دائرة الشغب تتسع ومتمردو الضواحييتسلحون ببنادق رش
باريستشتعل لليلة الحادية عشر

*جرح 34 شرطيا واحتراق 839 سيارة واعتقال 186 شخصا

رجل شرطة يمسك عيارا أطلقه مثيرو شغب في غريجني أمس. أ ف ب

باريس: توفي اليومرجل في الستين من العمر كان قد تعرض للضرب مساء الجمعة في الضاحية الشمالية لباريس التي تشهد اعمال شغب، حسبما اعلنت ارملته التي استقبلها وزير الداخلية نيكولا ساركوزي.
وهي اول حالة وفاة تسجل منذ بداية اعمال الشغب في الضواحي الفرنسية في 27 تشرين الاول(اكتوبر) الماضي.
وكان جان جاك لو شيناديك (61 عاما) تعرض للضرب على يد احد الشبان بينما كان يتناقش مع جار له عند مدخل المبنى الذي يقيم فيه.

ودخلت ضواحي العاصمة الفرنسيةليلتها الحادية عشر من دون أن تنطفئ نيرانها، إذ تحولت أعمال الشغبإلى صدامات دامية عندما أطلق "متمردو الضواحي" أعيرة نارية على الشرطة وأضرموا النيران في مئات السيارات، وذلك بعد ساعات من تعهد الرئيس الفرنسي جاك شيراك باستعادة النظام.

وأعرب زير الداخلية الفرنسي نيكولا سركوزي مساء امسفي بوبيني (الضاحية الشمالية لباريس) عن أمله في أن "يعود النظام الجمهوري إلى جميع أحياء جمهوريتنا". إلا أنالاحتجاجات العنيفة طالت قلب العاصمة باريس بعدما امتدت رقعتها من مدن الجنوب الى مناطق الشمال، ما دفعشيراك الى جمع مجلس الأمن الداخلي ليعلن ان "الاولوية المطلقة هي اعادة الامن والنظام العام".

وكانت الحصيلة النهائية التي سجلت في نفس الوقت امس احتراق 918 سيارة واعتقال 193 شخصا. وارتفعت الحصيلة النهائية منذ بدء الاحداث الى احتراق 1295 سيارة واعتقال 312 شخصا.

بنادق رش ضد الشرطة في فرنسا
وقالت الشرطة ان عشرة رجال الشرطة اصيبوا بجروح منهم اثنان حالتهما خطيرة عندما اطلق شبان اعيرة على الشرطة من بنادق رش في جريجني الواقعة جنوبي باريس. ويعالج شرطيان في المستشفى احدهما من جروح اصيب بها في حلقه بسبب طلقات رصاصية اما الاخر فأصيب في ساقه. وقال ضابط شرطة "انهم اطلقوا اعيرة فعلا على الشرطة. هذه اعمال عنف حقيقية وخطيرة. وهي ليست كالليالي السابقة. انني اشعر بقلق بالغ لان هذا تصعيد".

وقال متحدث اخر باسم الشرطة ان هذه الطلقات قد لا تكون قاتلة بسبب المسافة التي اطلقت منها ولكنها قادرة بشكل واضح على احداث اصابات خطيرة. وسئل عما اذا كان مثيرو الشغب كانوا يمكن ان يقتلوا احدا فقال المتحدث "ربما يكون لا من هذه المسافة. ولكنهم قد يسببون اصابات خطيرة او يجعلون احد رجال الشرطة يصاب بالعمى".

سركوزي زار رجال الشرطة المصابينالذين تم نقلهم الىمستشفى إيفري لتلقي العلاج. وأصيب الاخرون خصوصا بالحجارة ولكن بعضهم استهدف بزجاجات حارقة.

واحصت الشرطة عند منتصف الليل (23:00) احتراق 316 سيارة في المقاطعات واحتراق 212 في المنطقة الباريسية.

سركوزي
وقال سركوزي "اذا لم يعد النظام فسوف يحل اما نظام العصابات واما نظام المافيات واما اي نظام اخر". واعتبر انه "منذ ثلاثين او اربعين سنة ونحن نتسامح مع هذه الاشياء التي لا يمكن قبولها على الاطلاق" مشددا على ضرورة اعتقال مفتعلي احداث الشغب. واضاف "اذا لم تحصل اعتقالات فسيكون هناك شعور بعدم المعاقبة واذا ساد هذا الشعور فان اعمال الشغب لن تتوقف".

وبعد ان دعا رجال الشرطة الى "التقيد باخلاقيات الشرطة الجمهورية تقيدا تاما" قال سركوزي "اننا نعمل من اجل المواطنين في الاحياء والمدن وليس ضدهم". واشاد بكون "مواطنين ساعدوا (الشرطة) على توقيف انذال" خلال اعمال العنف. واوضح "شاهدت بكل سرور ان الشعب يتضامن اكثر واكثر معكم". وقال ايضا ان "الذي يطلق الرصاص الحي على رجال الشرطة يكون نذلا. والذي يضرم النار في حافلة او يلقي سائلا ملتهبا على شخص مقعد يكون مجرما".

وفي المقاطعات، تعرضت كنيستان وعدد من المؤسسات التعليمية ومركزي شرطة لاعتداءات وقد التهمت النيران بعضها.

