أزمة المرور الحدودية اللبنانية السورية تتفاقم
هل يكون الحل بالممر الآمن؟

فادي عاكوم من بيروت: عشرون يوماً مضتوالمرور الحدودي بين لبنان و سورية شبه معطل بسبب التدابير التي تتخذها السلطات السورية، فماذا لو تفاقمت أزمة عبور الشاحنات المحملة بالبضائع اللبنانية الى سورية، و ماذا لو تمادت الجماركو السلطات السورية في إجراءاتها التعسفية التي تكلف لبنان حوالي نصف مليون دولار يومياً ، مع احتمال ظهور أزمة اجتماعية تطال الشريحة الكبرى من اللبنانيين الموجودين ضمن خط الفقر ، و هم المزارعون و صغار التجار بالإضافة إلى الصناعيين. ليس من قبيل الصدفة أن تأتي هذه الإجراءات بعد الانسحاب السوري و بعيد نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية ، بل أتت كرد فعل و محاولة للوي الذراع اللبنانية و إعادتها إلى المحور السوري.

إن مشهد الشاحنات على نقاط العبور اللبنانية السورية في البقاع و الشمال، لم تشهد المنطقة له مثيلا و لا حتى في أحلك الأزمات و الصراعات الداخلية اللبنانية و الإقليمية ، حتى وصل طول صف الشاحنات في منطقة البقاع لحوالي 12 كلم، و ترى بعض الأوساط الاقتصادية اللبنانية ضرورة الرجوع إلى جامعة الدول العربية و تقديم شكوى بحق سورية باعتبارها تخالف بنود اتفاقية التيسير العربية.

و هذه الإجراءات مرشحة لأن تنسحب على السيارات السياحية بسبب تكدس الشاحنات في منطقة المصنع، و معبر الدبوسي بطريقة تعيق حركة السيارات السياحية، بالإضافة إلى ضيق الساحات المخصصة للشاحنات و ضيق الطرقات المؤدية إلى المعابر.

المعابر الحدودية الرئيسية بين البلدين الشقيقين تنحصر في منطقتين الأول شمالا في منطقة الدبوسي و الثاني و هو الأهم يقع في منطقة جديدة يابوس أو المصنع في البقاع اللبناني.

تضارب التصريحات السورية
تضاربت المواقف السورية حول تبرير الأسباب الموجبة لهذه التدابير ، ففي حين انتقد باسل صنوفة المدير العام للجمارك السورية اللغط المثار حول قوافل الشاحنات المتجمعة في الأراضي اللبنانية عند معبر الدبوسية على الحدود بين البلدين، مؤكداً أن الازدحام الذي تشهده بعض المعابر الحدودية مع البلدان المجاورة يعود في بعض جوانبه إلى بدء تنفيذ خطة طموحة لإعادة تأهيل كافة المنافذ الحدودية، بما فيها المنافذ مع لبنان، بينما صرح وزير الداخلية السوري غازي كنعان أن الإجراءات الأمنية المشددة التي شهدتها الحدود السورية – اللبنانية في الآونة الأخيرة جاءت على خلفية معلومات وردت للسلطات السورية حول محاولات ادخال مئات الحقائب المفخخة إلى سورية. و بين تنظيم الحدود و البحث عن الحقائب المفخخة طارت الزراعة اللبنانية و تضررت الصناعة و تأثر الموسم السياحي ، إذ أن هذه الفترة من السنة تشهد اقبالا كثيفا عبر الحدود البرية من قبل اللبنانيين العاملين في الخليج بالإضافة إلى السياح العرب و الخليجيين الذين يفضلون الطرق البرية للوصول إلى لبنان.


الممر الآمن أيكون الحل ؟
الحلول المطروحة على الأرض تتمثل بالاستعاضة عن النقل البري عن طريق سورية بالنقل البحري أو الجوي عبر الميناء و المطار اللبنانيين. و هذا يكون شبه تعجيزي بسبب التكلفة الكبيرة و الوقت المهدور

فكيف يكون الحل إذا لم تتوان السلطات السورية عن إجراءاتها و يطرح في الكواليس سؤال :
لماذا لا يكون الحل من خلال ممر آمن من خلال إسرائيل يوصل لبنان ببقية الدول العربية، هذا الاحتمال و إن طرح بشكل جدي لا يمكن ان يعتبر و كأنه تنازل من قبل لبنان، و السعي السريع الى السلام مع إسرائيل بل سيكون كتحصيل حاصل ، خاصة و أن اتفاقية السلام بين الدول العربية و إسرائيل أصبحت شبه جاهزة. كما و أن الأوتوستراد العربي ( الطريق العربي السريع ) في مخططاته الأساسية أشار إلى الربط بين لبنان و الدول العربية من خلال الدولة العبرية، و أجزاء كبيرة من هذه الطريق أصبحت جاهزة في البلدان المعنية و لا ينقصها سوى الربط بينها.

جغرافياً يكاد يكون هذا الحل أفضل بالنسبة إلى التصدير لكل من الأردن و مصر،
فإن المرور عبر إسرائيل يتيح للبضائع اللبنانية أو البضائع المنقولة إلى الدول العربية عن طريق الترانزيت من لبنان الوصول بسهولة الى كل من الأردن و المملكة العربية السعودية و مصر و العراق.

