أول حكومة لبنانية تشكل دون تدخل خارجي تتعثر
السنيورة يبرر التأخير وينتظر موقف لحود


فداء عيتاني من بيروت: دخل رئيس الحكومة اللبنانية المكلف فؤاد السنيورة إلى مقر الرئاسة اللبنانية الأولى في بعبدا وهو يتأبط ملفا يحوي أسماء وزارته، وخرج ليقف أمام الصحافيين وعدسات التلفزة محاولا تخفيف وقع التأخر في تشكيل الحكومة، وتبرير ما يشبه الفشل في الحصول على موافقة رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود على تشكيلة الحكومة. انه اليوم الحادي عشر والبلاد تعيش على انغام تشكيلات مفترضة للرئيس السنيورة الذي كلف باكبر اجماع ولم يتمكن من ارضاء اطراف تحاول حصد اكبر مكسب من فشلها في الانتخابات النيابية.

وبعد نهاية الانتخابات النيابية الاخيرة خسر رئيس البلاد اميل لحود والتيار الوطني الحر، أكثر ما يمكنهما الخسارة، وخرج العديد من مناصريهما ومن انصار سورية من النيابة، كما ان هذه الانتخابات التي انتهت في 19 حزيران( يونيو) قد انهت مهمة الحكومة السابقة برئاسة نجيب ميقاتي، وجعلتها حكومة تصريف اعمال لا غير، وادت إلى حصول فؤاد السنيورة، الذي يمثل تيار رفيق الحريري وابنه سعد الدين، على اعلى نسبة اصوات لاحتلال اول حكومة فعلية بعد الانسحاب السوري من لبنان، وهي اصوات 126 نائبا من اصل 128، وبالتالي كان يفترض بهكذا نسبة من التأييد ان تسمح للسنيورة بتشكيل حكومته براحة اكبر، الا ان عقبات عدة اعترضت طريقه كان اهمها طلب ميشال عون لحقيبة وزارة العدل، وهو الأمر الذي تمت تسويته مؤخرا، بتراجع ميشال عون الشخصي وتمثيله بحقيبة الوزارة من قبل احد انصاره، ثم اعترضت تشكيلة الحكومة التي كان يفترض ان تضم 24 نائبا مطالبة رئيس المجلس النيابي بابقاء حقيبة وزارة الخارجية بايدي وزراء من الطائفة الشيعية وهو الأمر الذي لا يشكل عرفا في لبنان بل يخرق الاعراف، وقد برر هذا الطلب بضرورة مواجهة القرار 1559، بينما اعترض العديد من الاطراف على طلب مماثل على اساس ان اللبنانيين ليسوا متهمين سلفا بتأييد الولايات المتحدة وخيانة المقاومة او سعيهم إلى تجريدها من سلاحها بالقوة.

واخر المشكلات التي اعترضت الرئيس المكلف فؤاد السنيورة كانت مطالب رئيس الجمهورية بوزارتين لممثلين عنه، والتي يمكن اختصارها ببقاء الياس المر الذي تعرض لمحاولة اغتيال نجا منها باعجوبة اليوم، كنائب رئيس لمجلس الوزراء ووزيرا للدفاع، والياس المر هو من مؤيدي رئيس البلاد اضافة إلى كونه زوج ابنته، وايضا طالب رئيس الجمهورية بحقيبة وزارة الاعلام لاحد المقربين منه.

وحين قدم فؤاد السنيورة التشكيلة التي توسعت لتضم 30 وزيرا، جزء منهم من دون حقائب، إلى رئيس الجمهورية استمهله الاخير إلى الصباح لابداء الرأي، بينما كان يبدو من نبرة الرئيس المكلف للحكومة السنيورة انه ليس شديد التفاؤل، وان كان حاول تبرير التأخير الطويل في اعلان الحكومة بانه نتيجة طبيعية لاول حكومة تشكل بفعل التوازنات الداخلية من 30 عاما، أي منذ تاريخ بداية الحرب الاهلية اللبنانية (1975- 1990) ودخول الجيش السوري إلى لبنان (1976).


المعلومات الرسمية وحديث السنيورة

وجاء في المعلومات الرسمية التالي: استقبل رئيس الجمهورية اللبنانية اميل لحود في قصر بعبدا، رئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، وعرض معه موضوع محاولة اغتيال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع المحامي الياس المر، ومسألة تشكيل الحكومة العتيدة.

