وزير الإعلام الكويتي في حوار مع "الحرة":
لا نحتاج وزارة إعلام وحلمي إلغاؤها

خاص إيلاف: قال وزير الاعلام الكويتي الدكتور أنس محمد الرشيد أنّ حلمه الشخصي أن يكون آخر وزير إعلام في الكويت و أن تُلغى الوزارة. و في حوار مع قناة "الحرة" الأميركية في واشنطن أجراه حسين جرادي ضمن برنامج "الحرة تقدّم" الذي يُبث مساء اليوم الجمعة في السابعة وعشر دقائق بتوقيت غرينيتش، عرض الرشيد لخطة تفكيك وزارة الاعلام، قائلاً " إن الشخص الوحيد الذي سيخسر وظيفته هو أنا، و أنا راضٍ".

و في موضوع الجدل الذي أثير حول توزير السيدة معصومة المبارك و عمّا إذا كانت الخطوة رسالة إلى الاسلاميين بأن "الدلال" من السلطة تجاههم انتهى ردّ الرشيد: "لا أعتقد ذلك. توزير الدكتورة معصومة جاء بناء على اقتناع سمو رئيس مجلس الوزراء بقدرتها وكفاءتها". وعن المخاوف من أن يؤدي صعود الشيعة في العراق وعودة المحافظين إلى الرئاسة الايرانية إلى رفع الشيعة في الكويت سقف مطالبهم السياسية قال الرشيد: "لا أعتقد أن أي شيء يحدث خارج الكويت، يؤثر تأثيراً مباشراً على اللحمة الداخلية الكويتية".

وهنا النص الكامل للحوار:

- س: وزير الاعلام الكويتي الدكتور أنس محمد الرشيد، أهلاً بك عبر قناة "الحرة"... أنتَ اليوم في واشنطن في إطار زيارة رئيس الوزراء الكويتي إلى العاصمة الأميركية... هذه الزيارة تزامنت مع انتقتدات أميركية للكويت عبر السفارة الأميركية في الكويت، هل انعكست هذه الانتقادات في مجال حقوق الانسان تحديداً... هل انعكست على العلاقات الأميركية – الكويتية سلباً؟

ج: بالتأكيد لا. يجب أن نفصل بين الأمرين. بين التصريحات التي صدرت، وبين الزيارة المُعدّ لها سلفاً. هذه الزيارة تكتسب أهمية كبيرة، ويمكن سمعنا إشادات رسمية من البيت الأبيض بسموّ رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد، وبزيارته المتوقع أن تكون بالغة الأهمية، وكانت إشادات طيبة تأتي في ظل إصلاحات حكومية قادها سمو الرئيس، تمَثَّل آخرها في إقرار الحق السياسي للمرأة. فالزيارة المقررة هذه لها ملفات سوف تناقش مع الادارة الأميركية، وهي بالغة الأهمية في ظل الوضع الاقليمي والدولي الحالي. أما التصريحات التي حدثت في الكويت فهذا أمر يختلف تماماً.

س: لكن ثمة ردّ كويتي جاء عبر السيد جاسم الخرافي رئيس البرلمان الكويتي، وقد عدّه المراقبون الأعنف في تاريخ العلاقات بين البلدين. كيف قرأتم تصريحات السيد الخرافي؟

ج: أنا قرأت تصريح رئيس مجلس الأمة السيد جاسم الخرافي، وأعتقد أن معالي وزير الخارجية الدكتور محمد الصباح اجتمع معه وصدر منه تصريح بعد شرح الموضوع للسيد رئيس مجلس الأمة أن الموضوع انتهى، وكان هناك تصريح أيضاً يمثل الحكومة الكويتية بأنّ الكويت ترفض التدخل في شؤونها الداخلية، وهناك لوائح تحكم عمل السفارات في الكويت. فأعتقد بأنّ هذا الموضوع بحكم المنتهي.

س: ... بحكم المنتهي بناءً على اتصالات كويتية – كويتية... "منتهي" داخلياً ولكنه لم ينتهِ ربما على صعيد العلاقات الأميركية – الكويتية؟

ج: أعتقد أنه حتى السفارة الأميركية في الكويت أصدرت بياناً أوضحت فيه تصريحات (مستشارة وزيرة الخارجية الأميركية) ليز تشيني وذكرت أنّ المعلومات لم تكن دقيقة، وهذا ما جعلنا نحكم أنّ الموضوع أصبح منتهياً.

س: ولكن مستشارة وزيرة الخارجية الأميركية السيدة ليز تشيني تحدثت بعنوان وجوب وجود رقابة دولية على الانتخابات البرلمانية في الكويت عام 2007، هذا الأمر لا يُعدّ في نظر كثيرين تدخلاً في شؤون داخلية ما دامت الرقابة دولية وليست أميركية... علامَ هذه الضجة في الكويت؟

ج: البعض يعتبر أن هذا التصريح يُعتَبَر بمثابة التدخل في الشؤون الداخلية، وهذا رأي يُحتَرَم. والبعض يرى أننا في الكويت ليس لدينا ما نخفيه، وحتى الانتخابات في أميركا يُرسَل لها أحياناً مراقبون دوليون. فتصريح السفارة الأميركية هو أنّ هناك لبساً في تصريح تشيني، وصار الأمر واضحاً من خلال لقاء وزير الخارجية مع رئيس مجلس الأمة.

