نصر المجالي من لندن: ندد حزب سوري معارض أعلن عن تأسيسه حديثا في العاصمة البريطانية وله ارتباطات في داخل سورية، بما ورد في خطاب الرئيس السوري بشار الأسد في ذكرى الحركة التصحيحية التي كان قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد العام 1970 . وقال الحزب الذي يحمل اسم "التيار السوري الديموقراطي" في بيان أصدره أمينه العام، الكاتب والصحافي المعروف الدكتور محيي الدين اللاذقاني، أن الرئيس بشار أنكر في خطابه للأمة صباح العاشر من نوفمبر – تشرين الثاني الماضي حاجة سورية الى مصالحة وطنية، كما لم يذكر الأكراد بالأسم أثناء أشارته إلى أحداث الحسكة والقامشلي الأمر الذي يشير كما أثبت الخطاب بمجمله الى أن الأصلاح الداخلي هو في آخر اهتمامات الدولة.

وقال اللاذقاني في بيانه "لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى مكونات الشعب السوري وقواه السياسية الحية التي تطالب ومعها التيار السوري الديمقراطي بانهاء حالة الطوارئ والافراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين مع تسوية أوضاع المنفيين، وبوعد واضح وصريح باقفال ملف المفقودين خلال ستة أشهر من تاريخ الذكرى الخامسة والثلاثين للحركة التصحيحية التي يحتفل بها النظام غدا رسميا وشعبيا رغم كل الكوارث التي جرتها تلك الحركة على سورية".

واضاف: "هناك أشياء زائفة كثيرة في تلك الحركة، أولها تاريخها المزور، فقد انقلب الرئيس السابق على رفاقه ووضعهم في السجون من الثالث عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 1970، لكنه لم يعلن ذلك الا بعد ثلاثة أيام، حصل خلالها على وعود دولية بتأييد حركته ثم تحول لاحقا الى أسير لذلك التأييد الذي وعده بدور أقليمي مميز تم ترسيخه على حساب الشعب السوري وحرياته ورفاهه. ولعل ما جرى في شأن الدخول السوري الى لبنان عام 1976 من أكبر الأدلة ليس على القرارات الفردية المدمرة فحسب بل على وعي شعبنا منذ ذلك الحين للفخ الدولي المحكم الذي دخله حافظ الأسد بقرار فردي واجهته معارضة سياسية داخلية شديدة. ويكفي ان نذكر في هذا المجال ان المناضل – الرمز رياض الترك دفع 17 عاما من عمره في الزنازين عقوبة له على رفضه باسم المكتب السياسي – آنذاك – الموافقة على توريط الجيش السوري في مغامرة الدخول الى لبنان".

وقال البيان: "أثبتت الأحداث اللاحقة عمق الرؤية لسياسية للمعارضة السورية وسوء تقديرات النظام . فالورطة التي تعيشها سورية اليوم وهي الأخطر منذ اتفاقية سايكس – بيكو و انذار الجنرال غورو ما هي الا جزء من القرارات السياسية الفردية الخاطئة التي اتخذت بمعزل عن الشعب السوري الذي يدفع ثمنها الآن تشديدا وحصارا وتهديدا وتضييقا تكمله في الداخل قبضة أمنية متعسفة تنتقم من شعبها بدلا من أن تعمل على حمايته في هذه الظروف المصيرية الخطيرة".

وأضاف الدكتور اللاذقاني وهو كان أحد أبرز الموقعين على بيان الاسكندرية في شأن حقوق الإنسان العربي الذي تبنه الأمم المتحدة قبل عامين: "ساد منذ أول يوم للحركة التي توصف بالتصحيحية الصوت الواحد ثم تكرس قانونيا الحزب الواحد من خلال المادة الثامنة في دستور 1973 التي اعطت حزب البعث العربي الاشتراكي حق قيادة الدولة والمجتمع وفرضت على الشعب السوري أقسى أنواع القمع ليسلم بذلك الحق، لكنه رفض باصرار ولا يزال شرفاؤه في كل مكان ينادون بالتغيير الديمقراطي التدريجي وبالتداول السلمي للسلطة الذي لا يمكن ان يتحقق مالم يتم عزل السلطة التنفيذية عن التشريعية وانهاء دور الدولة الأمنية التي رعت الأحكام العرفية كما ورثتها عن انقلاب 1963 وبالغت في تطبيقها ، كما فرضت المحاكم الاستثنائية والميدانية وسامت الشعب السوري صنوف مختلفة من العذاب أدت الى تشريد الملايين منه في كافة بقاع الأرض أما من لم يتم تشريده ونفيه فما يزال يعيش منذ 35 عاما في دولة غاب عنها القانون".

