أسامة مهدي من لندن : اكد رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ان اسلاميين متعصبين يقفون وراء التفجيرات الاربعة التي شهدتها لندن الخميس الماضي على الارجح مؤكدا ملاحقة منفذيها ومخططيها اينما كانوا لجلبهم الى العدالة مشددا على ان هذه الاعمال ليست من صنع الاسلام وانما من المتعصبين الاشرار ملمحا الى احتمال ارتفاع عدد القتلى الى 74 شخصا وقال انه فخور بالجالية الاسلامية في بلاده فيما سجلت خمسة انفجارات استهدفت مؤسسات اسلامية اخرها اليوم بالقاء قنبلة على مسجد في مدينة ليدز شمال العاصمة .
وقال بلير في كلمة امام البرلمان بعد ظهر اليوم ان الاشرار المتعصبين ارتكبوا جريمة بشعة ضد الابرياء وشدد على ان البريطانيين سيبقون متوحدين في التصميم على بقاء بلادهم متوحدة واكد " ان بلدنا لن ينهزم امام الارهاب وان وحدته ستهزم الارهاب" واشار الى ان الانفجارات الثلاثة في القطارات وقعت جميعها خلال 50 ثانية وتم تنفيذها في ساعة الذروة لنقل المواطنين الى مناطق عملهم من اجل ايقاع اكبر الخسائر بينهم . واضاف ان مدبري ومخططي انفجارات لندن هم اتفسهم المتعصبين الذين نفذوا اعمالا اجرامية في مدريد والسعودية والمغرب ونيويورك وتركيا ومصر .
واشار الى إن هؤلاء الإرهابيين ينتمون الى نفس طراز اولئك المسؤولين عن اعمال مروعة اخرى في مناطق اخرى من العام وقال إن العملية التي تقوم بها الشرطة البريطانية حاليا للبحث عن الجناة تعد من اكبر العمليات التي جرت في تاريخ بريطانيا. وأضاف " سوف نتعقب ليس فقط منفذي التفجيرات ولكن هؤلاء الذين خططوا لها أيضا". وقال " في أي مكان كان هؤلاء لن يهدأ لنا بالا حتى نكتشفهم ونقدمهم للعدالة".
واكد بلير ان الاجهزة الامنية لن تلاحق منفذي التفجيرات وحدهم وانما المخططين لها كذلك اينما كانوا وجلبهم الى العدالة لينالوا جزاءهم واوضح ان الاجهزة الامنية لم تكن لها معلومات كافية لمنع هذه التفجيرات لكنه اشار الى ان الشرطة بذلت جهودا كبيرة من اجل حفظ الامن والاستقرار في البلد وقال انها استحدثت قسما لمساعدة 74 عائلة يعتقد انها فقدت ضحايا خلال التفجيرات موضحا ان اجراءات ستخذ لتعزيز قوات الامن والشرطة لتجنب تكرار الحوادث هذه . واضاف ان الملايين من البريطانيين قد عادوا الى اعمالهم اليوم ليؤكدوا تضامنهم وان عاصمتهم متوحدة بجميع اعراقها واديانها ضد الارهاب .
واكد رئيس الوزراء البريطاني انه فخور بالجالية المسلمة في بريطانيا التي يتراوح عدد افرادها بين مليونين وثلاثة ملايين نسمة مشيرا الى ان الاعمال الارهابية ليست من صنع الاسلام وانما من تدبير متعصبين اشرار واضاف انه سيدرس اصدار تشريعات لحماية المسلمين وحقوقهم في بلاده مؤكدا العمل مع المسلمين الحضاريين والمتنورين ضد التعصب والارهاب "الذي لن نسمح له بان يدمر حيانتا المشتركة" .
وفي كلمة له اكد زعيما المعارضة مايكل هوارد رئيس حزب المحافظين وتشارلز كينيدي رئيس حزب الديمقراطيين الاحرار تضامنهما مع السلطات الحكومية ضد الارهاب مؤكدين على ضرورة التعايش السلمي بين مكونات الشعب البريطاني ومشيدين بالمسلمين في البلاد الذين يرفضون العنف والارهاب وطالبا بالحفاظ على التوازن بين اي اجراءات تتخذ لحفظ الامن وبين حماية الحريات العامة . وكانت اخر التصريحات الرسمية اليوم اشارت الى مقتل 52 شخصا واصابة 700 بينهم 56 بحالة خطرة نتيجة الانفجارات الاربعة .
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الليو أن مسئولين أوربيين في مجال مكافحة الإرهاب كشفوا أن مسئولي المخابرات البريطانية طلبوا مساعدة نظرائهم في الولايات المتحدة و24 دولة أوربية حليفة من أجل التوصل إلى أدلة تقود إلى منفذي الهجمات التي وصفوها بأنها أسوأ العمليات الإرهابية التي شهدتها بلادهم منذ الحرب العالمية الثانية.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن ثلاثة أطراف مشاركة في الاجتماعات وعدد ممن لهم صلة بها أن الاتصالات شملت لقاءات خاصة وغير معتادة جرت في لندن تمس الاول السبت بحضور مسؤولي الشرطة البريطانية ومسؤولي جهاز المخابرات الخارجية البريطانية و جهاز المخابرات الداخلية البريطانية الذين اجتمعوا مع نظرائهم الأميركيين والأوربيين.


