الخميس: 2006.10.12


بعد ربع قرن على اغتيال السادات.. شهادات أمريكية جديدة


عرض:جمال عصام الدين

بعد ربع قرن على اغتيال الرئيس السابق أنور السادات يبدو أن الجدل حول الحقبة التى حكمها لن يتوقف، فآثارها السياسية والاجتماعية والاستراتيجية امتدت لما بعده. وقبل أسابيع صدرت كتب جديدة فى الولايات المتحدة روت بعض خفايا وأسرار هذه الحقبة التى شهدت انقلابا واسعا على خيارات ثورة يوليو تحت قيادة جمال عبدالناصر، وتحولا استراتيجيا خطيرا فى معادلات المنطقة مازلنا ندفع فواتيره حتى الآن.
ما الذى حدث بالضبط فى كواليس السلطة العليا.. وما طبيعة علاقات الرئيس الراحل بالدوائر الأمريكية.. كيف صعد.. وكيف رحل..!
شهادات أمريكية جديدة تقترب من الملف المثير للجدل، والأخطر أنها تزعم أن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية يتحمل مسئولية ما فى حادث الاغتيال!، وهو زعم تعوزه الوثائق المؤكدة، ولا يصح أن تطلق الأحكام النهائية فيه مجردة أو بناء على استنتاجات عامة.
وعلى كل الأحوال فمن حق الرأى العام هنا فى مصر الاطلاع على تلك الشهادات الجديدة فى ملف يصعب إغلاقه ولو بعد ربع قرن!.
أغلب الكتب التى صدرت عن عملية اغتيال أنور السادات ركزت على الأسباب الظاهرة التى تتلخص فى عوامل الاحتقان السياسى الداخلى، خصوصا من جانب الجماعات الإسلامية المتطرفة التى يرجع الفضل له هو فى إطلاق سراحها من القمم، ثم انقلب السحر على الساحر وخرجت هذه الجماعات لكى تغتال أنور السادات فى النهاية فى يوم 6 أكتوبر 1981 المشهود.


إلا أن هناك القليل من الكتب تتعامل مع الجوانب السرية الأخرى التى أدت لاغتيال أنور السادات وأهمها علاقته بالدوائر الأمريكية وعلاقته بالمملكة العربية السعودية، خصوصا الملك فيصل الذى تولى الحكم من 1964 وحتى 1975 11 سنة حكم مثل أنور السادات وما تبعها من علاقة بين كمال أدهم صهر الملك فيصل ورئيس جهاز المخابرات العامة السعودية. والمعروف أن أدهم الذى توفى منذ أعوام قليلة كان على علاقة وثيقة بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية. هناك عدد قليل من الكتب تعرض لهذه الجوانب من حياة أنور السادات، ولكن كلها لم تتمكن من رسم صورة كاملة لعلاقته بها أو لدورها فى عملية اغتياله. إلا أن السوق الأمريكى شهد مؤخرا صدور كتابين من أهم الكتب التى تمكنت بصورة كبيرة من رسم صورة شبه كاملة لعلاقة السادات بالدوائر الأمريكية وللدور الذى لعبته فى اغتيال أنور السادات فى 6 أكتوبر 1981. الكتاب الأول هو كتاب -لعبة الشيطان- الذى كتبه الخبير -روبرت دريفوس- وهو المحلل السياسى الأمريكى المعروف فى شئون الإرهاب الدينى فى العالم الإسلامى.


