أسامة مهدي من لندن : تعهد مؤتمر بروكسل الدولي مساعدة العراق امنيا وسياسيا واقتصاديا ودعم عمليات اعماره فيما هاجمت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس سورية لسماحها بعبور ارهابيين الى العراق وقالت ان عليها مسؤوليات في هذا المجال محذرة من ان الرئيس بوش سيتخذ الاجراءات التي تجعلها تحترم مسؤولياتها هذه من دون توضيح هذه الاجراءات بينما امتدحت ايران لتعاونها مع الحكومة العراقية في هذا المجال في حين اكد الامين العام للامم المتحدة كوفي انان الالتزام بمساعدة العراقيين على اعادة اعمار بلدهم بينما عبر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن ارتياح بلاده من نتائج المؤتمر الذي انتهى عصر اليوم .

وشدد المؤتمر في بيانه الختامي على التزام المجتمع الدولي بعزيمة واصرار على مسار الشراكة مع العراق من اجل بناء غد مشرق لابنائه واكد التعهد مساعدة العراقيين على اعادة الاعمار وبناء قوات امن قادرة على حفظ الامن والاستقرار ودعا الدول المانحة الى الوفاء بالتزاماتها والتخلي عن قسم كبير من ديونها على العراق .
ودعا الى تعزيز التنسيق الاقليمي لمراقبة الحدود من اجل محاربة الارهاب وطالب العراق ودول المنطقة ب "التعاون في ما بينها" في مجال مراقبة الحدود من اجل محاربة الاعمال الارهابية اضافة الى اقامة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين بغداد ودول المنطقة. واكد المؤتمر أن على الحكومة الانتقالية العراقية ضرورة تحديد "اولوياتها" بشأن المساعدات الخارجية بشكل اكثر تفصيلا تحسبا للاجتماع المنعقد الشهر المقبل في العاصمة الاردنية للدول المانحة في الثامن عشر والتاسع عشر من الشهر المقبل لتحفيز التنسيق بين مساعداتها.

وعلى مستوى تخفيف الديون دعا المؤتمر الدول المانحة الى ان تكون "سخية" مثل الدول المشاركة في نادي باريس في اشارة الى السعودية والكويت وهذان البلدان هما ابرز دائني العراق. ونادي باريس هو هيئة غير رسمية تضم 19 دولة غنية .. وكان قرر في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي اسقاط 32 مليار دولار من اصل اربعين مليارا مستحقة على العراق.
وشدد المؤتمر على دعمه للجهود الهادفة الى التوصل الى "عراق ديمقراطي ومتعدد وفيدرالي وموحد". وتمسكه ب"استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة اراضيه" وتشجيعه السلطات العراقية على تعزيز "المصالحة الوطنية". كما ادانت الدول المشاركة بشدة "جميع الاعمال الارهابية وخاصة عمليات الخطف والاغتيال". وستطالب اخيرا بان تأخذ العدالة مجراها في ما يتعلق بمحاكمة قادة النظام العراقي السابق المتهمين ب"جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية".

وفي مؤتمر صحافي مشترك اثر اختتام المؤتمر اكد وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسلبورن التزام المجتمع الدولي باعادة اعمار العراق ودعم العملية السياسية فيه وكتابة دستوره الدائم ومساعدته على بناء قوات امنية قادرة على مواجهة العنف واكد استعداد الدول المشاركة لتقديم المساعدات الانسانية للعراقيين والمضي في دعم العملية الدستورية للمضي في طريقها وتقديم كل ما من شأنه بناء مستقبل جديد للعراقيين وقال "سنقف جنبا الى جنب مع الشعب العراقي في مسيرته نحو التقدم والمستقبل المزدهر" .

ومن جهته قال كوفي انان انه مؤمن بعمل الامم الى جنب العراق "لاننا قطعنا عهدا على انفسنا بالوقوف الى جانب الشعب العراقي اخذينفي الاعتبار كل ما يحدث في داخل هذا البلد" وشدد على ان الامم المتحدة عازمة على السير في عمليات دعم ومساعدة جهود العراقيين على اعادة بناء بلدهم وتحقيق امنه واستقراره . واعرب عن امله في ان ينعكس الاجماع الذي ظهر في هذا المؤتمرلمساعدة العراق على علاقات دول مجلس الامن التي عانت الانقسام ازاء الحرب فيه عام 2003 .