وفي الضاحية الباريسية، تعرض مركز اجتماعي ومركز مالي حكومي ومستودع لمواد صيدلانية ومحل لبيع الدراجات النارية لهجوم. وقال مصدر في الشرطة ان مجهولين رشقوا عند الساعة 18:30 (17:30 تغ) حافلة للركاب بالحجارة في كولومب (الضاحية الجنوبية الغربية) ما ادى الى اصابة طفل في الشهر الثالث عشر من العمر بجرح في رأسه ما اضطر الى نقله الى المستشفى ولكن لم يوضح المصدر خطورة الاصابة.

شيراك يتعهد
اعمال العنف الجديدة جاءت بعد ساعات فقط من تعهد شيراك باعادة النظام مدليا بأول تصريحات علنية له منذ بدء اعمال الشغب في الضواحي الفقيرة بباريس في 27 اكتوبر تشرين الاول. وقال شيراك عقب اجتماع مع مجلس للامن الداخلي للرد على اعمال العنف والتي احرقت خلالها الاف السيارات "الجمهورية .. مصممة تماما على أن تكون أقوى من هؤلاء الذين يريدون زرع العنف أو الخوف. "القانون يجب أن تكون له الكلمة الاخيرة." واشار الى اهمية احترام الجميع والقانون وتكافؤ الفرص.

وتعرضت حكومة شيراك لضغوط متزايدة من اجل وقف اعمال الشغب التي اثارها الاحباط بين الاقليات العرقية بسبب العنصرية والبطالة واسلوب معاملة الشرطة وتهميشها في المجتمع الفرنسي.

دوفيلبان
ومن المقرر ان يعلن رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان في وقت لاحق يوم الاثنين اجراءات بالنسبة لضواحي فرنسا الفقيرة حيث يعيش كثيرون من المهاجرين من افريقيا في مشروعات اسكان اجتماعي كئيبة. وقال فيلبان بعد لقاء شيراك يوم الاحد "لن نقبل بوجود مناطق خارج نطاق تطبيق القانون". واضاف ان الحكومة ستكثف الاجراءات الامنية في البلاد حيثما تدعو الحاجة لذلك. ودفعت الشرطة بنحو 2300 ضابط اضافي لاخماد اعمال الشغب التي امتدت الى من ضواحي باريس الى بلدات اخرى واثارت قلق جيران فرنسا في اوروبا.

واستولى شبان ليل الاحد على حافلة في سانت اتيين بجنوب فرنسا وأمروا ركابها بالنزول ثم اشعلوا فيها النار. واصيب السائق واحد الركاب بجروح.

وفي ستراسبورج الواقعة بشرق فرنسا القى مثيرو شغب قنابل مولتوف داخل مدرسة ابتدائية وفي تولوز الواقعة بجنوب فرنسا قالت الشرطة ان اشخاصا دفعوا بسيارة في اتجاه مدخل نفق قطارات المترو.

وبدأت احداث الشغب قبل عشرة ايام بعد مقتل شابين صعقا بالكهرباء أثناء محاولتهما على ما يبدو الفرار من الشرطة. وفجر موتهما مشاعر الاحباط بين الاقليات العرقية تجاه العنصرية والبطالة ومعاملة الشرطة ووضعهم المهمش داخل المجتمع الفرنسي.

فتوى ضد الشغب
واصدرت احدى اكبر الجماعات الاسلامية في فرنسا أمس فتوى ضد اعمال الشغب بعد ان اشار مسؤولون الى ان متشددين اسلاميين قد ينحى باللائمة عليهم جزئيا في الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها الاحياء الفقيرة في شتى انحاء فرنسا. واستشهد اتحاد المنظمات الاسلامية الفرنسية بالقران والسنة النبوية المطهرة لدعم الفتوى الدينية التي تحرم الاخلال بالنظام والتدمير الذي سببته تلك القلاقل. وينحدر كثيرون من مثيري اعمال الشغب من اصول عربية شمال افريقية او افريقيا السوداء ويظن انهم مسلمون .

ولمح ساركوزيومسؤولون اخرون الى احتمال ان يكون اسلاميون متشددون يؤثرون على شبان غاضبين لتحدى الدولة الفرنسية.

ويقول سكان مسلمون في تلك الضواحي المنهكة ان غضب مثيري الشغب يتعلق بالبطالة والتفرقة في المعاملة اكثر من كونه متعلقا بالدين. ويشكل مسلمو فرنسا البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة ثمانية في المئة من سكان فرنسا وكثيرون منهم يعتبرون انفسهم مواطنين من الدرجة الثانية.

وقالت الفتوى انه ممنوع شرعا على اي مسلم يسعى الى مغفرة الله ورضاه ان يشارك في اي عمل يصيب بشكل اعمى الممتلكات الخاصة او العامة او قد يشكل اعتداء على حياة الاخرين. واضافت الفتوى ان هذا ينطبق على اي مسلم يعيش في فرنسا سواء كان مواطنا او ضيفا على فرنسا.


ورغم اسوا دمار منذ بدء اعمال الشغب دعا متحدث باسم الشرطة الى وضع النسبة والتناسب في الاعتبار وقال "انها 211 منطقة من بين 36000 وبالتالي ففرنسا لا تحترق". وشوهت احداث العنف صورة فرنسا في الخارج وأرغمت فيلبان على الغاء زيارته لكندا فيما حذرت روسيا والولايات المتحدة مواطنيهما من التوجه الى الضواحي المضطربة.