زهير قصيباتي

أن يبدو الثنائي ايهود أولمرت ndash; عمير بيرتس من الحمائم فيما يتحدى صقور ايران قادة laquo;الحرس الثوريraquo; ما يسمونه laquo;الشيطان البريطاني القديمraquo; بعد laquo;الشيطان الكبيرraquo; الأميركي، فتلك ربما من عجائب الدنيا، إذا عادت الذاكرة الى حرب الإبادة التي شنتها إسرائيل على لبنان في تموز (يوليو) الماضي. فحين تتضخم المخاوف من استكمال هذه الحرب بأخرى لـ laquo;تأديبraquo; ايران، وحليفيها سورية و laquo;حزب اللهraquo; في لبنان (بحسب قاموس المحافظين الجدد في أميركا)، يسارع أولمرت الى تكذيب laquo;الإشاعاتraquo;، ويدفع تموز الى laquo;ذاكرة بعيدةraquo;، واقفاً على مسافة قصيرة جداً من إعلان الندم.

ويتمنى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يدلين ألا يخطئ الحزب ودمشق وطهران الحساب لأن laquo;الولايات المتحدة وليست إسرائيلraquo; هي التي قد تسعى إلى الاقتصاص من الحلف الثلاثي، وبدلاً من حزيران (يونيو) 1967 laquo;النكسةraquo; للعرب، تخطط واشنطن لحزيران 2007 laquo;تأديبيraquo; لإيران، بين أهدافه تحجيم النفوذ الإقليمي لطهران، وتفكيك تحالفاتها في المنطقة فضلاً عن ضرب منشآتها النووية.

مجرد سيناريو، لا غرابة فيه اكثر من ادعاء إسرائيل دور الحَمَل، بعدما قادت حملة كبرى في الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا تحت شعار laquo;خطر التهديد الإيرانيraquo; الذي يرتدي قفازات نووية. ولكن، هل طهران نووية بقيادة laquo;الولي الفقيهraquo; هي الحَمَل؟ انه مأزق المنطقة، كما يدرك كل قادتها، وكلهم يتساءل إن كانت طلعات جوية للتجسس الإيراني على اليمن، تهدئ قلقهم من مشاريع بوشهر وناتانز، وتهديدات laquo;الحرس الثوريraquo; بالرد على القبضة الأميركية بمصادرة مضيق هرمز، وصب الزيت في كل مكان ان اقتربت نار الحرب من الجمهورية الإسلامية.

... وكلهم يتساءل عن المعايير العقائدية الأخلاقية، حين يتصدى laquo;الحرسraquo; لـ laquo;انتهاك البحارة البريطانيينraquo; ما يصر على انه مياه إقليمية إيرانية، وينتهك أجواء اليمن بطائرة للتجسس، فيما صنعاء تواجه حرب الحوثيين المتمردين على الشرعية.

وبعيداً من الشكوك التي باتت تقترن بأدلة على كثير من التدخلات الإيرانية في دول عربية، بدءاً من العراق الى لبنان وفلسطين واليمن والسودان، وكانت حاضرة بقوة في القمة العربية في الرياض، لا يجادل أي من الدول المجاورة لإيران في رغبة كل الجيران بتفادي أي حرب، ولو ضد الجمهورية الإسلامية، لأن أعلى أكلاف حملة laquo;التأديبraquo; لن يكون لأميركا فيها نصيب الأسد. وإذا كان النموذج العراقي ماثلاً، ويُخشى من أثمانه خارج العراق، فأكثر ما يتمناه الجيران ألا تكون تمنياتهم بإبعاد كأس زلزال آخر، ذهبت أدراج رياح الصراع على النفوذ في طهران.

في قضية احتجاز البحارة البريطانيين في إيران، مناورة خطرة أقرب الى حافة الهاوية، وهي بعيدة بالتأكيد عن تهدئة الغرب الذي لن يصدق ان البرنامج النووي على الضفة الشرقية للخليج يطمح فقط الى الطاقة المسالمة، فيما laquo;الحرس الثوريraquo; يختبر الصواريخ البالستية لتحدي laquo;الشيطانraquo;، ولا تكف طهران عن طلب منازلة اميركا ولو في لبنان. اما حشدها الحلفاء بتحذير بعضهم من laquo;هجوم انتحاريraquo; إسرائيلي يُخطط له، ومحاولتها ترميم صورتها لدى دول عربية إسلامية كبرى، بعدما وضعت قمة الرياض أصابع العرب على ندوب التدخلات الإيرانية، فالأرجح أنه سيصطدم بمرحلة اختبار النيات لطهران وحلفائها، اثر إجماع القمة على استعادة القرار.

كانت الهواجس ndash; الريبة، القديمة المتجددة في المنطقة، مدى تقاطع المصالح بين ما ترتأيه إيران مصلحة لها، ولو أدى الى ارتدادات عنيفة في الجوار، وبين ما تمخض عن النهج الأميركي، حصاراً لمعظم الجوار عبر النكبة العراقية. وما تبدّل بعد أزمة احتجاز البحارة البريطانيين، واعتراف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بـ laquo;الكثير وراء الكواليسraquo;، يعزز مقولة استدراج laquo;الحرس الثوريraquo; البحارة إلى فخ. أما الهدف فهو كسر الجدار laquo;النوويraquo; الذي يحاصر إيران بقرارين دوليين يشرّعان العقوبات، باستدراج بلير الى حوار ثنائي، لشق وحدة laquo;التضامنraquo; الأميركي ndash; الأوروبي، وتصلبه إزاء برامج تسلح، يخشى ألا تكون مثل كذبة أسنان صدام حسين النووية.

... ولعل طهران بديبلوماسية استدراج أوروبا الى حوار بين laquo;ندّينraquo;، تقتدي برغبة دمشق في تطويق ما تصفه بمجرد laquo;تشنجاتraquo; مع واشنطن، اقتضت الترحيب برئيسة مجلس النواب الأميركي بـ laquo;أهلاً وسهلاًraquo;، وعفا الله عن كل ما مضى. ولكن هل يقتنع بوش؟