الأردن الرسمي والشعبي: الراية في أيد أمينة
عبد الله هامة عربية عالية مدججة بالكبرياء

نصر المجالي من لندن: واصل الأردنيون بمختلف مستوياتهم الشعبية والرسمية والحزبية والصحافية الحديث عن الملك السعودي الكبير الراحل فهد بن عبد العزيزومناقبه الحميدة ، وفتحت كل بيوتهم ومضاربهم للعزاء، مصطفين وراء ملكهم الملك عبد الله الثاني في نعيه الذي أدمع عيون الأردنيين جميعا حزنا وتأثرا لرحيل الفهد، الجار والأخ والشقيق الغالي.
وخرجت الصحف الأردنية كافة اليوم لليوم الثاني على التوالي موشحة بالسواد، كما واصلت الإذاعة والتلفزيون الرسمي بث آيات من الذكر الحكيم حداد. وبادر الكتاب والمثقفون الأردنيون إلى الثناء العالي بمآثر الملك الراحل وخليفته الملك العروبي عبد الله بن عبد العزيز الذي وصفوه بـ "عالي الهمة والكبرياء".

وكان عاهل الأردن، الشاب الملك عبد الله الثاني قاد موكب العزاء الهاشمي الأردني بالملك الراحل الذي كان دائما كما أسلافه وخلفائه إلى جانب الأردن في السراء والضراء بكلمات عزاء حميمية وهو في طريقه أمس للمشاركة في تشييع جثمان الفقيد الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وعبّر الملك الهاشمي الذي يرى في القيادة السعودية أعمامه وأهله عن حجم التأثر والحزن الذي أصابه شخصيا برحيل فقيد الأمتين العربية والإسلامية، كما أنه عبّر عن التأثر والخسارة اللذين شعر بهما الأردنيون بعد إذاعة نبأ وفاة خادم الحرمين.

واحتفالا بيوم البيعة اليوم للملك الجديد خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز قالت الصحف الأردنية: "نقول لخادم الحرمين الشريفين أنتم خير خلف لخير سلف... أعانكم الله على حمل المسؤولية، فالتاريخ لا يصنعه إلا العظماء ونحسب أنكم واحد من هؤلاء فعلى بركة الله سر".

يشار إلى أن القيادة السعودية ممثلة بالزعيم الراحل والملك الجديد وولي عهده الأمير سلطان وزير الدفاع القوي كانت حشدت نفسها لدعم الملك الأردني الجديد عبد الله الثاني بعد وفاة والده الراحل الملك الحسين بن طلال، وعبرت الرياض عن وقوفها متحدة مع عمّان أمام كل شأن، وتناسي الماضي البعيد والشروع بتجسيد أخوة راسخة بين العاصمتين خدمة لمصالح الشعب صاحب التقاليد والأصول المشتركة الواحدة عبر الصحراء العربية.

وكتب المحرر السياسي لصحيفة "الرأي" الناطقة بلسان العرش الهاشمي: "دفء الكلمات المسربلة بالحزن التي تحدث بها جلالة الملك عبد الله الثاني في نعي الفهد، تؤكد عمق العلاقة الاخوية بل والخاصة التي كانت تربط قائدنا بأخيه الراحل الكبير ومواقفه العظيمة والنبيلة التي لا يمكن لنا نحن في الاردن ان ننساها وبخاصة ريادة الراحل العظيم ووقوفه إلى جانب بلدنا وشعبنا في الملمات وفي الظروف والاحوال الصعبة".

وأضاف: "خسارتنا في الاردن كما هي خسارة العرب والمسلمين لقائد عربي كبير حكيم وشجاع، معتدل وبعيد النظر وقارئ جيد للمتغيرات والتحولات والمعادلات الاقليمية والدولية ما مكنه وفي ظروف لا يمكن وصفها بغير الصعبة والمعقدة من تقدم الصفوف والدفاع عن القضايا العربية والاسلامية في اسلوب عملي وميداني بعيدا عن الشعاراتية والبهرجة الإعلامية والدعائية".

وقال: "من هنا كانت إشارة جلالة الملك عبدالله الثاني لافتة وموحية وعميقة من ان ما يعوضنا ويخفف من مصابنا وألمنا اردنيين وسعوديين، عربا ومسلمين هو ان الله سبحانه وتعالى عوضنا بتولي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قيادة المملكة الشقيقة، فهو بالفعل خير خلف لخير سلف... لما يتمتع به من حكمة وشجاعة وانتماء حقيقي مشهود له لأمتيه العربية والاسلامية واستعداد لا حدود له للمجاهرة بالرأي والمواقف الشجاعة، دفاعا عن مصالح شعبه وامته وقضاياها العادلة".

