إيهاب الشاوش من تونس: شهدت تونس سنة 2005 عديد المحطات السياسة الهامة لعل أهمها الانتخابات البلدية التي تلت الانتخابات التشريعية و الرئاسية و انعقاد المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات و ما رافق هذه التظاهرة الأممية من سخونة سياسية قل ما تشهدها تونس و تمثلت بالخصوص في شن مجموعة من المعارضين إضرابا عن الطعام. أزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و حراك المشهد الإعلامي التونسي الذي توج بإنشاء وزارة للاتصال و دعوة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى دعم التعددية في المشهد الإعلامي و تحسين ظروف عمل الصحافيين، كانت من مميزات سنة 2005. كثيرون ينتظرون ان تكون 2006 سنة جني ثمار كل هذه الأحداث السياسية و الاقتصادية.

المحافظة على المكاسب رغم الصعوبات:

اقتصاديا ورغم الصعوبات الناجمة عن تقلبات المحيط الإقليمي و الدولي و الارتفاع المتواصل لسعر المحروقات استطاعت تونس و حسب التقارير الدولية ان تحافظ على نسبة نمو فاقت 5 بالمائة. كما نزل منتدى دافوس تونس في المرتبة 40 في مجال القدرة التنافسية من مجموع 117 بلدا فيما رتب البنك العالمي تونس في المرتبة 58 في مجال تحسين مناخ الأعمال و ذلك من مجموع 155 بلدا. كما ان آخر طلب قروض تم إصداره في السوق العالمية فاقت العروض بشأنه ثلاث مرات حجم القرض المطلوب.
و في آخر زيارة قام بها دومينيكو فانبزا إلى تونس-19 ديسمبر-، قال رئيس بعثة النقد الدولي quot;انه بفضل السياسات الاقتصادية الملائمة تمكنت تونس من الحفاظ على توازنات اقتصادها الكلي و تحقيق معدل نمو يقدر 5.5بالمائة و نسبة بطالة منخفضة 13.9 بالمائة. غير ان فانيزا طالب تونس بمواصلة نسق الإصلاحات عبر تحسين مناخ الأعمال و تعزيز القطاع البنكي و المالي و دعم سياسة الاقتصاد الكلي و تحرير سوق الشغل تفاديا لتهرئة النتائج الإيجابية المتأتية من تحويل هيكلية الاقتصاد التونسي.
من جهة أخرى تفيد آخر الإحصائيات ان نسق الاستثمار الأجنبي تطور بنسق تصاعدي اذ ينتظر ان يبلغ حجم الاستثمار الخارجي لسنة 2005 ما قيمته 1000 مليون دينار مقابل 858.5 م.د تم تحقيقها سنة 2004 أي بزيادة تقدر بحوالي 16.5بالمائة.

الانتخابات البلدية:
سياسيا، واصلت الانتخابات البلدية التي جرت في 8 ماي 2005 مسيرة تجديد الهياكل و المؤسسات المنتخبة بعد ان سبقتها في 24 أكتوبر 2004 الانتخابات الرئاسية و التشريعية و التي أدت إلى إعادة انتخاب الرئيس التونسي لولاية رابعة.
و قد فتحت الانتخابات البلدية الباب أمام عديد من الأحزاب المعارضة للارتقاء لعضوية المجالس البلدية و الحصول على أحقية التمثيل في المجالس الجهوية للتنمية. و في هذا السياق أعلن الرئيس التونسي يوم 25 جويلية 2005 بمناسبة عيد الجمهورية عن قراره بتقديم مشروع استثنائي يمكن احزاب المعارضة التي لم تتحصل في انتخابات 8 ماي 2005 على نسب تخول لها الحصول على مقاعد بالمجالس الجهوية من ان تكون ممثلة بنسبة 20 بالمائة من مجموع اعضاء تلك المجالس.
مجلس المستشرين:

