صالح القلاب


الخطأ الفادح الذي وقع فيه بعض '' سنة '' العراق ووقع فيه بعض العرب والمسلمين هو وضع '' شيعة '' العراق كلهم في سلة واحدة واتهامهم بوطنيتهم وعروبتهم وحشرهم حشراً في الزاوية التي أراد أصحاب مشروع إحياء إمبراطورية قورش الفارسية من أهل حكم الوليَّ الفقيه في إيران حشرهم فيها حتى لا يكون أمامهم أي خيارٍ غير خيار الاحتماء بعباءات معممي الثورة الإيرانية .

لاشك في أن هناك ميليشيات شيعية تدربت في معسكرات حرس الثورة الإيرانية وتتلمذت على أيدي قادة '' فيلق القدس '' وهذه الميليشيات هي التي قتلت السيد عبدالمجيد الخوئي في الصحن الحيدري الشريف وهي التي تخلصت بالاغتيال والتفجير والتشريد أيضاً من كل أصحاب العمائم السوداء الذين يرفضون ولاية الفقيه ويقاومون التمدد الإستخباري الإيراني في وطنهم العراق .

هناك عشائر عربية عريقة وأصيلة في الفرات الأوسط وفي كل مناطق جنوب العراق تتشيع لآل بيت رسول الله من عترة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لكنها تتمسك بعروبتها وعروبة العراق وترفض ولاية الفقيه وتقاوم التمدد الإيراني - الفارسي المقنع بالرايات الإسلامية وهذه العشائر هي التي زودت الجيش العراقي الذي خاض حرب الثمانية أعوام مع الإيرانيين بخيرة ضباطه وجنوده وبأشجع الطيارين الحربيين الذين بقي رصاص الثأر الفارسي الأعمى يلاحقهم على مدى الأعوام الأربعة الماضية وتمكن من المئات منهم .

كانت قاعدة حزب البعث التنظيمية الأساسية من الشيعة العرب المتمسكون بعروبتهم وتقول الأرقام في هذا المجال أن أكثر من ستة وسبعين في المائة من بعثيي العراق كانوا من أبناء القبائل والعشائر الشيعية وذلك في حين أن ثمانية وثلاثين من أصل خمسة وخمسين من قادة هذا الحزب الذين عُممت أسماؤهم وصورهم كمطلوبين للقوات الأميركية المحتلة هم من أبناء هذه العشائر والقبائل العربية العريقة .

يجب عدم الوقوع في الخطأ والخطيئة فالمقاومة الحقيقية للمشروع الإيراني - الفارسي في العراق وفي المنطقة ، إن بالقلم وإن بالكلمة الصادقة وإن بالرصاص وإن بالتحركات الشعبية العفوية والمنظمة ، هي لأبناء هذه القبائل والعشائر التي كانت ولاتزال هي ضمانة عروبة بلاد الرافدين والتي تتعرض الآن لضغط وسخط إخوتهم من أهل السنة ، الذين ربما لا يعرفون هذه الحقيقة والمغرر بهم ، ولضغط الميليشيات الحاقدة التي توظف نفسها لحساب مشروع استرجاع أمجاد فارس القديمة تحت الراية الشيعية الشريفة !! .

لا يجوز أن يبقى العرب والمسلمون وأهل السنة في العراق يخبطون خبط عشواء ولا يميزون بين الخير والشر فاتهام الشيعة ، إن في العراق وإن في لبنان وإن في بعض دول الخليج العربي ، بوطنيتهم وبولائهم لبلدانهم وبانتمائهم العربي ، الذي يتمسكون به ، لا يستفيد منه إلا أصحاب المشروع الفارسي والذين يسعون لأن تصبح بغداد صفوية كما كانت في عهد إسماعيل الصفوي وخلفه عباس .

لا يمكن مقاومة التمدد القومي الإيراني في العراق وفي المنطقة بدون الشيعة العرب والقبائل والعشائر العربية الأصيلة ولا يمكن الحفاظ على وحدة العراق بدون هذه العشائر والقبائل المتجذرة في تلك الأرض العربية وعلى المصابين بعمى الألوان والذين يخبطون خبط عشواء أن يدركوا أن ما يفعلونه لا يخدم إلا توجهات غلاة التطرف القومي في إيران الذين يريدون ألا يشعر '' الشيعة '' العراقيون بالأمان إلا تحت عباءة الولي الفقيه وفي أحضان قادة حرس الثورة وفيلق القدس !! .