الرياض ـ عضوان الأحمري

كشف شريط مسجل منشور على شبكة الإنترنت ما يمكن وصفه بـ quot;الأدلجةquot; التي يتعرض لها السعوديون في العراق وتصوير الانتحار لهم بأنه وثيقة مؤكدة لدخول الجنة, وهو ما ظهر من خلال أحاديث ما قيل أنه شاب سعودي يكنى quot;أبو عباس الجداويquot; والذي بدأ الشريط بابتسامات مع الكاميرا التي تصوره, ثم أشار بيده إلى موضع الراكب المجاور للسائق وأزاح الغطاء عن مقذوفات ومتفجرات وصفها بـ quot;المهرquot; وقال بما نصه (هذه التي أوريكم إياها يا إخوان ما شاء الله.. هي عبارة عن مهر... وهذه السيارة يا إخوان مليئة ما شاء الله بالكثير من اللآلئ والمجوهرات والسيارة هذه تعتبر خطابة لما عند الله سبحانه وإن شاء الله يقبلها..), ويضمن أبو العباس الجداوي الجنة والمهر واصفاً العملية بخطوبة الحورية حين قام بالإشارة على الزر المجهز لتفجير السيارة وقال وهو يمسكه (هذا السلك ثم أفك صمام الأمان... وبعده quot;الدقمةquot; مثل ما يقولون عنها... الدقمة هذه الدقمة عبارة عن زر يضغط ثم الجنة).
ووصف رئيس الجمعية السعودية للسنة وعلومها (سنن) الشيخ عبدالعزيز السعيد ما شاهده في هذا المقطع بعد إرساله له بأنه يعتبر تزكية وضمان للجنة وهذا منهي عنه ولا يجوز وهو أول المخالفات الشرعية المرتكبة وقال (المقرر شرعا أنه لا يجوز للإنسان أن يزكي نفسه لنهي الله تعالى عن ذلك، كما قال تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) وأنكر على أهل الكتاب تزكيتهم أنفسهم فقال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا أنظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا).
ومن تزكيتهم لأنفسهم ما ذكره الله عنهم بقوله: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق). وأضاف السعيد أن من المقرر عند أهل السنة والجماعة أنه لا تجوز الشهادة لمعين بجنة ولا نار إلا من شهد له الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك، وإن كان يعامل من حيث الأحكام والأسماء بحسب ما أظهر من كفر أو إيمان, وإذا تقرر هذا علم أنه لا يجوز للإنسان أن يجزم لنفسه ولا لغيره بالشهادة وإن كان ذلك في قتال العدو؛ لأنه إما تزكية أو شهادة أو هما معا.
وأضاف الشيخ السعيد (وأما تفجير الإنسان نفسه إذا واجه العدو وهو الذي يسمى بالعلميات الاستشهادية أو الانتحارية فهذا أمر محظور؛ لأنه قتل للنفس وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال quot;من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبداquot; أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ولمسلم عن ثابت بن الضحاك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: quot;ومن قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامةquot;, فهذا المفجر قتل نفسه بيده فيصدق عليه الحديث، وينبغي هنا التنبيه على الفرق بين مسألة اقتحام العدو، وبين مسألة قتل النفس؛ إذ أن المقتحم في العدو لم يقتل نفسه بيده، وإنما قتل بيد غيره، وهذا أحد الفروق بينهما، والفرق الآخر أن المقتحم غير محقق الموت بل فيه احتمال الحياة، وأما المفجر فالأصل فيه البداءة بقتل نفسه، فليتنبه للفرق بينهما, حتى لا تضرب نصوص الشريعة بعضها ببعض، أو تحمل النصوص الشرعية ما لا تحتمله.
وكان عدد من العلماء أكدوا عددا من الفتاوى التي نشرت في عدد من وسائل الإعلام خلال السنوات الأخيرة على حرمة الانخراط في القتال في العراق تحت مبرر الجهاد ونصرة المسلمين, ومنها فتوى لمفتي عام السعودية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ قال فيها quot;إن الذهاب إلى العراق ليس سبيلاً لمصلحة لأنه ليس هناك راية يقاتل تحتها فالذهاب إلى هناك من باب التهلكةquot;.
كذلك اعتبر الشيخ صالح اللحيدان الذهاب إلى العراق والانضمام إلى الجماعات المسلحة فيه أمراً غير شرعي وقال quot;العراق في حال لا يحسن أن يذهب إليه أحد لما يسمى بالجهاد, لذلك أرى أن أي شاب يخرج من بلادنا للذهاب للعراق مسيء إلى نفسه ولأسرته ولبلاده وهذا ليس من الجهاد, هؤلاء الذين يذهبون للعراق من أي بلد عربي أو إسلامي في هذه الأحوال الفوضوية من حروب في العراق هم في الحقيقة أشبه بمن يزيد النار اشتعالاً تأكل الأخضر واليابسquot;.