س: لندخل في موضوع وزارة الاعلام الكويتية... "وزير الاعلام الكويتي" ... سياسياً يوصَف هذا المنصب بأنه "محرقة سياسية". بعد أقلّ من ثلاثة أشهر على توليك هذا المنصب، هل بدأت تشعر بلهيب سياسي ما؟

ج: أنا أعتبره شرفاً لي أن أخدم وطني الكويت من هذا الموقع. وأنا سعيد في الثقة التي وضعها فيّ أمير البلاد وسموّ رئيس مجلس الوزراء. هذا الشيء يُشرِّف أيّ مواطن كويتي يحاول ان يخدم من خلال منصب وزارة الاعلام، ولا أعتبره محرقة بتاتاً. ولكن لا بدّ أن يكون الانسان حريصاً على العدالة والسير وفق منهجية وعمل مؤسسي. أما العملية السياسية والشدّ والجذب بين الحكومة والبرلمان، فهذا أمر يحدث في كل دول العالم. ودائماً الذي يحكم في النهاية هو القانون.

س: لكن في موضوع وزارة الاعلام تحديداً، قلت لك إنه يُشبّه بالمحرقة السياسية في الكويت كون وزراء الاعلام في الكويت ليس لهم الحظّ الوافر في متابعة أعمالهم. دائماً هناك مساءلة وهناك تصويب سياسي على هذا الموقع بالتحديد... من هذا المنطلق هل تهيّبتَ الموقف قبل أن تقول "نعم" لوزارة الاعلام؟

ج: أنا درست الاعلام طول عمري...

س: نعم، وأنتَ قدمت إلى وزارة الاعلام من عالَم الصحافة تحديداً...

ج: نعم. وأنا أستاذ إعلام في الجامعة وأيضاً كنتُ أعمل في صحيفة "القبس" اليومية ودرّست الاعلام لعدة سنوات، وأعتقد أنني أمتلك نظرة يمكن أن تخدم الاعلام الكويتي إن قدّرني الله على أن أقدمها بالصورة الصحيحة. فلا شكّ أنّ التحدي كبير، لكن مشكلة الاعلام في الكويت ليست وزير الاعلام. مشكلة وزارة الاعلام في الكويت هي غياب العمل المؤسسي والمنهجية الواضحة والنظرة العصرية لدور الاعلام في العصر الذي نعيشه. فهذه الرؤية التي عندي اتفقت مع ما يدور في ذهن سمو رئيس مجلس الوزراء، وعلى ضوئها قبلت هذا المنصب. وأنا أحاول بخطى حثيثة أن أترجم هذه الرؤية على أرض الواقع.

س: يعني دكتور أنس الرشيد، أنتَ ليبرالي ولك صولات وجولات في الدفاع عن القيم الليبرالية في العالم العربي. الليبراليون العرب يرون في وزارات الاعلام طوقاً إضافياً على حرية الصحافة، على حرية الرأي، على حرية التعبير... أنتَ ليبرالي، وقد قبلتَ بوزارة الاعلام. ثمة من يسألك ربما: لماذا لم ترفض هذا المنصب؟

ج: يعني أنتَ أعطيتني أكبر من حجمي بكثير. أنا أعتبر نفسي كويتياً مستقلاً. لديّ نزعة في اتجاه الحرية؟ هذا أمر صحيح. لكن أيضاً أعتبر نفسي إنساناً محافظاً وإنساناً يرى أن هوية الانسان هي أعزّ ما يملك. قبولي المنصب الوزاري كان محاولة لخدمة بلدي. وأعتقد أنه (يجب أن) نتركها للأيام ونرى إذا كنا نقدر أن نخدم أو لا نقدر أن نخدم. ولكن بالعكس، هذا شيء يشرّفني أن أخدم بلدي من موقع وزاري ونحن في النهاية جنود لخدمة الكويت.

س: نتمنى لك التوفيق في هذا المجال... لكن، السيد الوزير، عقب استقالة وزير الاعلام السابق السيد محمد أبو الحسن، راج حديث واسع في الكويت عن احتمال إلغاء وزارة الاعلام، أو بتعبير آخر ربما تفكيك هذه الوزارة وتحويلها إلى مؤسسات إعلامية تتبع كلّ منها إلى وزارة معيّنة... ما هي رؤيتك في هذا المجال؟ هل يمكن أن تنفّذ رؤيتك الاعلامية في وزارة الاعلام لتصحيح الوضع الاعلامي، ثم لاحقاً تستقيل وتُلغى الوزارة؟

ج: والله يعني أنا لا أريد استباق الأحداث، ولكن هذا حلمي الشخصي...

س: ... حلمك الشخصي أن تكون آخر وزير إعلام في الكويت؟

ج: حلمي الشخصي أن أكون آخر وزير إعلام في الكويت وتُلغى وزارة الاعلام...