أما الكتاب الثانى فهو من أخطر الكتب التى صدرت مؤخرا فى السوق الأمريكى منذ شهر واحد فقط وانفردت بكشف أسرار مثيرة حول مشاركة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى اغتيال أنور السادات. اسم الكتاب هو -مقدمة للإرهاب: أدوين ويلسون وميراث شبكات المخابرات الخاصة الأمريكية-. ومؤلف الكتاب هو -جوزيف جى. ترينتو- الذى سبق له وألف واحدا من أكبر وأهم الكتب عن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وهو كتاب -التاريخ السرى لل سى. آى. إيه-. وكان المؤلف -ترينتو- يعمل قبل 35 عاما ضابطا فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلا أنه استقال وعمل محققا خاصا وتزوج من محامية متخصصة فى شئون قضايا هذه الوكالة. وقد كشف كتابه -التاريخ السرى لل سى. آى. إيه- عن عمق معرفته بأسرار هذه الوكالة، مما أدى إلى قيام وزارة العدل الأمريكية بفتح تحقيق مع ريتشارد هيلمز المدير السابق ل -سى. آى. إيه- فى الفترة من 1966 وحتى عام 1973. وفى كتابه الجديد -مقدمة للإرهاب- يكشف -ترينتو- عن الشبكات الخاصة التى نشأت داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وعلى يد عدد من ضباط هذه الوكالة نفسها وتحولهم إلى دول مارقة داخل دولة ال -سى. آى. إيه- مما أدى لانتشار الفساد داخل الوكالة وكانت النتيجة أن فشلت الوكالة فى تحديد مخاطر التطرف الأصولى الإسلامى، لأن هذا الفساد لعب دورا كبيرا بالتحالف مع السعودية وجهاز مخابراتها فى دعم هذا التطرف الذى انقلب على أمريكا فى النهاية فى أحداث 11 سبتمبر 2001. كما كان من نتيجة الفساد نشوء شبكات خاصة داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والشيء الأهم لنا هو تحالف الشبكات مع عدد من السياسيين المصريين البارزين الملتفين حول أنور السادات فى عمليات بيزنس مشبوهة، مما أدى لاغتياله فى النهاية. بصراحة يقول جوزيف ترينتو فى كتابه -مقدمة للإرهاب- إن السادات راح ضحية تحالف حفنة من أكبر السياسيين المصريين الفاسدين الذى التفوا حوله منذ منتصف السبعينيات وقربهم إليه، إلا أنهم استغلوا هذه العلاقة وكونوا شبكة فساد ونفوذ وبيزنس مع شبكة خاصة داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وكان اكتشاف السادات لهذه العلاقات قبل بضعة أيام من اغتياله قد أصابه بالذهول. وكان ينوى التخلص من هذه الشبكة المصرية الأمريكية، إلا أنها تغدت به فى ظهيرة 6 أكتوبر 1981 قبل أن يتعشى هو بها بعد مرور هذا اليوم أو حتى فى ساعات مسائه بعد انتهاء العرض العسكرى. ويذكر جوزيف ترينتو فى كتابه أسماء مذهلة عن السياسيين الفاسدين المحيطين ب -أنور السادات- ويذكر تحالفهم المشبوه مع الشبكة الخاصة التى تكونت داخل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتى كانت ويا للعجب هى المسئولة عن النظام الأمنى الخاص الذى وضعته ل -أنور السادات-. كانت هذه الشبكة ومعها السياسيون المصريون الفاسدون تعرف بخطة جماعة الجهاد لقتل السادات، فقررت استغلالها حتى تتخلص من السادات الذى كان قد أصبح فى ذلك الوقت عبئا على جهات عديدة، ويبدو أن قرار موته والتخلص منه كان قد أصبح مطروحا بقوة على أجندة عدد من العواصم العالمية فى هذه الفترة العصيبة المعقدة.


ويجب الإشارة إلى أن هناك كتبا قليلة بارزة كتبت عن علاقة أنور السادات بالدوائر الأمريكية والسعودية، وعلى رأسها كتاب الأستاذ محمد حسنين هيكل -خريف الغضب- وكتاب الصحفى الأمريكى بوب وودوارد -الحجاب-.
فى كتاب -خريف الغضب- كان الأستاذ هيكل قد كتب عن علاقة السادات ب -كمال أدهم- مدير المخابرات العامة السعودية، وأرجعها لحوالى عام 1954 عندما كان عبدالناصر قد قرر تكوين منظمة المؤتمر الإسلامى ورشح أنور السادات لتولى رئاستها وهى المنظمة التى تعرف من خلالها أنور السادات على كمال أدهم، الذى كان فى ذلك الوقت مستشارا وصهرا للأمير فيصل قبل أن يصبح ملكا على السعودية. كما كتب الأستاذ هيكل عن دور كمال أدهم فى فتح قناة خاصة بين السادات من ناحية وبين وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من ناحية أخرى، وذلك فى أعقاب تولى أنور السادات الحكم وانفراده بالسلطة فى 1971. كما تحدث هيكل عن لقاء أنور السادات بوزير الخارجية الأمريكى هنرى كيسنجر فى 7 نوفمبر 1973 وبعد حرب أكتوبر مباشرة وكيف تم الاتفاق فى هذا اللقاء على أن تكون أمريكا مسئولة عن حمايته الشخصية وتم تعيين واحد من خبرائها فى الشئون العربية لكى يكون موجودا باستمرار فى مقر الرئاسة لمراقبة شئون الأمن. وتحدث هيكل عن نادى السفارى الذى شاركت فيه مخابرات خمس دول هى مصر والسعودية وإيران والمغرب وفرنسا، علاوة على أمريكا، لمواجهة المد الشيوعى فى إفريقيا حسبما قيل فى تلك الفترة.
كل هذه المعلومات وأكثر ذكرها الأستاذ هيكل فى -خريف الغضب-، ولكن كتاب -لعبة الشيطان- الذى صدر الشهر الماضى فى واشنطن يتتبع العلاقة التاريخية بين أنور السادات والدوائر الأمريكية ويرسم صورة تاريخية كاملة لها.


