زوجة دبلوماسية سعودية تفردت بالألم العبقري
حكايات حب وإرهاب وخطف وأمومة

صورة لشجرة العائلة
إيلاف من لندن: كيف لإنسان أن يروى مشاهداته وتجربته لثلاث حالات من الخطف والقتل والتفجير، ثم يجد متسعا من الوقت ليفرد من جانب آخر أكثر دراماتيكية مجالا واسعا للحديث عن العاطفة الجياشة والحب للرجل الذي أحبت رغم الفارق العمري والابن الوحيد المريض والبنات الجميلات اللاتي اصبحن يدخلن إلى صدر والدتهن وقلبها الحنان وعاطفة الأمومة اللامتناهية. هذه الحالات المتناقضة والمتناغمة أحيانا أخرى، تحملها حكاية فيها فرح لا حدود له وسعادة غامرة وألم عبقري ومرارة كالعلقم، يأتي سردها في صفحات كتاب شيق جذاب بكل أبعاده للقراءة والتمعن، بل هو أول كتاب تصدره دبلوماسية سعودية، منذ قيام نشأة السعودية على رمال الجزيرة العربية قبل نيف ومائة عام. فالسيدة عصمت الحجار الملحوق، زوجة السيد عبد لله الملحوق سفير السعودية لدى كل من السودان فالجزائر، وأخيرا اليونان حيث تقاعد السفير و عاد إلى الرياض، تحكي في الكتاب بشكل متسلسل مثير حكايات وحكايات يمكن أن تشكل سفرا دبلوماسيا وروائيا وعملا أدبيا متكاملا.

والسيدة الملحوق، تعرفت على زوجها في بيروت حين كان عمرها 19 ربيعا لتنشأ علاقة حب دائمة لا تزال تعيش ذكرياتها في العاصمة السعودية، لكن اكثر المحطات إثارة في كتابها الذي يعد وثيقة، هي روايتها لهجوم منظمة أيلول الأسود الإرهابية الفلسطينية، ضد السفارة السعودية في الخرطوم في صيف قائظ من العام 1973.

وفي الحادث الإرهابي تم ترويع أطفال ونساء، كما تمت تصفية جسدية بدم بارد لأبرياء من بينهم السفير الأميركي والسفير البلجيكي وآخرون، من السودانيين، وفي روايتها لتك الجريمة البشعة تروى السيدة الملحوق مشاعر الخوف والهلع اللذين اعترياها، وهي تشاهد بأم عينها شيرك حياتها وحبيبها السفير مهدد بالموت فيما فلذات أكبادها أمام مصير مجهول.

ومن ذاك المشهد المثير وتلك العاصمة، ينقل القدر الدبلوماسية زوجة السفير السعودي إلى الجزائر، كي تواجه حدثا أكثر دراماتيكية، وهي اختطاف وزراء منظمة أوبيك، حيث اختتمت الرحلة المأساة في الجزائر الاصمة، بعد إذعان الإرهابي العالمي كارلوس الذي يقبع حاليا في السجون الفرنسية، حيث كانت سلمته لباريس الحكومة السودانية ذات التوجهات الأصولية.

وتروي الكاتبة، تفاصيل استقبالها للشيخ أحمد زكي يماني وزير البترول السعودي آنذاك حيث كان من بين الوزراء الرهائن، وكيف أن هذه الحادثة ذكّرتها بمأساتها التي عاشتها سابقا في الخرطوم. أما المحطة الثالثة الأكثر مأسوية التي تتذكرها السيدة الملحوق في كتابها الذي نشرته دار الساقي في لندن، وهى محاولة اغتيال زوجها حين كان سفيرا معتمدا للسعودي في أثينا التي أمضيا فيها أربعة عشر عاما، وهي المحاولة التي أسفرت عن تفجير إرهابي قرب منزل السفير. وإليه، فإن السيدة الملحوق تروي إلى جانب ذلك كله الصعوبات التي تواجهها زوجة سفير من دولة محافظة ومنها على سبيل المثال حين رفضت الخارجية السعودية قبولها لوسام من جمعية يونانية، فاضطرت إلى التنازل عنه لسيدة يونانية مشهورة بتعاطيها للعمل الخيري، وهذا الكتاب الرواية، مليء بالتجارب والقصص والأحداث الإنسانية وهو يعد محاولة ناجحة من جانب سيدة لم تكن معروفة ككاتبة من قبل، بل كسيدة صالون دبلوماسي تمارس دورها في شكل ناجح إلى جانب زوجها في مختلف مواقعه الدبلوماسية.