الرياض: قاد الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود الذي توفي اليوم الاثنين عن 84 عاما، السعودية بحكمة وحذر خلال 23 عاما في مرحلة شهدت المملكة خلالها ثلاث حروب كبرى وبداية ظهور الإرهاب لكنها شهدت ايضا بداية اصلاحات سياسية واقتصادية.

والملك فهد الذي اعتلى العرش في 13 حزيران/يونيو 1982 هو الابن الثامن لمؤسس المملكة الملك عبد العزيز آل سعود. وهو مولود حوالى العام 1921 لأم تنتمي الى عائلة السديري التي تتمتع بنفوذ كبير في المملكة انجبت ايضا ستة اخوة اشقاء لفهد.

غير ان وضعه الصحي تدهور بداية من 1995 اثر اصابته بجلطة في الدماغ وعهد بتصريف شؤون المملكة الى اخيه غير الشقيق ولي العهد الامير عبد الله.وواجه الملك فهد بعيد توليه الحكم في اكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط في العالم، تراجعا حادا بلغ عشرين بالمئة في اسعار النفط ما اضطره الى اعتماد اصلاحات اقتصادية خاصة من خلال خفض التعويضات التي تقدمها الدولة.كما كرس العاهل السعودي الراحل جهده لتعزيز القدرات العسكرية للملكة وانفق بين 1985 و1991 حوالي خمسين مليار دولار، حسب تقديرات اوردتها نشرة "جينز انتليجنس ويكلي"

لكن بالرغم من هذه الاستثمارات لم تكن القوات السعودية قادرة بمفردها على مواجهة التهديد العراقي.واثر الغزو العراقي للكويت في اب/اغسطس 1990 اتخذ الملك فهد قراره التاريخي بالسماح بنشر قوات اميركية في بلاده التي تمثل مهد الاسلام وتؤوي الحرمين الشريفين.وادت حرب الخليج و وصول قوات التحالف المعادي للعراق الى الاراضي السعودية الى بدء تجاوز المحرمات في مجتمع يرتكز على تفسير صارم للاسلام.

وازداد الاستياء وسط جمود سياسي وازمة مالية نجمت عن انخفاض اسعار النفط ودفع نفقات حرب الخليج وتحرير الكويت.

وفي 1992، اتخذ الملك مبادرة بدء اول اصلاحات سياسية في تاريخ المملكة وذلك في مسعى لقطع الطريق امام اي تحرك اسلامي.فقد انشأ في 1993 مجلسا للشورى يضم ستين عضوا وتم توسيعه الى تسعين عضوا في 1997 والى 120 عام 2001 و150 عضوا في 2005. كما اصدر قانونا اساسيا يستند الى الشريعة الاسلامية وتبقى بموجبه السلطة في ايدي آل سعود.

بيد ان التحالف العسكري مع واشنطن اثار غضب المتطرفين الاسلاميين وخاصة الشباب السعوديين الذين عاد بعضهم مثل اسامة بن لادن مزهوين بانتصارهم في افغانستان على الجيش الاحمر الروسي.وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1995 وحزيران/يونيو 1996 قتل 24 جنديا اميركيا في اعتداءين في الرياض والخبر (شرق).

واوقعت موجة اعتداءات تبناها تنظيم القاعدة شهدتها السعودية منذ ايار/مايو 2003، 241 قتيلا بينهم 110 متشددا و90 مدنيا ضمنهم اجانب و41 من عناصر الامن السعودي.واسهمت مكافحة السلطات بشدة للمتطرفين المسلحين من تخفيف التوتر الذي شهدته العلاقات مع الولايات المتحدة منذ اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 التي كان 15 من منفذيها ال 19 يحملون الجنسية السعودية.

وفرض الرجل الذي يميز ملامح وجهه شاربان ولحية صغيرة سوداء منذ توليه السلطة نفسه زعيما للعالم الاسلامي.

وفي 1986، اتخذ الملك فهد لنفسه لقب "خادم الحرمين الشريفين".ومن افغانستان التي كانت تحتلها القوات السوفياتية انذاك الى المغرب العربي مرورا بافريقيا، استخدم ورقة المساعدة المالية ليطوق الخطر الشيوعي او يدعم التشكيلات الاسلامية بدعم ضمني من الولايات المتحدة.

ولد الملك فهد في 1921 لام تنتمي الى عائلة السديري التي تتمتع بنفوذ كبير وكان الابن الثامن لعبد العزيز بن سعود، مؤسس الاسرة والمملكة.
وفي 1959 تولى وهو في سن الثامنة والثلاثين، وزارة التربية وسمح بتعليم البنات كما ادخل تدريس العلوم.وعندما قررت الاسرة المالكة في تشرين الثاني/نوفمبر 1964، اقصاء الملك سعود الذي رأت انه غير قادر على الحكم، قام الامير فهد حينذاك بمبادرة الطلب اليه التنازل عن العرش، حسبما روى احد امراء الاسرة السعودية طلب عدم كشف هويته.

واثر اغتيال الملك فيصل سنة 1975 واعتلاء الملك خالد سدة الحكم اصبح الامير فهد بن عبد العزيز وليا للعهد وتولى فعليا تسيير البلاد بسبب الوضع الصحي للعاهل السعودي انذاك في وضع شبيه بما الت اليه الامور اثناء فترة حكمه.

وكان التاسع والعشرون من تشرين الثاني/نوفمبر 1995 المنعطف في فترة حكم العاهل السعودي الذي اصيب الملك فهد بجلطة في الدماغ وعهد بتصريف شؤون المملكة الى اخيه غير الشقيق ولي العهد الامير عبد الله.وعاد ليتولى مهامه الرسمية تدريجيا اعتبارا من شباط/فبراير 1996 غير ان صحته تدهورت بسرعة واجرى العديد من العمليات واصبح يتنقل مستخدما كرسيا متحركا. وراجت في السنوات الاخيرة من حكمه العديد من الشائعات حول وفاته.والملك فهد كان يعتبر احد اغنى اغنياء العالم حسبما تؤكد مجلة "فورتشن".