وفي سبيل تطويق حالات العنف ضد المسلمين التي ظهرت في بريطانيا بعد أحداث الخميس دعا أساقفة الكنائس في لندن وأئمة المساجد البريطانيين وممثلو الديانات الكبرى البريطانيين إلى التسامح والعمل معا وعدم التصرف بروح الانتقام من المسلمين الموجودين في بريطانيا مشددين على أن الذين قاموا بالتفجيرات هم قلة لا تمثل المسلمين .. كما قاموا اليوم مع في تسجيل تعازيهم في كتاب موحد خصص لهذا الغرض .
وشهدت عدة مساجد في بريطانيا قد شهدت أعمال عنف منذ يوم الخميس حيث تعرض مسجد شرق لندن للحريق في حين تعرض مسجدان آخران لهجومين أسفرا عن إلحاق أضرار بالغة بهما كما القى مجهولون بقنبلة حارقة على مسجد في مدينة ليدز التي يسكنهت مئات المسلمين شمال لندن . وقد أقرت الشرطة بوقوع حالات عنف ضد مسلمين في بريطانيا، أسفرت إحداها عن إصابة أحد المسلمين خطيرة. كما سجلت زيادة بمستوى جرائم الكراهية وفي عدد الشكاوى بشأن هذه الحوادث.

ولتاكيد عودة الحياة الطبيعية الى العاصمة فقد استقل عمدة لندن كين ليفنغستون المترو اليوم متوجها الى عمله ليشكل نموذجا للبريطانيين.

وقال ليفنغستون وهو يصعد الى عربة مزدحمة تسير من ويلسدن غرين غرب العاصمة الى لندن بريدج القريب من البلدية "سنعمل وسنواصل حياتنا ولن نترك مجموعة صغيرة من الارهابيين تغير اسلوب حياتنا". واضاف "لا اعتقد اننا سنكف عن التفكير فيما حدث الاسبوع الماضي".
من جهته اقر وزير الداخلية البريطاني تشارلز كلارك باحتمال ان يظل البريطانيون متوترين الى ان يعتقل منفذو الهجمات. وقال "المهم ان نعثر على الناس الذين ارتكبوا هذه الهجمات فور حدوث ذلك سيشعر الناس انهم أكثر ثقة في موضع اقدامهم" مضيفا ان هناك خوفا من "حدوث مزيد من الهجمات الى ان يتم تعقب العصابة التي ارتكبت هذه الاعمال الوحشية".
وأرسلت الولايات المتحدة خبراء الطب الشرعي في مكتب التحقيقات الاتحادي لمساعدة الشرطة البريطانية في عمليات التشريح وتحليل النتائج المستخلصة من مواقع التفجيرات.
واشارت السلطات البريطانية والاميركية الى ان هجمات لندن تحمل بصمات تنظيم القاعدة الذي يتحمل مسؤولية الهجمات التي وقعت على الولايات المتحدة في 11 ايلول (سبتمبر) عام 2001 .
وقال مايكل شيرتوف وزير الامن الداخلي الاميركي "أعتقد اننا مازلنا نفترض ان المفجرين طلقاء وبالقطع هذا يزيد من الشعور بالالحاح لمعرفة من فعلها".

وكانت الشرطة البريطانية قد دعت سكان لندن الى ارسال كل الصور التي التقطت بالهواتف المحمولة او الفيديو او آلات التصوير الرقمية على المواقع التي اقيمت على الانترنت من اجل الوصول الى مفاتيح تفسر هجمات الخميس الماضي ومن وراءها.
وقال بيتر كلارك رئيس فرع مكافحة الارهاب في لندن ان "هذه الصور قد تحتوي على معلومات حاسمة قد تساعد المحققين في عملية تحقيق معقدة ومؤلمة". واوضح مصدر في الشرطة ان المحققين طلبوا من شركات الهواتف المحمولة والانترنت تخزين رسائل البريد الالكتروني الصوتية والمكتوبة ورسائل الهواتف المحمولة التي كانت موجودة في انظمتهم يوم الهجمات.

