لندن: يمسك العاهل السعودي الجديد الملك عبد الله صاحب الميول الإصلاحية بزمام السلطة الآن بعد أن أمضى عشر سنوات بالفعل في إدارة شؤون البلاد غير أن لن يتجه بالمملكة المحافظة لمسار مختلف بعد أن خلف أخاه غير الشقيق الملك فهد. قال سفير السعودية لدى بريطانيا الأمير تركي الفيصل "لا أتخيل أن يحدث أي تغيير في تلك السياسة (الخارجية) التي سار عليها الملك الراحل". وسُئل عما اذا كان هذا الرأي يسري على السياسة النفطية فقال "بالقطع."

وإدار الملك عبد الله الشؤون اليومية للمملكة منذ إصابة الملك فهد بجلطة في عام 1995 وكان صاحب القرار الرئيسي في عدة قضايا بداية من النفط الى الشرق الأوسط ومعركة البلاد ضد متشددي القاعدة التي بدأت قبل عامين. وكان القوة الدافعة للاصلاح الاقتصادي في اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وبدأ تغيرا سياسيا متواضعا حين اقترع السعوديون في انتخابات المجالس المحلية هذا العام. ولم تشكل هذه المجالس بالرغم من مرور اربعة اشهر. وتوقعت مي يماني المحللة السعودية في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن انه "لن يكون هناك تغيير حقيقي في العلاقات مع الولايات المتحدة ولن تتغير سياسة النفط او الحملة الأمنية." واضافت انه ينبغي على الملك عبد الله ان يضع في الاعتبار آراء الامراء البارزين بمن في ذلك اخوه غير الشقيق الامير سلطان ولي العهد الجديد. وتتصدي السعودية لموجة من التفجيرات ينفذها تنظيم القاعدة الذي يتزعمه المتشدد سعودي المولد اسامة بن لادن منذ مايو ايار 2003 كما تحاول اصلاح العلاقات مع واشنطن والتي اضيرت من جراء هجمات 11 سبتمبر ايلول واغلب منفذيها من السعوديين.

و في السنوات الأخيرة ظهر الملك المريض لفترات وجيزة علنا لمقابلة شخصيات أجنبية أو رئاسة جلسات مجلس الوزراء. و قال مسؤولون التقوا به ان الحديث اقتصر في بعض الاحيان على تبادل عبارات الترحيب البسيطة. وحين كان في المستشفى تحت تأثير عقاقير مسكنة او غائبا عن الوعى حسبما يقول الاطباء واصلت وسائل الاعلام التابعة للدولة نقل انباء عن صدور مراسم وبرقيات وقرارات باسمه.

وقال مسؤول سعودي "ما تغير اليوم ان عبد الله تولى المسؤولية بالكامل. سيلقى مساندة جميع افراد الاسرة الحاكمة لمواصلة خطته الاصلاحية." وتابع" لديه خبرة في تحمل المسؤولية ولكن كونه ملكا امر مختلف." وقال مصدر سعودي اخر مطلع على سياسة الحكومة ان حكم عبد الله سيتسم "بالاستقرار والاستمرارية" مكررا عبارة شاع استخدامها منذ نقل فهد الى المستشفي في السابع والعشرين منايار(مايو). وكان المسؤولون حريصين على ان يبعثوا رسالة واضحة للعالم بأن مرض فهد والخلافة لن يوقف الحياة في واحدة من اكبر حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط. وفي الشهر الماضي قبلت الاسرة الحاكمة استقالة سفير السعودية لدى واشنطن بندر بن سلطان الذي شغل المنصب لفترة طويلة كما عينت نائبا جديدا للوزير في وزارة الخارجية.

وارتفعت اسعار النفط عقب وفاة الملك فهد وارتفع الخام الامريكي الى 61.23 دولار للبرميل قبل ان يهبط الى 61.03 دولار ليسجل زيادة 46 سنتا. وقال الامير تركي الذي رشح كسفير جديد في واشنطن ان المملكة ملتزمة بسياسة امداد السوق بما تحتاجه وثبات الاسعار. وتوقع وزراء النفط من دول اخرى في اوبك الا يطرأ تغيير على السياسة النفطية التقليدية للسعودية. وقال وزير النفط الايراني بيجن زنغنة "من الطبيعي الا يطرأ تغيير على سياسة البلاد لان ولي العهد الامير عبد الله كان يقود سياسة السعودية." وتضخ الرياض حاليا نحو 9.5 مليون برميل من النفط الخام يوميا وتعهدت بالاحتفاظ بطاقة غير مستغلة بين 1.5 مليون ومليوني برميل يوميا لمواجهة اي نقص في الامدادات وبدأت برنامجا لزيادة طاقة الانتاج. ويقول اقتصاديون ان الملك عبد الله ربما يسرع خطى الاصلاح الاقتصادي في المملكة التي تحاول تخفيف الاعتماد على ايرادات النفط الخام وتوفير وظائف لمئات الالاف من السعوديين الذين يدخلون سوق العمل سنويا.

والسبيل لتحقيق ذلك انضمام السعودية في نهاية المطاف الى منظمة التجارة العالمية الذي توقع مسؤولون ان يتم الاتفاق بشأانه هذا العام بعد ثلاث سنوات من المفاوضات المكثفة. ويقول بشر بخيت من بخيت للاستشارات المالية في الرياض "اذا نظرت الى السنوات الخمس والخمسين الماضية لا يمكنك ان تنكر القفزة الهائلة للاصلاحات الاقتصادية وسوف تتسارع خطاها."