وعبرت قيادات وزعامات قبلية وحزبية أردنية في تصريحات صحافية تناقلتها وسائل الإعلام عن وقوف الأردنيين من مختلف المنابت والأصول إلى جانب "أهلنا وأشقائنا في المملكة العربية السعودية الجارة الكبيرة في مصابهم الجلل"، وقالوا "نحن على يقين انهم بما يتوفرون عليه من إيمان ووعي وحكمة قادرون على تجاوز هذه المحنة والاستمرار في النهج العروبي الإسلامي المعتدل والتوافقي والداعي للحوار وتعزيز التضامن العربي والتحدث الى العالم بلغة الإسلام الحقيقية البعيدة عن العنف والإرهاب والتي تتعامل مع الآخر باحترام وانفتاح بعيدا عن التزمت والحقد والكراهية والتي تعلي من شأن حوار الحضارات والمقاربات القائمة على ترسيخ روح العدالة والمحافظة على الإنسان قيمة وروحا وحقا في الحياة والتي كرستها القيادة السعودية عبر العقود الماضية وكان الراحل الكبير أحد ابرز رموزها وكذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي نهض بالمسؤولية كولي للعهد طوال السنوات العشر الأخيرة من مرض المغفور له الملك فهد فكان الصورة المشرقة والقائد الفذ والرجل الحكيم".

وحول البيعة التاريخية للملك عبد الله بن عبد العزيز، قالت "الرأي" الآتي: "بعد ان وارى السعوديون ملكهم الراحل خادم الحرمين الشريفين فهد بن عبد العزيز بكل الاحترام والتقدير اللذين يليقان به، يبايعون خلفه الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي ابقى لنفسه اللقب الذي ميز الملك الراحل وهو خادم الحرمين الشريفين في اشارة لا تخلو من دلالة بان الملك الجديد وهو الأخ وولي العهد طوال عقدين ونيف. سيسير على النهج اياه الذي سار عليه سلفه الراحل وهو نهج يعلم الجميع انه نهج اعتدال ووسطية وحكمة وشجاعة في المواقف وفي السلوك اليومي وفي السياسة وفي العمل الدبلوماسي بات سمة رئيسة من المشهد السعودي الراهن ما منح المملكة وقادتها تلك المكانة الرفيعة في المشهد العربي وكانت دائما سباقة في الريادة ان لجهة التجسير على الخلافات ام لجهة تكريس التضامن العربي والعمل على انقاذه كلما مر بمحنة او عصفت به خلافات الاشقاء او تدخلات الاعداء وتحريض المتربصين".

وأضافت: "كانت السعودية، الدولة والدبلوماسية والقيادة، من اكثر الدول التي تقابل الاساءة بالتسامح والصفح دون تنازل عن حق لكنها وهي في مقام الشقيق الاكبر قولا وفعلا ومكانة، تجد للمسيئين والمتطاولين هامشا وعذرا، تعلم في النهاية انهم غير قادرين على الاستمرار في مواقفهم الظالمة تلك، وكانوا يعودون بالفعل فلا يجدون من القيادة السعودية غير الترحيب والتفهم والاحتضان.. والمساعدة..في مقدم هذا المشهد كان يحضر الملك (الامير) عبدالله بن عبدالعزيز وكان الجميع يراه بهامته العالية وقامته المدججة بالكبرياء والشجاعة يهبط في هذه العاصمة ويطير الى تلك جامعا وداعما وحاضا على الحكمة والتبصر والوحدة ومحذرا بمخاطر الانزلاق الى الفردية والمغامرة والقراءة المتسرعة للمعادلات الاقليمية والدولية".

وتابعت: "وكان ظهور الملك (الامير) عبدالله بن عبد العزيز في أية ازمة باعثا على الثقة لدى الجماهير العربية بحسها العفوي ورأيها الصائب في هذا القائد العروبي، بان الامور سائرة نحو الحل بعيدا عن المغامرات والاكلاف العالية سياسيا واقتصاديا وأمنا قوميا عربيا مهددا.. ومن هنا يمكن القول وفي غير تردد او وجل بأن وجود خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز على رأس القيادة السعودية هو ضمانة اكيدة بان لا تغيير سلبيا يمكن ان يحدث في المملكة الشقيقة بل ان السرعة والسلاسة اللتين تمت بهما ومن خلالهما عملية انتقال السلطة انما تؤكد على ثبات "المؤسسية" في السعودية وعلى ان القوة والثقة التي بات عليها الحكم في المملكة الشقيقة تبعثان الامل ليس فقط على استمرار الدور السعودي الجامع والضامن والمساعد بل وايضا على ارتقاء هذا الدور الى مستويات ومواقع تحول دون استمرار الحال العربية الراهنة التي تعاني من الضعف والتراجع".

وختاما قالت "لأن ما لدى الملك عبدالله بن عبدالعزيز من خبرة وحكمة وشجاعة وبعد نظر وما يتوفر عليه من مشاعر عروبية صادقة وايمان عميق بالاسلام دينا ورسالة وحضارة وقيما تتميز بالاعتدال وتعزيز الحوار وثقافته بين الاديان والحضارات تؤهله وتؤهل المملكة الشقيقة من لعب الدور المأمول والذي اعلن الملك نفسه انه سينهض به".