خطوة على طريق انهيار نظام دمشق
غازي كنعان .. نُحر أم انتحر ؟

نصر المجالي من لندن: الاعلان عن انتحار اللواء غازي كنعان وزير الداخلية السوري ظهر اليوم فجر العديد من التساؤلات وهو أجاب عن كثير من مفاصل الوضع في سورية التي يتعرض نظامها إلى ضغوط غربية كبيرة، وإذ اكتفت وكالة الانباء السورية الرسمية بالقول أن كنعان توفي بعد أن أقدم على الانتحار مكتبه وان السلطات المعنية بدأت التحقيق في الحادث،، فكأنما اوحت أن الأمر عاديا،، ولكن السؤال السريع الذي تبادر إلى أذهان مصادر المحللين والمراقبين في الغرب كان على الفور: هل انتحر اللواء القوي في الحكم السوري أم أن انه جرى اغتياله وذلك للتغطية على تداعيات ونتائج كثيرة محتملة سيكشفها تقرير المحقق الدولي ميليس الذي يحقق بتكليف دولي في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، حيث اسم غازي كنعان وخليفته في لبنان اللواء رستم غزالي وعدد من اركان الدائرة الضيقة حول الرئيس بشار الأسد متورطين بالتخطيط للاغتيال.

كما أن السؤال الآخر الذي طرح فورا، هو هل انتحار أو نحر غازي كنعان مقدمة لانتحار النظام السوري كله، حيث تقرير المحقق الدولي على الأبواب، الأمر أن كشف تورط دمشق ، فإن سورية تكون فتحت على نفسها بوابات جهنم،، وكان رئيس الوزراء السوري ناجي عطري استبق الأحداث أمس وصرح بقوله "إذا شنت الولايات المتحدة حربا على سورية،، فهي بذلك تكون فتحت على نفسها بوابات جهنم"، واسؤال هنا من ستفتح عليه نار جهنم أولا؟؟.

يذكر أن غازي كنعان كان رجل سورية القوي لاثنتي عشرة سنة قبل أن يعود العام 2002 لتولي قيادة جهاز الأمن السياسي، ثم في العام 2004 عين وزيرا للداخلية، ومن بعده تم تعيين اللواء رستم غزاله كرئيس لجهاز الاستخبارات المكروه على الساحة اللبنانية، والرجلان تحوم حولهما الشكوك بالتخطيط لاغتيال الحريري.

وأوضحت المصادر أن كنعان نقل على الفور إلى مستشفى الشامي في العاصمة السورية دمشق، ولكنه توفي بعد ساعات. مصادر في المستشفى أكدت لشبكة CNN أن كنعان توفي حوالي الساعة الثانية عشرة بالتوقيت المحلي. وحول الطريقة التي انتحر بها كنعان، ذكرت مصادر حزبية أنه قام بإطلاق طلقة من مسدسه في فمه.

وكان كنعان، الذي شغل منصب قائد القوات السورية في لبنان حتى عام 2002، قد أجرى قبل ساعات مقابلة إذاعية مع صوت لبنان، أكد فيها عدم تورطه في العديد من التهم التي وُجهت ضده بشأن الملف اللبناني.

ويأتي انتحار كنعان في أوج حالة الإنتظار لنتائج تقرير المحقق الدولي الألماني، ديتليف ميليس، في عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، في فبراير / شباط ، وما تلاه من اغتيالات.

ويسلط المراقبون الضوء على الطريقة التي انتحر بها كنعان، وتلك التي قيل أن رئيس الوزراء السوري الأسبق، محمود الزعبي، قد اقدم عليها في مايو/ أيار 2000عندما اتهم بالفساد.

يذكر أن كنعان المولود العام 1943 ، كان عرضة لانتقادات وشبهات غربية كثيرة، حتى أن الولايات المتحدة كانت جمدت أرصدته في يوليو الماضي، وهو قرار لا تتخذه الولايات المتحدة الا ااذا كانت متأكدة من تورط صاحبه بقضايا متعلقة بالارهاب. كما جمدت أيضا ارصدة رئيس جهاز الامن و الاستطلاع السوري السابق في لبنان رستم غزالة اللذين اتهمتهما "بالمساعدة في الارهاب".

وكانت وزارة الخزانة الاميركية قالت ان " الأمر يقضي بتجميد ارصدة يمكن ان تكون لهما في الولايات المتحدة و بمنع اي شخص اميركي من عقد صفقات مع هذين الفردين". و قالت الحكومة الاميركية انها تعتقد ان كنعان و غزالة "ادارا التواجد العسكري و الامني لسورية في لبنان و/ او ساهما في دعم الحكومة السورية للارهاب". و اضافت وزارة الخزانة ان "غزالة و كنعان شاركا في العديد من الانشاطة الفاسدة و تردد انهما استفادا من صفقات اعمال فاسدة خلال فترة تعاقبهما على منصب (رئيس جهاز الامن و الاستطلاع السوري) في لبنان".

