نصر المجالي من لندن وفادي عاكوم من صيدا: في بيان غير مسبوق صدر عن المؤتمر الخامس عشر لمجلس بطاركة الشرق الكاثوليك الذي انعقد بعنوان"العدل والسلام في الشرق الاوسط" أعماله اليوم لوحظ أنه وللمرة الأولى يصدر بيان يحمل لغة سياسية من جانب جهة كنسية في الشرق العربي، حيث ظلت الكنائس على مشاربها واعتقاداتها الطائفية بعيدة عن التدخل في الحال السياسي القائم. وفي البيان الختامي الذي أعلنه اليوم البطريريك ميشيل صباح خلاصة الاجتماع الكنسي في العاصمة الأردنية عمان، أكد على ان شعوب المنطقة العربية تعاني من القهر والجوع والبطالة والاحتلال والاستغلال وغياب الحقوق والتهديد بفقدان الهوية الوطنية والحضارية امام السطوة السياسية والعسكرية والاقتصادية الخارجية التي يتعرضون لها . وفي الوقت الذي ندد فيه البيان بالارهاب غير المبرر ربط اسبابه بسوء فهم الدين واستغلال الشعوب القوية لثروات الشعوب الضعيفة وغياب الممارسة الديمقراطية الحقيقية في العديد من البلدان. وكشف البيان عن التراجع في قيم التسامح والحوار والمودة وانتشار التعصب ونمو ظاهرة العنف واللجوء الى استخدام القوة لحل المشاكل اضافة الى انتشار مشاعر الاحتقان الطائفي . وأكد البيان على عدالة القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الذي حرم حقوقه في التعايش جنبا الى جنب مع اسرائيل,مشددا على ضرورة وضع حد للاحتلال ووقف العنف بصورة شاملة بما في ذلك وقف الاعمال العسكرية في المدن الفلسطينية والتقتيل والأسر وتدمير البيوت وبناء الجدار العازل. وركز على حق العراق وشعبه على تنوع دياناتهم واعراقهم بالعيش بأمان وحرية.

والبيان الكنسي الديني المسيحي حث الأسرة الدولية لبذل الجهود اللازمة لوضع حد لهذه المأساة الانسانية واعادة السيادة للعراق، وحث البيان أبناء الديانة المسيحية للتعاون مع كل الجهات من اجل نشر الحرية والديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان ونشر قيم التسامح والاحترام المتبادل والعدالة والسلام في المجتمع الواحد. واستنكر البيان بشدة الاعتداء الاثم الذي استهدف حياة الابرياء في فنادق عمان الشهر الماضي,مشيدا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الحكيمة والحازمة لتحقيق الكرامة لكل مواطن.

وإلى هذا، يشار إلى أن الكرسي البطريركي في لبنان لعب دورا هاما على الصعيد السياسي الداخلي بالاضافة الى تحديد مسار العلاقات الخارجية وبخاصة بما يتعلق بالدول الأوروبية، وقد يبدو للبعض أن زعيم الطائفة المارونية او البطريرك لا يتدخل او يتعاطى بالشان السياسي لكن الواقع مغاير تماما حيث ان وجود رئيس الجمهورية من الطائفة المارونية يفرض هذا التدخل ويتجلى واضحا في هذه الفترة بالذات.

إذ بات من المعلوم ان الكرسي البطريركي هو الحامي لكرسي رئاسة الجمهورية وربما ليس لحماية شخص الرئيس الحالي بالذات إنما يأتي هذا الحرص لمواجهة الأصوات المطالبة بتنحيه حفاظا على الكرسي ذاتها لعدم اعطاء الفرصة بالتطاول على هذا المركز المخصص للطائفة المارونية اما البطريرك نصر الله صفير فتدخلاته السياسية ومواقفه اصبحت شبه يومية وتتركز بعظته الأسبوعية المفروض ان تكون دينية في الاساس حيث بات الجميع ينتظرها لمعرفة المسار السياسي للاسبوع الذي يلي، هذا بالاضافة الى الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة الذي يترأسه صفير والبيان الصادر عنه الذي حمل جملة من النقاط والمواقف السياسية وتققيما للمرحلة السابقة ، وتجدر الاشارة ايضا الى ان مقر الكرسي البطريركي في بكركي اصبح لازمة لكل سياسي يريد اطلاق موقف جديد بحجة اخذ المباركة من صفير.

وليس جديدا على رجال الدين الموارنة التدخل بالسياسة الداخلية اللبنانية فخلال الأحداث الدامية التي عصفت بلبنان، سنة 1975، اعتبرت الرهبنة المارونية نفسها معنية في التدخل لحماية الموارنة، وقدمت الرهبنة كل دعم للمتضررين والمعاقين بسبب الحرب، إلى جانب المأوى والمساعدات العينية وما شابه من خدمات، وممن تميّز بمواقفه الجريئة في تلك الفترة الأب العام شربل قسيس والأباتي بولس نعمان والرئيس العام باسيل الهاشم.

أخيرا يشار إلى أن البطريرك صفير شارك في فعاليات مؤتمر عمان الكنسي، وقوبل في العاصمة الأردنية باحترام كبير على غير العادة، وختاما، اشار البيان الى ان رسالة عمان الإسلامية التي دعت إلى الوسطية، تسهم في بناء الجسور بين الحضارات والثقافات والاديان في العالم