بيروت: يتسمر اللبنانيون منذ ليل الخميس الجمعة امام شاشات التلفزة لمتابعة اخبار تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية حول اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري الذي وجد فيه الكثيرون "الحقيقة" المنتظرة منذ 250 يوما، بينما اعتبره آخرون "مسيسا".

وبدت الحركة خفيفة نسبيا منذ صباح اليوم الجمعة في شوارع بيروت، وسط تكثيف للانتشار الامني لا سيما في محيط المؤسسات الرسمية ومصرف لبنان المركزي وفي المناطق اللبنانية المختلفة، كما لاحظ مراسلو وكالة فرانس برس.

وتهافت عدد كبير من المواطنين على شراء الصحف لمتابعة اخبار التقرير الذي بدأت مقتطفات منه تبث عبر محطات التلفزة المحلية والعربية بعد منتصف الليل وقد اشار الى تورط مسؤولين لبنانيين وسوريين في عملية اغتيال الحريري.

كما نشرت صحيفة "المستقبل" التي تملكها عائلة الحريري بعد ظهر اليوم ملحقا تضمن الترجمة العربية للتقرير الدولي سارع الناس الى شرائه بعد اعلان محطة المستقبل التلفزيونية عن صدوره.

ويقول وليد (30 عاما) "هذا اليوم الذي ينتظره اللبنانيون منذ 250 يوما. الحقيقة كشفت الظالمين والمجرمين".

وقد دعا تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، نجل رفيق الحريري، واليسار الديموقراطي الى تجمع مساء الجمعة في ساحة الشهداء في وسط بيروت "وفاء للرئيس الحريري واحتفاء بالحقيقة"، كما قال النائب اللبناني الياس عطالله لوكالة فرانس برس.

وفي احدى المكتبات في شرق بيروت ذات الغالبية المسيحية حيث كان يتجمع عدد من الاشخاص معلقين بحماس على مضمون "تقرير ميليس" (رئيس لجنة التحقيق الدولية)، تقول ريتا (35 عاما) "كل هذا الذي سمعناه كنا نعرفه. نريد ان يصل التحقيق الى الرؤوس الكبيرة". وذكر كثيرون ان التقرير لم يفاجئهم.

وقال رئيس المجلس البلدي في قرية مسيحية قريبة من بيروت "انا اصدق ما جاء في التقرير ولا اشك لحظة في ما جاء فيه ولكن استعجل حصول المحاكمة لكي لا ياتي من يقول بان الادلة غير كافية وان ما ورد في التقرير مجرد استنتاجات". ويشير الى انه لم يغادر منزله وسهر طيلة الليل ليتمكن من معرفة مضمون التقرير.

كذلك يطالب محمود (32 عاما) بمحاكمة سريعة. ويقول هذا الشاب الدرزي "المهم ان تجري محاكمة دولية لانني لا اثق باي محكمة لبنانية".

ويرغب عدد من المواطنين في شارع عبد الكريم الخليل في منطقة الشياح الشيعية جنوب بيروت ايضا بمحاكمة وحتى كما يقول احدهم، نبيل (17 عاما) ب"الاعدام للقتلة وبترحيل الفلسطينيين وجميع السوريين الذين ياخذون لقمة العيش من امامنا".

كما يدعو مصطفى وهو صاحب سوبرماركت (28 عاما) الى استقالة رئيس الجمهورية اميل لحود "الذي لم يات لنا الا بالفقر وقتل الحريري الذي عمر لنا البلاد".

ويفصل بين تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي ديتليف ميليس ووضع سلاح حزب الله ولا يرى علاقة بين الاثنين. ويضيف "عندما تهدأ الامور يتخلى الحزب من تلقاء نفسه عن سلاحه".

ولا يشاطره الراي حسين (52 عاما) الذي ينفجر غاضبا في وجه الفرنسيين لدى طرح وكالة فرانس برس السؤال عليه. ويقول "التقرير مسيس. انه مجرد ضغط على سوريا لتوقف دعمها للمقاتلين في العراق ولتضغط على حزب الله لنزع سلاحه". ويضيف ان "رئيس الجمهورية غير متورط وهو انظف انسان في البلاد، والقادة الامنيون الموجودون في السجن لا علاقة لهم بالاغتيال".

واوقف القضاء اللبناني بناء على توصية من لجنة التحقيق الدولية اربعة ضباط لبنانيين كبار يعتبرون اركان النظام الامني الذي اقامته سوريا في لبنان بتهمة المشاركة في اغتيال الحريري.

وقد سمى التقرير الصادر عن ميليس والذي تسلمته الحكومة اللبنانية والامم المتحدة هؤلاء القادة بالاضافة الى مسؤولين سوريين ولبنانيين آخرين لتورطهم في الاغتيال.

في وسط بيروت ليلا، كانت الشوارع خالية تماما. ووقفت باتسي، السائحة الاميركية (50 عاما) قرب ضريح الحريري. وقالت انها لم تسمع من قبل بميليس ويبدو انها جاءت الى لبنان في الوقت غير المناسب.

وتبدي باتسي اعجابها بوسط بيروت الذي "قيل لي ان الحريري شيده". وتدمع عيناها امام الضريح فيما لبناني يرافقها يروي لها تفاصيل مقتل الحريري وانجازاته. وتقول "كيف يمكن للبناني ان يكون متورطا في قتل مثل هذا الرجل الذي فعل كل هذا للبنان؟".