سمير عطا الله

التقيت إلى مائدة الوزير محمد المطوع، أركان التحالف العراقي الجديد، الذي يقوم بجولة على العواصم العربية، وطليعته رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، ووزير الخارجية السابق عدنان الباجه جي. وعندما فكرت في أحاديث اللقاء المطول، صعقت، فقد عرضت كلام الدكتور علاوي طوال العشية، ووجدت أنه يرى في الوضع اللبناني خطورة أشد من وضع العراق. وكان يكرر أن المأساة العراقية يمكن أن تبقى ضمن العراق، لكن إذا تفجر الوضع في لبنان فلن تبقى الحرائق ضمن حدوده الضيقة. لبنان مرآة. هذه وظيفته وهذا دوره وهذه رسالته. وإذا تحطمت هذه المرآة، فسوف تتجه شظاياها في كل اتجاه.

يقول الدكتور علاوي إن العالم العربي كله في خطر. جميعنا في أزمة. والأمة محاصرة بالطرق المسدودة. لكن الوضع الأكثر خطورة هو في لبنان، لأن عناصر الأزمة متعددة مثل عناصر الحل. والأبعاد المعقدة والمتراكمة كثيرة: الحلقة الدولية وعنوانها مجلس الأمن، والحلقة الإقليمية وعنوانها إيران، والحلقة العربية وعنوانها سورية. وضمن كل حلقة خارجية هناك حلقة داخلية.

وفي رأي الدكتور علاوي، أن ثمة سباقاً مضنياً بين الحلول والعقد. وlaquo;قضية الشرق الأوسطraquo; عادت إلى الواجهة من جديد بعد زيارة الزعيمة الديمقراطية إلى سورية وإسرائيل. وتنقلات كوندوليزا رايس على غرار laquo;مكوكيةraquo; هنري كيسنجر. والحشود العسكرية تملأ الخليج. وثمة بارجة فرنسية إلى جانب البوارج الأميركية المدججة. وفيما تدوّل أزمة إيران في مجلس الأمن، تقف الأزمة اللبنانية على حافة التدويل. والمؤسف أنه في غضون ذلك يترك العراق لنفسه ومآسيه وlaquo;الخطط الأمنيةraquo; التي تزيد الوضع تدهوراً وتردياً.

كيف يمكن ضبط هذا الزبد المرعب في كل مكان؟ الأمة منقسمة مربعات ومضلعات. يعود الدكتور علاوي تكراراً إلى حالة الانشقاق في لبنان. إنها تعكس حالة عامة من الفوران. والرماد ينقشع على نحو مخيف. وكل فريق يتمترس خلف قطعة الأرض التي احتلها ويحولها إلى خندق. والوسيط السعودي قد أنهك. وكلما حقق خطوة، برزت عشرة خنادق أخرى. وقد فتحت القمة العربية الكثير من الأبواب وشقت الكثير من النوافذ. وتفاءلت الناس بالالتقاء السعودي ـ السوري. لكن التصعيد في بيروت لم يتوقف حتى الآن. ويوماً بعد آخر تبدو المعركة معركة نظام لا معركة حكومة. وباب مجلس النواب ما يزال مغلقاً.