و قالت الوزارة ان كنعان عمل لحوالى 20 عاما رئيسا لجهاز الامن و الاستطلاع السوري في لبنان قبل ان يخلفه غزالة في ذلك المنصب في اواخر عام 2002. و اكد وزير الخزانة جون سنو في تصريح له ان "الخطوة التي اتخاذت اليوم تهدف الى عزل لاعبين اساسيين في دعم جهود سورية على زعزعة استقرار جارها لبنان ماليا".

و قال "لقد رأينا الديموقراطية تترسخ في لبنان و غيرها من مناطق الشرق الاوسط، و مع ذلك تواصل سورية دعم الجماعات العنيفة و النزاعات السياسية". و اضاف "على سورية الانضمام الى جارها في انتهاج التقدم نحو الحرية". وجاءت تلك الخطوة في اعقاب قيام الادارة الاميركية بتجميد ارصدة ثماني مؤسسات و منظمات سورية و كورية شمالية و ايرانية تتهم بنشر اسلحة الدمار الشامل.

وصرح وزير المالية الأميركي جون سنو وقتها بأن "الإجراءات المشابهة لهذا الإجراء تستهدف أن تعزل مالياً العناصر السيئة الداعمة لجهود سوريا لزعزعة استقرار الدول المجاورة لها." وأضاف "إننا نرى الديمقراطية تترسخ في لبنان ومناطق أخرى من الشرق الأوسط، ومع ذلك فإن سوريا تواصل دعم جماعات العنف والنزاع السياسي. إن سوريا يجب أن تنضم إلى الدول المجاورة في انتهاج التقدم نحو الحرية."

وكانت واشنطن قالت إن المعلومات المتوفرة لدى حكومة الولايات المتحدة تبين أن غازي كنعان ورستم غزاله كانا يقودان الوجود العسكري والأمني للجمهورية العربية السورية في لبنان، وأنهما ساهما في دعمها للإرهاب. وهناك ادعاءات بأن كليهما شارك في أنشطة فساد متنوعة وأنهما استفادا من صفقات الفساد التجاري أثناء وجودهما في لبنان.

* المعلومات الشخصية:

غازي كنعان

تاريخ الميلاد: حوالي العام 1943

مكان الميلاد: بالقرب من قرداحة، في سوريا.

العنوان: دمشق، سوريا.

الوظيفة: وزارة الداخلية.

وطبقاً للمعلومات المتوفرة لدى حكومة الولايات المتحدة، فإن غازي كنعان قبل تعيينه في منصب رئيس دائرة الأمن السياسي في سوريا الذي شغله لفترة قصيرة، ومنصبه الحالي وزيراً للداخلية السورية، كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان لمدة تقارب الـ20 عاما. وفي أواخر العام 2002 حل محله في المنصب رستم غزاله.

وخلال فترة قيادته للاستخبارات العسكرية السورية في لبنان، أكد كنعان على أن يظل ضباط الاستخبارات العسكرية السورية مشاركين إلى حد كبير في الشؤون السياسية والاقتصادية اللبنانية.

وتبين المعلومات المتوفرة لدى حكومة الولايات المتحدة أن كنعان بصفته قائد الاستخبارات العسكرية السورية، ساهم في ما تقدمه حكومة الجمهورية العربية السورية من دعم للجماعات المحددة بأنها جماعات إرهابية عالمية مثل جماعة حزب الله. وفي العام 2002 تم نقل ثلاثة صواريخ في قافلة يقال إن كنعان كان مرافقاً لها ونقلها بنفسه إلى حزب الله في لبنان. وفي أيار/مايو من العام 2001، أثناء اجتماع بين كنعان وقادة الأمن في حزب الله، وافق حزب الله على طلب سوريا الامتناع عن تنفيذ أي عمليات عسكرية دون إبلاغ سوريا مسبقا بها. وفي الاجتماع نفسه وافق حزب الله على مواصلة عملياته.

كما تبين المعلومات المتوفرة لدى حكومة الولايات المتحدة أن كنعان كان يتمتع بنفوذ قوي في الجيش اللبناني وأجهزة الأمن. وفي أواخر كانون الأول/ديسمبر من العام 2001، أعلن أحد قادة القوات المسلحة اللبنانية أنه اعتباراً من كانون الثاني/يناير، 2002، فإن تصريحات حمل السلاح وأذون المرور الأمنية التي أصدرتها المؤسسات السورية ستصبح لاغية المفعول باستثناء التصاريح والأذون التي يصدرها كنعان.

وهذه التصاريح والأذون التي كان يصدرها كنعان فقط هي التي سيكون بمقدور الحاصلين عليها حمل السلاح أو المرور عبر نقاط عبور القوات المسلحة اللبنانية ونقاط العبور العسكرية السورية في لبنان دون استجواب أو تفتيش.

