رفعت رشاد


من المؤسف أننا عندما نتحدث عن الصحوة والنهضة، إنما نقصد الجوانب السياسية أو الاقتصادية، ولم يقصد أحد ولم يسع أحد لأن تكون الصحوة والنهضة في النواحي العقلية. وبينما يعيش العالم دنيا العلم والتكنولوجيا والنانو والفيمتو.. يخرج علينا أحدهم بإباحة رضاعة الزميل لزميلته في العمل أو في أي مكان حتي لا يدخل بينهما الشيطان!!

يغرق المجتمع المصري والعربي في السفاسف وتهلكه التفاصيل السخيفة ولأننا مجتمع متخلف في كل الجوانب، يخرج علينا بين الحين والآخر من يستغل عقول البسطاء طارحاً أفكاراً غريبة وشاذة لا يقبلها عقل أو منطق، مثل ذلك الرجل الذي أفتي بأن ترضع المرأة الرجل الذي تحب أن تختلي به حتي لا يحدث بينهما شيء لا سمح الله!

من المؤسف أن الرجل الذي يردد ذلك من كبار علماء الدين حسب الشهادات الحاصل عليها، وهو مصمم تماماً علي رأيه ويلوح في حديثه بأن من يرفض فتواه إنما يعترض علي رسول الله ويشكك في السُنة النبوية! ولم أجد حتي الآن من علمائنا الأشاوس من يرد علي هذا الرجل الذي ليس يخالف الطبيعة البشرية والقيم الأخلاقية فحسب وإنما يخالف قانون العقوبات وكل القوانين التي تجرم مثل هذه الأفعال.

وأتصور مثلاً شرطة الآداب التي تقبض علي الشباب والبنات الواقفين علي شط النيل لمجرد أنهم أصدقاء أو أحباء أو عشاق، بينما تشجع الآخرين علي أن يرضعن زملاءهن في العمل من ثديهن ببساطة بل وبارتياح لأن الفضيلة ستتحقق عندما يحدث ذلك في أماكن العمل أو في الأماكن المغلقة بشكل عام.

أتصور أن زميلة جديدة في العمل التحقت لتتسلم وظيفتها فنجد المدير يجمع الموظفين ويعلنهم أن اليوم سيتم إرضاع الموظف فلان من ثدي الموظفة فلانة الجديدة حتي نطمئن إلي رسوخ الفضيلة عندما يغلق عليهما باب العمل؟؟؟. ويحتفل الموظفون.. جماعة.. بزميلتهم الجديدة الشابة.. التي لا تتردد في أن تبرز ثديها لكي laquo;يلقمهraquo; زميلها سعيد الحظ عدة مرات.. حتي تتحقق الفائدة.. ويتثبت الجميع من حدوث المراد من رب العباد وإعمال الشعائر الدينية السليمة.. يحدث هذا للفتاة الجديدة..

بينما قد تكون محجبة.. رافضة أن يظهر شعرها أمام الرجال.. ولا بأس أن يدعو مديرها في العمل أسرتها.. والدها وأشقاءها لحضور حفل إرضاع زميلها.. ولكن، ماذا لو أن الموظفة الشابة تنقلت بعد ذلك في عدة مكاتب؟ أو عينت وحدها في مكتب به عشرة زملاء لها.. يخرج معظمهم أحياناً ويتركونها مع بعضهم أحياناً؟ ما الإجراء الذي يتم في هذه الحالة؟

وماذا يحدث لو أن المدير كان حريصاً علي طلبها في أعمال ترتبط بمكتبه وتضطرها لأن تسهر معه في خلوة؟ وكيف تلاحق المرأة المرضعة التي صار يعرف ثدييها كل الرجال إذا ما كانت طبيعة عملها تضطرها إلي الانتقال إلي أكثر من عمل في أكثر من مكان.. شركة أو مصلحة؟ وماذا لو اختلت امرأة برجل من العمال يصلح أمراً في منزلها؟ هل ترضعه؟ هل ترضع المرأة كل الرجال حتي نستريح ويصبح الجميع إخوة؟ هل يحل ذلك مشكلة الرذيلة ونصبح مجتمع الفضيلة؟

أعتقد أن الكثيرين منا أصابهم الفزع، فالرجل صاحب الفتوي مصمم علي أن هذا الأمر من صحيح الدين، ولا أعرف هل يوافق سيادته علي أن تقوم زوجته أو ابنته أو زوجة ابنه بإرضاع زميلها أو الرجل الذي تختلي به؟ هل يوافق؟ وإذا كان لا يوافق.. فلماذا يصر علي فتواه ويصر علي تطبيقها علي الآخرين؟ وأسأله ماذا لو أن المرأة المرضعة أعجبها طريقة رضاع زميلها؟ ألا يمكن أن يثيرها هذا الأمر وتندفع معه إلي أحضان الخطيئة؟ وماذا لو أعجبته هو وصمم علي النيل منها؟

أقسم لكم أنه لو كان هذا هو الدين فهو مرفوض، وعلي الحكومة المسؤولة عن هذا الشعب أن تعلن رأيها في هذا الشخص وعلي الشعب ونواب الشعب أن يحاسبوها إذا لم تحاسبه.