وبعد اللقاء، ادلى الرئيس السنيورة بالتصريح التالي إلى الصحافيين: " لقد كان اللقاء طيباً جداً مع الرئيس، حيث قمنا باستعراض الكثير من المسائل والقضايا المتعلقة بتشكيل هذه الحكومة العتيدة، وتداولنا ايضاً في الحدث الاجرامي الإرهابي الذي جرى اليوم بمحاولة اغتيال الاخ والصديق الياس المر الذي لم يكن مستهدفاً بشخصه فقط، بل كان الاستقرار في لبنان هو المستهدف ايضاً. وان الله سبحانه وتعالى، تلطف وانقذ حياة الياس المر، ولكن مواطناً قضى نتيجة هذا الحادث الإجرامي. ونتمنى الشفاء العاجل لجميع الجرحى الذين اصيبوا".

واضاف السنيورة: "ومن الطبيعي ان يؤكد هذا الامر أهمية ضرورة المسارعة إلى تأليف حكومة، التي سعيت على مدى 11 يوماً ان اشكّلها ويستطيع ان يتمثل فيها جميع الفرقاء، وخصوصاً ان هذه الحكومة تتألف اليوم عقب انتخابات جرت وافرزت أكثرية وكتلاً في مختلف المناطق. واود ان اتوقف عند نقطة أساسية وهي انه وللمرة الاولى منذ 30 عاماً، تؤلف حكومة في لبنان تكون فيها كل الاسهامات لتأليفها محلية، وبالتالي ان الايام الـ11 لم تكن فترة ضياع او وقتاً ضائعاً، بل فترة ضرورية كي استمع الى آراء جميع السادة النواب ولجميع الكتل، واحاول ان اوفّق بين افكار قد تكون متعارضة في معظمها او في قسم كبير منها".

وتابع "لقد حاولت ان اوفق واختار قدر المستطاع الأشخاص السياسيين الذين يتولون الحقائب التي تتألف منها الحكومة بالشكل الأمثل، وتكون على مستوى الطموحات من جهة، ومستوى التحديات التي نواجهها من جهة اخرى، ولا سيما ان هناك استحقاقات داهمة على كل الصعد السياسية والأمنية كما شهدنا اليوم حادث الاغتيال وحوادث الاغتيال التي مررنا بها في الفترة الماضية ابتداء من محاولة اغتيال الصديق مروان حمادة، واغتيال الشهيد رفيق الحريري وباسل فليحان ورفاقهما، وبعد ذلك الصحافي سمير قصير ثم جورج حاوي. هذه الاحداث تتطلب منا ان نكون على مستواها، وبالتالي ان هذه الاحداث الداهمة سياسياً وامنياً واقتصادياً واجتماعياً، تتطلب المسارعة الى تأليف حكومة تحظى بمساهمة جميع الفرقاء السياسيين. وعلى هذا الاساس، قدمت للرئيس مشروع حكومة من 30 وزيراً، أي ان هناك عددا من وزراء الدولة، وجرى البحث المستفيض في شتى الأسماء والحقائب".

وقال: "وقد ابدى الرئيس، من حيث المبدأ، تقديره للعمل والاختيار الذي تم على هذا الأساس واستمهلني حتى صباح الغد ليصار إلى دراستها ، ونأمل خيراً. واريد ان اطمئن اللبنانيين الى أنه مهما مرت علينا الصعاب، يجب ان يبقى ايماننا بلبنان وبأنفسنا، وايماننا بالله كبيراً، ويجب ان نكون دائماً على مستوى الطموحات للشباب من اللبنانيين الذين نريد ان نبني لهم مستقبلاً زاهراً. نريد ان نبحث لهم عن مجالات نفتح من خلالها نوافذ تمكّنهم من إيجاد فرص عمل في لبنان. هذا هو التحدي الكبير، وانا على ثقة بأننا جميعأً، كلما مررنا بتحد، يجب ان نتماسك ونتضامن اكثر، ويجب ان نعلو قدر المستطاع على كل الامور الصغيرة، وسننجح بإذن الله، وسننجح بإذن الله".