س: ... وبالتالي تتماشون مع مختلف الدول التي بدأت إجراءات لإلغاء وزارات الاعلام؟

ج: سأقول لك. أعتقد أن دولة مثل الكويت ليست بحاجة إلى وزارة إعلام. نعم نحن بحاجة إلى إذاعة وتلفزيون شأننا شأن باقي الدول. لكن تركيبة الكويت السياسية ومساحة الحرية الموجودة فيها، والنظام الاقتصادي والسياسي والاجتماعي يدفعها إلى أن تأخذ الريادة في هذا المجال، وأن تترك صناعة الترفيه للقطاع الخاص. هذا ليس شأناً حكومياً. من حق دولة الكويت أن يكون لها تلفزيون وإذاعة. لكن الاحتكار ليس من حق الدولة في ظل دستور يحكمها وينص على الحريات وعلى فصل السلطات. فأعتقد أن الدفع في هذا الاتجاه يتماشى مع روح العصر الذي نحن فيه.

وهذا لا يسري فقط على الكويت بل على كل دول المنطقة. يعني مستحدثات التكنولوجيا تتطور بسرعة رهيبة، والتشريعات العربية لا تزال قديمة في هذا الشأن. هناك حالة من اللاتوازن الاعلامي موجودة في عالمنا العربي، والسبب أننا لا ننظر إلى الاعلام بروح العصر. السؤال هو كيف نواجه لا كيف نقاطع، وأعتقد أنّ وعي الشعب الكويتي عالٍ. وأعتقد أنّ السلبيات الناجمة عن الحرية لا يمكن معالجتها إلا من خلال المزيد من الحرية، شأنها شأن الديموقراطية.

س: ... عن أي سلبيات تتحدث تحديداً؟

ج: مثلاً الصحافة الصفراء، والتركيز على الجنس والعنف...

س: ... ما حجم انتشارها في الكويت... أم ربما هي صحافة وافدة...؟

ج: لا... أنا قبل أن أخوض في هذا الأمر، يوجد بعض الأشياء التي تُنشَر لا يرتاح إليها الانسان. لكن هل هذا يعني أن نعاقب الناس بأن نلغي الحرية؟ وكذلك الديموقراطية، يعني عندما يحدث عراك في مجلس الأمة، هل هذا يعني أن الديموقراطية هي سيئة؟ إطلاقاً لا. فعلاج السلبيات هذه يكمن في المزيد من الحرية والمزيد من الديموقراطية. وهذا ما تقوله تجربة الحضارات، ولستُ أنا الذي أقوله. لكن في الوقت نفسه لا بدّ من أن يتزامن مع وعي مهني وتوعية حتى لا تصير الجرعة كبيرة. لكن أعتقد أن هذه هي روح العصر. أنا كنتُ استاذاً في جامعة الكويت وكنت أرى الطلاب يتحدثون عبر الانترنت ويستقون الأخبار من الانترنت، وكل واحد يكتب رأيه...

س: ... وذلك كله لم يكن موجوداً في المنهاج الدراسي في الجامعة التي كنتَ تدرّس فيها... هل هناك مشكلة أكاديمية في الموضوع؟

ج: ...لا، ولكن أقول لك كيف أنه هناك وسائل أخرى للانسان يستقي منها معلوماته... لم يعد تلفزيون الدولة هو المصدر الوحيد. لم تعد الاذاعة هي المصدر الوحيد. الآن أقلّ بيت فيه خمسون أو ستون محطة. السيارة فيها راديو والانترنت فيه مئات الآلاف من المواقع التي يمكن الواحد أن يرجع إليها. فلذلك أعتقد أن من الأفضل للدولة أن تكون منظّماً للعمل الاعلامي وتترك القطاع الخاص، وتحتفظ هي بمؤسساتها الاعلامية. التفكيك لا يعني إلغاء المؤسسات الاعلامية، ولكن يعني إطلاق حريتها نحو مرونة أكبر. فعندما نتكلم عن التفكيك نعني أن يكون هناك بعض القطاعات القائمة في وزارة الاعلام تُسنَد إلى قطاعات قائمة أخرى...

س: ... يعني توضيحاً... هل تتحدثون عن تفكيك من داخل الوزارة، بمعنى أن يُنقَل بعض الأقسام إلى أماكن أخرى، وتبقى وزارة الاعلام؟... أم تصلون إلى نتيجة لا يكون فيها وزارة إعلام في الكويت؟

ج: سؤالك ذكي، لكنه سابق لأوانه. لأنّ اللجنة بصدد وضع الصيغة النهائية للتقرير. اللجنة التي كلفناها أعطيناها شهرين، وستنتهي خلال اسبوعين من صياغة تقريرها النهائي. لا أقدر على استباق الأحداث، هل تُلغى وزارة الاعلام أم لا تُلغى وزارة الاعلام... لكن التصور هو نحو تفكيك بعض المؤسسات القائمة التي تقع تحت سيطرة وزير الاعلام، بهدف إيجاد مرونة أكبر للاذاعة والتلفزيون. طبعاً هذا مشروع سيكون ضخماً وسآخذه إلى مجلس الوزراء، وطبعاً الرأي في النهاية سيكون للحكومة، ويجب أن ندرس إن كان ثمة تشريعات يجب أن تواكب هذه العملية. لكن هذا هو الفكر الذي أحاول تقديمه للاعلام الكويتي، وأعتقد أنه فكر حديث ويتناغم مع روح العصر.