اما رايس فقد اشارت الى ان في العراق حاليا حكومة تمثل القوى الحية فيه وتسعى الى إتمام مهمة انجاز الدستور وهذا يظهر من خلال الاداء الرائع للحكومة لانجاز هذه المهمة . وشددت على ان حكومتها تعمل على توفير الدعم المالي للحكومة العراقية لتتمكن من استكمال تدريب قواتها الامنية بهدف تسلمها زمام الوضع الامني في البلاد بنفسها ودعت دول الجوار العراقي الى دعم العملية السياسية في العراق ومنع القادمين من الخارج وانصار الرئيس السابق صدام حسين من التسلل اليه موضحة ان هناك صورا مرعبة تخرج من العراق عن نتائج العمليات الارهابية التي تسعى الى قتل امال العراقيين وقالت" ان الولايات المتحدة تدعم وتساعد الشعب العراقي بكل ما اوتيت من قوة " .
وطالبت رايس دول الجوار العراقي بتحمل مسؤولياتها ازاء حفظ الامن في العراق وحماية حدودها معه ومنع تسلل الارهابيين اليه وقالت ان على سورية مسؤوليات اقليمية ودولية لحفظ الامن عليها ان تتحملها . وطالبت سورية بوقف نشاطاتها التي تزعزع الاستقرار في لبنان وقالت " نحن قلقون من احتمال حدوث اغتيالات اخرى وندعو الحكومة السورية الى ان تفعل ما بوسعها للتصدي لعدم الاستقرار الذي تساهم في ايجاده هناك" . واشارت الى انه اذا لم تتعاون سورية فانه يعود للرئيس بوش ان يقرر بشأن ما يمكن ان يتخذ لضمن احترامها لهذه المسؤوليات وشددت على ضرورة اتخاذ دمشق خطوات عملية لوقف تدفق الارهابيين الذين يلحقون افدح الاضرار بالعراقيين من التسلل الى العراق .. وفي المقابل عبرت رايس عن ارتياحها لموقف ايران المتعاون مع الحكومة العراقية وقالت "ان هذا مبعث سرور لنا" وسينعكس ايجابيا على الاوضاع في العراق .
واكدت الوزيرة الاميركية امكانية هزيمة الارهاب في العراق وتوقعت هزيمته فعلا في هذا البلد مشيرة الى ان ذلك سيكون ايذانا بهزيمة الارهاب في العالم له .

اما وزير الخارجية العراقي زيباري فقد عبر عن عدم ارتياحه لتعاون دول الجوار مع العراق لحفظ امن الحدود المشتركة من تسلل الارهابيين لكنه استدرك قائلا ان بعض هذه الدول ابدت تعاونا ايجابيا دون ان يذكر اسمها مشددا على ان العراق يتطلع الى المزيد . واعرب عن سرورالعراقيين وهم ينظرون الى المجتمع الدولي وهو يؤكد تصميمه على مساعدته وقال ان العراق مرتاح جدا من المبادرة الاوروبية لتوسيع المنح المقدمة اليه لمساعدته في الاعمار وبناء اقتصاده وتحقيق امنه .

وقد دعا العراق عند افتتاح المؤتمر في وقت سابق اليوم المجتمع الدولي الى خطة شاملة شبيهة بخطة مارشال في المانيا لمساعدته على تجاوز الظروف السياسية والاقتصادية والامنية الصعبة التي يمر بها .
وفي كلمته امام المؤتمر حدد رئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري اولويات المطالب العراقية من المجتمع الدولي بمساعدته سياسيا واقتصاديا وامنيا .
ودعا الى دعم الاقتصاد العراقي وعمليات تقديم الخدمات الى الشعب العراقي من خلال خطة شاملة شبيهة بخطة مارشال التي قدمها المجتمع الدولي لاعمار المانيا بعد الحرب العالمية الثانية وحققت الامن والاستقرار فيها وان تكون مهمة القوات المتعددة الجنسيات في العراق موقتة وان تقوم دول الجوار بضبط حدودها مع العراق ومنع المتسللين عبرها اليه والمساعدة على انجاز الدستور في موعده المحدد منتصف آب (اغسطس) المقبل واجراء الانتخابات العامة بشكل شفاف منتصف كانون الاول (ديسمبر) المقبل واحترام الدول المجاورة للعراق سيادته وعدم السماح لها بالتدخل في شؤونه الداخلية مؤكدا ان العراق سيبقى عامل سلام واستقرار في المنطقة
اضافة الى مطالبة الدول بفتح سفاراتها في العراق وارسال الوفود الرسمية اليه للاطلاع عن كثب على حقيقة الاوضاع فيه وتبني القضايا العراقية في المؤتمرات الدولية .