يعد إنشاء مجلس المستشارين من أهم المحطات السياسية التي شهدتها تونس سنة 2005 اذ تم في 3 جويلية 2005 انتخاب إعطاؤه. و رغم غياب ابرز المنظمات الشغيلة-الاتحاد العام التونسي للشغل- عن هذا المجلس فإن عديد الأحزاب المعارضة التونسية رأت ان هذا المجلس سوف يثري الوظيفة التشريعية و دعم مختلف تمثيلية الأطراف التونسية. و يضم مجلس المستشارين ممثلي الجهات و الأحزاب السياسية و المنظمات المهنية و تنظيمات المجتمع المدني و الكفاءات التونسية.
صحافة الأحزاب:
و إلى جانب قرار دعم صحافة الأحزاب الممثلة في مجلس النواب التونسي فإن سنة 2005 عرفت قرارا هاما و له عديد المدلولات السياسية المرتبطة أساسا بقمة المعلومات و مجموعة المضربين عن الطعام، فقد بادر الرئيس التونسي في نوفمبر 2005 بتكليف رئيس اللجنة العليا لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية بإجراء اتصالات مع مختلف الأحزاب السياسية و تنظيمات المجتمع المدني من اجل التعرف على مواقفها و تطلعاتها.
قناة خاصة:
في مفتتح فيفري 2005 شهدت تونس ميلاد أول قناة تلفزيونية خاصة اطلق عليها اسم جنبعل تي في، كما عرفت السنة نفسها انطلاق ثاني إذاعة تونسية خاصة و هي إذاعة جوهرة بعد ان فتحت إذاعة موزاييك قبل عامين الباب لاقتحام القطاع الخاص مجال الاستثمار في القطاع السمعي البصري.
انطلاقة قناة حنبعل الخاصة كانت متعثرة و كادت القناة في بعض الفترات ان تغلق أبوابها بعد فترة قصيرة من انطلاقها لأسباب عدة من أهمها رداءة البرامج المقدمة و الصعوبات التي واجهت القناة في العمل الميداني. غير ان المشاهد لهذه القناة في الأيام الأخيرة يلاحظ نفسا من الصراحة و الكشف عن المستور تفتقده القناة الرسمية التونسية التي وقعت في الرتابة. أصوات عديدة بدأت تتحدث عن هجرة التونسيين لقناتهم الرسمية و التوجه نحو قناة حنبعل، فيما ينتظر المتابعون للوضع الإعلامي التونسي ان تحمل السنة الجديدة رياح التغيير التي تبشر بها وزارة الاتصال المحدثة مؤخرا و القرارات التي أذن بها الرئيس التونسي لصالح العمل الإعلامي عامة.
و في السياق نفسة كان الرئيس التونسي أعلن في نوفمبر 2005 عن قراره إحداث quot;إذاعة ثقافيةquot; تعكس برامجها الحركية التي يشهدها القطاع الثقافي و تدعمها و تكون إحدى آليات إشعاع تونس و التعريف بإنتاجها الثقافي.
قمة المعلومات:
احتضنت تونس من 16 إلى 18 نوفمبر 2005 المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات. و قد تميزت هذه القمة بمشاركة مكثفة، قرابة 174 بلدا و اكثر من 25 الف مشارك. و إلى جانب الاجتماعات التحضيرية و الصالون الدولي لتكنولوجيات الإعلام و الاتصال انتظم على هامش قمة تونس اكثر من 300 ورشة.

و لم تخل قمة تونس من الجدل سيما حول قضايا الإنترنت ورهاناتها المعرفية و الثقافية و كذلك التجارية و الاقتصادية. كما سجلت لعبة المصالح و المواقع بين الأمم المتقدمة و النامية و بين الدول المصنعة ذاتها حضورها اللافت سياسيا و إعلاميا و هو حضور لم يحل في النهاية دون توصل المشاركين إلى حصيلة إيجابية حسب عديد المراقبين.
حلول قمة تونس و جدت صداها ضمن وثيقتي quot;التزام تونس السياسيquot; و اجندة تونسquot; و من أبرزها التوصل إلى وضع اتفاق عالمي حول المسائل الأساسية و لا سيما إدارة الإنترنت الذي يتمحور حول جملة من المبادئ في مقدمتها التدرج نحو اضطلاع كل الحكومات بصفة متساوية بأدوارها و مسؤولياتها في إدارة الشبكة و كذلك تأمين استقرارها و تواصلها و سلامتها. كما دعت وثيقة التزام تونس الحكومات و القطاع الخاص و المجتمع المدني و المنظمات الدولية إلى التنفيذ الكامل و الآني للالتزامات و القرارات التي تم اتخاذها بكل من جينيف و تونس بالتركيز على الآليات المالية اللازمة لسد الفجوة الرقمية.
أما اجندة تونس او برنامج عمل تونس بشأن مجتمع المعلومات فقد جاءت في 122 بندا موزعة على ثلاث محاور أساسية و هي quot; الآليات المالية لمواجهة تحديات تسخير تكنولوجيات المعلومات و الاتصالات لأغراض التنميةquot; و quot; إدارة الإنترنتquot; و quot;التنفيذ و المتابعةquot;.