حسين أيوب - السفير

حلت ليالي القدر.. وبدأت تظهر تدريجيا بعض المفاعيل الداخلية لزيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى المملكة العربية السعودية.
وللمرة الاولى منذ انتهاء العدوان الاسرائيلي على لبنان، انفتحت الأبواب امام الحديث عن تسوية سياسية داخلية بعدما سلّم الجميع بأكثر من الاختلاف السياسي، وهو الاصطدام بالمأزق السياسي الذي يزنر البلاد والعباد.

وإذا كان فتح الباب امام الاخذ والرد في السياسة بين lt;المعسكراتgt; السياسية في مقلبي الاكثرية والمعارضة، بدا نقطة إيجابية بحد ذاتها، إلا ان النتائج الاولية للاتصالات والمشاورات البعيدة عن الاضواء، أظهرت ان أوان التسوية لم يحن بعد ولم يستخدم كل الاطراف وسائل ضغطهم كاملة وبالتالي فإن الامور تحتاج الى المزيد من الوقت سعيا الى تعديل التوازنات والوقائع السياسية.
وحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإن البحث انطلق قبل مغادرة الرئيس بري الى السعودية، حول إمكان اعادة الاعتبار الى مناخات التهدئة السياسية والاعلامية، قبل الدخول في نقاش قضايا خلافية كبرى على الصعيد الوطني، وكان الرئيس بري يردد قبل سفره الى جدة وبعد عودته منها، انه يؤيد تشكيل حكومة وحدة وطنية ولكن في مناخ سياسي هادئ ومن خلال توافق سياسي ينتج تلقائيا حكومة كهذه، أما مناخات التشكيك والتخوين فلن توصل الى هذا الهدف المنشود.

وتضيف المصادر نفسها أن بري صارح بعد عودته كلاً من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط وقيادة lt;حزب اللهgt;، بأنه لا يستطيع احد ان يقف بوجه قيام حكومة وحدة وطنية، ولكن للمسألة شروطها، فاتحا الباب امام وضع كل فريق شروطه لسلوك هذا الطريق.وتتابع المصادر ان طرح بري الذي كان حريصا في تصريحاته قبيل سفره الى جدة، على ان يربط بين حكومة الوحدة الوطنية ومسألة lt;الثلث المعطلgt;، لاقى أصداء إيجابية لدى lt;حزب اللهgt; والعماد ميشال عون وقوى أخرى أبرزها lt;اللقاء الوطنيgt;، لكن الامور بدت غير سهلة في المقلب الاكثري، حيث تصاعدت للمرة الاولى بعض الاصوات الداعية الى تعديل الحكومة الحالية وصولا الى توسيعها او الذهاب نحو حكومة جديدة لكن شرط البقاء ضمن المعادلة الحالية بتوازناتها السياسية والطائفية القائمة.

وتضيف الاوساط انه من بين العروض التي تم تداولها، إمكان جعل الحكومة الحالية من ثلاثين وزيرا، اي بإضافة ستة وزراء اليها، بالاضافة الى بديل للوزير المستقيل العميد حسن السبع، لكن المسألة التي واجهت احتمال التوصل الى تسوية هي عملية توزيع المقاعد، حيث يفترض من اجل الوصول الى الثلث المعطل الإتيان بخمسة وزراء جدد لكل من ميشال عون وباقي حلفاء lt;حزب اللهgt; وlt;أملgt;، ليصبح العدد الاجمالي لهذا الفريق 11 وزيرا (حاليا هناك خمسة وزراء شيعة بالاضافة الى يعقوب الصراف).
وتشير الأوساط نفسها الى ان رئيس الجمهورية اميل لحود بدا حاسما عندما قام البعض باستمزاج رأيه، حيث أكد لمن تولوا مراجعته بأنه لن يقبل بأي تعديل حكومي سواء بتثبيت الوزير احمد فتفت في وزارة الداخلية والإتيان بغيره الى مقعد وزارة الشباب والرياضة او بتوسيع الحكومة وجعلها من ثلاثين وزيرا بتوازناتها الحالية، وبالتالي هو متمسك بموقفه الداعي والداعم لتشكيل حكومة وحدة وطنية lt;وإذا لم يصل الفريق الآخر الى هذه القناعة الآن، وهو لن يتخلى، على ما يبدو، بسهولة عن الاكثرية الحالية، فإن الامور مستمرة على حالها والكل يعترف بوجود مأزق ولا مخرج منه في الأفق المنظورgt;.

وإذ أشارت المصادر الى ان البحث في المخارج ينطلق، حتى الآن، من lt;مسلمةgt; الإبقاء على فؤاد السنيورة رئيسا للحكومة، فإن خيار ولوج الحكومة الجديدة دونه محاذير عدة، أبرزها مسألة التأليف التي تبدو صعبة للغاية في ظل التوازنات الحالية ومطالبة lt;حزب اللهgt; وlt;أملgt; وميشال عون بlt;الثلث المعطلgt;، وكذلك الصعوبات التي ستواجه صياغة اي بيان وزاري على شاكلة البيان الحالي.
وإذ رفضت اوساط الرئيس نبيه بري التعليق على هذه المعلومات، شددت على متابعة الملفات التي طرحت في لقاء رئيس المجلس مع الملك عبد الله بن عبد العزيز وتتلخص بضبط التوتر السني الشيعي أولا، وإحداث انفراج ما في العلاقات السعودية السورية ثانيا، تطبيع العلاقات اللبنانية السورية في ظل الاستحقاقات الداهمة وأبرزها الملف الرئاسي وضرورة التوافق على مرشح رئاسي بأسرع وقت خشية الوقوع في الفراغ ثالثا، وضرورة إنشاء المحكمة الدولية التي حصل إجماع عليها في مؤتمر الحوار والالتزام بأية صيغة يقرها مجلس الامن الدولي رابعا.

أما اوساط رئيس الحكومة فاكتفت بالقول ان الحكومة الحالية باقية طالما هي تتمتع بثقة المجلس النيابي، وأضافت lt;نعم هناك إقرار من الجميع بأننا مختلفون سياسيا، ولكن دعونا نتفق على ادارة هذا الخلاف بطريقة حضارية من دون ان نعكسه سلبا على الشارع بما يؤدي الى الإضرار بالوضع العام في البلادgt;. وشددت على اهمية الالتزام بمناخات التهدئة وتوفير كل الظروف لانجاح مؤتمر باريس.
وقالت أوساط قيادية في lt;حزب اللهgt; إن الحزب متمسك وملتزم مرة ومرتين وثلاث مرات مع ميشال عون وباقي الحلفاء بالذهاب نحو حكومة وحدة وطنية، وأضافت lt;نعم نحن منفتحون على أي بحث مع الاكثرية في هذا الاتجاه لكن ليس على حساب الحلفاءgt;.

وقالت أوساط العماد ميشال عون إنه متمسك بمطلب حكومة الوحدة الوطنية ولكن ليس عن طريق جائزة ترضية على شاكلة الإتيان بوزير او وزيرين من lt;التيار الحرgt;، وأضافت lt;إننا منفتحون على اي بحث يؤدي الى تعديل جدي في التوازنات السياسية داخل السلطة السياسية انسجاما مع خطابنا الداعي الى اعادة تكوين السلطة وإعادة صياغة المشاركة السياسيةgt;. وأبدت ارتياحها للتحضيرات الجارية لمهرجان الأحد قائلة ان الكلام السياسي الحقيقي يحصل بعد الخامس عشر من تشرين الأول.