الرباط استنكرت "الاستغلال الدنيء" لمعاناتهم في الأسر
فرار أربعة مغاربة من سجون البوليساريو

أحمد نجيم من الدار البيضاء: نجح أربعة جنود مغاربة قبل أيام في الفرار من سجن البوليساريو في مخيمات "تندوف" في الأراضي الجزائرية، ووصلوا الى المغرب بعد مسيرة طويلة من المشي على الأقدام، حسب تصريحاتهم للتلفزيون المغربي، في وقت ألقت السلطات المغربية القبض على الانفصالي علي سالم التامك، إثر أحداث الشغب التي شهدتها مدينة العيون حيث أقدم خلالها أشخاص يساندون البوليساريو على إحراق العلم المغربي.

ووصف جنديان من الجنود الاربعة معاناتهما في المعتقلات، فقالا إنه مورست عليهما وعلى أصدقائهما من الجنود المغاربة المحتجزين مختلف أنواع التعذيب الجسدي والمعنوي كالضرب المبرح بوساطة حبل كهربائي والتجويع والتعذيب النفسي وإن معذبيهم من الجبهة كانوا "يسلطون على المعتقلين أضواء شديدة القوة لحرمانهم من النوم وكانوا يتعمدون إذلالهم بتركهم عراة مجردين من اللباس".

وتحدثا عن سرقة الطعام المخصص للجنود المعتقلين، إذ تتم المتاجرة فيه من طرف الحراس وقيادة الجبهة. كما تحدثا عن قيام الجنود المعتقلين بأعمال شاقة وخدمة المرتزقة تحت التهديد والضرب ليلا نهارا بإيعاز من السلطات الجزائرية.

ويأتي فرار الأسرى المغاربة الأربعة فيوقت كثر الحديث فيه عن قرب الإفراج عن الجنود المغاربة، إذ أعلن قيادي في الجبهة الانفصالية لوكالة رويترز عن قرب إطلاق سراح الجنود الذين وصل عددهم الى 408 قبل أن يفر الجنود الأربعة، وأوضح أن هناك قضايا تقنية يبحثونها مع منظمة الصليب الأحمر الدولية. وسبق أن أوضح زعيم الجبهة الانفصالية عبد العزيز المراكشي لصحيفة "لوموند" عن قراره بإطلاق سراج الجنود الأسرى دون أن يحدد تاريخا للعملية، لكن البوليساريو تراجعت عن هذا الموقف.

ونقلت صحيفة "ليبرتي" الجزائرية عن قيادي من الجبهة خبرا يفيد إمكانية التراجع عن قرار الإفراج، إذ ربط بين الإفراج وبين "احترام المغرب للمواطنين الصحراويين في الأراضي المغربية"، في إشارة إلى المعتقلين الذين أحرقوا العلم المغربي قبل أسابيع في مدينة العيون المغربية. ورد المغرب على هذا التذبذب في موقف البوليساريو، إذ أعلنت وزارة الخارجية المغربية عن إدانتها لما سمته "الاستغلال الدنيء" الذي يقوم به انفصاليو البوليساريو بخصوص قضية السجناء المغاربة. وأوضح البيان أن إطلاق السراح المعلن عنه دون تحديد أي تاريخ "يندرج في إطار جهود دؤوبة تهدف بالأساس إلى تحويل انتباه المجتمع الدولي عن التوترات الخطيرة المتصاعدة في مخيمات لحمادة بالتراب الجزائري". ووصف طريقة تعامل قياديي البوليساريو مع القضية ب"الوقحة والمشينة التي يواصل بها أعداء الوحدة الترابية للمغرب استغلال ملف إنساني محض لغايات دعائية دنيئة".

وأكدت الخارجية المغربية أن "إطلاق سراح هؤلاء المغاربة من معتقلات تندوف يشكل التزاما عاما نابعا من القانون الدولي الإنساني"، مشددة أن ما تقوم به البوليساريو في هذا الملف الإنساني "دعاية مدعومة لتضليل المجتمع الدولي". ومن المتوقع أن تحظى قضية الصحراء بأولوية في لقاء اليوم في الجزائر بين وزير الخارجية الإسبانية موراتينوس مع نظيره الجزائري محمد بجاوي.

اعتقال التامك في العيون
م

ولد التامك في العام 1973 في منطقة أسا البعيدة عن العيون، عاصمة الصحراء المغربية ب570 كلم، وهو متزوج ترك زوجته وابنته في إسبانيا.

ن جهة ثانية ألقت السلطات المغربية أمس القبض على الانفصالي علي سالم التامك، ووضعته رهن الحراسة النظرية، وذلك إثر أحداث الشغب التي شهدتها مدينة العيون قبل أسابيع، وأقدم خلالها أشخاص يساندون البوليساريو على إحراق العلم المغربي. وجاء في بيان للوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في العيون أن الضابطة القضائية وضعت علي سالم التامك رهن الحراسة النظرية للبحث معه حول دوره في الأحداث التي وقعت مؤخرا في مدينة العيون، ليحال بعد ذلك الى أنظار العدالة فور إنهاء إجراءات التحقيق معه. ويعتبر الانفصاليون المطالبون ب"استقلال الصحراء" سالم التامك "مناضلا حقوقيا ونقابيا صحراويا".

تجدر الإشارة إلى أن الانفصالي انقطع عن الدراسة قبل بلوغ شهادة البكالوريا، ليوظف في إدارة محلية، لكنه رفض نقله من وظيفته في الجنوب إلى مدينة مكناس، في الوسط الشمالي، لتقرر الإدارة فصله عن العمل.

وسبق ان اعتقل عدة مرات بسبب موقفه السياسي المعادي للمغرب وللوحدة الترابية للمملكة، فقضت المحكمة الابتدائية بتهمة "المس بأمن الدولة الخارجي ومحاولة الالتحاق بجبهة البوليساريو" وقد أصدرت في حقهم حكما بخمس سنوات واقتصرت فيها محكمة الاستئناف في أكادير على سنة نافذة وغرامة مالية قضاها في سجن انزكان – أكادير واعتقل للمرة الثانية في نواحي الداخلة ثم اعتقالات أخرى بسبب عدائه للمغرب.

والغريب في قضية هذا الانفصالي أنه صرح للمحكمة أن لا علاقة له بتنظيمات البوليساريو او بتنظيمات أو خلايا تابعة لها ولم يسبق له أن سرب معلومات لأي جهة أجنبية، ليعلن في مرحلة لاحقة "ما أود أن أؤكد عليه من جديد في هذه المحاكمة هو أنني أتعاطف مع جبهة البوليساريو وأتبنى موقف تقرير المصير ومعتقداتها السياسية بشكل سلمي وهو رأي شخصي"، ليصبح بين عشية وضحاها "رمزا" للنضال من أجل الاستقلال.