الخميس: 2006.09.07

تحتجب الصحف السودانية عن الصدور اليوم الخميس استنكاراً لاغتيال رئيس تحرير صحيفة ldquo;الوفاقrdquo; اليومية محمد طه محمد أحمد الذي اختطفه مجهولون مساء أمس الأول الثلاثاء، وعثر أمس على جثته في ضاحية جنوب الخرطوم، وقد فصل الرأس عن الجسد.

وقال مصدر في الشرطة لـrdquo;الخليجrdquo; إن الجناة تركوا وراءهم أدلة مهمة تشكل مفاتيح ستساعد على الوصول إليهم.

ولم تتبن أي جهة المسؤولية عن الجريمة المروعة، وأشار مراقبون إلى أن الصحافي الراحل المثير للجدل الذي تعرض لاعتداءات عدة كانت له معارك صحافية شرسة مع طيف واسع من القوى السياسية، فضلاً عن فتوى بإهدار دمه.

وكان رئيس تحرير ldquo;الوفاقrdquo; قد اعتقل العام الماضي وأغلقت الصحيفة لثلاثة أشهر بعدما نشرت سلسلة مقالات اعتبرها رجال دين وسياسيون إسلاميون تشكك في جذور النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقاضوه بالحسبة على الردة التي برأته منها المحكمة.

المزيد من التفاصيل في التقرير التالي:


الخرطومـ عماد حسن

ذبح مختطفون مجهولون صحافياً سودانياً بارزاً من الوريد إلى الوريد. وعثرت الشرطة ظهر أمس على جثمان محمد طه محمد أحمد رئيس صحيفة ldquo;الوفاقrdquo;، في منطقة الكلاكلة شرق، الضاحية الجنوبية للخرطوم، وقد فصل الرأس عن الجسد. وكان مسلحون مجهولون قد اختطفوا محمد طه من منزله في حي كوبر شمال الخرطوم مساء أول أمس، وانتشرت قوات الأمن بشكل غير مسبوق فور تلقيها نبأ الاختطاف، ونفذت عمليات بحث وتمشيط واسعة النطاق انتهت بالعثور على الجثة ممزقة الأوصال.

وقال مصدر في الشرطة إن أسرة الصحافي أبلغت الشرطة بأن مسلحين مجهولين اقتادوا رئيس تحرير الصحيفة إلى جهة مجهولة، ونفت أجهزة الأمن أن تكون طرفاً في اعتقاله. وقال شقيقه رحاب طه إن محمد طه ربما يكون قد تعرض لتخدير وهو ما أكده رماح نجل الصحافي المختطف إذ قال إن والده لم يكن يبدي أي مقاومة.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن تصفية الصحافي وراجت تكهنات أن الحادث ربما يكون رسالة مع اقتراب وصول القوات الدولية إلى دارفور سواء وافقت الحكومة أم رفضت، بيد أن المعارك الصحافية التي خاضها محمد طه الموسوم بالشراسة، مع مختلف القوى والتنظيمات السياسية والدينية في البلاد، تجعل اتهام جهة بعينها أمراً صعباً، وتدخل القوى كافة بما فيها الحكومة في عباءة الاتهام. وقد سبق ان تعرض الصحافي المثير للجدل للاعتقال والضرب واطلاق النار ولحقت اضرار جسيمة بمقر صحيفته بعد تعرضها للحرق ووجهت اصابع الاتهام في الحادث الأخير الى متطرفين في الحركة الشعبية لتحرير السودان، أو تكفيريين، خاصة أن رجال دين وسياسيين موالين للحكومة افتوا بإهدار دم محمد طه عقب نشر صحيفته مقالاً شكك في وقائع تاريخية حول ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثل الصحافي أمام القضاء متهماً بالردة بعد أن اقام رجال دين وسياسيون دعوى حسبة ضده، ورفضت المحكمة التي جرت وسط إجراءات أمن مشددة، دعوى الردة واصدرت حكماً بالسجن والغرامة على محمد طه والتعطيل الاداري للصحيفة لثلاثة أشهر.

وقال صحافيون سودانيون إن الراحل كان شرساً في معاركه الصحافية، لكن ادبيات السياسة في البلاد لم تشهد تدنياً الى درك مثل التصفية الجسدية والتمثيل بالجثة، كما فعل الجناة مع محمد طه.

يذكر أن الصحافي الراحل عضو في حركة الاخوان المسلمين وتخرج في كلية القانون بجامعة الخرطوم، وعمل قاضياً ومستشاراً بديوان النائب العام، قبل أن يتفرغ للعمل الصحافي في ldquo;الرايةrdquo; صحيفة الجبهة الاسلامية القومية عقب انتفاضة ابريل/نيسان ،1985 ومجلة ldquo;الملتقىrdquo; الحكومية عقب انقلاب يونيو/حزيران ،1989 ثم أسس صحيفته الخاصة ldquo;الوفاقrdquo; في ،1996 وتحالف في المواقف مع الحكومة ضد الراعي الروحي لانقلاب الانقاذ حسن الترابي في 1999.

ورجح مراقبون ان تكون جماعة التكفير والهجرة مسؤولة عن الجريمة خاصة انها هددت ببدء سلسلة تفجيرات واغتيالات تعبيراً عن رفضها لما آل إليه الأمر في البلاد، وتراجعها عن تطبيق الشريعة وامتثالها للأجنبي الكافر.

وتدفقت جموع الصحافيين على مشرحة الخرطوم ظهر أمس بين مصدق ومكذب لما حدث لزميلهم محمد طه وأجهش العديد منهم بالبكاء عندما كانوا يعزون شقيقه رحاب طه، بينما أصاب الوجوم العديد منهم حيث لم يتوقع أحد أن يلقى محمد طه أو غيره من الصحافيين هذا المصير خاصة وأن الصحافي المغدور كان يتمتع بعلاقات طيبة مع معظمهم وصداقات حميمة معهم بالرغم من حملة الانتقادات التي كان يشنها من وقت لآخر على البعض، إلا أن الجميع اتفقوا بأن ما حدث يمثل نقطة فاصلة في تاريخ التسامح السوداني وأن ما حدث له رسالة لها دلالات ومعان.