وأعلن الحزب السوري المعارض الجديد رفضه لمبدأ الدولة الأمنية في سورية جملة وتفصيلا وحمّل رموزها أعباء مآسي الشعب السوري تلفظ أنفاسها الأخيرة هذه الأيام ، وقال "ولعلها هي التي كتبت المحاور الرئيسية في خطاب الرئيس الأخير لتستغل الأزمة الخارجية في أحكام قبضتها على الداخل".

وتابع: " إذ نرفض أن يبقى الشعب السوري رهينة في قبضة هذه القوى الخفية نطالب الرئيس السوري بتقليص صلاحياتها ومنعها من اعتقال المواطنين الا بأوامر صادرة عن القضاء وبمناسبة 35 عاما على الحركة التي شكلت مفصلا أساسيا في التاريخ السوري الحديث".

وأهاب الأمين العام للتيار السوري الديموقراطي الدكتور محيي الدين اللاذقاني، بالرئيس بشار الأسد "المبادرة الى تبني مؤتمر شامل للمصالحة الوطنية فسورية لا يمكن لها أن تواجه الأخطار الخارجية الا بتلاحم شعبها وهذا الشعب لن يدافع الا عن نظام ديمقراطي تعددي يعترف لجميع مكونات الشعب السوري بحقوق المواطنة ويعدهم بلجم كل التجاوزات الأمنية وبالتحضير لانتخابات حرة نزيهة تسفر عن مجلس شعب منبثق عن الارادة الجماهيرية تناط به حسب توافقات الطيف السياسي السوري بكافة تياراته مهمة التحضير لدستور عصري يجعل سورية تقفل صفحات تاريخها السياسي المظلم المكتظ بالقمع والمصادرة لتفتح صفحة جديدة تقوم على التسامح والمحبة والاعتراف للجميع بحقوقهم المتساوية في الوطن".

بيان التأسيس

يذكر ان التيار الديموقراطي السوري كان أعلن عن إنشائه في العاصمة البريطانية في إبريل /نيسان الماضي تحت شعار أنه تيار سوري يدعو لمبادرة تطور اعلان دمشق وتنهي الخلاف حول بعض بنوده، وقال محيي الدين اللاذقاني ان "وثيقة الضمير السوري تعتبر نواة العقد الاجتماعي الجديد لسورية ما بعد تحقيقات ميليس والرئيس السوري بشارالأسد".

وجاء في بيان الإعلان عن تشكيل الحزب أنه "تلافيا للخلافات في غير وقتها ونظرا للتحفظات المتكاثرة حول بعض بنود (اعلان دمشق) من عدة أطراف سورية معارضة في الداخل والخارج بادر التيار السوري الديمقراطي ( معارضة مستقلة ) الى اقتراح صياغة وثيقة جديدة تشارك فيها جميع طيوف المعارضة السورية يطلق عليها ( وثيقة الضمير السوري ) تصحح مسار بعض البنود الخلافية في اعلان دمشق وترتكز على روحية بيان الـ 99 والوثيقة الأساسية للجان احياء المجتمع المدني ووثائق لجان الدفاع عن الحريات وحقوق الانسان في سورية".
وقال الدكتور اللاذقاني الذي أختير في السادس من تشرين الأول – أكتوبر الماضي أمينا عاما للتيار السوري الديمقراطي ان من شأن هذه المبادرة التي يجري التشاور حولها مع الأحزاب الرئيسية والشخصيات المستقلة المعارضة في الداخل والخارج أن تنهي الخلاف حول بعض البنود الملتبسة في اعلان دمشق والتي قد تعيق العمل المشترك داخل سورية في المستقبل خصوصا وان بعض تلك البنود يلقي ظلالا من الشك حول طبيعة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية التي تتطلع الأغلبية الى رؤيتها حقيقة واقعة في سورية بعد زوال كابوس ميليس وتبعاته التي ستغير الحياة السياسية السورية مهما كانت النتائج .

