بهية مارديني من دمشق: يتفق معظم البعثيون الذين يتابعون الشأن السوري بان الخطاب الذي القاه الرئيس بشار الاسد في جامعة دمشق في الاسبوع الماضي، كان اهم خطاب له منذ تسلمه سدة الحكم بعد وفاة والده الرئيس حافظ الاسد قبل خمسة اعوام، باعتبار انه نجح في ان يزيل عنه صورة الرئيس الذي لا يمسك بزمام الحكم، وان هناك ثمة حرس قديم او جديد على حد سواء يديرون الامور في دمشق دون علمه واو حتى موافقته .كما ان الاهمية التي يمكن ان يكون خطاب الاسد قد انطوى عليها، هي انه حاز على اعجاب غالبية السوريين على اختلاف انتمائاتهم، خصوصا لجهة الرد على الكثير من الاسئلة المطروحة بما يتعلق بالدور السوري الزعوم في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، او بالرد على المشروع الاميركي الذي يعني تذويب الهوية الوطنية السورية وحشر السوريين في حاجاتهم الاساسية بعيدا عن اية نظرة مستقبلية يمكن ان تحقق طموحا عربيا مشتركا .

وربما فوجيء السوريون بنبرة رئيسهم النارية الى درجة ان كثيرين دهشوا وهم يتابعون "الرئيس الوقور الهادىء " وهو يستخدم كلمات وتعابير ربما كانت غير مالوفة، فشن هجمات عنيفة على بعض الاطراف اللبنانية، مستخدما تعابير كان يعتقد انها اختفت من القاموس الدبلوماسي السوري، خصوصا في ظل غياب شبه كامل لغطاء دولي او حتى عربي للموقف السوري الذي بات اليوم واضحا لالبس فيه .

واذا كان الشعب السوري قد انشرح صدره بخطاب رئيسه ،فان الكثير اعربوا عن خشيتهم من ان تكون الايام القادمة صعبة جدا، لكنه عبروا عن الاستعداد لتحمله خصوصا ان الاميركيين، في نظرهم، تمادوا في تهديداتهم لسورية، وبدوا وكأنهم غير راغبين في وضع حد لمطالبهم .

,بالتاكيد ان خيارات سورية قد باتت اليوم موضع اختبار حقيقي، فهي قد تؤدي ببساطة الى حرب جديدة في الشرق الاوسط. وهذه المرة يهدد الاسد بانها لن تصيب سورية فقط بل انها ستصيب حتى اولئك الذين "اتو بالمستعمر بهذه الطريقة "، وربما كان الصدى واضحا جدا لهذا التهديد والتحدي في بيروت، حيت ترجمه حلفاء دمشق فورا عبر انسحاب وزارء حزب الله وحركة امل من اجتماع الحكومة اللبنانية لمجرد رغبة رئيسها بمناقشة خطاب الاسد في الجلسمة، وهو الامر الذي يحمل اشارة انذار بالغة الخطورة. ولابد ان عواصم القرار أدركت ان الشراكة على مايبدو بين سورية وحلفائها في لبنان قد تحتاج الى اكثر من قرار دولي لفصمها وهي ربما بحاجة الى اساطيل وطائرات وتدخل عسكري مع كل ماسيستتبع ذلك من فوضى عارمة، لم يخف الرئيس السوري من ادراكه لمخاطرها الكبيرة، وبالتاكيد لن تكون الدول الكبرى اقل منه اداركا لخطورتها على مصالحها وعلى مصالح اسرائيل التي تبدو اليوم الهدف الرئيسي المفضل الذي يمكن ان تصوب عليه دمشق، ان لجهة الفصائل الفلسطينية او لجهة حزب الله. اما جبهة الجولان فانها ستكون الحل الاخير الذي قد يلجا اليه الاسد عندما يكون "خيار شمشون "هو الخيار الوحيد .

وربما وجد خطاب الاسد المزيد من المصداقية بين مواطنيه وبين العرب بعد الكشف عن محاولات جهات غربية لم يكشف عنها بتجنيد سوري معتقل في تركيا للادلاء بشهادة زور ضد سورية فيما يتعلق بمقتل الحريري مقابل ملايين الدولارات، وهو مايهدد جديا التحقيق باغتيال الحريري ويلقي بظلال كثيفة من الشك على الشهود الذين استند اليهم القاضي الدولي ديتليف ميليس لاتهام مسؤولين سوريين بالتخطيط مع نظرائهم اللبنانيين لاغتيال الحريري. وبالتالي فان تاكيد الرئيس السوري بان بلاده ليست متورطة لا على مستوى الدولة على مستوى الافراد باغتيال الحريري بات تاكيدا له مصداقية مؤيدا بوقائع وشهادات، وبالتالي فان قضية الحريري انفتحت على افق جديد .

والسؤال المطروح حاليا بين اوساط السوريين بقوة هو عن المستقبل والجواب هو ماتوقعه الاسد من اشتداد الضغوط لدرجة انه لم يستبعد ان تتعرض بلاده للغزو .