يوسف القعيد


إنها القصة التي هزت مصر. بطلها في الخامسة والعشرين من العمر. اسمه محمد أحمد حجازي. من بور سعيد. بالتحديد من بور توفيق.

وهي مدينة صغيرة في مواجهة بور سعيد. وبور سعيد المدينة التي قدم عنها المخرج سيد سعيد فيلمه الوحيد القبطان من بطولة الفنان محمود عبد العزيز. حاول أن يتتبع المدينة منذ 1956 وحتي زمن الانفتاح الاقتصادي. أي أنه تتبعها من النضال من أجل حرية الوطن ضد العدوان الثلاثي.

إلي النضال من أجل الابقاء علي مصرية المدينة ووطنيتها في مواجهة قوانين وقواعد المدينة الحرة. ثم النضال من أجل الابقاء علي كونها مدينة حرة. التي ليست حرية ولا يحزنون. محمد طالب في معهد للخدمة الاجتماعية.

جاءت رجله في العمل العام. عندما شارك في مظاهرة بورسعيدية عن القضية الفلسطينية وعن العدوان علي لبنان. يقول لك انه اعتقل أكثر من مرة. ولا تصدقه. أطول مرة اعتقل فيها كانت 48 ساعة.

يقبض عليه ويحقق معه ويصرف لحال سبيله. وفي المرة الأولي التي ألقي القبض عليه فيها أفرج عنه النائب العام الجديد وقتها. المستشار عبد المجيد محمود بنفسه.

كان يومه الأول في منصبه الخطير. ومع ذلك أصدر القرار بالإفراج عن الفتي الصغير المقبوض عليه في مظاهرة. كان محمد قد كتب الشعر وله ديوان منشور. عنوانه: حجازي لم يهتم به أحد في البداية. وبعد شهرته لم يعثر علي الديوان أحد.

حدثت مشكلة بين محمد ووالده الذي يعمل رئيس جمارك في بور سعيد. والده طالبه بالابتعاد عن العمل السياسي. والتفرغ لدراسته. ووصلت العلاقة بين محمد وأسرته إلي طريق مسدود. وهكذا عرف طريقه إلي القاهرة.

وبالتحديد الحركات السياسية فيها. لعب مع اليساريين الجدد. الذين يفرغون الفكرة اليسارية من العدل الاجتماعي. ومن البعد الاشتراكي. وتصبح يساريتهم مثل الحركات الاشتراكية الغربية. انضم إلي حركة كفاية لم يكن ميالاً للعمل مع الإسلاميين. أياً كان المسمي الذي يعملون تحته.

كانت في حياته صديقة هي أم هاشم. وشهرتها زينب. تدرس مثله في معهد الخدمة الاجتماعية. وتحول الحب إلي رغبة في الزواج. وقامت العقبات في مواجهة مثل هذا الزواج. ولم يكن هناك من حل سوي الزواج العرفي واستئجار شقة إيجار جديد في ضاحية عين شمس. ب 150 جنيهاً. نزل الفتي الحالم للعمل في المعمار. حتي يعول أسرته.

كافة هذه الأمور طبيعية وعادية. وتحدث كل يوم ولم يعد أحد يتوقف أمامها. من كثرة تكرارها. لكن الجديد الذي أصبحت قنبلة مدوية هي تحول محمد ومعه زينب طبعاً إلي المسيحية.

واختفاء محمد تماماً. وإن كان حريصاً من مخبئه علي أمر واحد. ألا وهو الحديث إلي وسائل الإعلام. ولا يحدد مكان إقامته. ولا الكنيسة التي يتردد عليها. وقال انه يخفي مكان إقامته وحتي الأماكن التي يتردد عليها. لأن هناك تهديدات كثيرة وصلته جعلت حياته مهددة.

ومن مخبئه قال محمد لمن تمكنوا من الاتصال به. انه اعتنق المسيحية قبل تسع سنوات مضت. وبحسبة بسيطة فإن كلامه يعني انه اعتنق المسيحية عندما كان في السادسة عشرة من عمره. أي فترة المراهقة.

وأنه لم يعلن ذلك في حينه لأسباب أمنية. أهله في بور سعيد تبرأوا منه. قالوا إن محمد مات وشبع موتاً. أما هذا الذي يتكلم للإعلام فلا يعرفون عنه أي شيء.

تقدم محمد لوزارة الداخلية لتثبيت ديانته الجديدة في البطاقة. وقد رفض طلبه. مما دفع المحامي ممدوح نخلة أن يلجأ للقضاء الإداري طاعناً علي رفض وزارة الداخلية. ولكن ممدوح نخلة عقد مؤتمراً صحفياً في مكتبه أعلن انسحابه من القضية حتي لا يغضب أصدقاؤه من المسلمين.

محمد قال للصحفيين عبر الاتصالات التليفونية ان المحامي الجديد الذي سيترافع عنه سيكون قنبلة. ويقول كلاماً من ان الإسلام دخل كثيراً من الدول بحد السيف.

وأنه فكر في تحوله إلي المسيحية عندما تابع الكاتب أسامة أنور عكاشة في تحوله من القومية العربية إلي القومية المصرية. وهنا يقع محمد أحمد حجازي في أخطر أكاذيبه.

لأنه سبق أن قال انه تحول إلي المسيحية منذ تسع سنوات. في حين أن حكاية أسامة أنور عكاشة لم تكمل شهوراً من عمرها. وأسامة لم يتحول من القومية العربية إلي عكسها. ولكنه أعاد النظر في حكاية انتماء مصر العربي. محمد بدأ يعلن مواقفه ضد الإسلاميين.

ابتداء من جماعة الإخوان المسلمين وصولاً إلي الجماعات الإسلامية الأخري. محمد بعد تنصره اختار اسم بيشوي. وأم هاشم وشهرتها زينب.

بعد تنصرها اختارت اسم كريستين. ووالد كريستين رفع قضية يطلب من شيخ الأزهر ومن وزير الداخلية ومن النائب العام إعادة ابنته إليه قبل أن يتمكن محمد سابقا. بيشوي حالياً. من تهريبهاحيث انه سيهربه إلي كندا.

يسألونه ولما كندا؟ يقول: إن هذا ما سمعه. وأن ابنته مخطوفة بمعرفة محمد. ولم يسلمها له. وعندما خطفها محمد كانت أم هاشم وشهرتها زينب. ولابد أن يتسلمها من أول وجديد وهي كما هي دون أي تغيير.

والكنيسة أعلنت تبرأها من دخول محمد وزينب المسيحية. وقامت الدنيا في مصر ولم تقعد. بحثاً عن منظمة تغري الشباب المسلم بدخول المسيحية. أي منظمة تنصير.

هناك من قال إن رحلة كفاية في حياته كانت السبب في تحوله للمسيحية. وهناك محاولة للغمز واللمز من أن مؤسس كفاية هو جورج اسحق.

اللغز قبل الأخير في حكاية حجازي. أنه عندما يسأل عن مصادر انفاقه في تخفيه الحالي. والتخفي تكاليفه أضعاف العلانية. لأن التخفي حالة خاصة تتطلب أموالاً أكثر. يقول إن أهله مبسوطون وأنهم ينفقون عليه. مع أنهم يؤكدون دائماً. أنهم لا صلة لهربه.

كل من عرف محمد من قبل يقول عنه كلمتين: غاوي شهرة.

وأتساءل: وما ذنبك يا مصر؟! بل ما ذنب أهل مصر؟ ما يعانون منهم يكفيهم وزيادة. وليسوا في حاجة إلي المزيد من المعاناة.