إيلي الحاج من بيروت : دخلت سورية زمن التحضير للعقوبات الدولية ضد نظامها مع انتهاء المهلة التي حددها رئيس لجنة التحقيق الدولية، القاضي الألماني ديتليف ميليس، ليتعاون هذا النظام مع المجتمع الدولي عبر تسليمه الضباط الستة الكبار الذين يطلب استجوابهم في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري.

وأقفل وزير الخارجية السوري فاروق الشرع الباب على وساطة طرحها السودان الذي أرسل موفدا خاصا لرئيسه هو مصطفى عثمان اسماعيل إلى دمشق وبيروت حيث قابل مسؤولين في البلدين وعاد إلى الخرطوم بخفي حنين. وعرض السودان مبادرة مدعومة من جامعة الدول العربية لتقريب وجهات النظر بين البلدين وتجنيب سورية عقوبات دولية ، لكن إعلان الشرع أن ميليس رفض التعاون مع سورية في ما يتعلق بمكان الاستجواب وتوقيع بروتوكول قضائي أجهض المبادرة في مهدها.

ومن المقرر أن يتسلم السودان بعد ثلاثة أشهر رئاسة القمة العربية من الجزائر ، وقد أراد رئيسه عمر البشير أن يمهد لهذه الرئاسة بالمبادرة ، التي بدت على هامش الأحداث ، وعلى غرار معالجات جامعة الدول العربية للوضع في العراق قبل إسقاط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين وبعده. خصوصاً أن الموفد السوداني بدا في كلامه مكرراً لما يقوله النظام السوري عن استهدافه بذريعة التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري.

في هذا الوقت لا يبدو أن ميليس يلقي بالاً للكلام السياسي العربي المهجوس بالمؤامرات على الأمة، وقد علمت "إيلاف" من مصادر تتابع مسار التحقيق في بيروت أن القاضي الألماني بدأ يتصرف على أساس أنه لن يستجوب الضباط السوريين ، وسيقدم تقريراً عن عدم تعاون سورية وتمنعها عن تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1636 قبل الموعد المحدد في 15 كانون الأول( ديسمبر) المقبل.

وقد فتش فريق من لجنة التحقيق الدولية اليوم الخميس منزل الرئيس السابق لجهاز التنصت في مديرية استخبارات الجيش اللبناني العميد غسان طفيلي ، وهو يقع في منازل الضباط في محلة بئر حسن في بيروت .

واستمع أعضاء في لجنة التحقيق الدولية مجدداً إلى صاحب صحيفة "الديار" اللبنانية ورئيس تحريرها شارل أيوب الوثيق الصلة بالنظام السوري.
ومن جهة التحقيق اللبناني في القضية نفسها، استمع المحقق العدلي القاضي الياس عيد الى افادات خمسة شهود جدد. ومن المقرر ان يستمع الجمعة الى افادات عدد آخر، في ضوء التحقيقات التي اجرتها لجنة التحقيق الدولية وبعد اجراء الترجمة اللازمة للافادات.

واستمع القاضي صقر صقر، قاضي التحقيق العدلي في قضية محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، التي يقال إنها ذات صلة قوية بقضية اغتيال الحريري، إلى إفادة شاهدين. ولم يحضر الشاهد في القضية ماجد حمدان، شقيق قائد الحرس الجمهوري السابق العميد المسجون مصطفى حمدان، وذلك لوجوده خارج لبنان، وهو تعبير قضائي للدلالة على أنه فار من البلاد. ومن المقرر أن يستمع القاضي صقر اليوم الجمعة إلى إفادة العميد حمدان بصفته شاهدا في قضية محاولة اغتيال حمادة.

وكانت لجنة التحقيق استمعت على مدى ساعات ليل الثلاثاء الماضي إلى إجابات المدير العام لرئاسة الجمهورية العميد السابق سالم أبو ضاهر عن عدد كبير من الأسئلة.

ويتردد في بيروت أن جلسة الأسئلة المئة والعشرين التي طرحها قبل مدة اثنان من مساعدي ميليس على رئيس الجمهورية إميل لحود على مدى ست ساعات في القصر الجمهوري لم توصل اللجنة إلى نتيجة مرضية، مما يرجح أن يخضع لحود إلى جلسة أسئلة جديدة.

وكان لحود ضمّن شهادته المطولة ، حسب ما تسرب منها في ذلك الوقت ، رؤيته للمناخ السياسي الذي سبق اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ونظرته الى أدوار الآخرين، وتقديره أن هناك مستفيدين من الاغتيال، ربما كانوا هم وراء الجريمة، مثل اسرائيل ومجموعات إسلامية متطرفة، كما دافع عن شخصية قائد حرسه الجمهوري السابق وصديقه حمدان، ونفى حصول اتصالات مع أحد الذين تقول اللجنة إن دورهم كان كبيراً في جريمة اغتيال الحريري.

ونقل عن أوساط لجنة التحقيق أن ما ذكره لحود كلام غير مفيد، وأن التقويم الجاري يدفع بأعضاء لجنة التحقيق إلى اعتبار إفادته بمثابة "مضمون مخالف للحقيقة".