الخطوط السوداء على الخريطة تمثل الطرق الممكن اتباعها لخط سير الشاحنات لنقل البضائع إلى الدول العربية، و النقاط الحمراء تمثل المعابر المقفلة مع سورية .

الصادرات اللبنانية للدول العربية بالأرقام
أما عن حجم الصادرات اللبنانية إلى الدول العربية فقد تراجعت إلى 5,69 ملايين دولار في الفصل الأول من العام 2005 مقارنة مع 112 مليونا في الفترة نفسها 2004 و يعتبر العراق من أهم الدول العربية التي يصدر اليها لبنان، حيث تشمل الصادرات اللبنانية للعراق تقريبا كل احتياجات الأسواق العراقية.
و كانت الصادرات اللبنانية التي يمر منها بحدود الـ 80 الى الـ 90 % عن طريق سورية الحدودي، قد بلغت في العام 2004 مليار دولار و 747 مليون دولار أميركي، و احتلت العراق المرتبة الأولى بين الدول التي يصدر إليها لبنان في العام 2004 بنسبة 15% من مجمل الصادرات اللبنانية أي ما يساوي 487,255 مليون دولار أميركي. و يلي العراق سويسرا بنسبة 11% ما يساوي 317,187 مليون دولار كما تحتل كل من سورية و الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثالثة بنسبة 8% اي ما يساوي 151,145 مليون دولار و248,135 مليون دولار على التوالي بينما تحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الرابعة بنسبة 6% ما يساوي 804,112 مليون دولار أميركي.. والملاحظ ان
الصادرات اللبنانية الى العراق تتجه للانخفاض في العام 2005 حيث لم تتجاوز نسبة 9% في الفصل الأول ، في حين شهدت الصادرات اللبنانية الى سورية ارتفاعاً ملحوظاً حيث سجلت نسبة 12% من مجمل الصادرات كما و بلغت الصادرات الى تركيا 8%. هذا التراجع في التصدير للعراق يعود لعدة اسباب ولعل أهم هذه الاسباب وأبرزها هي مشكلة الأمن ، و التي تشكل عائقاً أساسياً و مهماً للمصدرين الى العراق بسبب عدم الاستقرار الأمني ، كما توقفت عدة شركات لبنانية عن التصدير خوفاً على سائقيها وعلى بضائعها. إضافة لما يطرحه البعض عن مشكلات واجهت الشاحنات في عبورها عبر الأراضي السورية بفضل الأزمة السياسية التي حصلت اخيراً. ناهيك عن العقبات و الشروط التي تفرضها الدول المانحة على العراق ، ولا سيما أميركا حيث ان الأولوية و الأفضلية للبضائع التي تدخل السوق العراقية هي للدول المانحة و التي أصبحت تضع هذا البند بشكل معلن و واضح في اتفاقياتها التجارية.

السنيورة و خوري :
من ناحية أخرى اجتمع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فؤاد السنيورة، بالأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري الخوري, و تناول البحث موضوع أزمة عبور الشاحنات عند الحدود اللبنانية - السورية.

بعد اللقاء، صرح الخوري أنه التقى الرئيس السنيورة و وضعه في أجواء الاتصالات التي قام بها في العاصمة السورية دمشق، في شأن موضوع المراكز الحدودية و الشاحنات المتوقفة على معبري العبودية و الجديدة. و نتيجة هذه الاتصالات تبين و تأكد له ان الموضوع الأساسي هو موضوع أمني و ليس هناك أي خلفية سياسية أبدا بالنسبة للاجراءات المتخذة, و هناك مخاوف أمنية حقيقية لدى الجانب السوري من أن يحصل بعض العمليات على غرار ما حصل في مناطق سورية عدة, و لديهم معلومات و تم اكتشاف مهربات مما أدى الى اتخاذ هذه الإجراءات القاسية والتي أدت الى هذه الزحمة الخانقة في مرور السيارات المتوجهة الى سورية او العابرة من سورية, وه ذا من دون شك ستكون له انعكاسات سلبية على الاقتصاد اللبناني و على الاقتصاد السوري ايضا, كون معظم الشاحنات هي شاحنات سورية.
و نتيجة الاتصالات المكثفة ستسهل عملية عبور الشاحنات بشكل أسرع و وتيرة أسرع مما هي عليه الآن, من دون أن يعني ذلك الغاء التدابير الأمنية المتخذة.


أما الرئيس السنيورة من ناحيته، فقد صرح أنه اطلع على الاتصالات التي جرت مع المسؤولين السوريين, كما اطلع على الاتصالات التي أجريت مع رئيس الحكومة السورية, و ايضا على الرغبة في القيام بكل ما يتطلب من إجراءات لتسهيل عملية العبور للاشخاص و البضائع عبر المعابر بين لبنان و سورية. و أكد أنه يتفهم الهواجس الأمنية، و يثمن الخطوات التي كما ذكر الأستاذ الخوري بأنه سيصار الى اتخاذها حتى يتم التسهيل، و بالتالي يتم الوصول الى الهدف الذي يسعى اليه الشعبان ، بأن يكون هناك مرور سريع و عبور سهل للاشخاص و شتى البضائع بين البلدين، و هذا من مصلحة لبنان و من مصلحة سورية, و أكد انه على ثقة بأن خطوات أخرى, كما ذكر له الأستاذ الخوري سيصار الى اتخاذها من أجل هذا الأمر و تحقيقه.