الإثنين: 19. 09. 2005

العَلَمُ الذي نخبئه في الجيب، ليس علَماً: انه منديل”

(إميل دي جيراردان)

“عثمان بن علي الاعظمي”، شاب عراقي، اسمه محيّر، وما قام به قبل اسبوعين، عمل محيّر، لأنه في سنوات عمره، وفي طبيعة عمله، لا يعجب ارهابيين اختطفوا مدناً عراقية من أهلها الحقيقيين، وغير مرغوب فيه من قبل اعلام الشحن الطائفي، مقروءاً ومسموعاً ومرئياً، والذي تغذيه دولارات أمريكا وأصدقائها.

عجايب! كيف يتأتَّى لهذا الشاب الاعظمي، عثمان بن علي، أن يترك لقمة طعامه في صينية الزاد، ويهرع إلى نهر دجلة، عند جسر الأئمة من جهة الاعظمية، ويلقي بنفسه إلى نهر دجلة، بعدما سمع سادة من أهل الأعظمية ينادونه: يا أهل العراق، أبناء العراق يغرقون تحت جسر الأئمة.

وهكذا كان مصيره مثل سطل ماء كُبَّ في محيط من ماء: نسيه التهريج العربي، وصمت عنه، بل وتتناساه اعلام الشحن السياسي الطائفي، وعندما حاول هذا الشاب النجيب ان يسأل بعض هؤلاء عن أسباب تركه يغرق حتى الموت، في صمت اعلامي، وثقافي هائل جاءه الجواب: في السياسة، تقتضي الحكمة بعدم الأجابة عن الأسئلة على الاطلاق، لأن السياسة فن عدم ترك الأسئلة توزن!

قبل هذا الشاب الاعظمي المحيّر: عثمان بن علي، كان شقيقه العراقي الأصغر منه سناً، ابن الثانية عشرة: علي بن اسماعيل بن عباس، الذي من “ديالي” الذي قطع الغزاة الأمريكيون يديه قبل سقوط بغداد، أقول: كان “علي” مشروع اعلان سياسي قصير الأجل، تناوبه الاعلام المخاتل، وتناوشته ثقافة البيع والشراء بدماء الأطفال العراقيين.

وهكذا كان ايضاً مصير زميله، الفتى: احمد محمد حمزة، الذي كان رمّة، بعدما دمر المحتلون مدينته.

وهكذا ايضاً مآل الألوف في “مقبرة المحاويل”، وقبلها حياة السيدة “زهور اللامي” وحياة المواطن “محمود الفيلي” بل وليس آخرهم المواطن الموصلي: “ساهر فرج مرخاي”، الذي اختطفه المتشددون ولم يطلقوا سراحه إلا بعد ما استدانت عائلته (100) ألف دولار أمريكي اخضر، نقداً وعداً.

لا أب لكم، والله.

إلى هذا الحد بلغ بكم استرخاص دم اطفال العراق؟ وإلى هذا الدرك الأسفل نزلتم بأحلام شاب عراقي من سادة الاعظمية اسمه: “عثمان بن علي” لأنه ترك لقمة زاده، ونزل إلى النهر، لينقذ شباباً في مثل سنه من زوار الأمام موسى الكاظم.

لماذا لا تتعرّق جباهكم، ياهؤلاء؟ ليش ... يا ...؟!

[email protected]