وقد عاد اللندنيون الىاعمالهم اليوم بشكل طبيعي وسط تحذيرات من ضربات جديدة فيما تكثف ظهورالشرطة في شوارع العاصمة بعد ان وصل الانذار الامني الى اعلى حالات الخطر بينما شددت الحراسات على الموانيء والمطارات في وقت تم انتشال جميع الجثث التي كانت محشورة بين انقاض القطارات الثلاث التي تعرضت للانفجارات الخميس الماضي .

وفي جولة لها وسط لندن اليوم صباحا شاهدت "ايلاف" الاف اللندنيين وهم يتوجهون بالقطارات والباصات الى مراكز عملهم في هدوء حذر بينما توجه اخرون الى مداخل محطات القطار التي ضربتها الانجارات لوضع الزهور فيما شوهد عدد من الاشخاص يحملون صور لاصدقاء او اقارب مازلوا مفقدودين ويجري البحث عنهم يقال ان عددهم 31 مفقودا . وقد لوحظ زحام كثيف في الباصات التي تتحرك وسط العاصمة التي يسكنهت 14 مليون شخص بسبب استمرار اغلاق بعض محطات القطارات التي تاثرت بالانفجارات حيث يستخدم ثلاثة ملايين شخص هذه القطارات يوميا في الظروف الاعتيادية .
وشوهد معظم مستقلي القطارات والباصات وهم يطلعون على اخر اخبار التحقيق في الانفجارات من صحف لندن التي حملت تحذيرات من ضربات جديدة في حين كان تواجد الشرطة في جميع شوارع العاصمة وخاصة وسطها كثيفا بشكل واضح .
وفيما يستمر البحث عن اي ادلة عن الانفجارات قال الشرطة البريطانية انها تلقت الف و700 مكالمة هاتفية من مواطنين ادلوا بمعلومات عن اجسام غريبة او اشخاص مشبوهين كما انها تواصل تدقيق افلام فيديو التقطتها الف و800 كاميرا للشرطة في المناطق التي شهدت الانفجارات الاربع والتي ادت ال مقتل 49 شخصا مع توقعات بارتفاع العدد الى 75 اضافة الى 700 مصاب بينهم 65 بحالة خطرة اضافة الى اعداد من صور الكاميرات واجهزة الموبايل التي التقطها مواطنين باجهزتهم الختصة حين وقوع الانفجارات وقدموها الى السلطات . . وبرغم ان الشرطة اعلنت انها قد انتشلت جميع الجثث التي كانت داخل محطات القطارات الا انها مازالت تمتنع عن اعلان الارقام النهائية للقتلى والذين يعتقد انها ستذيعها في مؤتمر صحافي يعقد في وقت لاحق اليوم .
واكدت الشرطة انها اطلقت سراح ثلاثة اشخاص يحملون الجنسية البريطانية كانت اعتقلتهم في مطار لندن امس بعد ان تاكد عدم وجود علاقة لهم بالتفجيرات فيما اوضحت الشرطة ان اعتقالهم امر روتييني يحدث اسبوعيا . ويقول خبراء المتفجرات ان الباص الذي شهد انفجارا عنيفا ادى الى مقتل 13 شخصا يمكن ان يقدم اكثر الادلة وضوحا وفائدة خاصة وان حطامه كان على الارض وتم فحصه بسهولة والاستماع الى شهادات الناجين من ركابه على العكس من انفاق القطارات التي وصلت درجة الحرارة فيها الى 60 درجة مئوية صعبت من عمليات تعقب الادلة .

