د. مردخاي كيدار:

سيدي المحترم
أولا اقدم نفسي: أنا يهودي اسرائيلي، محاضر في قسم الدراسات العربية في جامعة بار-إيلان بالقرب من تل أبيب. وبين المواضيع التي اعلّمها موضوع وسائل الاعلام العربية، وبطبيعة الحال تحتل قناة الجزيرة مكانا بارزا في دروسي، وبرنامجك "الاتجاه المعاكس" يحتل فيها مكان
الصدارة.

عليّ ان اعترف بانني كنتُ قد تصورتك منذ سنين كشخص يقوده المنطق السليم ويفكر بالعقل المتين وشاهدتك مرات عديدة تقود برنامجك بجرأة وبصراحة وبحزم يفتقر اليها الكثير من مقدمي البرامج في الاعلام العربي الحر ناهيك عن أبواق البروباجاندا - الدعاية الحكومية. ومن عظيم تقديري لبرنامجك فقد استشهدت ببعض الاقتباسات منه في كتابي الذي نُشر مؤخرا ليرى قارئ الانجليزية ما هي التحديات التي تواجهها الانظمة العربية في عصر الفضائيات الذي لن يتمكن احد من تجاهل دورك الفعال في صياغة اسلوب الكلام فيها واختيار المواضيع المطروحة على بساط بحثها.

ولكن اليوم حدث شيء غريب عندما قرأتُ مقالك "فتش عن اسرائيل!" الذي نشرته صحيفة "الشرق" القطرية وسألتُ نفسي: هل الكاتب هو نفس الشخص الذي اكنّ له جل الاحترام؟ واذا كان هو نفس الشخص فكيف يمكن تفسير الهوة الشاسعة بين العقلانية المستنيرة التي تقوده في "الجزيرة" والسخافة المعتمة التي اتسمت بها اقواله في "الشرق"؟

فجلستُ الى الحاسوب لأكتب مقالا ارد فيه على صاعك صاعين وما اسهل تفنيد ما كتبته من مزاعم لا رأس لها ولا رجلان ولا تمت للحقيقة بصلة. ولكنني لا ابحث عن "ايزي جوب" - العمل اليسير - فاتحداك، يا سيدي الكريم، بدعوتي الى برنامجك "الاتجاه المعاكس" ولنكن نحن الاثنين طرفي النقاش وليكن موضوع النقاش بيننا مدى مسؤولية اسرائيل عن مصائب الامة العربية ومشاكلها وعللها واترك لك حرية اختيار مقدم من طاقم "الجزيرة" لهذه الحلقة مع انني اعلم يقينا ان عدد الموالين لاسرائيل في "الجزيرة" لا يعدو الصفر.

ولكن بعد ثوان طفا الى ذاكرتي انني لم اشاهد قط ضيفا اسرائيليا في برنامجك!!! وهذا بالرغم من ان الكثير من برامج "الجزيرة" تستضيف الاسرائيليين حينما يتعلق الموضوع باسرائيل!! فربما يعود السبب الى أنني لم اشاهد بعض الحلقات، ولكن - اذا كنتُ على حق وأنت لم تستضف قط اي اسرائيلي - فاتساءل: هل هذا نوع من "الرأي والرأي الآخر" الذي تتباهى به قناة الجزيرة؟ واذا كانت اسرائيل قوة مؤثرة سلبا حسبما كتبت في "الشرق" فهل من المعقول تهميشها واقصاؤها من نقاش حر وصريح؟ وهل يكون خوفك من مواجهة اسرائيلي بهذا القدر الذي يشل قدرتك على اجراء مواجهة مباشرة معه؟ أوهل تعجز عن تصويب نظرتك الى عيني صهيوني في محاولة حقيقية للاصغاء اليه ولفهم اقواله؟ أو ربما يساورك الرعب من صدق اقواله فترغم على الاعتراف بأنه على حق، والعياذ بالله؟

اتحداك، سيدي المحترم, وادعوك لمبارزة كلامية على ساحة "الاتجاه المعاكس" فهل ترفع القفاز؟

مع وافر الاحترام وفائق التقدير

[email protected]

د. فيصل القاسم: فتش عن إسرائيل!