وأضاف: "ان وثيقة الضمير السوري في حال الاتفاق على بنودها يمكن أن تجمع أكثر من مليون توقيع وأن تكون للسوريين الذين يتطلعون للخلاص من أحتكار حزب البعث للسلطة بمثابة العقد الا جتماعي الجديد الذي ينظم العلاقة بين كافة مكونات الشعب السوري على أساس ديمقراطي تعددي يستبعد أفكار وممارسات الاجتثاث والاستئصال والاقصاء . وعلى هذا الصعيد فان الغاء حالة الطوارئ والقانون 49 لهما الاولوية جنبا الى جنب مع الغاء المادة الثامنة من الدستورفبدون انهاء احتكار السلطة والاتفاق على تداول سلمي للمسؤلية السياسية لا يمكن الانتقال الى العمل السياسي العلني وتطليق السرية في الممارسة السياسية التي هي مصدر كل عنف في المجتمع".
وأضاف: "سبق للتيار السوري الديمقراطي الذي أيد اعلان دمشق – مع التحفظ على بعض بنوده – أن أثنى على مبادرة المناضل رياض الترك الأخيرة وقال انها تصلح مع بعض التعديل كخطوة تمهيدية عملية تخرج سورية من مأزقها الحالي وتساهم في فك عزلتها الدولية وازاحة الحصار عن شعبها" .
وقال بيان الحزب الجديد أن "الخبراء القانونيين في التيار السوري الديمقراطي الذي أيد في بيانه التأسيسي هذه المطالب يقترحون العودة الى دستور 1950 لمدة ثلاث سنوات يتاح خلالها للجمعية التأسيسية السورية التي تعقب النظام الحالي أن تجري انتخابات حرة ونزيهة لمجلس شعب سوري تناط به مهمة انجاز الدستور السوري الجديد الذي يخلص البلاد من دستور 1973 الذي قنن احتكار الحكم وجر على البلاد برفضه للتداول السلمي للسلطة معظم الكوارث والنكسات ( يمكن مطالعة نص البيان على الموقع الأليكتروني www.tsdp.org).
ويعتبر التيار السوري الديمقراطي بمثابة منبر ومظلة للمعارضة السورية المستقلة التي تعارض الاستقواء بالخارج لحل مشاكل الداخل وترفض الهيمنة الأجنبية على القرار السياسي السوري. ورغم حداثة تأسيس هذا التيار فقد بث في الحياة السياسية السورية روحا جديدة واتبع أساليب عصرية مبتكرة في الاستقطاب والتأثير. واليه يعود الفضل في جمع المناضل السوري رياض الترك وعلي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين السورية علنا في مناظرة تلفزيونية في العاصمة البريطانية لندن في الثامن من يوليو – تموز الماضي. ومن ذلك الاجتماع الذي أغضب السلطات السورية وأثبت عجزها عن ضبط المعارضة الداخلية وتخويفها بدأ الحوار الجدي لأقطاب المعارضة السورية لينبثق عنه لاحقا اعلان دمشق .
ويشار ختاما إلى أن التيار الحزبي السوري المعارض الجديد، كان حصل على موافقة معظم التيارات الفاعلة في الساحة السياسية السورية لعقد لقاء شامل للمعارضة السورية في لندن الصيف الماضي للتمهيد لمؤتمر مصالحة وطنية لكن تفجيرات لندن والتعقيدات الأمنية التي تبعتها دفعا الى تأجيل عقد ذلك المؤتمر