نبيل شرف الدين من القاهرة، أسامة مهدي من لندن: أكد مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية هاني خلاف اليوم الاحد "اختفاء" رئيس البعثة الديبلوماسية المصرية في بغداد السفير ايهاب الشريف وناشد "كل من له يد" في ذلك ان "يتعامل معه بما يستحقه كرجل خدم القضايا العروبية".

وقال خلاف للصحفيين "لم تعلن اي جهة حتى الان مسؤوليتها عن اختفاء السفير ايهاب الشريف وبالتالي لا نستطيع ان نعتبره اختطافا وانما قد يكون مجرد احتجاز مؤقت". واضاف "نامل ان يتعامل كل من له يد في هذا الموضوع مع الزميل ايهاب الشريف بكل ما يستحقه وما يمثله من رموز كرجل خدم وطنه وخدم القضايا العروبية". واضاف خلاف ان السفير ايهاب الشريف "هو الذي اختار العمل في العراق لحرصه الشديد على مصلحة الشعب العراقي ووحدته وعلى التعاون مع كافة الطوائف (العراقية) بكل حيادية ونزاهة".

واوضح ان وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الموجود حاليا في سرت بليبيا للمشاركة في الاجتماعات الحضيرية لقمة الاتحاد الافريقي اكد "اهمية ايصال رسالة للشعب العراقي ان رئيس البعثة المصرية في العراق هو ممثل لمصر لدى الشعب العراقي كله". وتابع "اننا لا نعرف حتى الان من الذي قام بالعملية ولكن ايا من كانوا فاننا نثق انهم سيقدرون انه رجل ذهب لخدمة الشعب العراقي وهي مهمة ذات طابع عروبي وقومي وانساني".

وقال "نامل ان نسمع اخبارا طيبة في القريب العاجل وان يعود السفير ايهاب الشريف سليما معافى باسرع وقت". واكد انه "اذا كان هؤلاء المختطفون يريدون توصيل رسالة معينة من الاحتجاز سيكون الشريف هو خير من يقوم بتوصيلها لمصر".

وادلى خلاف بهذه التصريحات بعد اجتماع مع رئيس بعثة رعاية المصالح العراقية في مصر سعد محمد رضا. وقال ان الاخير وعد بان يوافي الخارجية المصرية باي معلومات جديدة. واكد مصدر في السفارة المصرية في العاصمة العراقية صباح اليوم الاحد اختطاف السفير ايهاب الشريف.

وقال المصدر "فوجئت عندما وصلت الى المكتب وعلمت ان سفيرنا ايهاب الشريف قد خطف". واوضح مصدر في وزارة الداخلية العراقية فضل عدم الكشف عن اسمه ان "السفير المصري ايهاب الشريف (51 عاما) خطف من منزله الواقع في حي المنصور الراقي".

ومنذ الإفراج عن الدبلوماسي المصري ممدوح حلمي قطب، بعد اختطافه في العراق على أيدي جماعات مسلحة خلال شهر تموز (يوليو) من العام 2004، و بعد عودة السفير فؤاد مبروك من بغداد، ظلت القاهرة مترددة في إرسال سفير جديد لها إلى بغداد، لكن ـ وحسب أنباء ترددت في الصحف المحلية ـ فإنه إزاء الضغوط التي مورست عليها من قبل كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية خلال زيارتها الأخيرة إلى مصر، فقد قررت تسمية إيهاب الشريف سفيراً لها لدى بغداد، و رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين مصر و العراق، و ذلك بعد أن كانت القاهرة قد فسرت تباطؤها في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية طيلة الفترة الماضية إلى أن تلك العلاقات سبق أن قطعت من جانب العراق بقرار من صدام حسين إثر مشاركة القوات المصرية في حرب تحرير الكويت، و بالتالي فإنه يتعين على العراق أن تتخذ قرار من جانبه بإعادتها، و هو ما فعلته الحكومة العراقية بالفعل، التي بادرت إلى تسمية سفير لها في القاهرة .

وفي اتصال أجراه الزميل أسامة مهدي، محرر الشؤون العراقية في ( إيلاف ) بمسؤولين في بغداد فقد أبلغوه بأن هناك اتصالات سريعة مع وزارة الداخلية للبحث عن السفير، مؤكدين أنهم لن يدخروا جهدا في العمل من أجل تحريره و تأمين سلامته، و أعرب المسؤولون العراقيون بألا يشكل الحادث عائقا أمام إرسال سفراء للعراق، خاصة من جانب الدول العربية، مشيرين إلى أن هذا من شأنه أن يشجع الإرهابيين و يحقق أهدافهم في عزل العراق عن محيطه العربي و الإقليمي .