س: في مقابل وعودك في نقلة نوعية في الاعلام الكويتي عبر وزارة الاعلام ، كان ثمة ما يشبه الوعيد ولو لطيفاً من قبل النواب الاسلاميين بأن وزارة الاعلام ستكون كالعادة تحت مجهرهم ، هل ستمانع في اقامة حفلات موسيقية كالتي "أطاحت" بأسلافك؟

ج :والله أنا لم أعِد بشيء حتى الآن، وهذا أول ظهور لي على شاشة التلفزيون لاني ابتعد عن ممارسة الدور الذي اعتاد العالم العربي ان يراه في وزير الاعلام. انا لست ناطقاً رسمياً باسم الدولة ولا يعنيني الحديث بالشأن الاقتصادي أو الشأن الخارجي.

س: أعني في مجال الاعلام تحديداً...

ج: نعم انا اعتبر نفسي متخصصاً في علم الاعلام وأنا احاول ان اقدم شيئاً للاعلام الكويتي ، انا لم اعد، لكني احاول قدر المستطاع .

اما في ما يتعلق بوعيد النواب، هذا حق لأي نائب في البرلمان. انا اقدر المؤسسة البرلمانية و اعتبر نفسي ابنها ومؤمن بالدستور الكويتي حتى النخاع. لذلك أي تصريح يصدر من اعضاء مجلس الامة احترمه والفيصل هو القانون وانا ملتزم بالقسم الذي اديته وملتزم في عملي في الوزارة ومتعاون مع جميع اعضاء مجلس الامة . دائماً استمع الى ملاحظاتهم والفيصل هو سيادة القانون.

س: اكثر من ثلاثة وزراء للاعلام دفعوا ثمن مواجهة مع التيار الاسلامي عبر مجلس النواب ، حتى بسبب ما يقوله هؤلاء الاسلاميون انه يمسّ بتربية الاجيال، الاساءة الى تربية الاجيال بشكل صحيح في الكويت، وكانوا يتحدثون تحديداً عن الحفلات الموسيقية حتى بات يقال تندراً ربما ان المغنية نانسي عجرم هي الاكثر تهديداً لوزراء الاعلام في الكويت... على سبيل الفكاهة ليس اكثر، هل لديك رؤية لهذه القضايا الخلافية في مواجهة هذه الاراء... انت من تيار ليبرالي كما قلنا والنواب الاسلاميون لديهم وجهة نظر مختلفة في هذا المجال ، كيف ستتعاملون في هذ المسألة...، الحفلات لن تنتهي ربما والليبراليون سيكملون في مساعيهم لاستمرار المزيد من الحريات كما يقولون؟

ج: انا لا اعرف ما الذي تعنيه في تصنيف ليبرالي واسلامي على وجه الدقة، لكن استطيع ان أقدّر . قلت لك سابقاً إن الفيصل هو سيادة القانون ولا اعتقد ان أي مطرب او مطربة يسبب لي تهديد كوزير اعلام، أبداً على الاطلاق ولا اعتقد ان الحفلات الغنائية هي معركة بالنسبة لي .

انا اقدم تصوراً للاعلام الكويتي ، فاذا كان القانون يسمح بالحفلات الغنائية تُسمح واذا يمنعها تمنع .

س: لن تسعى الى تعديل القانون؟

ج: هذا امر يخص نواب البرلمان، هناك قانون وهنالك ضوابط وعلى هذا الاساس امشي في الوزارة. لكني احب ان اختار معاركي...

س: ... هل احدى هذه المعارك ستكون في قانون المطبوعات وكما يتحدث صحافيون كثيرون إنه تأخر كثيراً ....

ج: ... نعم، احب ان اذكر في شيء اقدمه لبلدي، احب ان اختار معاركي، معاركي ليست حفلات غنائية ، معركتي الحقيقية هي الحرية، هي اعادة صياغة الاعلام الكويتي وأنا اجد كل الدعم من سمو رئيس مجلس الوزراء وزملائي في الحكومة وعدد كبير من النواب في مجلس الامة.

س: هل الصحافي في الكويت سيكون بعد (تطبيق) هذا الحديث اكثر حرية في التعبير عن ارائه من دون ان يلاحق بمسائل قانونية؟

ج: هذا حلم شخصي، انا قلت لك منذ البداية ان عمي شقيق والدي اسس الصحافة الكويتية في سنة 1928 من خلال اصداره لمجلة "الكويت" ، كانت اول مجلة في الكويت والخليج العربي ، لذلك اشعر ان الصحافة والاعلام مرتبطان بأسرتي،

وسوف ادفع بكل ما استطيع لتمرير قانون المطبوعات في دور الانعقاد القادم وهذا وعد من سمو رئيس مجلس الوزراء وانا قدمت تعديلات لمجلس الوزراء وافق عليها من حيث المبدأ وهي تتماشى تماماً مع رغبة النواب في اللجنة التعليمية ومع شارع الصحافة والقوى الوطنية باختلاف مشاربها . الكل يدفع في اتجاه مزيد من الحريات وايجاد تراخيص جديدة للصحف اليومية...

