25. 11. 2005

... واللجنة استجوبت أيوب والطفيلي مجدداً


ارتفعت أمس المؤشرات على تقلص فرص الوصول الى اتفاق بين سورية ولجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، بإعلان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع ان اللجنة "ترفض التعاون مع سورية" في وقت أنهى الموفد الرئاسي السوداني مهمته في بيروت بعد دمشق ونقل خلالها الى المسؤولين اللبنانيين رسائل من الرئيس السوري بشار الأسد يؤكد فيها شكوكه في ان تستغل هذه القضية من أطراف غير لبنانية للاضرار بسورية وبلبنان.
في ظل هذه الأجواء أخضعت لجنة التحقيق الدولية كلا من صاحب صحيفة "الديار" شارل أيوب والعقيد غسان الطفيلي لاستجواب جديد انتهى مساء وعادا في ختامه الى منزليهما، علماً ان فريقا من اللجنة حضر خلال النهار الى منزل الطفيلي في مساكن الضباط في محلة بئر حسن واستحصل على النص الأصلي لتقرير كان رفعه قبل مدة الى اللجنة بناء على طلبها.
وترددت معلومات ان تحقيقات واستجوابات ستجريها اللجنة اليوم وفي الأيام المقبلة وفق لائحة وضعتها ولم تتوافر معلومات عن الأشخاص الذين ستشملهم هذه التحقيقات.
في موازاة ذلك استمع المحقق العدلي في محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة القاضي صقر صقر أمس الى إفادة العميد مصطفى حمدان بصفة شاهد ولم يحضر الشاهد ماجد حمدان لوجوده في الخارج.
الى ذلك، بدا من المواقف أمس ان أي اتفاق أو تقارب لم يحصل بين دمشق واللجنة الدولية لا حول توقيع بروتوكول التعاون بينهما أسوة بالبروتوكول الذي حصل بينها وبين لبنان ولا بالنسبة الى مكان استجواب المسؤولين الأمنيين السوريين المشتبه فيهم.
وفي هذه الأجواء أوردت وكالة الصحافة الفرنسية من الرياض ان "العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز تلقى اتصالاً من الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد بحثا في خلاله في المستجدات على الساحتين العربية والدولية" حسبما أفادت وكالة الأنباء السعودية التي أضافت ان الاتصال تطرق الى تطورات الأوضاع بالنسبة الى سورية والمستجدات الدولية في هذا الخصوص.
وقال الوزير الشرع في لقاء مع صحافيين في دمشق ان "رفض (رئيس لجنة التحقيق القاضي الالماني ديتليف) ميليس توقيع بروتوكول تعاون يعني ان اللجنة لا تريد ان تتعاون مع سورية". واضاف ان "ميليس يرفض التعاون ويرفض العرض الذي قدمته سورية" في شأن استجواب المسؤولين السوريين الامنيين في مقر قيادة القوة الدولية في الجولان السوري (اندوف). واوضح ان رفض هذا المكان "خلق شكوكا لدى القيادة السورية".
وقال: "لو ان الموضوع الوصول الى الحقيقة وتحقيق العدالة لكان قبل ميليس بما عرضته سورية". واكد الشرع ان دمشق "عرضت اجراءين: مكان اللقاء وتوقيع بروتوكول تعاون، وعدم استجابة ميليس للمسألتين كان موضع استغراب القيادة السورية والشعب السوري". وسأل: "لماذا يرفض ميليس بروتوكول تعاون؟" واوضح ان مقر الاندوف "يمتاز بانه يخضع للسيطرة الكاملة للامم المتحدة والاتصالات متوافرة فيه مع نيويورك عبر الاقمار الاصطناعية". وقال ان "بروتوكول التعاون كان يمكن ان يتيح حلولا لكثير من القضايا المعلقة بما فيها مكان (الاستجواب) لو تم التفاوض في شأنه".
واضاف الشرع: "اجرينا اتصالات مع كل اعضاء مجلس الامن وشرحنا رغبة سورية الاكيدة في التعاون على اسس واضحة". واكد ان "رفض توقيع بروتوكول التعاون غير مبرر وكل المسؤولين الذين التقيناهم تفهموا وايدوا هذه النقطة".
