جورج حاوي: ليس حبا بالرئيس

25 آذار 2005

ليس حبا بالرئيس يرفض البعض المطالبة باستقالته. ولا احتراما لمقام الرئاسة الأولى يصوب البعض الآخر على ما تحتها (الأجهزة الأمنية) وعلى ما فوقها (سورية)، مع أن الترابط بين المستويات الثلاثة واضح.

إنه صراع "الأجندات" اي الاولويات والبرامج.
إنسحاب سوري كامل جيشا ومخابرات، فلجنة تحقيق دولية، فإقالة قادة الأجهزة فانتخابات نيابية تأتي بأكثرية ساحقة للمعارضة، فتغيير رئيس الجمهورية، وانتخابات رئيس جديد من المجلس الجديد، ذي الأكثرية الجديدة، بدون دور يذكر للكتل الأساسية المكونة للأكثرية الراهنة، وخصوصا "أمل" و "حزب الله" وبدون دور لسوريا.
هذه هي الأجندة الأولى التي تعتمدها المعارضة ، وتحظى ببركة أميركا وأوروبا والدول العربية الأساسية..

وقد اضطر وليد جنبلاط الى التراجع عن اجندته الاساسية، التي كانت تلتقي مع الأولى على بنود الانسحاب، ولجنة التحقيق الدولية وإقالة قادة الأجهزة الأمنية، ولكنها تطرح استبدال رئيس الجمهورية في ظل توازنات المجلس النيابي الحالي، ووفق منطق التوافق مع قسم أساسي من اللبنانيين يمثله "حزب الله" وحركة "أمل"، في اعادة ترميم الجسور مع دمشق لبناء علاقات توازن استراتيجي محكوم بالمصلحة القومية العليا لا بمصالح "شبيحة" السياسية والمال والأمن والادارة.

انسحابات شاملة وتحقيق دولي واستقالة رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى مع المجلس النيابي انتخابات رئيس جديد، فحكومة وفاق وطني حقيقي، تقيل وتحاكم قادة الأجهزة وتلغي كل أسس ومقومات النظام الأمني المافيوي الحالي. وتستعيد قانون الانتخابات لتعيد تقديمه وفق مقاييس صحة التمثيل وديمقراطية العملية الانتخابية مع ضرورة أن يسبق ذلك اطلاق سراح سمير جعجع، وتأمين عودة العماد ميشال عون واجراء مصالحة وطنية شاملة تضع حدا لرواسب الحرب الأهلية، لغة وثقافة واسبابا ومسببات وتتفق على الخيارات الاستراتيجية حيال الصراع العربي الصهيوني، ودور لبنان في اطاره، وبالتالي دور المقاومة وسلاح المقاومة ومسالة التوطين وحق العودة.. والعلاقات الاستراتيجية اللاحقة مع سورية، على قاعدة الودية والاحترام المتبادل ووحدة المصالح القومية، ومن موقع الاستقلال اللبناني الكامل.

كل ذلك يمهد الطريق امام باب الاصلاحات الداخلية وفق اتفاق الطائف لنعبر من حكم الطوائف والمذاهب، وعبر توافق المذاهب والطوائف، الى الوطن، الى لبنان الوطن السيد الحر المستقل الملتزم بأهداف العروبة الديمقراطية أكثر من سواه من أشقائه العرب بعدما استطاع بفعل مقاومته البطلة تحرير أرضه دون مفاوضات وشروط واستطاع من خلال انتفاضته الراهنة استكمال استقلاله وسيادته وقراره الحر، رافضا استبدال وصاية بوصاية متصديا لمحاولات استبدال عنجر بعوكر، متمسكا بقراره المستقل دون اي التباس/ تلك هي الأجندة التي دعونا وما زلنا ندعو الى اعتمادها، والتي على اساسها دعمنا موقف الرفيق الصديق وليد جنبلاط، وشجبنا، ونشجب الحملات الرخيصة التي استهدفته، ودعونا، وندعوه الى اعادة التمسك بها.. وان كان تطبيقها لا يتوقف عليه ولا على اقطاب المعارضة، بل على رئيس الجمهورية وعلى الاكثرية النيابية الراهنة (اذا ما زالت اكثرية!) وعلى سورية نعم على سورية، اذا كانت تريد حقا قطع الطريق على المزيد من دور قوي للخارج التدويلي، وفتح الطريق امام علاقات تعاون استراتيجي لاحق لها مصلحة فيه لمواجهة الضغوط الدولية.

هذه الأجندة المنسجمة مع لبنان الذي دفع غاليا ثمن حكمه من دمشق، فلا يجوز ان يدخل مغامرة دفع ثمن حكمه ضد دمشق! وقد تكون أكثر كلفة من الأولى.

هذه الأجندة التي تقطع الطريق على أجندة السلطة "الأمنية" ومن يقف وراءها وعلى رأسها وهي تسير على خطين:
سياسي يستهدف تمييع وتأجيل تشكيل الحكومة بحجة اشتراط "الوفاق" المستحيل و"الحوار" المتأخر"..
وأمني يزرع شوارع مدن لبنان متفجرات مجرمة بقصد إرهاب شعبه، وتوسيع الحريق في أرجاء الوطن عل الناس تنسى جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وتغادر مطلب الكشف عن الحقيقة لتنكفئ تحت مطلب السلامة والأمن.

من موقع قناعتنا إن أجندة تغيير الرئيس هي الأسلم والأكثر حرصا على مصالح لبنان والأكثر وفرا للآلام على شعبه ندعو إلى أحد هذه الحلول:
1.قرار ذاتي تاريخي من رئيس الجمهورية بالاستقالة بعد تعيين حكومة مؤقتة تؤمن انتقال السلطة في مهلة أقصاها أسبوع؟
2.اذا استحال ذلك فمناشدة للسيد حسن نصر الله وللأستاذ نبيه بري ان يتوجها الى القصر ليطلبا من الرئيس الاستقالة، حرصا على البلاد وعلى ما يمثلان بشكل خاص ولا يحسبن احد انه قادر على استخدام طائفته ونواحي قوته الى ما لا نهاية
3.اذا تعذر ذلك، نتوجه الى الهيئات الاقتصادية والفعاليات الشعبية والمهنية والنقابية ومنظمات الشباب والطلاب وكل جماهير لبنان، لاعلان اضراب عام شامل ومفتوح حتى تحقيق ذلك..
4.إذا تعذر ذلك فدعوة الى جماهير الشعب عامة وجماهير الشباب خاصة، للزحف الى القصر والاعتصام السلمي الحضاري في محيطه، رافعين علم لبنان ومنشدين النشيد الوطني اللبناني، حتى استقالة الرئيس واعتماد "الأجندة" التي اقترحناها.

وأخيرا قد يقول القائل وماذا حول الرئيس الجديد
أجيب بوضوح
أحد نواب أو أحد قادة المعارضة دون شك، ولكن وفق توافق عاقل على الاهداف الاستراتيجية المذكورة اعلاه ، وعلى قاعدة نظافة الكف وحسن السلوك واتقن الحوار واعتماد الديمقراطية، والانفتاح على التغيير، خصوصا على جيل الشباب الباحث عن موقع له في لبنان المستقبل الذي يساهم اليوم في صنعه، في الجمهورية الثالثة التي كان الرفيق العزيز الصديق كريم مروة صاحب المبادرة الجريئة لرفع شعارها منذ اكثر من سنتين.

إن أي "أجندة" أخرى غير مضمونة العواقب، بل هي طريق اطالة مدة المعاناة لهذا الشعب المناضل، طريق فتح ازمته الداخلية على مضاعفات التدويل الخطير.