س: ... في مقابل التراخيص اليومية للصحف التي تتحدث عنها هل سيصار الى اعادة النظر في تراخيص ممنوحة لصحف اخرى؟ تحدثت منذ قليل عن صحافة صفراء ، هل ما تقوم به هو اعادة تنظيم لما يوصف بفوضى اعلامية في الكويت؟

ج: سؤالك في الحقيقة جميل ، نترك سيادة القانون هي التي تسود ، لكن لا بد من معيار مهني، انا عندما كنت صحافياً واكاديمياً تطوعت وكتبت مسودة ميثاق شرف وقدمتها الى جمعية الصحافيين.انت كحكومة عندما تزيد من مساحة الحرية لا بد في المقابل من ان يترافق ذلك مع زيادة في الوعي المهني . انا اراهن على وعي القارئ الكويتي . القارئ الكويتي مثقف يعرف ان يفرق بين من يجنح للاثارة و بين الانسان الموضوعي .

لكن لا بد من ان يضع الجسم الاعلامي بعض المواثيق التي تنظم عمل المهنة و ليس القوانين . في كل دول العالم، الاطباء عندهم ميثاق ، المحامون عندهم ميثاق ايضاً، الصحافة اصبحت مهنة محترمة وتدرّس في ارقى الجامعات وتحصل على باكالوريوس وماجستير ودكتوراه في مجال الصحافة.

لا بد كصحفي ان تعرف انه لا يجوز خلط الرأي بالخبر، ان الدقة والموضوعية هما سلاحك الاساسي ، لا بد ان تعلم ان نشر صور الجثث بطريقة بشعة تؤثر في الاطفال او النساء الذين من الممكن ان يشاهدوا الصحيفة وان تنتهك خصوصية الافراد من خلال تسليط الضوء على مشاكلهم الخاصة التي لا تهم الرأي العام ، هنالك العديد من الاشياء التي يجب ان يتحلى بها الصحافي فردياً وليس كل شيء في قوة القانون. لذلك لا بد من ان يتواكب مع اصدار قوانين جديدة تجنح للحرية، ان يتواكب معها وعي مهني و اكاديمي يطور من المهنة نفسها.

س: لنتحدث قليلاً عن تجربة الاعلام الرسمي في الكويت، هي تجربة قد توصف بأنها غير مشجعة قياساً بالامكانات الموجودة في الكويت. لماذا يكون التلفزيون الرسمي في أي دولة عربية ملزَماً بأن يكون صوت الحاكم وصورته و لا يكون صورة الواقع او بالاحرى صوت المواطن و صورته، كيف تتعاملون مع هذا الموضوع؟

ج: هذا سؤال فلسفي وعميق، لا يمكن ان نفهم طبيعة عمل وسائل الاعلام بمعزل عن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي لكل دولة على حدة ، ويلبر شرام، احد خبراء الاعلام من اربعين سنة وغيره وضعوا كتاباً اسمه " نظريات الصحافة" . قسّموا العمل الاعلامي في العالم الى اربع نظريات . النظرية الاولى اطلقوا عليها اسم نظرية السلطة وفي اطار هذه النظرية الاعلام هو جزء من السلطة ، تنظر له كما تنظر الى وزارة الداخلية او وزارة الدفاع وتكون فيه اجهزة الاعلام مملوكة من الدولة و تشرح مواقف السلطة للجمهور حسب رؤيتها، وتستخدم الحكومات ضمن هذه النظرية عدة تكتيكات مثل الرقابة و التراخيص و السجن لتتحكم بوسائل الاعلام...

س: ... لكن هذا كان قبل اربعين سنة.

ج: نعم، الآن اقول لك كيف تنظر للاعلام نظرة شاملة. هنالك نظرية ثانية هي نظرية الاعلام السوفياتي التي تضع مصلحة الحزب قبل مصلحة الدولة، و الذي يمارس الاعلام من دون ترخيص من الحزب يتعرض لعقوبة الاعدام.

ثم اتت نظرية الحرية التي نراها في الولايات المتحدة الاميركية التي تقول ان الانسان عقل قادر على اتخاذ القرار المناسب متى توفرت له جميع البيانات ، لا يوجد أي شيء اسمه رقابة، هنالك معلومة موجودة للقارئ والمشاهد هو يختار الصح .

لكن عندما رأوا سوء استغلال الحرية، ظهرت في بريطانيا نظرية المسؤولية الاجتماعية حيث تكون وسائل الاعلام مملوكة من القطاع الخاص لكن مع بعض الضوابط التي تضعها الحكومة للحفاظ على مصلحة الامن القومي .

العالم العربي يعيش حالة من التوهان من حيث النظريات الاعلامية...

س: نعم، تعني خليطاً بين كل هذه النظريات...

ج : نعم تجد في بعض الدول ان الفضائية تمتلك مساحة واسعة من الحرية بينما الصحيفة داخل الدولة نفسها تخضع للرقابة. وذلك يتعلق بغياب التشريعات وغياب الثقة في مؤسسات الدولة. نحن في الكويت نعتبر أنفسنا نموذجاً، نحن بلد صغير يلتحم فيه الحاكم والمحكوم وهناك مؤسسات دستورية قائمة والكويت ، اقول ذلك بكل فخر، ان الكويت بلد فريد ، عندما غزاها صدام حسين لم يجد كويتياً واحداً يقف معه ، هذه اللحمة بين الحاكم والمحكوم ، هذه الثقة تؤدي الى زيادة مساحة الحرية والى النظرة العصرية لوسائل الاعلام ، ليس هنالك من خوف على الامن القومي، هنالك ثقة متبادلة .