يقول الكتاب منذ سنوات ثورة يوليو الأولى كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تمتلك ملفا خاصا عن أنور السادات. كان هذا الملف يحتوى على معلومات عن سنوات العمل السرى التى اندمج فيها أنور السادات قبل الثورة وحيث كان واضحا أن أنور السادات من بين كل من شاركوا فى ثورة 23 يوليو 1952 أكثرهم التصاقا بالعمل السرى. احتوى هذا الملف على معلومات عن علاقة أنور السادات بالمخابرات الألمانية والجواسيس الألمان، مما أدى لاعتقاله ومحاولته اغتيال أمين عثمان فى يناير 1946 ثم انضمامه للحرس الحديدى الذى رعاه الملك فاروق ورئيس ديوانه أحمد حسنين باشا للانتقام من مصطفى النحاس باشا رئيس حزب الوفد بعد واقعة 4 فبراير 1942. وكيف حاول أنور السادات وشارك فى محاولة قتل النحاس باشا فى أبريل 1948. علاوة على أنه حتى بعد الانضمام لتنظيم الضباط الأحرار استخدمه قائد هذا التنظيم جمال عبدالناصر للتجسس على القصر والسراى الملكى وتسقط الأخبار من هناك.
ويواصل كتاب -لعبة الشيطان- متتبعا ملف أنور السادات فيقول بعد اندلاع حركة الضباط الأحرار فى 23 يوليو 1952 ألقى أنور السادات بكامل ثقله وراء الزعيم الحقيقى لهذه الحركة جمال عبدالناصر وربط مصيره بمصير عبدالناصر، ولذلك كان مؤيدا له فى كل المواقف التى اتخذها، خصوصا فى مواجهته الحاسمة ضد الجنرال محمد نجيب فى إطار الصراع على السلطة الذى اندلع بينهما. كما أنه فى الصراع بين عبدالناصر وجماعة الإخوان المسلمين التى حاولت الانقلاب على النظام الناصرى الناشئ اتخذ السادات جانب عبدالناصر بالكامل ورغم علاقاته القديمة بقيادات هذه الجماعة أثناء العهد الملكى. ووصل الحال أن قام أنور السادات فى يناير 1954 وفى أعقاب قيام مجموعة من -البلطجية- التابعين للإخوان المسلمين بالاعتداء على طلاب فى جامعة القاهرة بكتابة مقال هاجم فيه جماعة الإخوان ووصفها بأنها -جماعة الاتجار فى الدين-. وبعد هذا المقال بيومين فقط أصدر عبدالناصر قرارا بحظر الجماعة واصفا إياها بأنها -مخلب قط للإنجليز والمخابرات البريطانية.