سيرة ذاتية
و السفير المصري الجديد لدى بغداد إيهاب الشريف، الذي اختطف ليلة أمس هو أحد أبرز رجال الدبلوماسية المصرية، إذ كان يشغل من قبل منصب القائم بأعمال السفارة المصرية في تل أبيب خلال فترة سحب السفير المصري من إسرائيل، و هو ـ حسب تقارير للخارجية المصرية ـ دبلوماسي مخضرم له خبرة واسعة في التفاوض، و العمل في بؤر الصراع و البيئات القلقة و المعادية .


ووصل الشريف الى بغداد في 25 ايار/مايو الماضي وتسلم مهام منصبه الجديد في الاول من حزيران/يونيو، وفق مصادر الخارجية المصرية. وكان الشريف تولى منصب القائم بالاعمال في البعثة الدبلوماسية المصرية في اسرائيل بين 1999 و2003 قبل ان يتم تعيينه مساعدا لوزير الخارجية المصري للشؤون العربية لفترة وجيزة.

ولد ايهاب الشريف عام 1954 ودرس الادب الفرنسي في مصر ثم حصل على شهاداة دكتواره من جامعة السوربون وهو متزوج واب لابنتين.

واعتبر مراقبون في القاهرة أن ما حدث يحمل رسالة واضحة للدول العربية مفادها " لا ترسلوا سفراء إلى بغداد "، خاصة و أن الحكومة العراقية تبدو و كأنها عاجزة عن حماية الدبلوماسيين الأجانب، و هو أمر يقع على رأس أولويات أي حكومة في العالم، إذ أنه يعكس مدى قدرتها على إقرار الأمن و ضبط الأوضاع، و ليس مستساغاً و لا مقبولاً أن تشكل كل سفارة أجنبية قوة خاصة لحماية دبلوماسييها .


تجدر الإشارة إلى أن البعثة الدبلوماسية المصرية في بغداد كانت واحدة من بضع بعثات دبلوماسية عربية و أجنبية قليلة ظلت تعمل في العراق خلال الحرب الأخيرة، و لم تغلق أبوابها رغم رفع الصفة الدبلوماسية عن العاملين فيها بمعرفة سلطات الاحتلال .


وكانت مصر اول دولة عربية تعين سفيرا في العراق منذ سقوط صدام حسين. واعلن الاردن عزمه على ايفاد سفير ولكن لم يتم تعيينه بعد. وعين الشريف في الاول من حزيران/يونيو رئيسا للبعثة الدبلوماسية المصرية في العراق وهو اول دبلوماسي على هذا المستوى يتم اختطافه في هذا البلد منذ سقوط صدام حسين في نيسان/ابريل 2003 وموجة الاختطافات التي تلت ذلك.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اعلن خلال المؤتمر الدولي حول العراق في بروكسل في 22 حزيران/يونيو الماضي ان مصر هي اول دولة عربية تعين سفيرا لها في بغداد وحيا الحكومة المصرية على هذا القرار.

وقال زيباري "انني احيي مصر التي اثبتت زعامة اقليمية بتعيينها اول سفير عربي في العراق".


سوابق دبلوماسية

الدبلوماسي المصري المختطف العام الماضي

و هذه ليست المرة الأولى التي يختطف فيها دبلوماسي كبير في العراق، إذ سبق أن أبلغت السفارة المصرية في بغداد وزارة الخارجية في شهر تموز (يوليو) من العام الماضي 2004 بأن إحدى الجماعات العراقية قد أعلنت عن اختطاف الدبلوماسي محمد ممدوح قطب، رداً على تصريحات لرئيس الوزراء المصري احمد نظيف بأن مصر مستعدة لتقديم خبرتها الأمنية للحكومة العراقية المؤقتة، لافتة إلى أن هذه الجماعة تطالب الحكومة المصرية بعدم التعاون مع القوات الأميركية في العراق، و هو الأمر الذي نفى حينئذ مسؤولون في القاهرة أن بلادهم تقوم به أساساً .


و في شريط فيديو مصور بثته فضائيات عربية في حينها قالت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم " أسد الله" إن الاختطاف جاء ردا على تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف بأن بلاده مستعدة لتقديم خبرتها في المجال الأمني للحكومة العراقية، و ظهر الدبلوماسي المصري ، الذي كان حينئذ هو الرجل الثالث في السفارة، جالساً بينما يقف خلفه ستة من الملثمين يحمل بعضهم البنادق، و يتلو أحدهم بياناً .


و تحتفظ القاهرة بعلاقات وطيدة و تقليدية منذ منتصف الستينات مع أبرز الجماعات الكردية بزعامة كل من مسعود بارزاني، و جلال طالباني (الرئيس الحالي للعراق)، حيث وافقت مصر منذ سنوات طويلة على وجود ممثلين رسميين لهما بالقاهرة، كما يتم استقبال الزعيمين الكرديين دائماً بصفة رسمية، و حتى أرفع مستويات السلطة، و قد اجتمعا مراراً مع كل رؤساء مصر السابقين، و الرئيس الحالي حسني مبارك الذي استقبل طالباني قبل الحرب العراقية و بعدها عدة مرات بحفاوة و قدم له دعماً كاملاً .