س: ولكن ربما في زحمة الفضائيات في الاعلام العربي حالياً تحتاجون الى فضائية خاصة ويحكى في الكويت انه يتم التداول في مشروع لانشاء فضائية كويتية، تريدون مواجهة من تحديداً؟

ج: هذه ايضاً قيد الدراسة، كان هنالك تفكير قديم حتى من الوزراء الذين سبقوني، الشيخ أحمد الفهد والاخ محمد ابو الحسن وغيرهم كانوا يفكرون في ذلك، حتى في الثمانينات طرحت بعض الافكار المماثلة...افكر في قناة مستقلة هي في قيد الدراسة حتى الان، لا اقدر ان اتكلم عنها كثيراً... لا أملك التفاصيل.

س: ... يعني أنشأتم لجنة لدراسة (الموضوع)...

ج: ... نعم انشأنا لجنة لدراسة هذا الموضوع واعطيناها فترة محددة للدراسة، لأننا نحن في الكويت "نفرّخ لجاناً"...

س: ... كأي بلد عربي!

ج: لا بد من ان تكون اللجنة محكومة في مدة شهرين وان تقدم تقريراً نصف شهري، لجنة بعد لجنة، آخذ بكل هذه التقارير وأمشي بالمشروع حتى يستطيع الرئيس ان يحاسبني، على ما انجزه او لا انجزه...لا بد من اهداف واستراتيجية، انا لا استطيع من خلال تلفزيون الكويت ان اتعامل مع القيم الخبرية كقيم خبرية...

س: لماذا؟

ج: لأنه تلفزيون الدولة الرسمي...

س: يعني بوضح تريدون حرية اكبر؟


ج: من حق الدولة ان يكون لديها تلفزيون ، لكن مثلاً تلفزيون الدولة الرسمي يرى ان زلزال في نيكاراغوا اهم من حادث على الدائرة الرابعة في الكويت، هذا خطأ... قرب الحدث مهم للجمهور، نحن في صدد دراسة القيم الخبرية مرة اخرى وتحرير الاخبار من هذه البروتوكولات من خلال اسنادها الى فضائية متخصصة

كحال اية قناة عربية ، مثلاً اذا توفي أي رئيس عربي تتحول القنوات التلفزيونية الى بث قرآني لان هذا يعكس الموقف الرسمي للدولة واي وزير اعلام يحاول ان يجتهد ممكن ان يفسر ذلك كموقف للدولة... لا سمح الله. الحل في قناة تتعامل مع الاخبار بمهنية ، لانه من حق المشاهد ان تصل اليه الاخبار بعيداً عن كل هذه البروتوكولات.

س: هل في ذهنك موعد محدد لاطلاق هذه الفضائية؟

ج: أعطيناهم شهرين للدراسة، من الممكن ان تكون نتيجة هذه الدراسة ان العوائق السياسية في الكويت تمنع انشاء هذه الفضائية، وأنا سوف احترم هذه الرغبة.

س: تحترم هذه الرغبة أم تسعى لازالة العوائق السياسية؟

ج: انا عندما اختار الشخص المناسب في المكان المناسب آخذ بتوصياته، لا املك الوقت لاخوض في التفاصيل. استعنت بأحد الزملاء من قسم العلوم السياسية وأحد الزملاء من قسم الاعلام، وكيل قطاع الاخبار، وبعض المتخصصين واللجنة برئاسة وكيل الوزارة ، هؤلاء هم النخبة، يرون ان فكرتنا ممكن ان تسّوق و نأمل ان يكون التقرير ايجابي وسنحترمه في كل الاحوال.

س: د. الرشيد، كنتَ من أبرز المدافعين عن حقوق المرأة السياسية في الكويت، وطالبتَ أن تنال المرأة حقوقها السياسية. لفترة طويلة بدا أن مطلب منح المرأة حقوقها السياسية وتحديداً في مسألتي الترشح والانتخاب... بدا مطلباً رسمياً على أعلى مستوى، يعارضه الكثيرون في مجلس الأمة... ما هذه المفارقة في الكويت، في أن يطالب أعلى السلطة بأمر إصلاحي، ويُعارَض على مستوى "شعبي"، والمقصود مجلس الأمة؟

ج: شكراً أخي حسين، يعني الحقيقة أنت تعطيني أكبر من حجمي. الحقيقة أنا جديد في العمل السايسي، الشأن الوطني يهمني منذ الصغر... أعتقد أن هناك من هم أكبر مني في المطالبة بحق المرأة، لكن أنا وافقت...

س: ... يعني توزيرك، عفواً للمقاطعة، توزيرك ساهم في إمرار حقوق المرأة السياسية خلال التصويت العددي...