ويدعى أنه في آب/أغسطس 2001، إعتقدت حكومة الجمهورية العربية السورية أن رئيس الوزراء اللبناني ورئيس البرلمان اللبناني وأحد قادة الفصائل اللبنانية شكلوا تحالفاً جديداً كان في تقدير سوريا يمثل انتهاكاً للسياسة السورية المستمرة منذ أمد بعيد، المتمثلة في منع أي حزب سياسي أو كتلة سياسية من الهيمنة على السياسة اللبنانية.

علاوة على ذلك، ظنت سوريا أن التحالف الجديد سيضعف اعتماد الأحزاب السياسية اللبنانية على دمشق ويقضي على نفوذ وتأثير حكومة الجمهورية العربية السورية على السياسة اللبنانية. ورداً على هذا الائتلاف، إجتمع كنعان مع رئيس البرلمان اللبناني ليذكره بأن مصالحه تكمن مع السوريين، وأنه يجب أن يقنع زملاءه الآخرين في البرلمان ممن يكون للرئيس نفوذ عليهم بهذه الحقيقة.

وبالإضافة إلى ذلك، ذكرت الروايات الصحفية أنه لوحظ خلال الانتخابات البرلمانية اللبنانية في العام 2000 ، كما لو أن كنعان كان هو المشرف على العملية الانتخابية برمتها.

* رستم غزاله:

تاريخ الميلاد: حوالي 1949.

العنوان: سوريا.

المهنة: رئيس الاستخبارات العسكرية السورية في لبنان.

تولى غزاله رئاسة الاستخبارات العسكرية السورية في أواخر العام 2002 خلفا لمعلمه غازي كنعان. وتقول المعلومات المتوفرة لدي حكومة الولايات المتحدة، إن غزاله كان يطبق سياسات سوريا في لبنان حتى الانسحاب السوري من لبنان في نيسان/إبريل 2005. وأثناء قيادته، كان غزاله يصدر توجيهاته ويساهم بنسبة كبيرة في الوجود الأمني والعسكري السوري في لبنان.

وتبين المعلومات المتوفرة لدي حكومة الولايات المتحدة أن غزاله كان يقدم تقاريره عن مسؤولياته عن الشؤون اللبنانية إلى الرئيس السوري الأسد مباشرة، ثم إلى مدير الاستخبارات السورية حسن خليل.

كما تبين المعلومات المتوفرة لدي حكومة الولايات المتحدة أن غزاله كان يتلاعب في الشؤون السياسية اللبنانية لضمان أن المسؤولين اللبنانيين سيظلون مخلصين لأهداف ومصالح الجمهورية العربية السورية.

وفي أواخر العام 2004 ذكرت الأنباء أن غزالة حذر من أن سوريا مصممة على إلحاق الأذى الجسدي بأي شخص يتدخل في الوضع الاقتصادي اللبناني ويسبب أزمة ثقة. واعتباراً من أواخر العام 2004 -- حسبما قيل -- فإن الرئيس اللبناني لحود كان يتشاور مع غزاله قبل اختيار أي شخص لمنصب وزاري في وزارته.

وقالت الأنباء إن غزالة كان يستطيع التأثير على عدد من أعضاء البرلمان اللبناني وإنه فعل ذلك بشكل ملحوظ عند تجديد ولاية الرئيس لحود. وبعد إجراء تعديل في الدستور اللبناني يسمح للرئيس لحود بتجديد فترة ولايته، أشار بعض المعلقين السياسيين إلى أن تلك، على ما يبدو، هي المرة الثانية التي فرضت فيها دمشق رئيساً على بيروت. وأشارت تقارير الأنباء إلى أنه في العام 1995 تم تمديد فترة الولاية للرئيس الهراوي لمدة ثلاث سنوات بإيعاز من سوريا.

وتبين المعلومات المتوفرة لدى حكومة الولايات المتحدة أن غزاله كان يمارس أيضاً سيطرة قوية على الجيش اللبناني. واعتباراً من منتصف العام 2003 لم تعد الاستخبارات العسكرية السورية بحاجة إلى الاحتفاظ بوجود كبير لها بين المستويات المتوسطة لجهاز الاستخبارات اللبناني، لأن غزاله - كما تردد -- طالب بأن تقدم دائرة الاستخبارات وقوات الأمن الداخلي والدائرة العامة للاستخبارات تقاريرها إليه بصورة يومية، وفي بعض الأحيان كل بضع ساعات. وكدليل إضافي على نفوذه على القضايا الأمنية والسياسية في لبنان، كان غزاله، اعتباراً من أواخر العام 2003 يساهم مساهمة كبيرة في كل الشؤون الداخلية للقوات المسلحة اللبنانية، بما فيها الترقيات والتعيينات في المناصب الكبرى.

كما يدعى أنه في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2003 واصل كبار الضباط في القوات المسلحة اللبنانية التأكيد لمرؤوسيهم على أهمية توثيق العلاقات بين القوات المسلحة اللبنانية والاستخبارات العسكرية السورية. وبالإضافة إلى ذلك، شجعوا مرؤوسيهم على التنسيق بدرجة أكبر مما سبق مع الاستخبارات العسكرية السورية في كل الموضوعات.