خدام يخلي مكتبه وطلاس بعد مقاطعته جلسات العمل يعتذر في ختامية «البعث» عن أي مهام مستقبلية


دمشق ـ من جانبلات شكاي:

في اليوم الثالث للمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم في سورية، بدت المؤشرات تتضح الى اين تسير الامور، فنائب الرئيس عبد الحليم خدام، الذي طلب في الجلسة الاولى من اجتماعات اللجنة السياسية اعفاءه من مهامه السياسية والحزبية، لم يشاهده اعضاء المؤتمر امس مشاركا في الجلسات الصباحية، في حين شارك اول من امس في الجلسة المسائية مع اللجنة الاقتصادية.
وفي الاتجاه نفسه، كشفت مصادر مقربة من وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس، انه سيتجه اليوم لحضور الجلسة الختامية للمؤتمر، وقبل اجراء الانتخابات، «حتى يقدم اعتذاره من أي مهام حزبية مستقبلية، بعد ان تغيب عن كامل الجلسات التي عقدت، باستثناء الجلسة الافتـتاحية».
وترافق غياب خدام عن المؤتمر امس، مع مباشرة اخلاء مكتبه، الكائن في حي ابو رمانة، من اغراضه الشخصية.
وعلى مستوى النشاط السياسي المرتقب، خصوصا في مجال اقرار المؤتمر توصية لاصدار الجهات المختصة في الدولة قانونا للاحزاب السياسية، فإن مداخلات الامس ذهبت، مثل الايام السابقة في اتجاه عدم الترخيص لاحزاب اسلامية او مسيحية او كردية، وهو الامر الذي عبرت عنه صراحة الناطق الرسمي باسم مؤتمر الحزب، وزيرة المغتربين بثينة شعبان، حيث اكدت ان الاحزاب التي سيرخص لها «يجب ان تكون غير طائفية وغير عرقية وغير دينية وغير مناطقية».

واوضح اكثر من عضو اتصلت بهم «الرأي العام»، ان النقاشات «دلت الى درجة معينة انه لن تكون هناك توصية في اتجاه الغاء القانون 49»، الذي يحكم على اعضاء حركة «الاخوان المسلمين» بالاعدام.
وقالت المصادر ان العديد من المداخلين «انتقدوا في شدة حركة الاخوان المسلمين المحظورة، بل انهم ربطوها بالحزب الذي يتزعمه فريد الغادري في واشنطن، مؤكدين عمالة هذه المعارضة واستقوائها بالخارج، على خلاف معارضة الداخل، التي اثنى البعض على وطنيتها وضرورة الانفتاح تجاهها».
وفي موضوع متصل، وجه مثقفون ومعارضون، رسالتين مفتوحتين الى مؤتمر الحزب وقع على الاولى 250 ناشطا، وعلى الثانية 100. وطالب اصحاب الرسالة الاولى، بـ «الحرية لمعتقلي ربيع دمشق، وللناشطين الحقوقيين الذين تم اعتقالهم اخيرا», وقالت «يقترب العام الرابع على ازهار ربيع دمشق وهي تقاوم الذبول في السجن، فاطلقوا لها مياه الحياة ونور الحرية اعيدوا اليها وللربيع ولدمشق ألقهم».
وكانت السلطات اعتقلت مع انقضاء العام الاول من عهد الرئيس بشار الاسد، كلا من النائبين رياض سيف ومحمد مأمون الحمصي، واستاذ الاقتصاد عارف دليلة، والناطق باسم منتدى جمال الاتاسي، المحامي حبيب عيسى، اضافة الى كل من وليد البني وفواز تللو.
وقبل المؤتمر بفترة قصيرة، اعتقلت رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان المحامي محمد رعدون، وعضو مجلس ادارة منتدى الاتاسي علي العبد الله، والناشطين الحقوقيين نزار رستناوي، حسن ديب ورياض درار.

ووقع على الرسالة الاولى، معارضون من الداخل والخارج، ومثقفون يساريون واسلاميون، ونشطاء حقوق الانسان.
والرسالة الثانية كانت موجهة الى المؤتمر من المثقفين الكرد في محافظة الرقة حصرا وطالبوا خلالها بـ«إصلاح القضاء وتأكيد استقلاليته» و«الحد من الممارسات العنصرية والشوفينية» و«تطبيق مبدأ الكفاءة العلمية والعملية والسلوكية على كل موظف أو عامل» و«احداث آلية لإيجاد إعلام وصحافة حرّة ومستقلة وفعالة» و«توسيع ساحة الحرية وإلغاء الأحكام العرفية، وإصدار قانون الأحزاب وتكريس دور المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والثقافية، وتجسيد مبدأ قبول الرأي الآخر» و«الاعتراف بالاكراد رسمياً ودستورياً ومنحهم حقوقهم القومية المشروعة أسوة بإخوانهم العرب».
وفي مؤتمرها الصحافي اليومي، نفت شعبان علمها بوصول الرسالة التي وجهها المثقفون إلى المؤتمر للإفراج عن المعتقلين السياسيين,وقالت: «لكن تم بالفعل قبل المؤتمر الإفراج عن بعض منهم، ومناقشة هذا الموضوع في المؤتمر تتم بخصوصية معينة سيتم اعلانها لاحقا».
كما شهدت مناقشات الامس، انتقادات شديدة من طريقة تعامل الخارجية مع الاعلام المحلي، وايضا من حصر نقل صورة ما يجري في المؤتمر بشعبان رغم وجود لجنة اعلامية تضم العديد من الاعضاء، من بينهم وزير الاعلام مهدي دخل الله.

وقالت المصادر «ان احد رؤساء تحرير الصحف المحلية انتقد وزارة الخارجية التي تسرب دوما اخبارها عبر مراسلي الصحف والوكالات العربية والاجنبية، في حين تفرض رقابة شديدة على الصحف المحلية», وتساءل الاعلامي السوري: «كيف تريدون لنا ان نستعيد ثقة قارنا وجمهورنا وانتم لا تعطونا المعلومات بل تسربوها للخارج».
من جهتها، كشفت شعبان أن لجان الصياغة مقرر لها ان تقدم توصياتها للمؤتمر العام الذي سيناقشها اليوم، على ان يتم بعد ذلك إجراء انتخابات اللجنة المركزية والقيادة القطرية, وقالت أن «الكثير من الأعضاء دافع عن ضرورة الإبقاء على اللجنة المركزية والقيادة القطرية لكن لم تحسم بأي عدد ستبقى»، كما طالبوا بـ «إعطاء اللجنة المركزية مهمة الرقابة على عمل القيادة القطرية».
واكدت ان المناقشات «تطرقت إلى المنطلقات النظرية لحزب البعث، ومواكبتها لما يجري اليوم على الساحة العربية الإقليمية والدولية»، موضحة ان «الذين يناقشون الدستور لإقرار مبدأ فصل الحزب عن السلطة التنفيذية سيجدون الصيغة المناسبة التي لا تـتعارض فيها، مع المادة الثامنة من الدستور التي تقول بأن حزب البعث الحزب القائد للدولة والمجتمع».
وتابعت «إن كون الحزب قائدا، هذا لا يعني أنه كل الدولة والمجتمع، كما أن وجوده في القيادة لا يلغي وجود أطراف أخرى».