ج: إذا تنظر لها من هذا المنحى صحيح... أنا صوّتُ مع الحكومة ومقتنع اساساً وأرى أن هذا حق للمرأة، وأعتقد أنّ مشاركة المرأة الكويتية سياسياً سوف يكون إنشاءالله إضافة، وايّ شيء يزيد أو يرسّخ العملية الديموقراطية هو مبعث فخر لأيّ إنسان وطني. لأنّ هذه الديموقراطية هي النهج الذي ارتضيناه في دولة الكويت. أما عن سؤالك أنها جاءت بمبادرة من رأس الدولة وكانت هناك معارضة... هذا يؤكد على الديموقراطية التي نتنعم بها في الكويت. وأقول عسى الله يديمها ولا يغيّر علينا. حضرة صاحب السمو أمير بلادنا الشيخ جابر الأحمد بادر في 16 مايو 1999 إلى طرح هذا الأمر، ولم تكن هناك أغلبية برلمانية، واستمر الأمر إلى ما هو عليه حتى أتى الشيخ صباح وحكومته ونواب في البرلمان وحققنا الأغلبية ومرّ هذا القانون. وهناك رأيان: رأي مؤيد يُحترَم، ورأي معارض يُحترَم. أنا دائماً من دعاة التوفيق. ولا أحبّ أن أسفّه في أي رأي، ولا أن يكون هناك انطباع أني شخص ليبرالي أسفّه آراء الآخرين. بالعكس، بعض المعارضين ينطلقون من وجهة نظر شرعية، وليس هناك إنسان يعترض على وجهة نظر الشرع. وبعض المؤيدين ينطلقون من وجهة نظر شرعية، لكن هناك إجتهاد ويوجد مجال للإجتهاد في هذا الرأي. لكن الجميل في الكويت أن المهمّ هو الاحتكام إلى التصويت ونقتنع في النهاية بالتصويت. والآن اصبح الموضوع وراء ظهورنا.

س: تحدثت عن خلفيات شرعية في مسألة معارضة البعض لمشاركة المرأة في الحياة السياسية. النائب الاسلامي الدكتور وليد الطبطبائي، قال في معرض معارضته توزير السيدة معصومة المبارك، قال ان ذلك ودخول المرأة المعترك السياسي، سيجران على البلاد "مفاسد اجتماعية لا نريدها". هل ترى ان المجتمع الكويتي مهدد فعلا بالفساد عبر مشاركة المرأة في العمل السياسي؟

ج: انا لم اسمع ما قاله النائب الفاضل وليد الطبطبائي...

س: ... ورد ذلك في مقابلة صحافية.

ج: لم اسمعه شخصيا على الاطلاق، ولا اعتقد ان وجود المرأة ايضا سيضيف مفاسد لا سمح الله.

س: تتفهمون الاعتراضات على توزير المرأة مثلاً؟

ج: اعتقد انه في معارضة توزير الدكتورة معصومة، لم يكن هناك اي اثارة لموضوع الفساد، لا سمح الله، كان وفقا لوجهة نظر دستورية.

س: ربما كان يقصد الدكتور الطبطبائي في هذا الموضوع، ان توزير امرأة قد يحفز النساء في الكويت وربما الفتيات على الانطلاق اكثر في مجال الحرية..

ج: لم اسمع هذا الكلام على الاطلاق.

س: هل جاء توزير امرأة في الكويت ليضع حدا لما كان يسميه البعض "دلالا" من السلطة تجاه الاسلاميين. الكتلة الاسلامية في البرلمان الكويتي، كانت عندما تصوب في اتجاه وزير او وزارة محددة، تسقط هذا الوزير اوهذه الوزراة.. واذا ارادت ان تدعم وزارة او وزيرا اخر، ترفعه. هل جاء هذا التوزير ليرسل اشارة قوية الى الاسلاميين بان البلاد يجب ان تواكب التطور والحداثة؟

ج: لا اعتقد ذلك. توزير الدكتورة معصومة جاء بناء على اقتناع سمو رئيس مجلس الوزراء بقدرتها وكفاءتها. وبعد اقرار القانون، بات من حقه كرئيس للوزراء ان يعين وزيرة، وهذا ما فعله.

س: بعض المعارك السياسية في الكويت، اتخذ في فترة ما طابعا طائفيا، لا سيما في مسألة استقالة وزير الاعلام السابق الاستاذ محمد ابو الحسن.. هل ثمة تخوف في الكويت من ان يؤدي صعود الشيعة في العراق وعودة المحافظين الى الرئاسة الايرانية، الى رفع الشيعة في الكويت سقف مطالبهم السياسية؟

ج: انا لا انظر الى هذا الامر على الاطلاق. الشيعة في الكويت هم من اهل الكويت. ونحن في بلد ننعم ولله الحمد، بوحدة وطنية، من الشمال الى الوسط الى الجنوب. الكويتيون كلهم يعرفون بعضهم بعضا، وكذلك بلدنا وقانوننا وحكامنا. ولا اعتقد ان اي شيء يحدث خارج الكويت، يؤثر تأثيرا مباشرا على اللحمة الداخلية الكويتية.

س: الكويت بعد عامين ستكون امام استحقاق الانتخابات البرلمانية. هناك عدد كبير من الاشارات التي يمكن وضعها في اطار الاصلاح السياسي.. من توزير السيدة معصومة المبارك، الى منح المرأة حقوقها السياسية... هل هذه الاصلاحات تأتي في اطار الضغط الخارجي و تحديدا من الولايات المتحدة الاميركية، لاجراء اصلاحات في المنطقة ككل؟ كثيرون يقولون انه لا اصلاح الا من الداخل، ما هو موقفك في هذا المجال؟

ج: انا لا ارى الامر من هذا المنحى. المجتمع الكويتي دائما تواق الى الاصلاح.