واعتبر الشرع ان "المستهدف هو سورية ولا فرق بين النظام والشعب". وقال: "نحن لا نسعى الى المواجهة وهي ليست هدفنا بل قد تفرض علينا، الاحتمالات السيئة يجب الا يصل اليها مجلس الامن واذا فرضت المواجهة علينا فسندافع عن انفسنا".
ولم يعلق الشرع على تقارير تحدثت عن ان القاضي ميليس أمهل دمشق الى اليوم للموافقة على استجواب المسؤولين الأمنيين السوريين الستة في جنيف او فيينا. لكنه أشار الى ان دمشق "قد تتخذ موقفاً مرناً في شأن مكان الاستجواب اذا تم الاتفاق على الإطار القانوني". وقال: "رفض توقيع البروتوكول يعني ان اللجنة الدولية لا تتعاون مع سورية, وهذا الرفض لا يمكن تبريره" وأضاف ان سورية لا تزال تنتظر أجوبة من ميليس.
الى ذلك تجمع نحو الفي سوري أمس في ساحة الامويين في دمشق تعبيرا عن تضامنهم مع سورية التي تتعرض لضغوط دولية من اجل التعاون في التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري.
وقال النائب السوري محيي الدين حبوش في خطاب القاه وسط تصفيق الحاضرين: "لن نسمح ابدا بالتحقيق مع اي سوري خارج هذا الوطن"، واضاف: "العالم كله يعرف ان اغتيال رفيق الحريري هو اغتيال لسورية"، متابعا: "نحن نريد الحقيقة ولكن ليس على حساب كرامة هذا الشعب".
ودعت غرفة التجارة في دمشق الى التظاهرة التي شارك فيها رجال اعمال وصناعيون ونواب. وهتف المشاركون في التظاهرة "الله سورية بشار وبس"، و"بالروح بالدم نفديك يا بشار"، وقد حملوا صورا للرئيس السوري بشار الاسد واعلاما سورية.
وتستمر التظاهرات الاحتجاجية والاعتصامات مع استمرار الضغوط الدولية على دمشق لحضها على التعاون في التحقيق في اغتيال الحريري.
المبادرة السودانية
في غضون ذلك أنهى الموفد السوداني مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني عمر البشير جولته على المسؤولين في إطار المبادرة التي يقوم بها من أجل تقريب الحوار الأخوي بين لبنان وسورية ومعرفة الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وازالة العقبات التي تواجه لجنة التحقيق الدولية, حسبما أوضح.
وقد شملت لقاءات اسماعيل رئيس الجمهورية العماد اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة والأمين العام لــ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ووزير الخارجية فوزي صلوخ ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط.
وأوضح اسماعيل في تصريحات أدلى بها اثر لقاءاته هذه انه اذا استمرت مرحلة عدم معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال الحريري "سيستمر الاستقطاب الحاد الموجود الآن على الساحة اللبنانية وبين الدول العربية وكذلك بين سورية ولبنان".
وأكد ان هدف التحرك السوداني هو "إزالة العقبات من امام لجنة التحقيق الدولية لمعرفة حقيقة من قتل الرئيس الحريري, ولكنه في الوقت نفسه يهدف الى ان تتم هذه العملية بمهنية من دون ان تستغل الحادثة لتمرير اجندة أخرى تستهدف سورية او لبنان او الأمن القومي العربي" وقال: "لدينا شعور ان هناك محاولات لاستغلال هذا الحادث ويقيننا بأن لا لبنان ولا سورية يريدان لهذا الحادث ان يستغل".
على ان جنبلاط عبر عن موقف اثر اجتماعه بالموفد السوداني بدا وكأنه ينهي مهمته, اذ قال: "أعطيت وجهة نظري حول موضوع العلاقات اللبنانية ــ السورية ولا استطيع شخصياً ان اخرج عن إطار القرار 1636 وعندما تنفذ سورية القرار 1636 وتنصاع اليه عندها نستطيع ان نبحث مع المسؤولين العرب والرئيس السوداني والملك عبدالله وغيرهما في استقرار المنطقة, لكن قبل 1636 الأمر صعب جداً. الحقيقة مقرونة بالاستقرار". وأضاف: "انني اتقيد بالقرار الدولي 1636 (...) يعني اننا نريد جميعاً ان نعرف الحقيقة وبعدها نقرر مع المسؤولين العرب والدوليين من خلال الحقيقة كيف نصل الى علاقات طبيعية وموضوعية مع سورية".