سعد بن طفلة العجمي

لم تكن نهاية عماد مغنية -القيادي العسكري بـquot;حزب اللهquot; اللبناني- في دمشق نهاية مفاجئة لكثيرين تابعوا وعرفوا سيرة هذا الرجل. فهو مارس العنف والإرهاب بأشكال مختلفة، وما كان لمن مثله أن يموت على فراشه كما quot;تموت العيرquot;، مثلما نقل عن خالد بن الوليد. عماد مغنية رحل بردود أفعال مختلفة: quot;كلنا يذكر ما واجهquot;. هل كان عماد مغنية بطلاً مقاوماً مجاهداً، أم أنه كان إرهابياً لقي جزاءه؟ هل نهاية شخص ما على يد إسرائيل تعني مباشرة الدخول إلى الجنة دون حساب أو عقاب؟ هل يكفي أن تقتلك إسرائيل كي يتناسى الناس ما قد تكون اقترفته من جرائم؟ ودعت الضاحية الجنوبية ببيروت وأوساط الثورجية العربية مغنية على أنه بطل الأبطال.

تابعت حواراً بين كويتيين عقب مقتل مغنية. فهو المتهم الأول وقائد عملية اختطاف الطائرة الكويتية quot;الجابريهquot; عام 1986 في طريقها من بانكوك إلى الكويت. الطائرة اختطفت وحولت إلى مشهد بإيران. الخاطفون تغيروا هناك، ثم توجهوا بالطائرة إلى قبرص. من قبرص، وأمام مرأى العالم كله، قتل الخاطفون اثنين من ركاب الطائرة وقذفوا بهما من بوابة الطائرة. ذنب الضحيتين أنهما كانا على متن الطائرة التي اختطفها مغنية!! واصلت الطائرة رحلتها إلى الجزائر، وأطلق سراح الركاب والطائرة، واختفى الخاطفون.. المعلومات تؤكد أن عماد مغنية، هو المخطط والقائد لتلك العملية انتقاماً من الكويت لموقفها الداعم للعراق في حربه ضد إيران آنئذ، ومساومة بإطلاق سراح سجناء حاولوا اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح عام 1985.

الإسرائيليون يعتبرون مغنية إرهابياً. فهل يكفي أن تعتبرك إسرائيل إرهابياً لتكون بطلاً في عيوننا؟ تماماً مثلما يرى البعض في بن لادن بطلاً، لأنه يدعي معاداة أميركا؟ وهل خطف طائرة أميركية مدنية وقتل أحد ركابها يغفر لك ذنب خطف طائرة كويتية وقتل بعض ركابها؟ عليك أن تكون أحد أقارب أو أصدقاء أولئك الكويتيين الذين قتلوا غيلة وغدراً دون ذنب سوى أنهم كانوا في المكان الخطأ والزمان الغلط. quot;إنه أسعد يوم في حياتيquot;، عبارة قالتها أم أحد ضحايا الطائرة الكويتية تختزل بها مشاعر كثيرين تجاه مجرم مثل عماد مغنية قتل ابنها على الطائرة وألقى بجثته بكل برود ثم طلب شاياً من المضيف.

quot;عملية جبانة وخسيسة قامت بها الموساد الإسرائيلية ضد المجاهد البطل عماد مغنيةquot;. هذا ما قاله أحد المعلقين الثورجيين الذين يرون في مغنية بطلاً مغواراً: ترى! هل يرى هذا المعلق في قتل الأبرياء، وخطف الطائرات المدنية عملاً جباناً خسيساً أيضاً؟

المنطق الذي يحاول خلق بطل أسطوري من quot;إرهابيquot; متمرس، هو نفس المنطق الذي سوّق لصدام بطلاً رغم كل جرائمه ضد شعبه وضد الإنسانية: صدام أطلق صواريخ على إسرائيل وبقي معادياً لها quot;صوتياًquot; حتى آخر لحظة من حياته، إذن هو بطل قومي على الرغم من كل فظائعه!!.

إسرائيل لم تقتل مغنية، لأنها لو فعلت لتبجَّحت، وهي أنكرت اغتيال شخص مطلوب في أكثر من أربعين دولة عبر الإنتربول، وهنا تساؤل خطير: هل اغتال مغنية جهاز استخبارات آخر؟ فإن كانت الإجابة بنعم، فهذا ينذر بخروقات أمنية خطرة في دمشق، وإن كانت الإجابة بالنفي، فهذا قد يعني تصفيات داخلية: إما إيرانية أو داخل quot;حزب اللهquot; نفسه. فمن يدري! قد تكون هناك تساؤلات حول كيفية ونتائج quot;النصر الإلهيquot; والذي كان مغنية أحد قادته العسكريين.

انتهى عصر الاستثناءات! مغنية مجرم وإرهابي روَّع المدنيين، واختطف الطائرات وقتل الأبرياء دون ذنب، حتى ولو قتل جنوداً إسرائيليين بعد ذلك.