وترأس الجعفري وفدا عراقيا كبيرا الى المؤتمر ضم 40 عضوا بينهم 12 وزيرا ورئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) ورئيس مجلس القضاء اضافة الى شخصات سياسية من خارج الحكومة يتقدمهم محسن عبد الحميد رئيس الحزب الاسلامي العراقي وعدنان الباجة جي رئيس تجمع الديمقراطيين المستقلين .
وقبل بدء اعمال المؤتمر قال مسؤولون عراقيون ان بلادهم تريد ان يفي العالم بشكل اسرع بمعونات تعهد بها للمساعدة في مكافحة عدم الاستقرار في وقت ظهرت دعوات رسمية دولية لتطهير ساحة العراق من فساد اداري بلغ حد الكارثة .
وعشية المؤتمر قال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي ان "عواقب الفشل في العراق ستتجاوز العراق ذاته .. لذلك فان المخاطر كبيرة." وقال ان بغداد ترى ان المؤتمر سبيل لتأمين انخراط العالم في بسط الاستقرار واعادة بناء العراق.
وجاءت فكرة عقد المؤتمر بعد ان زار الرئيس الاميركي جورج بوش بروكسل في شباط (فبراير) الماضي عندما تعهدت فرنسا والمانيا اللتان عارضتا الحرب الاخيرة بقيادة الولايات المتحدة المساعدة في تدريب قوات الامن العراقية.
وقال زيباري ان بغداد ملتزمة بالموعد النهائي المحدد في منتصف اب (اغسطس) لكتابة دستور جديد يتعين بعدئذ الموافقة عليه في استفتاء في تشرين الاول (اكتوبر) قبل اجراء انتخابات جديدة في كانون الاول (ديسمبر) المقبل . واضاف "نعتقد ان هذا سيكون له تاثير على الوضع الامني" مضيفا ان ضم 15 عضوا من العرب السنة لعضوية لجنة صياغة الدستور يعني انها تمثل جميع العراقيين. ويقول المسؤولون الاميركيون انهم يشجعون زعماء الشيعة والاكراد الذين يسيطرون على الحكومة الانتقالية على اقتسام مزيد من السلطة مع الاقلية من العرب السنة الذين قاطع معظمهم الانتخابات الاخيرة والذين ينتمي المسلحون اليهم بشكل اساسي.

دعوة المسلحين الى التفاوض
حث وزير الامن العراقي اليوم المسلحين السنة "الوطنيين" على التفاوض على هدنة يمكن ان تسرع بانسحاب القوات الاميركية.
وقال وزير الامن الوطني عبد الكريم العنزي على هامش مؤتمر العراق في بروكسل "يوجد وطنيون داخل التمرد المناهض للاحتلال. ونحن نحثهم على ان يظهروا وجوههم وان يأتوا الى مائدة التفاوض وقال لرويترز "حتى الان تحدثنا فقط معهم من خلال وسطاء."

واضاف العنزي "اننا لا نتحدث بشأن الاجانب والصداميين والمتدينين المتشددين الذين يعتقدون انه لديهم حق...وصف الاخرين بالهرطقة والسماح بجميع أنواع القتل. هؤلاء غير مهتمين بأي شيء غير العنف." ولم تتمخض اعمال العنف التي يقودها السنة حتى الان عن أي قيادة عراقية معروفة علانية لديها برنامج محدد بمطالب سياسية يمكن ان تتحدث معها الحكومة.

واعترف العنزي بأنه من الصعب تحديد اولئك الذين وراء الحملة المستعرة منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في عام 2003 للاطاحة بصدام حسين لكنه قال ان المسألة تستحق المحاولة لاحداث فرقة بين الوطنيين المناهضين للولايات المتحدة والمتشددين العرب والاسلاميين الراديكاليين ورجال الاستخبارات العراقية السابقين الذين يعتقد انهم يشاركون أيضا في التمرد.
وقال العنزي ان الحكومة العراقية المدعومة من الولايات المتحدة جادة في العفو الذي عرضته على المسلحين الذين يلقون اسلحتهم لكنه اضاف انها تخطط لشن مزيد من الحملات الصارمة كالتي نفذتها في بغداد وفي المناطق السنية الغربية في الاسابيع الاخيرة . واضاف ان القوات العراقية تشارك بالفعل بشكل ملموس في القتال ونحن نأمل في ان يقوم الجيش الاميركي بدور الدعم اساسا بحلول نهاية هذا العام."
واشار العنزي وهو شيعي يرأس فرع حزب الدعوة الاسلامي الى ان ظهور اجنحة سياسية لجماعات المسلحين مسألة وقت فقط وقال ان بعض جماعات المعارضة مثل مقتدى الصدر الذي قاد تمردين مسلحين في عام 2004 ابتعدت بالفعل عن العنف. واوضح ان "الصدر حاز على الاعجاب من جميع الفرقاء" مضيفا ان بعض الجماعات السنية مثل الحزب الاسلامي العراقي مستعدة لبحث الانضمام الى العملية السياسية. وقال "فكرة ان المسلحين لهم اليد العليا في المناطق السنية خاطئة لانه يوجد بالفعل سنة يتمتعون بالتأييد في قلب تلك المناطق يشغلون مناصب حكومية بارزة."
ويشن المسلحون حملة دموية من التفجيرات الانتحارية والهجمات الاخرى التي قتل فيها مئات العراقيين منذ تشكيل الحكومة في نيسان (ابريل) وبعض هذه الهجمات استهدف الشيعة في محاولة في ما يبدو لاشعال صراع طائفي لكن العنزي يؤكد ان "هذه التفجيرات بالتأكيد من عمل افراد الاستخبارات السابقين وعناصر اجنبية." واضاف "سيفشلون في اشعال حرب أهلية. وبالاضافة الى علاقات الدم الواضحة بين السنة والشيعة فان العراقيين عمليون. يدرك السنة انهم أقلية وان الشيعة لا يريدون التعرض لخسائر في الارواح."