وقد حذرت الصحف البريطانية اليوم من إمكانية أن ينفذ مفجرو القنابل عمليات أخرى مشيرة إلى احتمال بان تكون لدى السلطات معلومات عن هجمات جديدة.
وقالت صحيفة "ديلي اكسبريس" تحمل عنوان "سيضرب المفجرون من جديد" ويتعين على بريطانيا أن تسابق الزمن لتحاشي وقوع مذبحة جديدة. ومن جهتها حملت "صحيفة التايمز" على صدر صفحتها الأولى عنوانا مفاده أن مستوى التحذير من الإرهاب في أعلى مستوياته فيما تتخوف الشرطة من هجوم جديد. وألمحت الصحيفة إلى إمكانية أن تكون لدى السلطات معلومات عن هجمات مقررة جديدة. أما صحيفة "انديبندنت" فقد أشادت بثبات أهالي لندن وقالت إن العاصمة ستبعث اليوم برسالة تحد لمهاجميها عن طريق إعادة الحياة إلى وتيرتها العادية.
كما اكدت صحيفة "ديلي تلغراف" على أن التفجيرات لن تثير روح العداء العرقي في بريطانيا وقالت إن الناس يتفهمون أن أشقاءهم المسلمين معرضون أيضا لتلك الهجمات.
هذا وقد تعرضت أربعة مساجد في بعض المدن البريطانية لأضرار طفيفة نتيجة إضرام حرائق متعمدة. وقد أعقبت تلك الأحداث التفجيرات الإرهابية التي شهدتها العاصمة البريطانية يوم الخميس الماضي. وقالت مصادر في الشرطة البريطانية إنها تلقت أدلة على أن بعض المسلمين تعرضوا في الشوارع لعبارات غير لائقة كما تعرضت سيارات ودور عمل ومنازل تعود للمسلمين لعمليات تخريبية في وقت وجه قادة المسلمين نداءات بالحذر والهدوء والتعاون مع السلطات حيث يشكل المسلمون نسبة 10 في المائة من عدد سكتن العاصمة .
من جهة أخرى قالت مجلة تايم الاميركية امس بأن أجهزة الأمن البريطانية تحقق فيما إذا كان أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق وفر المتفجرات التي استخدمها منفذو تفجيرات لندن. وياتي التقرير الصحفي فيما يتواصل البحث عن منفذي الهجمات ووسط شكوك أميركية في علاقة محتملة لتنظيم الزرقاوي بتوفير المتفجرات. وأضافت المجلة أن السلطات البريطانية تعتقد أيضا بوجود صلة بين تفجيرات مدريد العام الماضي وتفجيرات لندن.

على الصعيد نفسه اشارت تقارير صحافية الى أن الشرطة البريطانية شددت الإجراءات الأمنية في ميناء دوفر النوبي حيث شوهدت العشرات من سيارات الشرطة تصطف في الميناء دون أن يتم تعليق الحركة فيه كما انتشرت قوات من الجمارك في الميناء الذي يعتبر المدخل الرئيس لبريطانيا من القارة الأوروبية خاصة فرنسا، حيث يقدر عدد مستخدميه سنويا بنحو 14 مليون مسافر. ولم تعرف طبيعة الإجراءات التي تسعى الشرطة البريطانية لتطبيقها لكن أصحاب العبارات طالبوا المسافرين بالقدوم إلى الميناء قبل نصف ساعة من رحلاتهم .

وقد أبدى وزير الداخلية تشارلز كلارك ثقته في التوصل إلى منفذي الهجمات التي نفذت بقنابل موقوتة انفجرت ثلاث منها في غضون دقيقة. طلبت الشرطة من الجمهور تسليمها اية صور التقطوها بهواتفهم المحمولة او بكاميراتهم للهجمات وذلك لاعتقادها بأن من شأن هذه الصور توفير ادلة مهمة تنفع التحقيقات الجارية. وقال مساعد نائب مدير شرطة العاصمة بريان باديك: "إننا نعتقد بأن الصور التي التقطها الجمهور قد تحتوي ادلة مهمة تساعدنا في تحقيقاتنا."

من ناحية أخرى قال قائد سابق لشرطة لندن إن إرهابيين ولدوا في بريطانيا أو يقيمون فيها هم على الأرجح من يقف وراء التفجيرات التي شهدتها لندن . وقال مفوض شرطة العاصمة السابق لورد ستيفنز إن الإيحاء بأن إرهابيين أجانب كانوا وراء التفجيرات هو نوع من " التمني".
وجاءت تصريحات لورد ستيفنز لصحيفة "نيوز أوف ذي وورلد" الأسبوعية في الوقت الذي تواصل فيه فرق الإنقاذ مجهودات شاقة للعثور على أي جثث محشورة وسط حطام عربات المترو في نفق محطة كنجز كروس.
وكشف لورد ستيفنز عن وجود اعتقاد بأن حوالي ثلاثة آلاف من البريطانيين والمقيمين في بريطانيا قد تلقوا تدريبات بمعسكرات لتنظيم القاعدة. وقال إن السلطات تعتقد أن بريطانيين تلقوا تدريبات مع القاعدة هم على الأغلب من نفذ تلك الهجمات.