س: لكن كيف تفسر ان اغلبية الاصلاحات الجارية في الدول العربية، تتم في هذا التوقيت... من السعودية الى الحركة السياسية في مصر الى ما يجري في لبنان وصولا الى الكويت... جاء كله في توقيت واحد هو حين تفاقمت الضغوط الاميركية على هذه الدول تحديدا؟

ج: هي مثل كوب الماء. انت ترى نصفه الفارغ وانا ارى نصفه الملآن. اذا تضع ما يحصل في الكويت في سياقه التاريخي المحلي، اعتقد ان الكويت تسير في عملية اصلاح مستمرة. اذا نضعه في سياقه المحلي، لا انظر الى ما يحدث في الخارج. حق المرأة السياسي سبق ان رفض في البرلمان، الآن أقر في البرلمان. هذه ارادة ورغبة كويتية مئة في المئة. اذا كان ثمة مشجع او معارض في الخارج، هذا شأنه هو. لكن نحن نحكم انفسنا بانفسنا.

س: هل انت مع مقولة ان لا اصلاح الا من الداخل؟

ج: نعم. نحن نرى ما الانسب لنا، ونعمل على هذا الاساس. اذا التقت رغباتنا مع رغبات البعض، كان خير على خير. لكن نحن من يجب ان يقرر، اذا كان لدينا سيادة على وطننا، نحن نقرر شؤوننا الخاصة.

س: دعني آخذ هذه المسألة في المنحى الثقافي تحديدا. مقولة ان "لا اصلاح الا من الداخل"، هي مقولة رائجة جدا في اوساط النخب الثقافية العربية، لكن هل لك ان تقول لي اين هو "الداخل" العربي تحديدا... في الكويت، في السعودية وفي اي دولة

عربية؟؟.. اين هو الداخل العربي القادر على انجاز اصلاح دون اي ضغط خارجي؟ واتحدث هنا عن المجتمع المدني تحديدا...

ج: اكلمك كانسان عربي، لا كوزير اعلام كويتي. اعتقد اننا كأمة عربية واسلامية، مثل ثلاثة اخوان عراة في البرد. احدهم يمتلك ابرة، وأحدهم يمتلك خيطا وأحدهم يمتلك قطعة قماش... لو نجتمع لسترنا عوراتنا وطورنا حياتنا، لكن للاسف بقينا افراداً. نحن في وضع مأساوي في العالم العربي. لكني احب ان اتفاءل واغرس روح التفاؤل حولي. اعتقد ان التنمية لا تأتي الا من خلال التعليم، التعليم، التعليم نقطة البداية. التعليم على قبول الآخر، على الحوار، على بناء المستشفيات و المدارس، بدلا من السجون و المعتقلات... التعليم على الحرية، على ان المواطن العربي يتنشق و يقول رأيه و يذهب الى منزله لينام و هو مرتاح من دون خوف او رعب. انا اكلمك كمواطن عربي، هذه هي همومي. الحل في التعليم. و لكن انا لا استطيع - وانا اصلا كمواطن كويتي يهمني الشأن الداخلي... و اتمنى الخير لاخواننا العرب - و لا احب الخوض في الشأن السياسي المتعلق بكل دولة على حدة. و لكن كمواطن عربي، اعربت عن همومي، و اعتقد ان السر يكمن في التعليم.

س: ثمة من يرى ان الدول العربية لا يمكنها ان توائم بين الاصلاح السياسي والاستقرار الداخلي. دائما يعزى السبب في عدم السير بالاصلاحات، الى الخوف على الاستقرار الداخلي.. اكان استقرارا سياسيا او امنيا، كيف تقرأ هذا الربط الدائم، هل هو تغطية للقمع الذي تمارسه أغلبية الانظمة العربية؟

ج: والله حين كنت استاذا في الجامعة، كانوا يسألوني عن الغزو الثقافي. كنت اقول لهم اني اؤيد الحفاظ على الهوية. ما هو اغلى شيء عند الانسان؟ عقيدته، هويته، دينه... مما يعني اني مع الحفاظ عليها، لكن اخاف ان تستخدم كلمة الغزو الثقافي ذريعة لقمع الحريات... لكي لا يتحدث الانسان بحرية وبصراحة. فانا اقول لا بد من ان يكون هناك انفتاح مدروس. لكن في الكويت، لدينا خاصية الثقة بين الحاكم والمحكوم. هذا ما يشجعني كمسؤول، ان اتوجه للمسؤول عني واطرح عليه بعض الافكار. ونحن الحمد لله لدينا مسؤولون يتمتعون بسعة الافق والادراك. فانا اتكلم مثلا مع الشيخ صباح الاحمد عن تفكيك وزارة الاعلام، وهو الذي اسسها في الستينات.

س: قد يعز عليه ذلك...

ج: لا ولكن الشيخ صباح يتمتع بمرونة، ويقتنع برأي الانسان الاختصاصي اذا وضع ثقته فيه. هذا شيء يميز سمو رئيس مجلس الوزراء. وزارة الاعلام هي غرس يديه. لكن حين اقول ان التفكيك يهدف الى تطوير الاعلام الكويتي واعطائه المزيد من المرونة، ان شاء الله سيتبنى ذلك. التفكيك لا يعني اقفال المؤسسات الاعلامية في الكويت، ولا يعني "تفنيش" الموظفين لا سمح الله.. الوحيد الذي سيخسر وظيفته عند الغاء وزارة الاعلام، سيكون انا، وأنا راضٍ.