كان كمال أدهم كما يقول كتاب -لعبة الشيطان- يبلغ وكالة المخابرات الأمريكية أولا بأول بتطور علاقته ب -أنور السادات-، خصوصا أثناء حرب اليمن التى مثلت استنزافا ل -جمال عبدالناصر- ونظام حكمه، رغم أن السعودية ومصر كانتا فى ذلك الوقت تقفان فى معسكرين متضادين.
وعندما مات عبدالناصر فجأة فى 28 سبتمبر 1970، وبعد أن كان قد عين السادات نائبا له منذ أقل من عام 10 شهور فقط لم تصدق الرياض وواشنطن نفسيهما ولم تتملكهما فرحة على حد قول الكتاب كتلك الفرحة التى جاءت مع تولى أنور السادات للحكم. لقد كانت السنوات الإحدى عشرة التى تولى فيها السادات حكم مصر كما يقول مؤلف كتاب -لعبة الشيطان- نعمة كبرى وحقيقية حولت مجريات السياسة لصالح الرياض وواشنطن تماما فى العالم العربى والشرق الأوسط. وبمجرد أن تولى السلطة قام السادات ذلك الثعلب السياسى عضو الإخوان المسلمين السابق ونصير عبدالناصر الدائم بعقد تحالف مع السعودية قام على إثره بضرب اليسار المصرى وأعاد الإخوان المسلمين منتصرين إلى القاهرة، ثم اختتم ذلك بتوجيه السياسة المصرية نحو الانحياز ل -الولايات المتحدة وإسرائيل-.
يقول كتاب -لعبة الشيطان- طوال سنوات السبعينيات لم يتحكم أحد فى أنور السادات مثلما تحكم فيه الملك فيصل وكمال أدهم.. بل الأكثر من هذا يقول الكتاب إن هناك عددا من السياسيين الذين أحاطوا ب -السادات- مثلما يحيط السوار بالمعصم، كانوا يتلقون أموالا ثابتة من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات العامة السعودية. يقول كتاب -لعبة الشيطان- إن علاقة السادات الخفية مع كمال أدهم كانت بدورها قناة سرية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ومع هنرى كيسنجر بالتحديد، وهو صديق ل -أدهم- والذى كان مهموما باعتباره وزير خارجية أمريكية بإعداد مسرح الشرق الأوسط لحرب باردة ضد السوفييت، وجاء تولى السادات الحكم ليكون تقريبا اللاعب الرئيسى على هذا المسرح.


ورغم علاقة كمال أدهم الوثيقة ب -السادات-، إلا أن الملك فيصل كان مازال خائفا من أن يتحول السادات إلى ثعلب سياسى يتلاعب بالسعوديين، وأن يكون فى حقيقته -ناصر- آخر. إلا أن كمال أدهم، وهو أخو -عفت- زوجة الملك فيصل، أكد للأخير أنه يعرف السادات منذ فترة طويلة وأن عضوية السادات القديمة فى -الإخوان- تؤكد وجود ميول يمينية لديه. وأن السادات كما يعرفه أدهم جيدا يعشق مظاهر الفخفخة فى الحياة، وبناء عليه قرر الملك فيصل تعيين كمال أدهم مبعوثا شخصيا بينه وبين أنور السادات، وهكذا لم يكن يمر شهر واحد على وفاة جمال عبدالناصر حتى كان كمال أدهم فى القاهرة يلتقى مع أنور السادات. وفى هذا الاجتماع قدم كمال أدهم وعدا ل -السادات- بأن السعودية سوف تتكفل له بمساعدات هائلة. وعلاوة على هذا وهو الأهم قدم كمال أدهم وعدا ل -السادات- بأن الولايات المتحدة سوف تساعد مصر فى الحصول على أرضها بشرط واحد هو قيام السادات بفض علاقته مع السوفييت، ويطلب انسحاب القوات السوفيتية من مصر. وفى يناير 1971 أصبح ل -كمال أدهم- وجود دائم فى مصر وفى حياة السادات. لم يكن أدهم مجرد وسيط موفد من الملك فيصل، ولكنه أصبح قناة سرية للتواصل بين السادات وكيسنجر وبين السادات ونيكسون بعيدا عن القنوات الرسمية المعروفة فى وزارة الخارجية. كما أنشئ خط ساخن بين السادات وفيصل وأصبح أشرف مروان الذى تولى منصب سكرتير السادات للمعلومات هو المسئول عن هذا الخط. والمعروف أن الولايات المتحدة لم يكن لها سفارة فى القاهرة فى ذلك الوقت، ولكن السفارة الأسبانية كانت هى التى ترعى المصالح الأمريكية فى القاهرة بعد قطع العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى أعقاب 1967.


