نصر المجالي من لندن: طردت حركة الطالبان الإسلامية المتشددة زعيمها الملا محمد عمر الذي تطارده الولايات المتحدة منذ حربها على الإرهاب في أفغانستان وعبر العالم في نوفمبر (تشرين الثاني) العام 2001 ،وذلك بعد شهرين من تفجيرات 11 سبتمبر في نيويورك وواشنطن، وخلال تلك العمليات انهارت حركة الطالبان من بعد خمس سنوات في حكمها لأفغانستان التي مزقتها الحروب الأهلية على مدى ربع القرن الماضي، ومن بعد ذلك فر الملا عمر مثل حليفته شبكة (القاعدة) التي تتهمها الولايات المتحدة بأنها وراء تفجيرات سبتمبر، ومنذ ذلك الوقت والمساعي قائمة عسكريا واستخباريا من دون جدوى للقبض على الملا عمر وزعيم القاعدة أسامة بن لادن ومساعده ايمن الظواهري والعناصر الأخرى المرتبطة بأعمال الإرهاب.

وتقول التقارير الواردة من افغانستان إن 600 من أركان حركة الطالبان المتشددة اجتمعوا أمس في مسجد تاريخي لاتخاذ أهم قرار وهو تنحية الملا عمر من منصب الزعامة، وقال مراقبون إن مثل هذا القرار يعني أن الحركة تبعث برسالة مصالحة مع الرئيس الشرعي المنتخب حامد قرضاي ومن ورائه الولايات المتحدة التي حالفته وأوصلته على سدة الحكم عبر انتخابات شرعية.

ووقع حوالي ألف من زعماء حركة الطالبان ورجال الدين بيانا اكدوا فيه دعمهم لبرنامج المصالحة الشاملة المدعوم من الولايات المتحدة في أفغانستان، وطالب هؤلاء بضرورة السعي لتشكيل قيادة معتدلة لحركتهم حتى يتسنى لها الانخراط عمليا في المسيرة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد واتخاذ القرار أيضا.

وكان مجلس علماء الشورى الذي يشكل العمود الفقري لحركة الطالبان اجتمعوا في المسجد الأزرق في مدينة قندهار الجنوبية التي تشكل الحصن المنيع للحركة، وكان اجتماع مث هذا انعقد في ذات المكان العام 1996 ، وفيه اعلن الملا محمد عمر عن زعامته للحركة، حيث رفه شعار صدقه الجميع بأنه ينحدر من سلالة رسول الإسلام محمد بن عبد الله، وأطلق عليه أنصاره لقب أمير المؤمنين، وهو لقب تعودت الجماعات الإسلامية إطلاقه على زعمائها.

وضم الاجتماع ممثلين لحركة الطالبان من 20 إقليما أفغانيا من أصل 34 ، حيث أعلن مولاي عبد الله فياض خلال الاجتماع الحاشد أن الرئيس حامد قرضاي ، رئيس منتخب شرعا للبلاد، وقال "ولهذا ما دام انتخب بحرية مطلقة في الانتخابات، فإنه يتعين علينا نحن رجال الدين أن نطيع أوامره، وعلينا أن نرفض كل زعمائنا السابقين بمن فيهم الملا محمد عمر".

وهاجم مولاي فياض زعماء الطالبان المتشددين السابقين الذين "اعلنا لهم الولاؤ والطاعة رغم تورطهم بحكم البلاد بالدم والقتل والحديد والنار"، وأورد المتحدث عددا من أوامر القتل التي كانت تصدرها زعامة الطالبان السابقة التي كما قال "كانت كلها مخالفة للشريعة الإسلامية، وأدت قراراتهم وفتاواهم إلى إشاعة حال من الفوضى العارمة ونزيف الدماء وعدم الاستقرار".

وفي بيانهم، الذي نقلت صحيفة (ديلي تلغراف) البريطانية بعض فقراته، طالب الزعماء الدينيون الأفغان حكومة قرضاي بإعادة إعمار البلاد سريعا بما في ذلك مئات من المدارس الدينية وحظر المخدرات وتناول المشروبات الروحية وافلام الجنس، كما طالبوا بالحفاظ على حقوق المرأة في ادنى مستوياتها التي تطالب بها حسب الشريعة الإسلامية.

كما طالب البيان باعتقال صحافيي مجلة (نيوزويك) الأميركية الذين زعموا في تقرير لهم أن الحراس والمحققين الأميركيين في معتقل غوانتانامو الذي يحتجز فيه انصار شبكة القاعدة وحركة الطالبان دنسوا القرآن الكريم، والعمل على التحقيق مع هؤلاء الصحافيين حتى يعترفوا بأن تمعلوماتهم كانت غير صحيحة. يشار إلى أن تلك المعلومات أدت على مظاهرات احتجاجية وأعمال شغب راح ضحيتها 16 قتيلا.

وإذ ذاك، فإنه على صعيد متصل، أعلن وزير خارجية الطالبان السابق وكيل متوكل الذي عفت عنه حكومة قرضاي عن ترشيح نفسه للانتخابات التشريعية التي ستجري في سبتمبر (ايلول) المقبل. وهذه هي أول انتخابات تجري في أفغانستان منذ عقود من الزمن.