سلطان القحطاني من الرياض: تميز يوم الرياض بحدثين مهمين على الرغم من كونهما بعيدين عن بعضهما كل البعد : مباراة القمة الكروية للنصف النهائي الموصل إلى كأس الملك فهد، و أحداث لندن الرهيبة التي دشنتها يد الإرهاب صبيحة اليوم بسلسلة انفجارات طالت محطات المترو اللندنية، و كلا الحدثان حظيا بنسبة متابعة عالية من السعوديين.

و كان السعوديون الذين حضروا بعشرات الآلاف اليوم لمشاهدة مباراة القمة الكروية في تحدٍ صريح للجماعات الإرهابية التي تنظر إلى كرة القدم باعتبارها من أعمال الشيطان، و من الملهيات التي تصرف "شباب الأمّة" عن هموم مجتمعهم و دينهم.

و لعل الأمر الأبرز في خريطة ردة فعل السعوديين العاديين على تفجيرات العاصمة البريطانية هو حجم التعاطف الكبير الذي أبدوه حيال مصاب لندن، و ذلك على العكس من ردة فعلهم تجاه الأحداث التي طالت الولايات المتحدّة الأميركية في الحادي عشر من سبتمبر التي اتسمت في غالبها باللا مبالاة.

و لم يكن الكثير من السعوديين آنذاك مدركين لحجم الخطورة التي أفرزتها أحداث سبتمبر حتى مست مصالحهم و حياتهم، و بدت آثارها واضحة على كافة الأصعدة ، الأمنية و الإقتصادية و السياسية، و أحدثت شرخاً بالكاد استطاع الشعبان ردمه.

و تشعرُ الرياض بتضامن كبير مع لندن كونهما العاصمتين الملكيتين اللتين دارت على ترابهما رحى الأعمال الإرهابية، و لذلك فإن أهلها سيكونون أقرب معرفة و تصوّرا لتأثير عمليات كهذه على نظرائهم من البريطانيين العاديين.

و تبدو الساعات الوشيكة المقبلة حافلة بالترقّب و الإنتظار بالنسبة للسعوديين المتحلقين أمام شاشات التلفزة ، إذ إن هاجسهم المؤرق يكمن في قلوبهم مخافة أن يظهر فجأة على شاشات التلفزة العالمية صورة جواز سفر سعودي لمتورط في الحادثة، و هو الأمر الذي سيزيد على متاعبهم متاعب أكبر، و خصوصاً مع الغرب.

إلا أن اوساطاً سعودية قالت انها تشعر بالتعاطف مع معاناة لندن، و انها مستمرة فى سياسة الحيطه و الحذر، و لا سيما و أنها ابدت تعاونها مع كل مامن شأنه القضاء على الارهاب الذى هو مرض يصيب البشرية جمعاء.

و لكن الرياض ترى أيضاً ان على لندن القيام بجهود لمحاصرة منابع الارهاب ، خاصة المنابع التحريضيه، و في ذلك إشارة الى بعض الجهات التى تتخذ من لندن مقراً لها.

و تفاوتت مواقف السعوديين الراغبين في السفر إلى لندن ، و التي كانت حجوزاتهم على أهبة التأكيد للذهاب إليها، فمنهم من عدل عن فكرة السفر إلى مدينته المفضلة ، و الغى حجوزاته خشية تجدد اعمال ارهابية أخرى، و البعض اجل رحلته حتى ينجلى الموقف ، و بعضهم يرى ان لا احد يثنيه عن الذهاب اليها (لندن) مهما كانت العراقيل.

و لكن أياً من السلطات السعودية الرسمية لم تصدر تحذيراً لمواطنيها من السفر إلى بريطانيا، أو أن تقوم بتعطيل رحلات طيرانها الجوي المتجه إلي المدينة المصابة، و هو الأمر الذي اعتادت أن تفعله الحكومة البريطانية تجاه كًل حادثة إرهاب تطال العاصمة السعودية الرياض.

و منذ تفجيرات الرياض الأولى في الثاني عشر من ايار(مايو) قبل مايربو على عامين مضيا حتى وقت قريب، فإن شركة الطيران البريطانية الكُبرى في العالم " بريتيش ايروايز" قامت بتعليق رحلاتها المتجهة إلى السعودية غير مرّة ، و ذلك تمشيّاً مع تحذيرات الحكومة البريطانية.

إلا أن شركة طيران بريطانية ستقوم بتسيير ثلاث رحلات اسبوعية مابين المملكتين بدءاً من الأسبوع المُقبل.

و يقول فهد الشويعر(27عاماً) :" لن أستطيع السفر حالياً إلى هناك .. أخشى من ردة فعل البريطانيين العاديّين تجاه المسلمين ..قد تكون هناك حوادث انتقام تجاهنا.كما أننا سنكون في موضع إتهام في أعين البريطانيين و ربما رجال الأمن".

و لكن مراقبين يرون بأن حدوث اعمال إنتقام تجاه الجالية المسلمة في بريطانيا أمر مستبعد، و ذلك بإعتبار أن الشعب البريطاني كان في طيفه الأغلب مناوئاً لما درجت عليه هيئات أميركية، سواءً حكومية أو أهلية، من ترسيخ فكرة أن المسلمين ينضوون تحت لواء يفرّخ الإرهاب بعد أحداث سبتمبر.

و كان للبريطانيين البُسطاء مواقف مناهضه من العديد من القوانين التي أطلقتها الحكومة البريطانية و استهدفت صلاحيات أوسع للأمن تجاه المُشتبه في تورطهم بالإنتماء إلى تنظيمات إرهابية ، و هي الصلاحيات التي أسيء استخدامها في حالات قليلة.

و تسببت أحداث لندن في هبوط لم يسبق له مثيل للأسهم الأوروبية التي عصفت بها الأحداث، لتفقد اسواق الاسهم عشرات المليارات من اليوروات من قيمتها و تهوي الاسهم البريطانية مسجلة اكبر خسارة لها في يوم واحد منذ عام.