وفى مايو 1971 بدأ السادات بالتخلص من رجال عبدالناصر بعدما ادعى أن هؤلاء كانوا يخططون للقيام بمؤامرة للإطاحة به ووصفهم بأنهم عملاء للسوفييت. وبمساعدة من أشرف مروان ذلك البيروقراطى المصرى قام السادات بالقبض على رئيس مجلس الأمة ووزير الدفاع وعدد آخر من الوزراء. لقد كان أشرف مروان صديقا حميما ل -كمال أدهم-، وأدهم الذى سعى لدى السادات لتعيينه سكرتيرا خاصا للمعلومات. ويقول دايموند كلوز مدير محطة ال -سى. آى. إيه- فى السعودية كان السيناريو المتفق عليه بعد التخلص من الناصريين هو طرد القوات السوفيتية من مصر. وبالطبع كان مزاج السادات مهيأ لذلك.
وبعد قضاء السادات على رجال عبدالناصر بأقل من شهر قام الملك فيصل بزيارة السادات فى القاهرة واتفق الاثنان خلال هذه الزيارة على أشياء أساسية: أن يواصل السادات طريقه فى التخلص من الشيوعيين البلاشفة الموجودين على أرض مصر والمقصود القوات السوفيتية الموجودة وأن يكون هناك تنسيق بينهما فى حالة لو قرر دخول حرب ضد إسرائيل والأكثر من هذا الاتفاق على إعادة قيادات الإخوان المسلمين المنفية فى السعودية وفى بلاد أخرى إلى مصر. وبدءا من صيف 1971 بدأ السادات فى إطلاق سراح المسجونين من أعضاء هذه الجماعة والسماح لأعضائها بالخارج فى العودة، وكل هذا بترتيب خاص من الملك فيصل ومدير مخابراته كمال أدهم. وفى إحدى المرات قام أعضاء هذه الجماعة يتقدمهم عمر التلمسانى وهو محام وبعد إطلاق سراحهم بالتوجه إلى القصر الرئاسى وتسجيل أسمى آيات الشكر ل -السادات- فى سجل التشريفات الخاص. وكانت تلك بدايات خروج قوى الإخوان من القمقم الذى فتحه السادات بترتيب خاص من السعودية وال -سى. آى. إيه-.


وبعد أن وفى السادات بوعوده مع الملك فيصل وكمال أدهم بالخلاص من رجال عبدالناصر وطرد الخبراء السوفييت من مصر وإعادة الإخوان المسلمين والعفو عنهم، كان يتبقى أن ينفذ الملك فيصل جانبه من اتفاقه مع السادات فى يونيو 1971 وهو المساعدة فى استعادة الأراضى المصرية المحتلة، خصوصا مع تزايد الضغط الشعبى عليه لاستعادة هذه الأراضى. ولكن لم تبرز إسرائيل ولا أمريكا رغم كل القنوات السرية معهما أى دلائل على الاستعداد لترك شبه جزيرة سيناء بل وسعت إسرائيل فى بناء بعض المستوطنات هناك. إلا أن الملك فيصل كان مصمما على عدم وقوع مصر مرة أخرى فى أيدى القومية العربية الراديكالية. فى البداية قام الملك فيصل بإصدار عدد من البيانات الصحفية ينتقد فيها الولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يحرك ساكنا. وفى صيف 1973 قام فيصل بنقل رسالة خاصة لرئيس شركة أرامكو الأمريكى -فرانك جنجيرز-، مشيرا فيها إلى المخاطر التى تواجه تدفق البترول من جراء قيام حرب مصرية إسرائيلية. ورغم ذلك لم تبال أمريكا وعندما فشل فى ذلك فى نفس الوقت الذى فشلت فيه اتصالات السادات السرية مع كيسنجر قرر الاثنان أنه لا مفر من الذهاب لحرب.
ويزعم مؤلف كتاب -لعبة الشيطان- أن السادات فتح مصر على مصراعيها لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، علاوة على أنه سمح لها بوضع أمنه الشخصى تحت حماية عناصرها الموجودة فى القاهرة. إلا أن ال -سى. آى. إيه- لم تلتفت إلى الجن الذى كانت قد أخرجته من القمقم بمعرفة أنور السادات وهو جن الأصولية الإسلامية. كان كل هم الأمريكان هو استخدام السادات كرأس حربة فى حربهم الباردة ضد السوفييت، وقد حقق لهم ما أرادوه ولكن بعد إخراج جن الأصولية الإسلامية من القمقم، وهو ما قاده إلى -المنصة الدامية-.