بهية مارديني من دمشق: أصرت سورية في رد فعلها على تقرير لجنة التحقيق الدولية حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، على اعتبار التقرير "مسيس". وعقب صدور التقرير، اكد الدكتور جورج جبور النائب في البرلمان السوري والمستشار السابق للرئيس الراحل حافظ الاسد لـ"إيلاف" ان التقرير يفسح المجال امام اجتهادات كثيرة، ولم يصل الى تفكيك الجريمة تفكيكا كاملا، وهو تقرير سياسي وليس جنائيا. وكان وزير الإعلام السوري اعتبر أن التقرير "مُسيس"، ومنحاز ضد سوريا.

واوضح جبور في تصريح خاص لـ"ايلاف" انه اطلع على اجزاء من تقرير قاضي التحقيق ديتليف ميليس من وسائل الاعلام و لفت نظره ان التحقيق لم ينته وان التقرير ليس كاملا بمعنى انه مرحلة من مراحل التحقيق. أضاف جبور "ان التقرير سياسي بمعنى انه قراءة سياسية للاحداث وليس قراءة جنائية دقيقة كما لفت نظري ماعلمت به ان التقرير انتهى بان الكل بريء حتى تثبت ادانته ، ولفت نظري قول ميليس ان الجريمة سياسية اساسا ولكن لايستبعد دخول مصادر تبييض الاموال" .

واشار جبور الى "ان هناك عدم تعين (تحدد) في التقرير حتى الان وهذا الامر يتيح المجال لاجتهادات كثيرة رغم اننا كنا نظن ان التقرير سوف يضع حدا للاجتهادات" ،وشدد جبور ان التقرير سياسي اكثر منه جنائي. وراى ان ميليس لم يصل الى تفكيك الجريمة تفكيكا كاملا الا انه رفض جوانب لها علاقة بالجريمة .

وزير الاعلام السوري مهدي دخل الله بدوره اتهم التقرير بأنه مسيس ، ويستند الى شهود معاديين لسورية ، ولاول مرة تحاول دمشق اليوم ان تشن هجوما مضادا منسقا يشكك بالتقرير، اضافة الى محاولاتها لتوحيد خطابها عبر ردود على التقرير تصب في ذات الاتجاه وهو التشديد على ان التقرير ذو طابع سياسي وليس جنائي .

واستضاف التلفزيون السوري اليوم عددا من المؤيدين لسورية في لبنان ومنهم رشاد سلامة نائب رئيس حزب الكتائب اللبناني وعبد الله الاشعل واصدقاء اخرين ، وانصبت تعليقاتهم على التشكيك بميليس وادلته وشهوده ،ودون انتظار لقرارات اجتماع اللجنة العليا المقرر عقدها في دمشق غدا ودراسة وزارة الخارجية السورية للتقرير ، بادر الدكتور مهدي دخل الله وزير الاعلام السوري الى اعتبار ان التقرير مسيس ومتحيز وبيان موجه ضد سورية يستند على شهود معادين لها وليس فيه حقائق وادلة ثابتة واكد ان سورية سترد بطريقة قانونية بعد قراءة التقرير بتمعن ، اما الياس مراد رئيس تحرير صحيفة البعث السورية ، فقد اكد ان سورية انتظرت ان يكون التقرير قضائيا وجنائيا لكنها فوجئت بانه اتى سياسيا وموجها باتجاه واحد واتبع ادلة باتجاه واحد ، وأكد ان التحقيق خلط بين الجميع، ، كما تم سرد وقائع للتضليل، فاما أن يكون التقرير مبنيا على هذه الوقائع، واما أن يصل للحقيقة من خلال الاستنتاجات.

واوردت وكالة الانباء الرسمية "سانا" تقريرا عن ردود الفعل الاولية تجاه تقرير ميليس حيث ذكرت ما قاله وزير الاعلام دفاعا عن سورية ونقلت ما قالته صحيفة الثورة الحكومية حول ان التقرير تضمن وجود مايشير الى احتمال تورط لبناني سوري في اغتيال الحريري دون ايراد اي دلائل او شواهد على هذا الاستنتاج المنافي للحقيقة وان التقرير استند الى اقوال وروايات بعض الشخصيات اللبنانية المعادية لسورية ومنذ اللحظات الاولى لوقوع الجريمة .

من جانبها رفضت وسائل الاعلام الرسمية تقرير ميليس وقالت صحيفة الثورة الحكومية ان التقرير تضمن وجود مايشير الى احتمال تورط لبناني سوري في جريمة اغتيال الحريري دون ايراد اية دلائل او شواهد على هذا الاستنتاج المنافي للحقيقة.‏

واكدت الجريدة الرسمية ان التقرير استند الى اقوال وروايات بعض الشخصيات الاعلامية والسياسية اللبنانية المعادية لسورية والتي مافتئت توجه الاتهام لسورية ومنذ اللحظات الاولى لوقوع الجريمة.‏

واشارت عبر محررها السياسي الى ان التقرير بنى على هذه الروايات معظم استنتاجاته مما يشير الى وجود نية مسبقة لتسييس التحقيق وتوجيهه باتجاه معين يخدم سياسة الضغوط على سورية.‏

ولفتت الثورة الى انه على الرغم من التعاون الكامل الذي ابدته سورية مع لجنة التحقيق الا ان التقرير ادعى ان التعاون السوري لم يكن كافياً أو جوهرياً وهذا مايتنافى مع ماكان قد عبر عنه ميليس اثناء وجوده في سورية وتأكيده بأنه كان مرتاحاً للتعاون السوري الجيد مع التحقيق.‏ واعتبرت الصحيفة ان القول بأن التعاون لم يكن كافياً هو لغة اضحت معروفة لأنهم يريدون القول بأن التعاون غير كاف ، ويبدو واضحاً انها طريقة للتعبير عن المواقف المسبقة والاتهامات الجاهزة ضد سورية.‏

واكدت الصحيفة ما اعلنه الرئيس السوري بشار الاسد مرارا في ان دمشق بريئة من جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لأن اسلوب الاغتيال يتنافى مع سياسة سورية في التعامل مع اعدائها فكيف مع اصدقائها والداعمين للعلاقات الجيدة بين سورية ولبنان.‏وذكرت الجميع بان سورية كانت أول المطالبين ومنذ الساعات الاولى للجريمة بتحقيق حرفي ومهني ودقيق بعيداً عن نهج التسييس والاتهامات المسبقة وذلك بهدف معرفة الحقيقة التي هي في مصلحة سورية ولبنان ومصلحة الاستقرار والامن في هذه المنطقة.‏

واكدت الصحيفة ان سورية سوف تعكف على دراسة التقرير وتحليله والرد على مضمونه رسمياً عندما يصل اليها بشكل رسمي .‏

ونقلت مصادر متطابقة ان لجنة عليا تضم مسؤولين سياسيين وامنيين سوريين كبار، ستدرس تقرير ميليس غدا ، بالتزامن مع قيام خبراء من وزارة الخارجية السورية بدراسته استعداداً لرفع مذكرة رسمية تتضمن الردود السورية الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان.